يعد قانون الالتزامات والعقود او القانون المدني أبرز فروع
القانون الخاص وترجع تسميته إلى القانون الروماني الذي كان يحكم مواطني مدينة روما وقد
كان يشمل قوانین العلاقات الخاصة بين الأفراد.
و يعرف القانون المدني بأنه القانون
الذي يحكم العلاقات الخاصة سواء بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة، وبذلك يمثل
الشریعة العامة لباقي القوانين إذ غالبا ما تستمد منه فروع القانون الأخرى مفاهيمها أو قواعد عامة تحكم العلاقات الخاصة فيما بين الأفراد ما لم يحكمها نص قانوني في
فرع آخر تأسیسا على قاعدة "الخاص يقيد العام" كما هو الحال للقانون
التجاري أو قانون الشغل.
وقواعد القانون المدني تعالج الحقوق
الخاصة بين الأفراد کحالة وأهلية الأشخاص، الذمة المالية، العقود ...
فالقانون بصفة عامة يضع واجبات
وحقوقا فيقرر للبعض حقوقا مقابل وضع واجبات على البعض الآخر، وهو بذلك يختلف عن
الأخلاق التي تقتصر على بيان الواجبات دون تقرير الحقوق.
مع مرور الزمن انسلخت منه العديد من فروع
القانون مثل القانون التجاري والعقاري والبحري والجوي والشغل ...
شاهد ايضا :
فالقانون عبارة عن قواعد ملزمة لسلوك الأشخاص تكون مقرونة بالجزاء من أجل فرض احترامها، وتنظيم الحقوق والواجبات في المجتمع، ومن هنا تبرز الصلة بين الحق والقانون.
ولما كان القانون المدني ينطبق على الحياة
الفردية للشخص كما ينظمه باعتباره عضوا في الأسرة فقد جرت العادة على تقسيم القانون
المدني إلى قسمين: قانون الالتزامات والعقود وقانون الاسرة و ما يهمنا نحن في
هذا الملخص هو قانون الالتزامات و العقود ، وهو
الذي ينظم العلاقات المالية للفرد وهي
تدخل ضمن نطاق نظرية الالتزام، مع العلم
أن القانون المدني يضم في مضمونه تنظيم الروابط القانونية وكذلك الحقوق العامة
كالحق في الحياة والكرامة والاعتبار.
اما بالنسبة لبلادنا فإن القانون المدني لا
ينظم سوى العلاقات المالية، حيث أن قانون الأسرة مستقل في مدونة الأسرة وكلاهما
يستقي أحكامه من الشريعة الإسلامية وأيضا هناك اقتباس من القانون المدني الفرنسي.
ومعلوم أن القانون المدني هو قانون الأموال و الأشخاص، فقانون الالتزامات والعقود ينظم الحقوق المالية فهو يحدد معنى المال وبیان
الحقوق المالية المختلفة وأسباب اكتسابها والسلطات التي تكفلها لصاحبها وطرق
تداولها وأسباب زوالها إلى غير ذلك، فقانون الالتزامات والعقود هو الأصل العام
للقانون المدني وهو نص أساسي في المنظومة التشريعية الوطنية وقد تأثر بالتطورات
السياسية و الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها البلاد.
وقد خضع لمجموعة من التعديلات حيث تم تتميمه وتغييره وقد همت بعض المجالات كالتعويض الاتفاقي والديون وبيع العقار في طور الإنجاز ونصاب الشهادة والإثبات بالكتابة واستعمال التكنولوجيا الحديثة في ميدان التعاقد ومن ذلك القانون رقم 00.44 المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز والقانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية.
وقد صدرت مؤخرا مجموعة من القوانين الجديدة كقانون حماية الملكية الصناعية وقوانين الشركات وقد تضمنت مقتضيات مخالفة لما يتضمنه قانون الالتزامات والعقود لا سيما فيما يرتبط بمواضيع الأهلية أو عقد العمل.
مكانة النظرية العامة للالتزامات والعقود في القانون المدني :
يشكل القانون المدني الشريعة العامة التي
تنظم العلاقات الخاصة بين الافراد ، ماعدا
ما يخضع منها لأحكام فرع من فروع القانون الخاص.
يلاحظ ان مضمون القانون المدني في كثير من دول العالم يشمل نوعين من العلاقات القانونية :
- علاقة الفرد بأسرته او مايسمى بالأحوال الشخصية
- وعلاقة الفرد بالغير من حيث المال او ما يسمى بالأحوال العينية .
وفي المغرب فان القانون المدني يشمل فقط الاحوال العينية في حين تخضع الأحوال الشخصية لحكم الشرائع الدينية،
وبذلك فان القانون المدني ينظم الروابط المالية بين الافراد ويحكم حقوقهم المالية ، ومعلوم ان الحق في المعاملات هو مصلحة ذات قيمة مالية يعترف بها القانون للفرد وهو اما ان يكون حقا عينيا او حقا شخصيا.
الحق العيني :
الحق العيني هو سلطة يمارسها شخص على شيء مادي معين بالذات يخول لصاحبه الحصول على منفعة دون وساطة احد.
مثل: حق الملكية وحق الرهن ويشمل عنصرين فقط:
صاحب الحق والشيء محل الحق
الحق الشخصي:
هو رابطة قانونية بين شخصين احدهما الدائن واللآخر المدين فعناصر الحق ثلاثة :
صاحب الحق او الدائن المدين بالحق ثم محل الحق أي الاداء الواجب على المدين
الحقوق تنقسم الى حقوق شخصية وحقوق عينية ومن ثم فان قواعد القانون المدني تنقسم الى :
قواعد تنظم الحقوق الشخصية ( الالتزامات) وقواعد تنظم الحقوق العينية
من جهة اخرى : تنقسم الحقوق الشخصية الى : النظرية العامة للالتزامات والعقود ونجد ان قانون الالتزامات والعقود ينقسم الى كتابين:
الاول : يخص الاحكام والالتزامات بشكل عام.
الثاني : يتضمن مختلف العقود المسماة واشباه العقود اضافة الى القانون المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية.
تعريف الالتزام وخصائصه
الفقهاء عرفوه بأنه رابطة قانونية بين شخصين احدهما دائن والآخرمدين يترتب بمقتضاها
على الطرف المدين نقل حق عيني اوالقيام بعمل او امتناع
عن العمل فالالتزام رابطة علاقة لها طرفان: أحدهما الدائن يسمى الطرف الايجابي والمدين يسمى الطرف السلبي
والالتزام لا يتطلب وجود دائن ومدين ويمكن قيامه من طرف واحد مثل (
الوعد بالجائزة للجمهور ) و يتميز الالتزام القانوني عن الالتزام الطبيعي بخاصية الاجبار الالتزام يمكن ان يكون :
ايجابيا: اذا انصب على نقل حق عيني ويطلق عليه الالتزام بإعطاء ( التزام البائع بيع منقول بنقل ملكية الشيء المبيع للمشتري)
سلبيا: يكون محل الالتزام القيام بعمل( التزام مؤجر بتسليم الشيء المأجور الى المستأجر)
التمييزبين الحق الشخصي ( الالتزام) والحق العيني
الحق الشخصي او الالتزام: رابطة قانونية بين شخصين احدهما الدائن والآخر مدين يترتب بمقتضاها على الطرف المدين تجاه الطرف الدائن نقل حق عيني او القيام بعمل او الامتناع عن العمل .
الحــق الــعيني: هو سلطة يمارسها شخص معين على شيء معين تمكنه من الحصول على المنفعة المرجوة من هذا الشيء بصورة مباشرة دون وساطة أحد.
الالتزام او الحق الشخصي : لابد له من توافر ثلاثة عناصر :
طرف صاحب الحق وهوالدائن وطرف ملتزم هو المدين والشيء محل الالتزام اوالحق
الحق العيني: لا يتطلب قيامه الا بوجود عنصرين: طرف صاحب الحق والشيء محل الحق
من حيث الخصائص:
الالتزام او الحق الشخصي : هو نسبي لا يجوز للدائن صاحب الحق الاحتجاج بحقه الا في مواجهة المدين .
الحق العيني : له حق مطلق يخول لصاحبه الاحتجاج به تجاه اي كان (حق ملكية منزل تجاه الكافة )
يترتب عن كون الحق العيني حق مطلق وجود ميزتين غير موجودتين في الحق الشخصي وهما :
-ميزة التتبع : تخول لصاحب الحق العيني تتبع الشيء محل الحق في يد اي
شخص تنتقل حيازة هذا الشيء
-ميزة الافضلية : تسمح لصاحب الحق العيني ان يقدم في استيفاء حقه على من سواه ( الرهن)
ظلت الحقوق منقسمة الى يومنا هذا الى حقوق شخصية وعينية رغم للفروق
العديدة الموجودة بينهما
فالحقوق الشخصية او الالتزامات : باعتبارها حقوقا نسبية لا يتعدى أثرها حلقة الدائن
و المدين ولا تفيد سواهما.
اما الحقوق العينية : بوصفها مطلقة يتعدى أثرها الى الكافة لها مساس بالنظام العام ووردت على سبيل الحصر
أنواع الالتزامات :
- من حيث محل الالتزام :
1. التزام إيجابي : ويسمى (التزام بعمل) كالالتزام الذي يقع على عاتق
البائع بتسليم المبيع إلى المشتري.
2. التزام سلبي
2. التزام سلبي : ويسمى (التزام بالامتناع عن عمل) كالالتزام بعدم إفشاء
أسرار العمل.
- من حيث مدى إلزاميتها :
1. التزامات مدنية : يجتمع فيها عنصرا المديونية والمسؤولية.2. التزامات طبيعية
2. التزامات طبيعية : تتضمن فقد عنصر المديونية ، ومثاله الالتزام الذي يترتب في ذمة الشخص بعد تقادم الحق.
- من حيث مضمون الالتزام :
1. التزام بذل عناية : كالتزام الطبيب تجاه المريض.2. التزام تحقيق نتيجة
2. التزام تحقيق نتيجة : كالتزام الناقل بوصول الراكب دون ضرر إلى جهة الوصول.
1. التزامات إرادية.
2. التزامات غير إرادية.
مصادر الالتزام
يقصد بمصادر الالتزام الاسباب القانونية المنشئة للالتزام :
- التزام المشتري بأداء ثمن مصدر عقد البيع
- التزام من الحق ضررا بغيره بالتعويض مصدره العمل الضار
فمصادر الالتزام متعددة فهناك نظرية تقليدية تقسم الالتزام الى خمسة مصادر وهي:
1 ) العقد: توافر ارادتين على انشاء التزام او اكثر كعقد البيع
2) شبه العقد: هو عمل اختياري مشروع يترتب عنه نشوء التزام نحو الغير(
الفضولي)
3 ) الجريمة: هي عمل ضار
يقوم به شخص عن عمل يقصد الاضرار بالغير(اتلاف مال مملوك للغير فيلتزم الفاعل
بالتعويض عن الضرر)
4 ) شبه الجريمة: وهي فعل يصيب الغير بضرر كالجريمة ولكن دون قصد اضرار الغير(اهمال
وعدم تبصر)
5 ) القانون: هو مصدر مباشر للالتزام في حالات معينة
مستمدة من نص قانوني (الالتزامات
بين افراد الاسرة كالنفقة)
يرجع التقسيم التقليدي لمصادر
التزام الى القانون الروماني وانتقل الى القانون الفرنسي وتعرض هذا التقسيم
لانتقادات شديدة حيث رفض الفقه الاخذ نه لانعدام المنطق الذي يقوم عليه
تقسيم مصادر الالتزام السائد في الفقه و التشريع .
الفقه والتشريع قسم مصادر الالتزام الى 5 اقسام :1 ) العقد
2 ) الارادة المنفردة
3 ) الاثراء بلا سبب
4 ) العمل غير المشروع
5 ) القانون
اخذ بهذا التقسيم العديد من التشريعات الاجنبية والعربية و المغرب كذلك.
تقسيم مصادر الالتزام في التشريع المدني المغربي
حسب الفصل الاول من قانون الالتزامات والعقود المغربي يمكن للالتزام ان ينشأ عن:1) الاتفاقيات او العقود
2) التصريحات الاخرى المعبرة عن الارادة
3) اشباه العقود
4) والجرائم
5) ثم اشباه الجرائم
تعريف العقود و اصنافها
سنقوم بتعريف العقد ثم سنبين اقسامه واصنافه
المبحث الاول : تعريف العقد
يعرف العقد بانه توافق ارادتين على احداث اثر قانوني ولوجود عقد لابد من توافر الشروط لتالية:
1) ان توجد ارادتين او اكثر ( باستثناء الوصية طرف واحد )
2) تطابق
او توافق ارادتين (
الايجاب و القبول عقد البيع)
3) ان تكون الغاية من توافق الارادتين هي احداث أثر قانوني .
4) ان يتم الاتفاق في نطاق القانون الخاص وفي دائرة
المعاملات المالية
المبحث الثاني : تصنيف العقود
حصرها و قسمها الفقهاء الى
اقسام :
من حيث التكوين : عقود رضائية وعقود شكلية وعقود عينية .
من حيث حرية الاطراف : عقود مسماة وعقود اذعان بسيطة و عقود مختلطة .
من حيث الآثار التعاقدية : عقود ملزمة لجانبين وعقود ملزمة لجانب واحد وعقود المعاوضة وعقود التبرع .
من حيث الطبيعة : عقود
محددة وعقود احتمالية وعقود
زمنية وعقود فورية .
من حيث الاشخاص : عقود فردية وعقود جماعية .
المطلب الاول : عقود رضائية وشكلية وعينية
1) العقد الرضائي: العقد الذي يتم انعقاده وينتج آثاره بمجرد اتفاق ارادتين.
2) العقد الشكلي : الذي لا يكفي انعقاده بمجرد تراضي
الطرفين لكن لابد ان يضاف الى ذلك توفر شكل معين يحدده القانون (كتابة عقد الدار)
3) العقد العيني: لا يكفي انعقاده وجود التراضي فقط بل يجب تسليم الشيء
محل التعاقد بعينه فالعقد لا ينعقد الا بالتسليم
المطلب الثاني : عقود المساومة وعقود الاذعان
1) عقد المساومة او
المفاوضة او التراضي : هو الذي يثبت معه لكل المتعاقدين حرية مناقشة شروطه
قبل ابرامه فتطول او تقصر مدة المساومة حسب نوع الصفقة موضوع التعاقد(شروط
الاتفاق بين البائع و المشتري و المستأجر والمقرض والمقترض)
2) عقد الاذعان : هو الذي ينعقد بدون
مساومة او مناقشة حيث يتولى احد طرفيه تحديد شروطه دون ان
يكون باستطاعة الطرف الآخر
مناقشتها سوى القبول او رفضها (اهم ما يميز هذا العقد هو ان احد طرفيها يكون
دائما في مركز اقتصادي قوي )
المطلب الثالث : العقود المسماة والعقود غير المسماة
1) العقد المسمى : هو الذي نظمه المشرع وميزه عن غيره باسم خاص و بأحكام خاصة نظرا لشيوع
استعماله بين الناس(عقد الوكالة او الايجار او المقاولة) يخضع من حيث تنظيمه
للقواعد الخاصة بكل عقد
2) العقد غير المسمى : هو الذي لم يميزه المشرع عن غيره ولم يخضعه بتنظيم خاص نظرا لعدم شيوعه بين الناس ، فهو امر
متروك لارادة المتعاقدين وهذه العقود لا حصر لها.
المطلب الرابع : العقود البسيطة والعقود المركبة
1) العقد البسيط : الذي يقتصر على عقد واحد و لا يكون خليطا من عدة عقود فهو عقد مسمى بيع او غير
مسمى عقد يبرم بين مستشفى و جامعة.
2) العقد المركب او المختلط : هو الذي يتضمن عدة عقود اختلطت جميعها لتكون عقد
واحدا (عقد النزول فندق ايجار وعقد الوديعة ).
المطلب الخامس : العقود الملزمة للجانبين والعقود الملزمة لجانب واحد.
1) العقد الملزم للجانبين : يسمى العقد التبادلي لأنه يولد لالتزامات متقابلة في ذمة كلا المتعاقدين يكون كل منهما دائنا ومدينا نفس الوقت ( عقد الكراء ).2) العقد الملزم لجانب واحد : يسمى العقد غير التبادلي ، وهو الذي يترتب التزامات على عاتق طرف واحد فقط اما الثاني فلا يتحمل اي التزام و انما يقبل التعاقد فقط (عقد الهبة بغير عوض).
المطلب السادس : عقود المعاوضة وعقود التبرع
1) عقد المعاوضة : هو عقد يحصل فيه كل
متعاقد على مقابل لما يعطيه إذا ينبني على فكرة الاخذ والعطاء ( كالبيع و الاجازة )
2) عقد التبرع : هو الذي لا ينبني على تقابل العوضين
حيث لا يأخذ فيه احد المتعاقدين مقابلا لما اعطى ( عقد الهبة)
المطلب السابع : العقود المحددة والعقود الاحتمالية
1) العقد المحدد : هو العقد الذي
يستطيع فيه كل طرف من الطرفين المتعاقدين ان يعرف عند التعاقد مقدار
ما يأخذه وما يعطي (عقد العمل)
2) العقد الاحتمالي او عقد الغرر : هو الذي لا يستطيع فيه المتعاقد معرفة مقدار ما يعطي او مقدار
ما يأخذ وقت التعاقد و انما يتحدد مستقبلا تبعا لأمر غير محقق الحصول
(عقد التأمين على الحياة)
المطلب الثامن : العقود الفورية و العقود الزمنية
1) العقد الفوري : هو الذي ينتج آثاره
القانونية لحظة ابرامه وقد يتأجل تنفيذ العقد الى تاريخ لاحق وعنصر الزمن لا يعتبر أساسيا في هذا النوع
من العقود، من ثم لا يغير من طبيعة العقد باعتباره عقدا فوريا(اتفاق
الطرفين على تأجيل نقل الملكية وأداء الثمن كاملا او على أقساط)
2) العقد الزمني او عقد المدة : هو الذي يشكل فيه الزمن
عنصرا جوهريا، بحيث يكون هو المقياس الذي على ضوئه يحدد محل التعاقد (عقد الكراء
الذي ينتج آثاره خلال مدة معينة قد تطول او تقصر حسب الاتفاق )
المطلب التاسع : العقود الفردية والعقود الجماعية
أركان العقد او شروط انشاءه.
توجد بعض العقود التي تتطلب اضافة الى
هذه الشروط توفر شرط آخر في العقود الشكلية وهو شرط : التسليم
في العقود العينية
الشروط الاساسية لانتشاء عقد صحيح هي :
أهلية
المتعاقدين والتراضي بينهما لإنشاء العقد و شيء محقق و سبب مشروع للالتزام
التراضي في العقود
هو توافق ارادة المتعاقدين قصد احداث أثر قانوني فهو ركن اساسي للعقد ، يجب ان يكون خاليا من عيوبه وهي : الغلط والتدليس و الاكراه والغبن وحالة المرض والحالات المشابهة لها
المطلب الاول : كيفية التعبير عن الارادة .
اتجاه الارادة نحو ترتيب أثر قانوني
يشترط ان يتم التعبير عن الارادة وفق شكل خاص ومحدد (كتابة - لفظ شفوي -
اشارة او جميع اصناف التعبير )
أ -
التعبير الصريح عن الارادة : يفصح فيها عن الارادة
مباشرة ( التعبير باللفظ او الكتابة او الاشارة )
ب -
التعبير الضمني عن الارادة : هو التعبير الذي يعكس
الارادة بطريقة غير مباشرة تستدعي التفكير والفهم
ج -
هل يعتبر السكوت تعبيرا عن الارادة : الفقه اعتبروه تعبيرا عن
القبول اذا كان السكوت يتضمن دلالة ضمنية على القبول.
المطلب الثاني : الايجاب .
يتضمن الايجاب هو تعبير عن ارادة شخص يعرض على
غيره سواء كان هذا الشخص واحدا او اكثر ، ان يتعاقد معه ويشترط ان يكون باثا ومتضمنا
للعناصر الاساسية للعقد ومعلنا عنه
شروط التعاقد الاساسية : ان يتضمن شروطه الاساسية
(عقد البيع :
المبيع والثمن)
أ- القوة الملزمة للايجاب :
الايجاب ليست له قوة ملزمة
وللموجب التراجع عن ايجابه مادام لم يقترن بقبول او ان الطرف الآخر الذي وجه اليه الايجاب لم يشرع في تنفيذ
العقد
هناك استثناء : يظل الموجب ملزما بإيجابه
في الاحوال التي نص عليها القانون وهي:
- يظل مقدم الايجاب اذا اقترن
القبول بأجل .
- يستمر مقدم الايجاب عن طريق
المراسلة دون تحديد اجل للقبول ملتزما الى الوقت المناسب لوصول رد المرسل اليه
داخل اجل معقول .
- يكون الايجاب ملزما لصاحبه حتى
بعد موته او حدوث نقص في أهليته اذا قبله الموجب له وهو يجهل وجود واقعتي الموت او
نقص الاهلية
ب - سقوط الايجاب :
يكون السقوط في اللحالات
التالية:
- يسقط الايجاب برفضه من قبل من
وجه اليه سواء كان الرفض صريحا او ضمنيا
- عندما ينتهي الاجل المحدد
للايجاب دون ان يعبر الموجب له عن قبوله .
- عندما ينفض مجلس العقد دون ان
يقترن الايجاب او القبول .
- اذا توفي الموجب او اصبح ناقص الاهلية (جنون او سفه )
بشرط ان يعلم الموجه اليه الايجاب قبل ان يعبر عن قبوله.
المطلب الثالث : القبول .
القبول تعبير جدي عن الارادة، بمقتضاه يقبل الشخص الموجه اليه الايجاب كل شروط
الموجب ، فتتطابق الارادتان وينشأ العقد المقصود ، واهم مميزاته يتميز بصفته
الفردية حيث لا يوجه الا لشخص معين بالذات ،والقبول يمكن ان
يكون صريحا او ضمنيا في الحالات التالية:
- شروع من وجه اليه
الايجاب في تنفيذ التزاماته الشخصية فعلا .
- سكوت من وجه اليه الايجاب يعتبر
قبولا اذا كان الايجاب له صلة بمعاملات سابقة
شروط القبول :
لكي ينعقد العقد بالقبول يجب توفر شرطين:
- ان يصدر القبول و الايجاب
مازال قائما :
(اذا كان القبول مقترنا بأجل وجب التعبير عنه قبل انقضاء الاجل)
- ان يكون القبول مطابقا للإيجاب
تمام المطابقة
المطلب الرابع : اقتران الايجاب بالقبول .
لا يتم التعاقد بمجرد صدور ايجاب وقبول
متطابقين ، بل يجب ان يقترن الايجاب بالقبول حول العناصر
الاساسية للالتزام و باقي الشروط الاساسية بالنسبة للطرفين ، ويحصل
تطابق الارادتين في عقد ما اما :
- بين متعاقدين يجمعهما مجلس
العقد
- او بين غائبين لا يجمعهما هذا المجلس
والتعاقد في الحالتين له شروط
خاصة وشروط عامة
1) ان يشمل تراضي الطرفين العناصر الاساسية للعقد ( في البيع يجب التراضي على الشيء المبيع و الثمن)
2) اذا قام المتعاقدان بعد
ابرام العقد بإجراء تعديلات على هذا الاتفاق .
3) اذا اتفق الطرفان على بعض شروط العقد و احتفظا بشروط اخرى معينة
لتكون محل اتفاق آخر في هذه الحالة لا يتم العقد .
4) يعتد في التراضي بالإرادة الظاهرة
التي يتم التعبير عنها بطريقة صريحة او ضمنية ولا يعتد بالإرادة الباطنة غير
المعبر عنها (اتفق طرفان على المبيع وعلى ثمن معين فليس للبائع ان يطالب بزيادة
نسبة مئوية في الثمن )
1) تطابق ارادتي المتعاقدين الحاضرين في
مجلس العقد (اجتماع الطرفين مباشرة) في نفس المكان دون ان تفصل فترة زمنية بين
صدور القبول وعلم من وجه اليه الايجاب.
2) تطابق
ارادتي المتعاقدين غير الحاضرين في مجلس العقد ( يمكن ان تتطابق ارادتهما
دون اجتماعهما في نفس المجلس :
التعاقد بالمراسلة او بواسطة وسيط سمسار او التعاقد بالهاتف)
في ظل التشريع
المغربي وبالرجوع الى الفصل 24 من قانون الالتزامات و العقود يفيد
على ان المشرع ياخد بنظرية إعلان القبول وبالعودة للفصل السالف الذكر نجده
يقول يكون العقد في الوقت والمكان اللذين يرد فيهما من تلقى الإيجاب بقبوله
ـ معظم الفقه يذهب الى ان لمشرع المغربي اخد بنظرية
إعلان القبول , هناك بعض الفقه ذهب للفصل 29 و 30 قانون الالتزامات و العقود رغم ذلك ان العقد لا ينعقد إلا بعد تسلم القبول
من الموجب
المطلب الخامس :
عيوب الرضى
يتحقق التراضي بتطابق القبول مع الايجاب شرط اساسي لانعقاد العقد ، ويجب ان يتم التعبير بين الطرفين على بينة واختيار بدون غلط او تدليس او اكراه او غبن او حالة مرض او ما شابه ، وسندرس عيوب الرضى في ما يلي :
الفقرة الاولى : الغلط
الغلط وهو يقوم في ذهن الشخص يصور له الواقع على غير حقيقته مما يدفعه الى التعاقد ( تصور خاطئ للواقع )اذن الغلط ذهني وليس له مظهر خارجي ، فالقانون لا يعتد بالغلط وينقسم الغلط الى ثلاثة انواع :
1) الغلط المانع من الرضى : ينعدم فيه الرضى لأنه يصيب
الارادة ذاتها فلا ينعقد معه الغلط ويرد في الحالات التالية:
- الغلط في ماهية العقد : يقع الغلط في ذاتية المحل (شخص يعطي لآخر مالا
على سبيل القرض فيضن الآخر انه هبة )
- الغلط في وجود المحل المتعاقد عليه او
ذاتيته : (يقع البيع على شيء
موجود بينما هو هالك )
- الغلط في سبب الالتزام : (كأن يتفق الورثة مع الموصى له على اعطائه نصيبه
من التركة فيتبين ان الوصية باطلة )
الرضى في الحالات التالية منعدم لانعدام
تطابق الارادتين على محل العقد او ماهيته او سببه .
2) ا لغلط غير المنتج : هو الغلط الذي لا تكون له صلة بتكوين الارادة
بالتالي يبطل العقد لأنه لا يعيب الارادة ويشمل حالات منها:
- الغلط المادي : كالغلط في الحساب يحدث عند
نقل الارقام والعبارات من مستند للآخر ، وهذا الغلط يمكن تصحيحه دون
ان يؤثر على صحة العقد .
- الغلط في الباعث
الذي دفع احد المتعاقدين الى ابرام العقد : هذا النوع يرجع لأمور شخصية
محضة تسبق العقد (شراء شخص سيارة ضانا ان سيارته تحطمت و انها سليمة بعد التأكد ، فالغلط هنا لا يؤثر على العقد )
- الغلط في صفة عرضية لشيء
المتعاقد عليه : هذا الغلط يؤثر في ارادة
المتعاقد لأنه وقع في صفة ثانوية وليست جوهرية للشيء محل العقد .
- الغلط في قيمة الشيء : باع شخص شيئا قيما
بثمن زهيد لجهله لقيمته ، فلا يؤثر في صحة العقد ولا سببا لإبطاله .
أ) الغلط في القانون :
يحدث هذا الغلط في 3 حالات :
اما بسبب سوء فهم المتعاقد لقاعدة
قانونية و اما بسبب جهله بوجود قاعدة قانونية و اما بسبب اعتقاد وجود قاعدة
قانونية لا يوجد في الواقع ،
وجود هذه الحالات يخول المطالبة بإبطال العقد ولكي
يكون يجب توفر الشروط التالية :
الشرط الاول : ان يكون هو السبب
الوحيد او على الاقل السبب الاساسي الدافع للتعاقد.
الشرط الثاني: ان يكون الغلط مما
يعذر عنه (اميا لا يعرف القراءة و الكتابة)
الشرط الثالث: ان لا يوجد نص قانوني يمنع الابطال في بعض الحالات.
ج) الغلط في ذاتية احد المتعاقدين او
صفة جوهرية فيه : ( ان يهب شخص فتاة تربيها احدى الاسر قطعة ارضية معتقدا انها
ابنة اخته )
د) الغلط الواقع من الوسيط : عندما يتم ابرام
العقد عن طريق وسيط وهذا الاخير يقع في الغلط .
الفقرة الثانية : التدليس
التدليس هو استعمال وسائل احتيالية من اجل ايقاع شخص في غلط يدفعه الى التعاقد . اذن التدليس يقوم على وجود غلط وهنا الغلط مختلف عن السابق باعتبار الغلط السابق هو غلط وقع فيه الشخص بمفرده ، اما الغلط الذي نتج عنه التدليس فقد ساهم في احداثه الآخر باستخدام وسائل احتيالية .
الفرق بين التدليس والغش
التدليس يصاحب تكوين العقد وهو الذي يدفع الى التعاقد ، في حين ان الغش هو خديعة تقع اما خارج نطاق التعاقد كخلط الحليب بالماء وعرضه للبيع على انه خالص ( التعويض عن الضرر نتيجة الغش)
الفرق بين التدليس والغلط
كليهما يجبر المتعاقد
على التعاقد تحت تأثير الوهم ،اذن فهو الدافع للتعاقد في كل من الغلط
او التدليس إلا انه هناك فرق بينهما :
الوهم الناتج عن الغلط
المجرد : يقع فيه المتعاقد من تلقاء نفسه (غلط تلقائي )
اما الوهم الناتج عن
التدليس : فلا يقع المدلس عليه فيه إلا بفعل من المدلس وبسبب وسائل
احتيالية بغرض الدفع للتعاقد ( اذن غلط مدبر )
العيب في الحالتين هو الغلط وهذا ما جعل البعض
يعتقد ان نظرية الغلط تغني عن نظرية التدليس ، وان الراغب في ابطال العقد للتدليس
يمكنه تحقيق رغبته كذلك عن طريق الطعن في العقد للغلط ، لكن لا يمكن الاخذ بهذا
الاعتقاد انطلاقا من الاسباب التالية :
1) لان المشرع لم يعتبر الغلط الواقع في
الباعث على التعاقد معيبا للإرادة ، ولكن اذا كان مصحوبا بتدليس يبطل العقد (هنا
تظهر اهمية وجود نظرية التدليس بجانب نظرية الغلط )
2) ذكر المشرع حالات الغلط على سبيل
الحصر وهي الغلط في القانون او في الشيء او في الشخص ، و حدد الحالات التي
يكون فيها الغلط واقعا في ذات الشيء او في نوعه او في صفة فيه كانت هي السبب
الدافع للتعاقد دون الغلط في قيمة الشيء ( الغلط كهذا لا يخول الابطال إلا اذا كان
مصحوبا بطرق احتيالية كالتدليس وهنا يمكن الطعن في العقد )
3) يضاف الى هذا الوسائل الاحتيالية وسائل
مادية يسهل اثباتها بينما الغلط التلقائي هو حالة نفسية من الصعب اثبات الدليل
عنها
اذن يجب من الابقاء على نظرية الغلط و نظرية
التدليس معا وتطبيقهما معا
شروط التدليس :
يجب توافر 3 شروط للقول بوجود تدليس يشوب
الارادة ويبرر ابطال العقد ويتعلق الامر ب :
1) استعمال المدلس لطرق احتيالية
لتضليل المدلس عليه : يرتكز استعمال الاساليب الاحتيالية عانى عنصر مادي
ومعنوي
العنصر المادي : تقديم وثائق او شهادات
مزورة للإقناع على التعاقد
العنصر معنوي : يتمثل في قصد التضليل لإبرام
العقد
2) ان يكون التدليس هو الدافع الى التعاقد :
يجب ان يصل الى درجة من الجسامة تجعله يؤثر في ارادة المتعاقد المدلس عليه
3) ان يكون صادرا من المتعاقد الآخر
او بعلم به : لكي يتحقق التدليس يجب ان يصدر من المتعاقد بنفسه او ان يكون على
علم به
الفقرة الثالثة : الاكراه .
هو اجبار يباشر من غير ان يسمح به القانون ،
يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على ان يعمل عملا بدون رضاه اذن الاكراه يصيب الارادة
ويفقد من كان ضحيته الحرية و الاختيار بسبب الجبر او الرهبة...
شروط الاكراه:
1) استعمال
وسائل التهديد الباعثة على الرهبة في النفس
2) ان يكون
الاكراه هو الباعث الى التعاقد
3) ان تكون
الغاية من الاكراه تحقيق غرض غير مشروع
الغبن هو التفاوت الذي يقع بين ما يعطيه المتعاقد
وما يأخده (ان يبيع التاجر بضاعة بمبلغ 3000 درهم في حين ان ثمنها لا يتجاوز 2000 درهم )
يتحقق الغبن في عقود المعاوضة المحدد لكن
الغبن المجرد يخول الابطال اذا طال القاصر او ناقص الاهلية و سنتناول كل حالة على
حدة :
1) الاصل ان الغبن المجرد لا يخول
ابطال العقد : الغبن المجرد الذي يلحق الراشدين لا يعتد به في التشريع
2) الغبن المقرون بالتدليس : الغبن المجرد لا يخول الغاء
العقد الا اذا كان مرفوقا بتدليس وتكون نتيجته الابطال .
3) الغبن المجرد يعيب العقد بصفة استثنائية : من ثم لإبطال العقد
الذي طاله غبن مجرد لابد من توفر شرطين :
- ان يكون الطرف المغبون قاصرا او ناقص
الاهلية
- يجب ان يكون الفرق بين الثمن المتفق
عليه في العقد و القيمة الحقيقية للشيء يزيد عن الثلث
الفقرة الخامسة : حالة المرض والحالات المشابهة لها .
تحدث المشرع عن حالة المرض وحالات مشابهة باعتبارها احدى اسباب ابطال العقد ، فهي تدخل ضمن العيوب التي تلحق الرضى وتؤثر على الارادة.
حالة المرض التي تخول ابطال العقد، كل مرض سواء عقليا او عضويا يؤثر على حرية المريض وارادته بشكل سلبي ، وهناك حالات مشابهة بالمرض مثل مرض الموت او المرض الاخير.
الفقه ذهب في تفسير الحالات المشابهة وتشمل حالات ضعف الارادة التي تعود :
لاسباب داخلية : كالشيخوخة و الطيش او الهوى الجامح وعدم التجربة
لاسباب خارجية : كالحاجة الملحة والضرورة و الظروف المحيطة
اذن تشمل كل الحالات
التي تكون معها ارادة المتعاقد مقيدة
ومتأثرة بالظروف المحيطة بها مما يعرض
صاحبها للاستغلال ويدفعه الى ابرام عقود
مجحفة في حقه
المبحث الثاني :
الأهلية في قانون الالتزامات والعقود
سنعرف الاهلية وانواعها واثرها على التصرفات القانونية
المطلب الأول : تعريف الأهلية
هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات ،و مباشرة التصرفات القانونية التي من شأنها ان تكتسبه حقا او تحمله التزامات على وجه يعتد به قانونا .
المطلب الثاني : أنواع الاهلية
-أهلية وجوب : هي تتبث للإنسان قبل ولادته وهو جنين في بطن أمه وتستمر الى ما بعد الوفاة الى ان تصفى التركة اي ديون المتوفى وتنفد وصاياه .
-أهلية أداء : هي جميع التصرفات المالية والقانونية في حياة الانسان التي من شأنها أن تكسبه حقا أو تحمله التزاما .
المطلب الثالث : أثر عدم كمالية الاهلية على التصرفات القانونية .
يرجح سبب عدم اكتمال
اهلية الشخص الى فقدانها او نقصانها
ولكل حالة اثرها القانوني على التصرفات
التي يقوم بها .
1) فقدان الاهلية وأثره
في التصرفات القانونية :
يعتبر عديم الاهلية الأداء :
الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز : هو الذي لم يتم 12
سنة فتكون تصرفاته باطلة لا تنتج اي اثر سواء كان ضارا او نافعا.
التصرف النافع : التصرف الذي يمنح لمن يقوم
به حقوقا دون ان يلزمه بمقابل ذلك هبة بدون عوض
للموهوب له او الوصية للموصى له.
التصرف الضار : هو الذي يلزم
من يباشر التزامات دون ان يمنحه حقوقا ، كالتبرعات
و الهبات بالنسبة للواهب.
التصرف الدائر بين النفع
والضرر : هو كل تصرف ينتج عنه ربح او خسارة ويشمل التصرفات
المتعلقة بإدارة المال واستثمار كالإيجار .
المجنون وفاقد العقل : الجنون هو
اضطراب في القوى العقلية يترتب عنه
فقدان التمييز ، فالمجنون هو عديم العقل ،
فالمشرع سوى بين المجنون و الصبي غير
المميز من حيث فقدان الاهلية لكن ميز بينهما
على مستوى الحجر :
الصبي غير المميز : يكون محجورا عليه حكما نظرا لصغر سنه.
المجنون : لابد ان
يصدر في حقه قرار بذلك من المحكمة .
2) نقصان الاهلية وأثره في التصرفات القانونية .
أ- حالات نقصان الاهلية :
هناك
ثلاثة حالات ناقص الاهلية هو الصغير الذي لم يبلغ سن الرشد و السفيه و المعتوه
حالة السفيه : هو المبذر الذي يصرف ماله بدون فائدة.
المعتوه : هو الشخص المصاب بإعاقة ذهنية لا يستطيع معها التحكم في تفكيره وتصرفاته
فهم كلهم يخضعون لأحكام الولاية او الوصاية او التقديم بسبب الحجر الذي يقع عليهم .
لكن الامر يختلف بالنسبة لرفع الحجز عليهم :
القاصر : اذا بلغ 18 سنة يمكنه ان يطلب من وليه
الشرعي او من المحكمة ترشيده
اما السفيه
او المعتوه : فلا يرفع عليهما الحجر إلا
في حالة واحدة ظهور رشدهم.
ب- أثر نقصان الاهلية على التصرفات :
يختلف أثر نقصان الاهلية
على التصرفات باختلاف نوع التصرف :
بالنسبة
للتصرفات النافعة : يجوز لناقص الاهلية
القيام بها بمفرده فتعتبر تصرفاته صحيحة
ولو جرت بمعزل عن الوصي او الوالي
او المقدم .
التصرفات
الضارة : يمنع ناقص الاهلية مباشرتها بأنفسهم
و الاذن من الوالي الشرعي بذلك ، كما
يمنع هذا الاخير القيام نيابة عنهم تحت
طائلة الابطال.
التصرفات
الدائرة بين النفع و الضرر : نميز
بين ذلك بالإذن من النائب الشرعي او
القاضي وفي حالة اذا :
- اخد القاصر او
المعتوه الاذن من نائبهم الشرعي او بعد
الحصول على الاذن من القاضي فالتصرف
يعتبر صحيحا .
- اذا قاموا بها
بدون الحصول على الاذن فهم لا يكون
ملزما لهم ويكون باطلا .
حالات الابطال في هذه الحالات الاجراءات التالية :
- يقرر بطلب
من النائب الشرعي او من القاصر بعد
بلوغه سن الرشد او من المحجور بعد
رفع الحجر عليه.
- اذا تقرر
الابطال تقضي بإعادة المتعاقدين للحالة التي
كان عليها وقت التعاقد لان القاصر ناقص
الاهلية يكونا ملزمين في حدود ما حصلا
عليه من نفع من العقد الذي ابرماه.
- يستنفذ من
حق الابطال من تقرر الابطال لمصلحته اي ناقص
الاهلية ، اما من تعاقد معه فلا يمكنه
الاحتجاج بنقص الاهلية الطرف الثاني للمطالبة
بإبطال العقد .
- يمكن تصحيح
التصرفات الصادرة عن ناقص الاهلية اذا
وافق عليها الوالي او الوصي او المقدم ، كما
يمكن إجازتهما
- من الصغير
بعد بلوغه سن الرشد او من ناقص الاهلية
بعد رفع الحجز عليه.
محل العقد
محل الالتزام هو الاداء
الذي يتعهد به المدين لمصلحته الدائن
ويكون اما :
اعطاء شيء او القيام بعمل او امتناع عن عمل.
وهو شرط ضروري لقيام
العقد ، ومحل العقد هو الاثر القانوني الذي
يسعى الاطراف الى تحقيقه اما : انشاء إلتزام او
نقله او تعديله او انهائه
المشرع يشترط في المحل ان يكون
موجودا او ممكن الوجود ، ومعينا او قابلا
للتعيين ثم مشروعا .
المطلب الاول : وجود محل العقد او امكان وجوده.
وجود المحل :
ليكون الالتزام التعاقدي صحيحا يشترط ا يكون محل العقد موجودا ، اما اذا كان غير موجود وقت التعاقد ثم هلك قبل نشوء الالتزام يبطل العقد .
لكن المشرع المغربي استثنى من التعامل بالأشياء المستقبلية تركة انسان على قيد الحياة و يعود سبب هذا المنع الى ان التعامل في تركة انسان على قيد الحياة قد ينطوي على المضاربة على حياة المورث ويترتب عنها التفكير في التخلص منه .
امكان وجود المحل :
الالتزام يكون محله القيام بعمل او امتناع عن عمل يجب ان يكون ممكن الوجود ولا مستحيلا ، والاستحالة المقصودة هي الاستحالة المطلقة التي تكون بالنسبة للمدين ولغيره ، وتحول دون انشاء الالتزام ويبطل معها العقد سواء كانت استحالته مطلقة مردها طبيعة الالتزام كالتزام بيع منزل كان قد هدم ، او كانت استحالة قانونية كالتزام محام برفع استئناف حكم قابل للطعن بعد فوات أجل الاستئناف.
المطلب الثاني : تعيين محل العقد او قابليته للتعيين
يجب ان يكون العمل المراد القيام به او الامتناع عنه معينا او قابلا للتعيين ، فإذا التزم مقاول ببناء منزل يجب تحديد مكان المنزل ، مساحته وعدد الطوابق و الغرف التي يتكون منها ، اما اذا اقتصرا المتعاقدان على ذكر عملية البناء بدون تحديد المواصفات الضرورية فيعتبر العقد باطلا لانعدام المحل.
المطلب الثالث : ان يكون محل العقد مشروعا
ليكون الالتزام صحيحا بجب ان يكون محله مشروعا اي قابلا للتعامل به وليس مخالفا للنظام العام او الآداب العامة مثل الاتفاق على ارتكاب جريمة على ان يتحمل العقوبة شخص آخر غير مرتكبها او الاتفاق على مس العقيدة.
السبب في القانون المدني المغربي
تناولها المشرع و اخد بالنظرية التقليدية التي تبناها القانون الفرنسي فحدد بواسطتها الشروط الواجب توافرها في السبب
تميز النظرية التقليدية من خلال تعريفها للسبب بين ثلاثة انواع :
- السبب الإنشائي : يقصد به
مصدر الالتزام ونعلم ان مصادر الالتزام و
العمل غير المشروع و الاثراء بلا سبب ،
وبهذا المعنى لا يدخل هذا النوع في
نطاق البحث لذلك تستبعده النظرية التقليدية .
- السبب الدافع : يقصد به
الباحث النفسي الذي دفع الملتزم للالتزام حيث
يكون مشروعا (من يشتري منزل و به سكان ) وقد يكون
غير مشروع (من يشتري منزل ويعده ناد للقمار )
فالباعث الشخصي داخلي لا يؤثر في وجود العقد
حسب النظرية التقليدية .
- السبب ألقصدي : وهو الغرض
الذي يسعى اليه الملتزم للوصول اليه .
نقد النظرية التقليدية : عرفت
العديد من الانتقادات من قبل بعض الفقه
بكونها غير صحيحة لأنها تقوم على ان
سبب الالتزام كل من طرفي العقد في
العقود التبادلية هو التزام الطرف الآخر في
حين ان السبب يجب ان يسبق المسبب ومن
ثم فالتزامات الطرفين المتقابلة تنشأ في وقت
واحد و لا يمكن ان يكون احدهما سببا للآخر
النظرية الحديثة: حاول المدافعون عن هذه النظرية الدفاع عنها اثبتوا فعلا انها صحيحة و الثابت ان صحتها وفائدتها محدودة مادامت لا تعتد إلا بالغرض المجرد الذي يقصد الملتزم الوصول اليه و لا تهتم بالباعث اي الدافع الى التعاقد والذي قد يكون مشروعا او غير مشروع في النوع الواحد من العقود .
في قانون الالتزامات و العقود المغربي :
تناول المشرع المغربي
السبب فتحدث تارة عن السبب بمعنى القصد
وتحدث عنه تارة اخرى بمعنى الباعث ، واشترط
ان يكون موجودا و حقيقيا و ان يكون
مشروعا ، اذن المشرع مزج بين النظريتين
التقليدية و الحديثة
اولا : ان يكون سبب العقد موجودا
:
يجب ان
يكون السبب موجودا و إلا بطل العقد اي يجب ان
يكون للمتعاقد غرض محدد يهدف للوصول اليه ومن
اجله يندفع الى التعاقد
ثانيا : ان يكون السبب مشروعا
:
يجب إلا يكون مخالفا للأخلاق الحميدة
وللنظام العام
ركن الشكلية وركن التسليم في القانون المدني
الاصل في العقود كونها رضائية
تقوم على حرية المتعاقدين عن ارادتهم دون
ان يستلزم اعتمادا معين ولكن ترد استثناءات
بالنسبة :
للعقود العينية: هي عقود
يتطلب تكوينها افراغ تراضي المتعاقدين في شكل
معين يحدده القانون تحت طائلة البطلان ومن بينها :
الكتابة : المشرع اشترط
لزوم الكتابة لصحة بعض العقود :
بيع العقار في عقد الشركة
التي يكون محلها عقارات او اموال عقارية او
اشياء اخرى يمكن رهنها رهنا رسميا
التقييد
بالرسم العقاري : ان انشاء او نقل
او تعديل اسقاط حق عيني وارد على
عقار محفظ لا يتم بين المتعاقدين إلا اذا
جرى تقييد العقد المتضمن لكل ذلك في
الرسم العقاري وابتداء من تاريخ التنفيذ
بعض البيوعات القضائية : هي البيوع
التي يتدخل القضاء لإتمامها اذ يخضع انعقادها لعدة اجراءات شكلية من بينها الاشهار .
العقود العينية : هي التي يتطلب انعقادها اضافة الى تطابق ارادة المتعاقدين تحقق شكلية خاصة وهي تسليم الشيء
محل الالتزام من احد المتعاقدين للآخر ويتعلق
الامر ببعض العقود من ضمنها الرهن الحيازي .
حالات البطلان في قانون الاتزامات والعقود
اشترط المشرع المغربي لقيام التزامات تعاقدية صحيحة لابد من توفر ها على الاركان الخمس : الاهلية و الرضى و المحل والسبب.
المشرع تناول البطلان في الفصول من 306 الى 310 قانون الالتزامات و العقود حيث حدد حالاته وخصائصه وآثاره
المطلب الاول : حالات البطلان .
يكون العقد باطلا بقوة
القانون في حالتين:
حالة البطلان الناتج عن
تخلف احد اركان العقد :
يكون العقد باطلا اذا
تخلف احد اركانه وهي :
- الاهلية :
اذا ابرمه احد الطرفين وهو عديم الاهلية
- الرضى :
اذا لم يتطابق الايجاب و القبول او صدر
القبول بعد سقوط الواجب
- المحل :
اذا فقد المحل احد شروطه فلم يكن
موجودا او مشروعا ومعيتا او قابلا للتعيين
- السبب
: اذا فقد السبب احد شروطه وهي الوجود
و المشروعية و الصحة
- الشكل في
العقود الشكلية والتسليم في العقود العينية :
اذا كان العقد شكليا ولم يتم في
الشكل الذي يتطلبه القانون كأن يحرر عقد
الهبة في ورقة عرفية .
خصائص البطلان في العقد
يقصد بخصائص البطلان الاحكام
العامة و القواعد التي تقتضيها منطقيا
عدم انعقاد العقد الباطل وهي كالتالي:
- بطلان
جزء من العقد يبطل باقي العقد ما لم
يكن العقد قابلا للبقاء و الاستمرار دون
الجزء الذي لحقه البطلان .
- بطلان
الالتزام الاصلي بمقتضى بطلان الالتزامات التابعة
وليس العكس .
- العقد
الباطل لا يقبل الاجازة او التصديق .
- دعوى
البطلان تسقط بالتقادم ولكن الدفع بالبطلان لا يسقط
بالتقادم :
تسقط
دعوى البطلان بمضي 15 سنة من وقت ابرام العقد لكن
الدفع لا يسقط بالتقادم
- الباطل لا يحتاج
الى باطل .
- من
يتمسك بالبطلان .
المطلب الثالث :
آثار البطلان في العقد
الاصل ان العقد الباطل لا
أثر له سواء بالنسبة للمتعاقدين او بالنسبة للغير لانه
ليس له وجود قانوني
الالتزام الباطل بقوة
القانون لا يمكن ان ينتج اي اثر ، ولكن لهذه
القاعدة استثناء في حالات معينة وسندرج
كل حالة على حدة :
اولا : العقد الباطل لا أثر له بالنسبة للمتعاقدين :
اذن لا يترتب عنه نقل
الملكية للمشتري و اذا كان الرهن باطلا
يمنح حق الافضلية على المال المرهون ، فبطلان العقد
لا يحق لأحد المتعاقدين مطالبة الطرف الآخر
بتنفيذ التزامه .
لكن
اذا طبق العقد الباطل وجب اعادة
المتعاقدين الى حالتهما السابقة قبل التعاقد
، ولهذه الحالة استثناء :
- في حالة
بطلان عقد شخص لفقدان اهليته لا يلزم
الا برد ما عاد عليه من منفعة
بسبب تنفيذ العقد .
ثانيا : العقد الباطل لا أثر له بالنسبة للغير :
من اشترى عينا باطلا ثم باعها جاز للبائع استرداد الشيء المبيع من المشتري الثاني .
ثالثا : الاستثناءات التي يترتب فيها على العقد الباطل آثار ايجابية :
ينتج العقد آثارا ايجابية في حالات استثنائية كحالة عقد الزواج الباطل
حالة تحول
التصرف :
تتجلى في الحالة التي
يبطل فيها التصرف الذي أراده المتعاقدان
لسبب من أسباب البطلان لكن هذا التصرف
الباطل يتضمن عناصر كافية للقيام بتصرف آخر
غير الذي جرى عقده إضافة الى المتعاقدين لو كانا يعلمان بان تصرفهما
الواقع لن ينتج عنه عقد لقبلا ان
يعقدا بدلا منه ، فالقانون في هذه الحالة
يوجب اعتبار تصرفهما رغم بطلانه في
صورته الواقعة منشئا حكما لعقد آخر
توافرت عناصره وشروطه في هذا التصرف
الباطل اعمالا للنية المفترضة لدى المتعاقدين وهو
ما يقصد به " بتحول التصرف ".
مثلا البيع الذي لا يقابله ثمن
حقيقي هو بيع باطل لعدم توافر محل
التزام المشتري يمكن ان يتحول الى هبة
وتطبق عليه احكامها ، اذا كانت نية
المتعاقدين تنصرف اليهما لو كان يعلمان
ان البيع لا ينعقد دون ثمن حقيقي .
الفسخ في القانون المدني المغربي
إن عدم تنفيذ المدين لالتزاماته التعاقدية يعطي للطرف الدائن في العقد إمكانية التحلل من الرابطة العقدية ، و يكون ذلك باللجوء إلى استعمال حق طلب الفسخ ليتخلص من الالتزامات التي يفرضها عليه العقد. غير أنه للدائن قبل استعماله للفسخ ، الحق في أن يطالب بالتنفيذ العيني للالتزام إذا كانت مصلحته تقتضي ذلك ، بما أن القانون قد منحه حق الخيار بين التنفيذ و الفسخ. ذلك أن التنفيذ هو الأصل في إبرام العقود ، بينما الفسخ هو إجراء احتياطي يتم اللجوء إليه في حالة عدم تنفيذ العقد.
- فسخ العقد كجزاء مدني
إن مناط الفسخ هو حل العقد كنتيجة لعدم تنفيذه ، ومن ثم فانه يختلف عن الجزاءات المدنية الأخرى التي ترتبط بمرحلة تكوين العقد - كالإبطال و البطلان و عدم النفاذ – نظرا لعدم استكمال عناصر تكوينه ، و كذا عن المسؤولية العقدية التي تعد بمثابة أثر من الآثار التي تتمخض عن الإخلال بالالتزامات العقدية بصورة عامة .
و إذا كان الدفع بعدم التنفيذ يشكل وسيلة دفاعية قوامها حمل المدين على الوفاء بالتزاماته ، فان الفسخ بمختلف أنواعه يعد طريقا هجوميا الغرض منه هو حل العلاقة التعاقدية لامتناع أحد المتعاقدين عن التنفيذ ، و إعادة أطرافها إلى الحالة التي كانت عليها قبل التعاقد.
-أساس نظرية الفسخ في قانون الالتزامات والعقود
ليست نظرية الفسخ بالنظرية التي تبده العقل القانوني ، فيسلم بها بادئ ذي بدء ، بل هي ثمرة تطور طويل . فقد كان القانون الروماني يأبى التسليم بها.
و كان العقد الملزم
للجانبين في هذا القانون ينشئ التزامات مستقلة بعضها عن بعض .
فإذا لم يقم أحد المتعاقدين بتنفيذ
التزامه ، لم يكن أمام المتعاقد الآخر إلا أن يطالب بالتنفيذ ، و لا يستطيع أن يتحلل
هو من التزامه عن طريق الفسخ .
و لكن الرومان بعد تطور
أفسحوا لفكرة الفسخ مجالا ضيقا في عقد البيع بعد أن أصبح هذا العقد رضائيا .
فأدخلوا فيه شرطا صريحا
يجعل الحق للبائع في فسخ البيع إذا لم يدفع المشتري الثمن . و في الفقه الإسلامي
لا يعرف الفسخ نظرية عامة ، و إنما أعطى للبائع خيار النقد كشرط لفسخ البيع إذا لم
يستوف الثمن .
و كذلك فعل فقهاء القانون
الفرنسي القديم ، فقالوا بجواز الفسخ حتى لو لم يوجد شرط صريح ، و لكن الفسخ كان
لا يتم إلا بحكم قضائي . و ساعد على ذلك ظهور نظرية السبب.
و قد ربطت فكرة السبب ما بين الالتزامات
المتقابلة في العقد الملزم للجانبين . لا عند تكوين العقد فحسب ، بل أيضا عند
تنفيذه و من ثم يكون الفسخ .
ثم أخذت فكرة الارتباط ما
بين الالتزامات المتقابلة تبرز بوضوح على أيدي فقهاء القانون الطبيعي حتى أصبحت
أمرا مسلما ، و قامت نظرية الفسخ على أساسها .
وهو لم يرد بهذا أكثر من أن يقرر القاعدة التي
تقضي بجواز فسخ العقد إذا لم يقم المدين بالتزامه . أما ذكر الشرط الفاسخ فهو مجرد
تشبيه حملته عليه الاعتبارات التاريخية التي قدمناها .
و ليس صحيحا أن أساس الفسخ هو نظرية الشرط
الفاسخ الضمني . و لو صح هذا لترتب عليه أنه بمجرد عدم قيام المدين بالتزامه يتحقق
الشرط ، فينفسخ العقد من تلقاء نفسه . و هذا غير صحيح لأن الفسخ لا يكون إلا بحكم
قضائي أو باتفاق ، و للقاضي حق التقدير فيجيب طلب النسخ أو يرفضه ، و للمدين أن
يقوم بتنفيذ العقد فيتوقى الحكم بالفسخ ، و للدائن أن يعدل عن المطالبة بفسخ العقد
إلى المطالبة بتنفيذه.
- شروط الفسخ في القانون المدني
هناك شروط ثلاثة يجب توافرها حتى يثبت للدائن حق المطالبة بفسخ العقد المبرم بينهما و هي :
1 - أن يكون العقد ملزما للجانبين.
2 - ألا يقوم أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه.
3 - أن يكون المتعاقد الآخر الذي يطلب الفسخ مستعدا للقيام بتنفيذ التزامه من جهة ، وقادرا على إعادة الحال إلى أصلها إذا حكم بالفسخ من جهة أخرى .
- أنواع الفسخ في القانون المدني
إن الفسخ من حيث أنواعه قد يكون إما قضائيا أو قانونيا أو اتفاقيا :
1- الفسخ القضائي :
هو قاعدة الأساس في مجال انحلال العقود ذلك أن
معظم حالات الفسخ تتم عن طريق القضاء ، و قد أشار إليه قانون الالتزامات والعقود
في الفصل 259 ، قائلا : " إذا كان المدين في حالة مطل ، كان للدائن الحق في
إجباره على تنفيذ الالتزام ما دام تنفيذه ممكنا فان لم يكن ممكنا ، جاز للدائن أن
يطلب فسخ العقد ، و له الحق في التعويض في الحالتين.
اذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن إلا
في جزء منه ، جاز للدائن أن يطلب اما تنفيذ العقد بالنسبة الى الجزء الذي مازال
ممكنا ، و اما فسخه ، و ذلك مع التعويض في الحالتين .
لا يقع فسخ العقد
بقوة القانون ، و انما يجب أن تحكم به المحكمة " .
2- الفسخ القانوني :
أو ما يسمى أيضا
" بالانفساخ " ، فلا يتقرر إلا عند ثبوت الأسباب الموجبة له و أبرزها
استحالة تنفيذ الالتزام بسبب أجنبي لا يد للمدين فيه كالقوة القاهرة أو خطا الدائن
أو الغير .
و من الأمثلة على ذلك ما ورد في الفصل 659 من قانون الالتزامات والعقود من أنه :
" اذا هلكت العين المكتراة أو تعيبت أو تغيرت كليا أو جزئيا بحيث أصبحت غير
صالحة للاستعمال في الغرض الذي اكتريت من أجله ، و ذلك دون خطإ أي واحد من
المتعاقدين ، فان عقد الكراء ينفسخ ، من غير أن يكون لأحدهما على الآخر أي حق في
التعويض .
ولا يلزم المكتري
من الكراء إلا بقدر انتفاعه و كل شرط يخالف ذلك يكون عديم الأثر " .
3 - الفسخ الاتفاقي :
الذي كما تدل عليه تسميته يتقرر باتفاق الأطراف على ادراج شرط فاسخ صريح في العقد ، ذلك الاتفاق الذي ألمح إليه المشرع في الفصل 260 من قانون الالتزامات والعقود المغربي ذاهبا إلى أنه : " إذا اتفق المتعاقدان على أن العقد يفسخ عند عدم وفاء أحدهما بالتزاماته ، وقع الفسخ بقوة القانون بمجرد عدم الوفاء ".
- آثــــــار الفســــــخ في قانون الالتزامات والعقود
إذا كان الفسخ الإتفاقي يحصل بتراضي الأطراف عليه ، فإنه مع ذلك لا يغني عن رفع دعوى الفسخ و لا عن توجيه إنذار للمدين ، الشيء الذي يميزه عن الإنفساخ الذي يثبت بكيفية تلقائية و دون رفع دعوى أمام القضاء ، هذا من ناحية ، و من ناحية أخرى ، لما يتقرر الفسخ القضائي أو الفسخ القانوني ، فإن العلاقة التعاقدية تنحل تبعا لذلك ، مما ترتب عليه إعادة الأطراف إلى وضعية ما قبل التعاقد إن كان ذلك ممكنا ، و إلا فإن للمحكمة استنادا إلى ما تتمتع به من سلطة تقديرية أن تحكم بالتعويض أو باستبدال الشيء محل التعاقد بآخر إن كان له ما يقابله في السوق .
بيد أن إعمال مثل هذا الأثر يصعب
تصوره بالنسبة لعقود المدة أو العقود الزمنية أو العقود المستمرة التي تنبني في
إنتاج آثارها على الاستمرارية ، لذا فإن آثار الفسخ تنجر إلى المستقبل.
و في الإجمال فإن آثار الفسخ مثلما
تنسحب إلى المتعاقدين فإنها تشمل أيضا الغير مع مراعاة مبدإ عدم المساس بالحقوق
التي اكتسبها الغير حسن النية.
- التمييز بين الفسخ و المسؤولية العقدية
هناك اتصال بين الفسخ و المسؤولية العقدية ، فكلاهما جزاء لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه العقدي . فإن كان العقد ملزما للجانبين جاز للدائن أن يطلب فسخ العقد جزاء عدم تنفيذ المدين لالتزامه كما قدمنا. و جاز له أيضا أن يطالب بالتعويض ، و لكن لا على أساس فسخ العقد بل على أساس استبقائه و المطالبة بتنفيذه عن طريق التعويض ، و هذه هي المسؤولية العقدية .
على أنه إذا صح لأحد المتعاقدين أن يحاسب الآخر على عدم القيام بالتزاماته إما من طريق الفسخ و إما من طريق المسؤولية العقدية ، فإن الطريق الأول مفتوح دائما حيث يسد الطريق الثاني في بعض الأحوال . إذ يتفق أن يكون عدم قيام المدين بالتزامه إنما يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه ، فتنتفي مسؤوليته العقدية ، و لكن يبقى الفسخ ، بل إن العقد في هذه الحالة ينفسخ بحكم القانون .
- التمييز بين الفسخ و البطلان
إذا ما رأينا الأثر المترتب عن كل من البطلان و الفسخ ، يتضح أنهما يتفقان في الآثار المترتبة عن كل منهما ، و المتمثل في انعدام الرابطة التعاقدية . بل أن زوال العقد الباطل و العقد القابل للفسخ يتم بأثر رجعي ، إلا أن هذا لا يمنعنا من إيجاد الفروق الجوهرية بين هذين النظامين :
من حيث الجزاء : فالبطلان بمثابة جزاء قانوني ، نتيجة عدم توفر أحد أركان العقد. في حين أن الفسخ هو جزاء عدم تنفيذ أحد المتعاقدين لالتزاماته المحددة في العقد القائم بينهما.
من حيث النطاق : إذا كان البطلان يشمل سواء تعلق الأمر بالعقود الملزمة لجانب واحد أو الملزمة لجانبين فإن جزاء الفسخ لا يمكن المطالبة به إلا في نطاق العقود الملزمة للجانبين .
من حيث تقريرهما : فالبطلان يتقرر بقوة القانون كما هو الشأن في الحالتين المنصوص عليهما في الفصل 306 من قانون الالتزامات والعقود المغربي .
أما الفسخ فهو لا يتقرر - في الغالب - إلا بحكم
المحكمة أي أن الحكم هو المنشئ له.
1 - فسخ عقد الكراء
ينص الفصل 692 من
قانون الالتزامات والعقود المغربي على
أنه " للمكري فسخ الكراء مع حفظ حقه في التعويض إن اقتضى الأمر .
أولا : إذا
استعمل المكتري الشيء المكترى في غير ما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى الإتفاق .
ثانيا : إذا أهمل الشيء المكترى على نحو يسبب له ضررا
كبيرا .
ثالثا : إذا لم
يؤد الكراء الذي حل أجل أدائه.و يتضح من
مقتضيات هذا الفصل أن إخلال المكتري بأحد الالتزامات المفروضة على عاتقه ، يخول
المكري الحق في طلب فسخ العقد طبقا للقواعد العامة .
و متى تم الفسخ ،
فإن المكتري لا يستحق أي تعويض لأنه جاء نتيجة لخطأ صادر عنه.
بينما يكون للمكري الحق في طلب التعويض إذا حصل
للشيء المكترى ضرر كبير. كما في حالة إهماله.
و ينص الفصل 259
من قانون الالتزامات والعقود على أنه " إذا كان المدين في حالة مطل كان للدائن
الحق في إجباره على تنفيذ الإلتزام ، مادام تنفيذه ممكنا ، فإن لم يكن ممكنا جاز
للدائن أن يفسخ العقد ، و له الحق في التعويض في الحالتين...لا يقع فسخ العقد بقوة
القانون،و إنما يجب أن تحكم به المحكمة" .
إلا أنه ورد في
الفصل 260 الموالي"إذا اتفق المتعاقدان على أن العقد يفسح عند عدم وفاء
أحدهما بالتزاماته وقع الفسخ بقوة القانون ، بمجرد عدم الوفاء "
.
و هذا يعني أن
فسخ العقد يكون في الأصل بحكم قضائي ، إلا أنه يمكن أن يتم بمقتضى الإتفاق ، أو
بقوة القانون كما هو منصوص عليه بالفصل 698 من قانون الالتزامات والعقود المغربي الذي ينص على
أنه "لا يفسخ الكراء بموت المكتري و لا بموت المكري ، إلا أنه :
أولا : الكراء
الذي يبرمه المستحق في ملك محبس ينفسخ بموته .
ثانيا : الكراء
الذي يبرمه من بيده الشيء بدون موجب ينفسخ بموته ".
و كلما كان تنفيذ
الالتزام ممكنا ، إلا و يملك القاضي سلطة تقديرية للحكم بقبول أو رفض الطلب ، حسب
ظروف ووقائع كل قضية ، و مدى الضرر الذي يصيب الدائن من جراء استمرار العقد مع
تنفيذ المدين للالتزام الملقى على عاتقه .
وهذا يعني - من
باب المخالفة - أنه إذا أبدى المكتري استعداده لتنفيذ التزامه قد لا يحكم عليه
بفسخ العقد .
كما هو الحال
بالنسبة لمن يبادر إلى دفع واجب الكراء ، بمجرد توصله بالإنذار أو صدور الحكم
القاضي بالأداء .
لكن " إذا استحق الشيء المكترى ثبت للمستحق
الخيار بين أن يحتفظ بالكراء القائم و بين أن يفسخه .
إلا أنه يجب عليه في الحالة الأخيرة مراعاة
المواعيد المقررة للتنبيه بالإخلاء إذا كان المكتري حسن النية .
ولا يكون للمكتري
الرجوع من أجل الكراء أو التعويضات المستحقة له إلا على المكري إذا كان لهذا
الرجوع محل "حسب ما ورد بالفصل 697 من قانون الالتزامات والعقود .
- فسخ عقد البيع
أ. بموجب الفقرة الأخيرة من الفصل 259 من قانون الالتزامات والعقود ، فان فسخ العقد لا يقع بقوة القانون ، و انما يجب أن تحكم به المحكمة ، كقاعدة عامة .
على أن المحكمة لا تحكم بالفسخ ( في حالة الفسخ القانوني أو الحكمي) الا اذا تأكد لها أن التنفيد العيني مستحيل ، عملا بمقتضيات ف 259 من قانون الالتزامات والعقود المغربي ، في فقرته الأولى التي نص على أنه " اذا كان المدين في حالة مطل ، كان للدائن الحق في تنفيذ الالتزام ، ما دام تنفيذه ممكنا ( أولا ) ، فإن لم يكن ممكنا ، جاز للدائن أن يطلب فسخ العقد (ثانيا)..."
ب . إلا أنه حسب ف
260 من قانون الالتزامات والعقود
" إذا اتفق المتعاقدان على أن العقد يفسخ عند
عدم وفاء أحدهما بالتزاماته ، وقع الفسخ بقوة القانون بمجرد عدم الوفاء " و
هذا الاستثناء أكد عليه المشرع في ف 581 من قانون الالتزامات والعقود عندما قرر انه :" إذا اشترط بمقتضى العقد أو العرف
المحلي أن البيع يفسخ إذا لم يؤد الثمن فإن العقد ينفسخ بقوة القانون ، بمجرد عدم أداء
الثمن في الأجل المتفق عليه" .
آثار العقد
إن انعقاد العقد
صحيحا مستوفيا لكل أركانه وشروطه، يجعل منه شريعة في مواجهة طرفيه ؛ حيث تنصرف
إليهما آثاره دون أن تتعداهما - كقاعدة عامة - إلى الغير، وهذا ما يعبر عنه بمبدأ
نسبية آثار العقد.
و يقصد
بمبدأ نسبية آثار العقد من جهة ، اقتصار آثار العقد على طرفيه وعدم
انصرافها إلى الغير إلا في حالات معينة وضمن حدود محددة ) نسبية آثار العقد
من حيث الأشخاص (،
ومن جهة ثانية عدم إمكانية إلزام الأطراف المتعاقدة إلا بما تضمنه العقد أو تفرضه
طبيعة المعاملة .
ولما
كان الأمر كذلك
فإن تناول موضوع نسبية آثار العقد له أهمية
بالغة ، تتجلى بالأساس في تحديد مدى نسبية آثار العقد سواء بالنسبة للأشخاص أو
الموضوع ؛ إذ ان المبدأ هو "العقد شريعة المتعاقدين "، فلا
يستطيع أحدهما بحسب الأصل أن ينقضه أو يعدل في أحكامه ، ما لم يسمح له العقد نفسه
بذلك أو يسمح له به القانون ، كما لا يملك أن يصرف آثاره إلى غيره.
لكن
تطور المعاملات ، وما يفرضه ذلك من ضرورة الحفاظ على استقرارها ، أفرز مظاهر جديدة
لتصرفات عقدية تعبر عن أنها خروج عن ما كرسه هذا المبدأ ) العقد شريعة
المتعاقدين ( من أحكام.
وأمام
كل هذا وذاك ، يحق لنا أن نتساءل عن : ما هي تجليات مبدأ نسبية آثار العقد من حيث
الأشخاص ؟
نسبية آثار العقد من حيث الأشخاص
إذا
انعقد العقد صحيحا ترتبت آثاره التي أرادها عاقديه ؛ أي أن هذه الآثار تنسحب إلى
العاقدين ، ولا تمتد إلى غيرهما ، وهذا ما يعبر عنه بنسبية آثار العقد من حيث
الأشخاص.
لكن
إذا كان المبدأ هو اقتصار آثار العقد على المتعاقدين ، فإنه ولاعتبارات ترجع إلى
العدالة واستقرار التعامل تنصرف كذلك إلى الغير.
المبحث الأول : آثار العقد بالنسبة إلى المتعاقدين
يقصد بالمتعاقدين تبعا للمفهوم الضيق من كان طرفا في العقد سواء بصفة شخصية أو بصفته نائبا كالوكيل أو الولي أو المقدم أو الوصي ، والذين يمثلون الموكل أو القاصر أو ناقص الأهلية.
وهؤلاء هم الذين يعتبرون طرفا ي العقد و ليس النائب الذي يمثلهم مادام أن النيابة تم باسم الأصيل ولحسابه. لذلك فإن الحديث عن آثار العقد بالنسبة إلى المتعاقدين لا يعني أن هذه الآثار تنصرف فقط إلى من كان طرفا في العقد وعبر عن إرادته ، وإنما كذلك من يمثله هذا الطرف في التعاقد.
فالعقد الذي يبرمه الشخص كما ينصرف آثره إليه ، ينصرف كذلك إلى خلفه العام ) المطلب الأول(، وقد ينصرف إلى خلفه الخاص ) المطلب الثاني (، كما قد يمتد إلى دائينه ( المطلب الثالث).
المطلب الأول : الخلف العام
يعرف الخلف العام بأنه كل من يخلف سلفه في كل ذمته أو في كسر حسابي محدد منها وطبقا للفصل 229 من قانون الالتزامات والعقود ، فإن المبدأ أو القاعدة هي انصراف آثر العقد إلى الخلف العام ، والاستثناء هو عدم انصرافه إليه في حالات محددة .
الفقرة الأولى : مبدأ انصراف آثر العقد إلى الخلف العام
إن القاعدة المقررة في القانون المغربي بناء على الفصل 229 من قانون الالتزامات والعقود ، هي أن آثر العقد ينسحب إلى المتعاقدين والخلف العام دون المساس بالقواعد المتعلقة بالميراث.
ومفاد ذلك أن الحقوق التي ينشئها العقد تنتقل إلى الوارث بعد موت الموروث المتعاقد ، أما الالتزامات فتقرر في شأنها الشريعة الإسلامية أنه " لا تركة إلا بعد سداد الدين " ؛ أي أن الالتزام يبقى في التركة ، ولا تنتقل هذه الأخيرة إلى ذمة الوارث حتى ينقضي هذا الالتزام وتكون التركة طاهرة من أي التزام. وقد كرس المشرع المغربي ذات الحكم في الفقرة الأولى من الفصل 229 من قانون الالتزامات والعقود ، ونص على أنه في حالة قبول الورثة لتركة مورثهم لا يلتزمون إلا في حدود أموال التركة وبنسبة مناب كل واحد منهم .
وعليه فإن آثر العقد ينصرف إلى الخلف العام ، بشكل يجعله في منزلة العاقد ، وذلك في حدود ما أصابه من الحقوق في التركة ، ويسري في حقه ما كان يسري في حق السلف بخصوص العقد.
الفقرة الثانية : الاستثناء عدم انصراف آثر العقد إلى الخلف العام
أشار الفصل 229 من قانون الالتزامات والعقود إلى حالات ثلاث ، تشكل في مجملها استثناءات من مبدأ سريان آثار العقد على الخلف العام ، نوجزها في النقاط التالية:
أولا : حالة إرادة المتعاقدين
طبقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين ، فإنه إذا تضمن العقد أن آثرا من آثاره لا ينتقل من السلف العاقد إلى خلفه فإنه لا ينتقل تبعا لذلك ، كلما صح الشر ط لعدم مخالفته للنظام العام أو الآداب. ومثال هذه الحالة أن يؤجر شخص لآخر منزلا لمدة معينة ، ويتفقان على إنهاء الإجارة بموت المستأجر إذا وقع قبل فوات هذه المدة.
ثانيا : حالة طبيعة العقد
إذا اقتضت طبيعة التعامل عدم انتقال آثاره إلى الخلف العام ، فإن هذه الآثار لا تنسحب إلى هذا الأخير سواء كان المانع من الانتقال قانونيا أو ماديا.
فلو حصل شخص على حق انتفاع بموجب عقد ، فإن هذا الحق لا ينتقل بعد موته إلى ورثته، اعتبارا لطبيعته القانونية التي تقتضي بأن ينقضي بموت صاحبه.
وأيضا كل عقد أبرم وكانت فيه شخصية المتعاقد محل اعتبار كعقد التطبيب مثلا ، فإن ما ينشأ عنه من آثار لا تنتقل إلى الورثة نظرا لطبيعة العقد المادية.
ثالثا: حالة نص القانون
قد يتضمن القانون نصا صريحا يقضي بعدم انتقال آثار العقد إلى الخلف ، وبالتالي يصبح المنع بقوة القانون ولا يكون للأطراف الاتفاق على مخالفته وإلا كان الاتفاق مخالفا للنظام العام.
ومن ذلك ما نص عليه الفصل 929 من قانون الالتزامات والعقود المغربي في فقرته الخامسة ، بأن الوكالة تنتهي بقوة القانون بموت الموكل أو الوكيل ، وبالتالي فإن آثار هذا العقد لا يمكن أن تنتقل إلى الخلف.
المطلب الثاني : الخلف الخاص في القانون المدني
يقصد بالخلف الخاص من يتلقى من سلفه حقا معينا كان قائما في ذمة هذا السلف ، سواء كان الحق عينيا أم شخصيا.
وسيرا على نهج المشرع الفرنسي فالمشرع المغربي لم ينظم العلاقة بين السلف والخلف الخاص بشكل صريح خلافا لجل التشريعات العربي وبحكم هذا الفراغ التشريعي يمكن بيان آثر العقد بالنسبة للخلف الخاص على ضوء المبادئ القانونية العامة ، وما اهتدت إليه التشريعات المقارنة.
وانطلاقا من تلك المصادر يمكن الوقوف عند مبدأين نبرز على ضوئهما ضوابط انتقال الحقوق والالتزامات من السلف إلى الخلف الخاص ، نوردهما كالآتي :
الفقرة الأولى : لا
يمكن للشخص أن ينقل لغيره أكثر مما يملك.
يقضي هذا المبدأ بانتقال الشيء أو الحق إلى الخلف
الخاص وفقا للحالة التي كان عليها في ذمة سلفه
، فالحقوق والالتزامات التي
يحصل فيها الاستخلاف الخاص يلزم أن تكون قد تقررت للسلف بمقتضى العقد. وجلي أن هذا المبدأ لا يعدو أن يكون إلا تكريسا لمبدأ آخر معروف هو : " فاقد الشيء لا يعطيه " ؛حيث لا يستطيع السلف أن ينقل لخلفه الخاص أكثر مما يملك من حقوق وما عليه من التزامات تتصل بالشيء محل الاستخلاف .
وعليه ، فانتقال الشيء محل الاستخلاف إلى الخلف الخاص يستتبع انتقال كافة الالتزامات والحقوق المتصلة به شريطة أن تكون من مستلزماته.
وتعتبر
الالتزامات أيضا من مستلزمات الشيء إذا كانت محددة له ومقيدة لاستعمالاته ،
وكمثال عن ذلك تلك الالتزامات التي تقيد من استعمال حق الملكية ؛
كالتزام بائع المنزل
، محل الاستخلاف بعدم استعماله
كمقهى أو متجر
، و التزام مالك الأرض بمراعاة
قيود معينة عند البناء في أرضه
، فعند بيع المنزل أو الأرض
ينتقل نفس الالتزام إلى المشتري.
وغني
عن التذكير أن هذا المبدأ المقرر سواء على مستوى الحقوق أو الالتزامات يعد تكريسا
للقاعدة الفقهية المعروفة ب: "الفرع يتبع الأصل
"؛ أي متى كانت الحقوق
والالتزامات من توابع الشيء المستخلف انتقلت معه إلى الخلف الخاص.
الفقرة الثانية : يجب أن يكون الخلف الخاص عالما بما أنشأه العقد الذي أبرمه سلفه.
في
هذا الإطار درج الفقهاء
على
التمييز بين الحقوق والالتزامات من حيث علم الخلف الخاص بها، فعلى مستوى الحقوق لا
يلزم أن يتوفر عند تلقي الخلف الخاص للشيء محل الاستخلاف علمه الحقيقي بها ،
وإنما يكتفي بمجرد العلم الافتراضي بها
، باعتبارها عناصر إيجابية من
شأنها الزيادة من ما تحتويه ذمته المالية من أصول.
وإذا
كان المطلوب بالنسبة للحقوق هو مجرد العلم الافتراضي
، فإن الالتزامات وبالعكس من
ذلك يجب العلم بها علميا يقينيا
؛ أي ليس فقط العلم بمعناه البسيط ،
باعتبارها قيودا من شأنها التأثير بالزيادة في خصوم ذمته
؛ إذ لما كانت هذه الالتزامات
قيودا على حق الخلف الخاص كان من السائغ اشتراط علم ذلك الخلف بوجود هذه القيود.
فمثلا المشتري
لعقار كان بائعه المالك قد التزم بعدم تحويله إلى فندق بمقتضى عقد سابق ،
لا يفترض تقييده بهذا الالتزام إلا إذا كان عالما به وقت شرائه له.
المطلب الثالث : الدائنين
إن
آثار العقد الذي يجريه الشخص تكون سارية في وجه دائنه
؛ إذ إن هذا العقد ينعكس على
هذا الأخير سلبا وإيجابا حسب ما إذا كان من شأنه الانتقاص أو الزيادة في الذمة
المالية للمدين .
هذا
وإذا كانت التشريعات المقارنة
، قد اعتبرت الدائن من الخلف
العام عملا بالقاعدة التقليدية التي تعتبر الدائن من الخلف ذي الصفة العامة
اعتبارا إلى أن له حق ارتهان أو ضمان عام على ذمة المدين بمجموعها ، فإن التقنين
المدني المغربي لم يضفي هذا الوصف على الدائن
، وإنما اكتفى في الفصل 1241 من
قانون
الالتزامات والعقود المغربي بتقرير حق
الضمان العام للدائن على أموال مدينه
، ثم التدخل بعدة وسائل
قانونية لحماية الدائن من التصرفات القانونية الضارة به والتي تصدر من المدين بقصد
الإضرار بدائنه
، وهي الحالة التي يمكن
اعتباره فيها من الغير. ومن هذه الوسائل نذكر دعوى الصورية ودعوى توقيع
الحجز التحفظي ثم حق الحبس. وهي الوسائل التي سنتناولها تباعا في الفقرات الموالية.
الفقرة الأولى : دعوى الصورية
نص المشرع المغربي على هذه المكنة القانونية في الفصل 22 من قانون الالتزامات والعقود
فدعوى الصورية تخول للدائن حق الطعن في العقد الذي أبرمه مدينه بشكل صوري للإضرار بدائنيه فقط بنقص الذمة المالية له.
فالدائن بواسطة هذه الدعوى يعمل على الكشف عن الحقيقة التي أراد المدين إخفاءها من أجل إعمالها في حقه دون التصوير الكاذب الذي ركن إليه .
و يسعى إلى إعادة الأموال التي خصمت من الذمة المالية للمدين كأثر للعقد الصوري الذي أبرمه لتظل داخلة في ضمانه العام.
الفقرة الثانية : دعوى توقيع الحجز التحفظي
نص القانون المغربي على هذه الدعوى في الفصل 138 من قانون الالتزامات والعقود المغربي ونظم إجراءاتها في الفرع الأول من الباب الرابع من القسم السادس من قانون المسطرة المدنية.
فمن خلال المقتضيات الواردة في هذه النصوص
القانونية يتضح أن للدائن إقامة دعوى الحجز التحفظي
، وذلك في سبيل منع المدين من
التصرف في الأموال المراد الحجز عليها ، حتى و لو كان دين الدائن مقرونا بأجل.
غير
أن إقامة هذه الدعوى يبقى رهين بضرورة وجود مبررات تجعل الدائن يخشى
إعسار المدين أو فراره.
الفقرة الثالثة : حق الحبس
يعرف الفصل 291 من قانون الالتزامات والعقود حق الحبس بأنه "حق الحبس هو حق حيازة الشيء المملوك للمدين وعدم التخلي عنه إلا بعد وفاء ما هو مستحق للدائن. ولا يمكن أن يباشر إلا في الأحوال الخاصة التي يقررها القانون".
فبالرجوع إلى هذا التعريف يمكن القول بأن للدائن حق حبس أموال المدين إذا كانت بحوزته إلى أن يتمكن من استيفاء دينه.
وبذلك يكون هذا الحق تطبيقا لما جاء في الفصل 235 من قانون الالتزامات و العقود الذي ينص على مبدأ الدفع بعدم التنفيذ المخول لكلا المتعاقدين في العقود الملزمة للجانبين في حالة عدم تنفيذ المتعاقد الأخر لالتزامه المقابل
المبحث الثاني :
آثار العقد بالنسبة إلى الغير
لما
كان الغير هو الأجنبي عن حالة التعاقد ،
فهو كل شخص خلاف المتعاقدين وخلفائهما ودائنيهما
،
فهو بالتالي لا يتأثر بالعقد ولا يحمله بأي
التزام.
فالعقد
المبرم إذن بين المتعاقدين كما لا يضر الغير ) المطلب الأول ( ،
فهو لا ينفعه ) المطلب الثاني( وذلك وفقا لقاعدة
نسبية آثار العقد.
المطلب الأول : العقد لا يضر الغير
إذا كان الغير طبقا لمبدأ نسبية آثار العقد لا يتأثر بما يبرمه غيره من العقود ، فإن هناك حالات استثنائية وإن كانت تشكل في عمقها مجرد تطبيق لمبدأ العقد لا يضر الغير ، تجعل الغير يتحمل بالتزامات في إطار عقد لم يشارك في إبرامه ، وأهم هذه الحالات:
· الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه
· التعهد عن الغير
الفقرة الأولى : الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه
كرس المشرع المغربي أحكام هذا الالتزام في الفصول من 36 إلى 38 من قانون الالتزامات و العقود ، ويقصد بالالتزام عن الغير شرط إقراره إياه ، أن يلتزم شخص باسم غيره ، شرط أن يقر هذا الغير هذا الالتزام .
وتتحقق هذه الصورة عندما يتصرف شخص عن آخر دون أن يكون وكيلا ، إما لأنه وكيل وتجاوز حدود وكالته ، وإما لأنه غير وكيل أصلا ولكن تربطه بمن يتصرف عنه صلة خاصة تجعله موقن بأنه سيقر تصرفه.
وتطبيقا لمبدأ سلطان الإرادة ، فإن الغير الذي أبرم الالتزام باسمه له الحرية المطلقة في أن يرفض هذا الالتزام أو أن يقبل به، لذلك نميز بين أحكام رفض الغير للالتزام الذي ابرم باسمه ، وأحكام إقراره:
أولا : حالة رفض الالتزام
إذا رفض الغير العقد المبرم باسمه ، فلا يمكن إلزامه به ولا ترتيب أية مسؤولية على الملتزم إزاء الطرف الآخر ؛ لأن الالتزام وقع في الأصل معلقا على شرط واقف هو أن يحظى التعاقد بإقرار الغير المتعاقد باسمه ، فضلا عن أن الملتزم لم يتعهد إزاء متعاقديه بالحصول على هذا الإقرار. وفي هذا يختلف هذا النوع عن ما يسمى بالتعهد عن الغير.
ثانيا : حالة إقرار الالتزام
يجب أن يكون الإقرار داخل أجل معقول ، وللملتزم أن يطلب من هذا الغير التصريح بموقفه والإفصاح عن نيته في ما إذا كان ينوي إقرار الاتفاق داخل أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ الإعلام بالعقد ، وإذا ما أجاز هذا الغير التصرف داخل هذا الأجل انقلب الملتزم عن الغير وكيلا ؛ إذ "الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة ، وينتج هذا الإقرار أثره في مابين المتعاقد الآخر والمقر) الغير(من وقت إبرام التصرف الذي وقع إقراره ؛ بمعنى أن للإقرار أثر رجعي في مابين المقر والمتعاقد الآخر دون الغير الذي لا يكون للإقرار أي أثر في مواجهته إلا من تاريخ حصوله طبقا للفصل 37 من قانون الالتزامات والعقود
وإذا كانت إذن لهذا الغير الحرية المطلقة في أن يقبل ما التزم به الملتزم باسمه أو يرفضه ، فإن ذلك يعضد ما أكدناه من أن هذا الالتزام ليس استثناءا من قاعدة " العقد لا يضر الغير " بقدر ما هو تطبيق لها ، مادام هذا الغير لا يلتزم إلا برضاه وعن حرية تامة.
الفقرة الثانية : التعهد عن الغير
يقصد بالتعهد عن الغير ذلك العقد الذي يتم بين شخصين بمقتضاه يلتزم أحدهما وهو " المتعهد " بان يجعل شخصا ثالثا يلتزم في مواجهة المتعاقد معه.
وإذا كان المشرع المغربي قد أقر صراحة الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه ، فإنه وبخلاف جل التشريعات المقارنة كالتشريع المصري الجديد في مادته 153 لم يقر صراحة "التعهد عن الغير " . لكن ورغم ذلك فإن الفقه القانوني قد أجمع على إمكانية الأخذ به طالما ليس فيه ما يخالف النظام العام من جهة ، ثم إن المبادئ القانونية العامة في التشريع المغربي لا تتعارض مع الأخذ بأحكام التشريعات التي كرست هذا النظام.
وفي ضوء كل ذلك ، فإن التعهد عن الغير يستلزم حتى يكون صحيحا توافر ثلاثة شروط:
أولا : أن يتعاقد المتعهد عن الغير باسمه لا باسم الغير الذي يتعهد عنه
ومن هنا فالمتعهد إذ يعمل لنفسه وينصرف إليه أثر العقد ، فإن مركزه القانوني يختلف عن مركز كل من الوكيل والفضولي ، كما يختلف عن الملتزم عن الغير الذي يتعاقد باسم الغير لا باسمه كما بينا سلفا ، وبالتالي فإن العلاقة بين المتعهد والمتعاقد الآخر هي علاقة تعاقدية يترتب على عدم وفاء المتعهد بالتزامه تحقق مسؤوليته العقدية.
ثانيا : أن تتجه نية المتعهد إلى إلزام نفسه بهذا التعهد لا إلزام الغير
حيث إنه إذا تعاقد باسمه مع إرادة إلزام غيره بتعاقده ، يجعل العقد باطلا لاستحالة المحل. لذلك فإن قبول الغير للتعهد هو الذي يولد عقد آخر جديد بين هذا الغير والمتعاقد الآخر ، ويكون هذا العقد هو مصدر التزام الغير وليس تعاقد المتعهد ، وفي هذا يظهر الاختلاف بين التعهد عن الغير والاشتراط لمصلحة الغير الذي تنصرف فيه نية المشترط إلى إكساب الغير حقا مباشرا من ذات العقد الذي أبرمه المشترط مع المتعهد وكذلك الأمر بالنسبة للالتزام عن الغير شرط إقراره إياه ؛ إذ إن إقرار الغير لهذا الالتزام لا يولد عقدا جديدا ، بل يبقى العقد الذي أبرم باسمه هو الذي ينتج آثاره.
ثالثا : أن يكون محل التزام المتعهد القيام بعمل هو حمل الغير على قبول هذا التعهد
إن التزام المتعهد هنا هو التزام بتحقيق نتيجة وليس فقط التزاما بوسيلة ؛ بحيث إذا رفض الغير إبرام هذا العقد تحمل المتعهد المسؤولية العقدية .
وإذا كان
الأمر كذلك فإنه في حالة ما إذا قبل الغير إبرام هذا العقد لكن تراخى عن تنفيذه
فلا مسؤولية على المتعهد مادام قد التزم فقط بضمان ابرام العقد لا بتنفيذه.
والغير
حسب ما سبق له أن يقبل تعهد المتعهد فيتحمل الالتزام الناتج عنه وتنصرف إليه أثره
بشكل فوري لا رجعي ، وله أن يرفضه ودون أن يتحمل بأية مسؤولية ويكون المتعهد في
هذا الفرض هو المسؤول عن إخلاله بالتزامه العقدي وتعويض المتعاقد معه أو تنفيذ ما
التزم به عن الغير بشكل شخصي.
ولما
كانت لهذا الغير الحرية في قبول التعهد أو رفضه مثل ما عليه الحال في الالتزام عن
الغير، فإن ذلك يجعل التعهد عن الغير مرة أخرى تطبيقا لمبدأ العقد لا يضر الغير
وليس استثناءا منه.
المطلب الثاني : العقد لا ينفع الغير
إذا كان المبدأ الأصيل في العقود هو عدم انتفاع الغير بها ، فإن اطلاقية هذا المبدأ لم تصمد طويلا بالحالة التي كان عليه في عهد القانون الروماني بسبب ظروف الحياة التي نعيشها والتي أدت إلى قبول استثناءات بالغة الأهمية في إطاره ، وتتركز هذه الاستثناءات بالأساس على نظام الاشتراط لمصلحة الغير
الفقرة الأولى : مبدأ العقد لا يكسب نفعا للغير
إن
الغير الأجنبي لا يتأثر بعقد يبرمه غيره و لا يسري بحقه أي أثر من ذلك العقد وقد
عبر المشرع المغربي في قانون الالتزامات والعقود عن هذا المبدأ في
المادة 228 التي نصت على أنه
:"الالتزامات لا تلزم إلا من كان
طرفا في العقد ، فهي لا تضر الغير ولا تنفعهم إلا في الحالات
المذكورة في القانون". وهنا نود
أن نشير إلى أن المشرع المغربي على غرار نظيره الفرنسي قد عمد إلى بحث
آثار العقد في معرض حديثه عن آثار الالتزامات بوجه عام ، معتبرا بذلك آثار
الالتزام هي نفسها آثار العقد مع أن هناك اختلاف كبير بين الموضوعين ،
إذ العقد يرمي بصورة أساسية إلى إنشاء الالتزامات
، أما الالتزامات فهي تهدف
بالأساس إلى إجبار المدين على تنفيذ ما التزم به.
ورجوعا
إلى نص المادة أعلاه يتبين أنها تتضمن البحث في قاعدتين مختلفتين ،
تعتمد الأولى على الجانب السلبي المتمثل في عدم سريان ما ينتج عن العقد من
التزامات تجاه الغير الذي لم يكن طرفا في العقد)...فهي لا تضر الغير...(. والثانية على
الجانب الايجابي
؛ حيث إنه إذا كان الأصل أن
العقد لا يضر الغير
، فالأصل أيضا أنه لا ينفعهم ،
وهذا الأصل الأخير هو الذي يقره المبدأ الذي نحن بصدد دراسته والذي يقول بعدم
انصراف الحقوق المتولدة عن عقد لم يكن الغير طرفا فيه إلى هذا الغير إلا استثناء
وبنص القانون ، كما هو الأمر بالنسبة للاشتراط لمصلحة الغير الذي يعد من
أبرز هذه الاستثناءات .
الاشتراط
لمصلحة الغير هو عقد ينشأ بموجبه لشخص أجنبي عن العقد
- ويسمى المنتفع -
حق مباشر تجاه أحد المتعاقدين - ويسمى المتعهد
- اشترطه عليه المتعاقد
الآخر -
ويسمى المشترط-ومن هذا التعريف
يتضح أن الاشتراط لمصلحة الغير يشكل استثناء من مبدأ العقد لا يكسب نفعا للغير ،
واستثناء لما قرره الفصل 33 من قانون الالتزامات و العقود
وقد
خصه المشرع المغربي بالفصلين 34 و 35 من قانون الالتزامات و العقود ؛ حيث أقر فيهما
جواز الاشتراط لمصلحة الغير وبين الآثار التي تترتب عليه سواء بالنسبة للمشترط أم
بالنسبة للمنتفع أم الغير.
وللقول
بتحقق الاشتراط لمصلحة الغير
، لابد من توافر ثلاثة شروط:
· أن يتعاقد المشترط باسمه لا باسم المنتفع وهذا ما يميزه عن الوكالة و الفضالة .
· أن تنصرف إرادة المتعاقد إلى إنشاء حق مباشر للمنتفع ، فمصدر هذا الحق هو العقد ذاته .
و
للاشتراط لمصلحة الغير صور عديدة
؛ إذ إن نطاقه واسع جدا في
الحياة العملية
، فهذه الصور نجد أثارها في
عقود الهبة بعوض
، وفي عقود التأمين ،وفي عقود
نقل البضائع وفي عقود المرافق العامة.... ؛ ففي عقد التأمين مثلا يؤمن المتعاقد
على حياته لمصلحته ومصلحة أولاده بعده إذا مات قبل مدة معينة ، أو يؤمن
لمصلحة أولاده فقط.
· علاقة المشترط أو المتعاقد بالمتعهد أو الملتزم في قانون الالتزامات والعقود: تحدد هذه العلاقة بمقتضى العقد الذي توافق عليه الطرفان ، وبقوته يمكن للمشترط أن يطالب المتعهد بتنفيذ التزامه.
· علاقة المشترط بالمنتفع في القانون المدني: قد تكون هذه العلاقة إما من قبيل التبرع وإما من قبيل المعاوضة ، وذلك تبعا لقصد المشترط من العقد ، وهو ما جاء به الفصل 34 من قانون الالتزامات والعقود الذي نص على أنه : " ومع ذلك يجوز الاشتراط لمصلحة الغير ، ولو لم يعين
إذا كان سببا لاتفاق أبرمه معاوضة المشترط نفسه أو سببا للتبرع لمنفعة الواعد
..." ،ذلك أنه سواء كانت طبيعة العلاقة بين المشترط والمنتفع علاقة تبرع
أم معاوضة ، فإن حق المنتفع في الاستفادة من الاشتراط متوقف على عدم رفضه له
· علاقة المنتفع بالمتعهد : تعد هذه العلاقة أهم ما في الاشتراط لمصلحة الغير ، لأنها هي التي تضفي عليه طابعه الخاص كاستثناء من قاعدة نسبية آثر العقد وعدم انصراف أثاره إلى غير المتعاقدين ؛ إذ ينشأ عن هذه العلاقة حق مباشر للمنتفع يكون مصدره عقد الاشتراط.
وهنا يظهر الخروج على قاعدة نسبية آثار العقد ، فالمنتفع وهو لم يكن طرفا في عقد الاشتراط ، بل من الممكن أن يكون غير موجود أصلا وقت الاشتراط - أي قد يكون وجود المنتفع شرطا مستقبليا - أو أن يكون شخصا غير معين بالذات وقت العقد ، و مع ذلك ينتفع من العقد.ومتى وقع الاشتراط لمصلحة الغير صحيحا ، فإن آثره تنصرف مباشرة إلى هذا الغير ) المنتفع( في مواجهة المتعهد ، ويكون في مركز الشخص الذي اشترط لمصلحته المتشرط وهو ما ذهب إليه المجلس الأعلى في إحدى قراراته قائلا : الاشتراط لمصلحة الغير ينتج أثره مباشرة لمصلحة هذا الغير ، وتكون له الصفة في أن يقاضي باسمه الملتزم بتنفيذ ما التزم به متى كان ذلك سببا لاتفاق أبرم معاوضة أو سببا لتبرع بمنفعة الواعد ".