جريمة النصب والاحتيال
|
جريمة النصب pdf |
جريمة النصب والاحتيال كالسرقة من الجرائم التي يتوصل بھا الفاعل إلى
الإستيلاء على أموال المجني
عليه، و الخلاف يكمن فقط في أن الجاني في السرقة يقوم
بالإستيلاء على الشيء أو المال بدون
رضى المجني عليه ، في حين أن النصاب ، يستولي على المال موضوع
الجريمة برضى المجني
عليه الذي يسلمه إليه.
و قد خص المشرع المغربي في القانون الجنائي جريمة النصب بكيان
تشريعي مستقل عن جرائم
الأموال الأخرى ، و خصوصا السرقة في الفصل 540 من القانون الجنائي الذي جاء فيه :
"يعد مرتكبا لجريمة النصب، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات
وغرامة من
خمسمائة إلى خمسة آلاف درھم، من استعمل الاحتيال ليوقع شخصا في
الغلط بتأكيدات خادعة أو
إخفاء وقائع صحيحة أو استغلال ماكر لخطأ وقع فيه غيره ويدفعه
بذلك إلى أعمال تمس مصالحه
أو مصالح الغير المالية بقصد الحصول على منفعة مالية له أو لشخص
آخر.
وترفع عقوبة الحبس إلى الضعف والحد الأقصى للغرامة إلى مائة ألف
درھم، إذا كان
مرتكب الجريمة أحد الأشخاص الذين استعانوا بالجمھور في إصدار
أسھم أو سندات أو اذونات أو
حصص أو أي أوراق مالية أخرى متعلقة بشركة أو بمؤسسة تجارية أو
صناعية."
و انطلاقا مما سبق وجب تقسيم دراستنا ھذه إلى محورين :
المحور الأول : أركان جريمة النصب
المحور الثاني : عقاب جريمة النصب
المحور الأول : أركان جريمة النصب
للنصب ركنان أولھما مادي و الثاني معنوي
أولا : الركن المادي
اعتمادا على الفصل 540 من القانون الجنائي، فإن عناصر الركن المادي لھذه
الجريمة ثلاث
أولا : نشاط إجرامي (إيجابي أو سلبي) يتمثل في
اتيان الجاني (الإحتيال) بالوسائل التي حددھا
الفصل 540 ق.ج .
ثانيا : نتيجة إجرامية تتمثل في جر الضحية إلى
القيام بعمل يضر بمصالحھا أو مصالح غيرھا من
طرف الجاني و بغرض جلب مصلحة مالية لھذا الأخير أو لأي كان .
ثالثا : علاقة سببية بين النشاط المتمثل في
الإحتيال و النتيجة الإجرامية .
-1 النشاط الإجرامي (
الإحتيال
لم يعرف المشرع مدلول الإحتيال المشكل للعنصر الأول في الركن
المادي للنصب ، و إنما قام
بحصر الوسائل التي يتحقق بھا في ثلاث :
أ – تأكيدات خادعة
و التأكيد الخادع لا يتحقق إلا إذا لجأ الجاني إلى الكذب ، أما
إن ھو ادعى واقعة صحيحة و تمكن
بذلك من الإستيلاء عليه من الضحية ، فإنه لا يعد و الحالة ھذه
مرتكبا لجريمة النصب.
و الكذب إذا كان ضروريا لقيام الركن المادي في النصب فإن
المقصود به ، ليس ذلك الدارج بين
الناس و المجرد ، لأن ھذا النوع لا ينخدع به الناس عادة بسبب
الإحتياط منه يشكل واجبا يلزم
الجميع ، و أقصى ما يمكن أن يشكله ھو التدليس المدني فلا يكون
الواقع تحت تأثيره محميا بقواعد
القانون الجنائي ، و لكنه بفھم ضمنيا من خلال العبارة التي
استعملھا في الفصل 540 ق.ج ( ...
بتأكيدات خادعة....) بحيث يمكن القول في ضوئھا أن الكذب في
القانون المغربي لا يعد حيلة
يتحقق بھا النصب ، إلا أذا دعمه الجاني بوقائع خارجية يكون من
شأنھا الإنطلاء على الضحية
التي تنتھي إلى تصديق مزاعم الجاني و تسلم له من أراج تسلمه من
أموال ، و ھذه الوقائع أو
المظاھر الخارجية كثرة في العمل منھا ، انتحال صفة من أجل
الإستيلاء على أموال الغير ، و
مثال ذلك أن يؤكد شخص بأنه دركي و يرتدي البذلة الرسمية التي
استولى عليھا من الغير ، و
يتفاوض مع عائلة أحد المتھمين المقبوض عليھم في جريمة من
الجرائم على تسھيل حصوله على
البراءة مقابل مبلغ من المال يدفعه للضحية حتى إذا تسلمه منھم
اختفى.
ب - إخفاء وقائع صحيحة
لا يعتبر مجرد كتمان الشخص لواقعة صحيحة مشكلا للإحتيال الذي ھو
بمثابة العنصر الأول في
النصب ، و إنما يجب أن يكون ھذا الكتمان منصبا على واقعة لھا
أھمية قصوى عند المجني عليه،
ونحو ذلك أن يقوم شخص ببسع بقعة أرض لآخر يزعم بناء عمارات ذات
طبقات متعددة عليھا ،
في حين أنھا أصبحت بمقتضى القوانين و القرارات المنظمة للبناء
مخصصة للمناطق الخضراء .
و يترتب على ذلك أن الكتمان إذا انصب على واقعة لا تحتل أھمية
قصوى عند المراد الإحتيال
عليه ، فإن الكتمان لا يشكل نصبا وذلك لأن الناس درجوا و بحكم
العادة على كتمان بعض الوقائع
على الآخرين دفعا للحرج.
وھكذا فإن غياب أي معيار بواسطته نستھدي به عما إذا كان الكتمان
بلغ إلى درجة من الأھمية
تدخله ضمن الطرق الإحتيالية في النصب أولا ، و الأمر متروك
للقاضي الذي عليه أن يتصرف
بحذر في إعمال المرونة التي صاغ بھا المشرع الأحكام العائدة
للنصب عموما ، آخذا بعين
الإعتبار وجوب حماية ضحايا الكتمان من جھة ، و الضرب على أيدي
منعدمي الضمير و
المروؤة من جھة أخرى.
ج - استغلال ماكر لخطأ وقع فيع الغير
إن الإستغلال ماكر لخطأ وقع فيع الغير يقتضي تحقق أمرين :
أولھما : وقوع المجني عليه في غلط يجعله يتوھم واقعة على خلاف
حقيقتھا ، و سواء أتى ھذا
الغلط تلقائيا، أو كان مدبرا من شخص آخر غير الجاني ، و يكون من
شأن ھذا الغلط أن يتكون
لدى المجني عليه استعداد أو تھيؤ للتخلي على المال للجاني.
ثانيھما : استغلال الجاني بكيفية ماكرة لھذا الغلط الذي وقع فيه
المجني عليه ، و المشرع المغربي
لم يتعرض لمفھوم المكر، و لكن يفھم من خلال صياغته للنص أن
الإستغلال ينبغي أن ينصب
على تحين فرصة وقوع الضحية في الغلط بدھاء و خبث ، بحيث لا يترك
الجاني المجني عليه
واقعا تحت تاثير غلطه و كفى ، و أنما يتجاوز ذلك و يتحايل عليه
بقصد تخليه عن المال إليه.
وھكذا حتى يمكن اعتبار الوسائل المستعملة في الإستيلاء على
أموال الغير ، مشكلة للطرق
الإحتيالية في النصب يجب أن تكون من الوقائع – إيجابية كانت أم
سلبية- التي يكن من شأنھا إيقاع
المجني عليه في الغلط و جره إلى القيام بأعمال تمس مصالحه أو
مصالح الغير المالية .
لكن اختلاف الناس في درجة الفطنة و اليقظة و الذكاء أثار مسألة
وضع معيار يستفاد به في تمييز
درجة جسامة الحيل التي يكون من شأنھا أن تكون مؤثرة في خداع
الضحية عن تلك التي لا تعتبر
كذلك ، و يكون من شأنه أن يطبق في كل الحالات.
عرف الفقه و القضاء عدة معايير :
المعيار الأول: معيار موضوعي مجرد ، و
بمقتضاه يؤخذ رجل متوسط الذكاء و الفطنة و اليقظة
كمقياسن، و تبعا لذلك فإن كان تسليط الحيلة عليه يؤدي إلى
انخداعه و إيقاعه في غلط يدفعه إلى
تسليم المال للجاني ، فإن الحيلة تكون مؤثرة في ھذه الحالة ، و
بالتالي يكون الركن المادي للنصب
قائما ، أما إن ھي لم تكن كذلك، فإننا لا نكون في مواجھة نصب
جنائي.
المعيار الثاني : معيار نسبي أو شخصي ،
بمقتضاه فإن الحيلة تكون معتبرة إذا ھي أثرت على
المجني عليه التي سلطت عليه بدون مراعاة لذكائه أو يقظته و
فطنته ، و القاضي حسب ھذا
المعيار عليه أن يتقصى الحيلة في نفسية من وجھت إليه فإن كانت
قد أدت إلى خداع الضحية فإننا
نكون بصدد جريمة النصب ، أما إن لم تكن كذلك فلا نواجه احتيالا
جنائيا.
المعيار الثالث و الأخير : ضرورة
الإعتداد بالقصد عند الجاني :التجأ الفقيه جارسون الى ھذا
المعيار تلافيا للنقص الحاصل في المعيارين السابقين ، و المتمثل
بالاعتداد بالقصد عند الجاني ،
فإن ھو التجأ إلى الحيلة و الخداع و قام بكل ما في استطاعته من
أجل خداع المجني عليه ، و
نجحت حيله و استولى على ما أراد الإستيلاء عليه كنا في مواجھة
جريمة نصب تامة ، أما إذا
اكتشف أمره وفشل في تحقيق مآربه بأن يصل - على الرغم مما بذله –
إلى الإستيلاء على المال
كان ذلك شروعا في النصب معاقبا عليه كبق القواعد العامة في
الشروع مادام عدم الوصول إلى
غرضه كان بسبب يقظة و ذكاء المراد التحايل عليه وھو أمر أجنبي
عنه.
و الحقيقة أن معيار الفقيه جارسون منطقي و أساسه سليم ، لأنه
قائم على ضرورة حماية الصالح
العام و ضرب النية الإجرامية عند الجاني بحيث يحرمه من
الإستفادة نھائيا لا من سذاجة المجني
عليه ولا من ذكائه، ذلك أنه إذا كان ساذجا و انطلت عليه الحيلة
و سلم أمواله عوقب عن الجريمة
التامة ، أما إذا كان ذكيا و لم تنطل عليه الحيلة عد الجاني
شارعا في النصب و عوقب بعقوبة ھذه
الأخيرة.
-2 نتيجة إجرامية
يتضح انطلاقا من الفصل 540 ق.ج ان النتيجة الإجرامية في جريمة
النصب تتمثل في دفع
الشخص تحت الوسائل الإحتيالية إلى القيام بأعمال تمس مصالحه أو
مصالح الغير المالية .
فالقانون الجنائي المغربي اكتفى لقيام الجريمة ضرورة أن تكون
الحيل التي لجأ إليھا الجاني قد
دفعت المجني عليه إلى ارتكاب أفعال تمس مصالحه أو مصالح غيره
المالية ، و ھذه ھي النتيجة
بغض النظر عما إذا كان الجاني قد تسلم المالبالفعل من طرف
المجني عليه أم لم يحصل ذلك.
و ھكذا تعتبر جريمة النصب تامة في المثالين التاليين :
-
إذا تحايل المدين أو المتواطئ معه على الدائن فقام
بتمزيق سند الدين بالرغم من أن المدين
لم تبرأ ذمته من الدين لإمكانية الحكم عليه بأدائه ولو مزق
السند الذي يتبثه.
-
إذا تحايل تاجر أو مقاول على آخر فدفعه بذلك إلى التخلف
عن المشاركة في مزايدة أو
مناقصة ليستأثر بھا ھو ، تتم جريمة النصب بمجرد انتھاء الأجل
المحدد للمشاركة ولو لم
تجر بعد المزايدة أو المناقصة.
ھكذا فالقول بأن الجريمة في ھذه الأمثلة تامة يتفق مع النص
القانوني الذي يشترط فقط قيام
المحتال عليه بالتصرف الضار بمصالحه ، أما بالنسبة للمحتال
فيكفي أن يكون لديه القصد إلى
الحصول على فائدة مالية له أو لغيره ، و ليس ضروريا لتمام
الجريمة أن يحقق فعلا ھذه الفائدة .
و من جھة ثانية استعمل الفصل 540 من القانون الجنائي، عبارة أعمال تمس مصالحه
أو مصالح الغير المالية
بقصد الحصول على منفعة مالية له أو لشخص آخر ، لذلك فالنصب غير
قاصر على تسليم مال
منقول إلى المحتال و إنما يتعلق بالإضافة إلى ذلك بحقوق عقارية
كما في حالة الإحتيال على
الضحية و دفعه إلى إعطاء حق ارتفاق أو منفعة على عقار .
-3 علاقة السببية
جريمة النصب من جرائم النتيجة ، فلا يكفي وجود وسائل احتيال و
قيام من تعرض لھا بأعمال
تمس مصالحه المالية و أنما يتعين أن تتحقق علاقة السببية بينھما
، بأن تكون وسائل الإحتيال ھي
التي دفعت الضحية بالقيام بالعمل الذي أضر بمصالحه المالية
.
و علاقة السببية يرجع تقدير وجودھا أو انتفائھا لقاضي الموضوع ،
و الذي عليه في تقديرھا
مراعاة أمرين إثنين :
الأول : أن يكون المساس بالمصالح المالية للمجني
عليه أو للغير قد أتى لاحقا لتسليط
الجاني للحيل على المجني عليه ( صاحب المال المسلم) و يترتب على
ذلك أن الضحية إذا
سلم المال إلى الجاني عن طواعيى و بدون احتيال ، و بعد ذلك لجأ
المتسلم – الجاني – إلى
خداع الضحية و الفرار بالمال فلا تكون علاقة السببية متوافرة
بين النتيجة الإجرامية و
الوسائل الإحتيالية ، و بالتالي فلا تتحقق جريمة النصب.
-
الثاني : ينبغي أن تكون الوسائل الإحتيالية التي التجأ
إليھا الجاني ، ھي التي دفعت – بكيفية
رئيسية – بالمجني عليه إلى الإضرار بمصالحه المالية أو مصالح
الغير ، أما إن كان عالما
بالوسائل الإحتيالية التي سلطت عليه و مدركا لھا ، و مع ذلك سلم
المال للجاني فإن علاقة
السببية بين نشاط ھذا الأخير و النتيجة تسقط ، فلا نكون و
الحالة ھذه في مواجھة حالة
النصب ، و نفس الأمر ينطبق فيما لو كانت الوسائل الاحتيالية
المتبعة من طرف الجاني لم
تبلغ درجة تدفع بالمجني عليه لغرتكاب أفعال تمس مصالحه المالية.
و في ختام الركن المادي للنصب ، وجب التساؤل عما إذا كان الضرر
يعتبر شرطا لقيام الركن
المادي لھذه الجريمة ، و في ھذا الصدد يمكم القول بأن بعض الفقه
، يرى بأن الضرر عنصر في
الركن المادي للنصب، بحيث إذا انعدم فلا محل للجريمة ، و لا
للعقاب ، و مثال لھذه الحالة بأخذ
المجني عليه مقابلا ممن استولى على المال مساويا لما وقع
الإستيلاء عليه.
ثانيا : الركن المعنوي
مادامت جريمة النصب من الجرائم العمدية ، فإنھا لا تقوم إلا إذا
توافر لدى الجاني القصد الجنائي
و ھذا القصد يتوافر إذا كان الفاعل :
أولا :عالما بأنه يستعمل وسائل إحتيالية من شأنھا
تغليط المجني عليه و دفعه إلى المساس
بمصالحه أو بمصالح غيره المالية ، و يترتب على ذلك أنه إذا
استعمل الشخص الوسائل السابقة
عن حسن نية كأن يكون ھو نفسه معتقدا صحتھا ، إما تلقائيا ، و
إما نتيجة لتغليطه من طرف
الغير، فإن القصد الجنائي لديه يكون منتفيا.
ثانيا : مريدا تحقيق منفعة مالية له أو لغيره من
استعماله للوسائل الإحتيالية ( وھذا ما يسميه
البعض بالقصد الجنائي الخاص في النصب ) ، و يترتب على ھذا
العنصر الثاني في القصد
الجنائي أن اتجاه نية الفاعل المستعم للحيل إلى تحقيق مصلحة غير
مالية ، تنتفي معه جريمة
النصب ، حتى ولو أدت إلى الإضرار أو المساس بمصالح الضحية
المالية ، و مثال ذلك دفع
تاجر لمنافسه في التجارة إلى الدخول في صفقة خاسرة بغرض القضاء
عليه تجاريا و الوصول
إلى إعلان إفلاسه انتقاما منه و تشفيا فيه لا غير و يبقى أن نشير في الأخير إلى أن ثبوت القصد
الجنائي – وھو
إثبات لأمر نفسي – يرجع تقديره للمحكمة التي تتقصى من خلال الوقائع الثابثة لديھا
توافر ھذا
القصد من عدمه و بالتالي قيام لجريمة أو انتفائھا و تستعين على ذلك بالقرائن ، و على
الخصوص
بواقعة تسليم المال للجاني ، الذي يشكل قرينة قوية على نية الإستئثار به من طرفه
ما لم يثبت
أنه لم يكن يقصد تملكه وإضافته إلى أملاكه ، كأن يحتج مثلا بأنه كان ينوي استعمال الشيء
و إرجاعه رغم استعمالهللوسائل الإحتيالية من أجل تسلمه ، أو أنه كان يمازح فقط صاحبه
أو بأنه كان
يعتقد بأنه يملكه ...إلخ .
المحور الثاني :عقوبة جريمة النصب
عاقب المشرع على النصب بحبس من سنة إلى خمس سنوات و غرامة من
خمسمائة إلى خمس
آلاف درھم ( الفصل 540 ق.ج فقرة أولى ) ، وھذه ھي العقوبة
الأصلية ، و إلى جانب ھذه
الأخيرة نجد المشرع أجاز في الفصل 546 ق.ج للمحكمة الحكم على
الجاني بعقوبة إضافية تتمثل
في الحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليھا في الفصل 40
وبالمنع من الإقامة من
خمس سنوات إلى عشر.
كما رفع المشرع العقوبة إلى الضعف لتصبح من سنتين إلى عشر سنوات
، و الحد الأقصى
للغرامة إلى ألف درھم ، إذا كان إذا كان مرتكب الجريمة أحد
الأشخاص الذين استعانوا بالجمھور
في إصدار أسھم أو سندات أو اذنوات أو حصص أو أي أوراق مالية
أخرى متعلقة بشركة أو
بمؤسسة تجارية أو صناعية ( الفصل 540 فقرة ثانية).
أما المحاولة في النصب ، و التي تتحقق بأي عمل لا لبس فيه يقوم
به الفاعل و يھدف من ورائه
مباشرة إلى ارتكاب الجريمة فإن المشرع قد عاقب عليھا بجريمة
العقوبة التامة ( الفصل 546
ق.ج /فقرته الأخيرة ).
و بمقتضى الفصل 541 ق.ج فإن أسباب الإعفاء من العقاب و قيود
المتابعة الجنائية المطبقة في
السرقة و الواردة في في الفصول 534 و 536 ق.ج ، و العائدة لشخص
الجاني فتسري أسضا
بالنسبة لمرتكبي جريمة النصب.
ھكذا يتحقق الإعفاء من العقاب في حالة ما إذا كان المال
المستولى عليه مملوكا لزوج الجاني أو
لأحد فروعه بحيث يجب على القضاء بعد ثبوت نسبة الجريمة إلى من
يتوافر على الصفة السابقة ،
الحكم بإعفائه من العقاب و إلزامه فقط بالتعويضات المدنية في
مواجھة المجني عليھم وفق أحكام
الفصل 534 ق.ج.
أما بالنسبة لقيود المتابعة الجنائية تتحقق في حالة ما إذا كان
المال المستولى عليه عائدا لأحد
أصول الفاعل أو أحد اقربائه أو أصھاره إلى الدرجة الرابعة ، حيث
لا يجوز متابعته دون أن يتقدم
الكضرور بشكوى إلى النيابة العامة كما أن سحبه لھا يؤدي إلى
إنھاء المتابعة ( الفصل 535
ق.ج).
و يلاحظ أن المشرع المغربي استثنى صراحة من تطبيق ھته الأسباب و
القيود الجناة الخاضعين
للتشديد الوارد عليه في الفقرة الثانية من الفصل 540 من القانون الجنائي، وھم
النصابون الذين يستعينون
بالجمھور في إصدار أسھم و سندات ... إلخ ، مھما كانت صفاتھم
بحيث لا يعفون من العقاب أو
يستفيدون من قيود المتابعة ابدا.
تلك كانت القواعد الخاصة بعقاب جريمة النصب في صورتھا التامة أو
الناقصة و أسباب الإعفاء
من العقاب، و إن كانت كل الأحكام المقررة لذلك مبررة ، إلا أن
التشديد الذي قرره المشرع في
الفقرة الأخيرة من الفصل 540 من القانون الجنائي، لا يحقق الحماية الواجبة
للمحتال عليھم ، و الأمر واضح
لأنه حتى مع التشديد بقيت جريمة النصب جنحة تأديبية بسبب بقاء
عقوبتھا عقوبة جنحية مع ما
يترتب على ذلك من إمكانية التخفيف على الجاني إلى أقصى الحدود ،
وھذا ما نجد المشرع
المغربي قد خالفه عند تقريره لظروف التشديدفي السرقة التي
تنقلھا دوما من جنحة إلى جناية ، فلا
نعتقد أن ھناك ما يبرر الحكم بعقوبة جنائية على شخص يسرق ليلا و
باستعمال التسلق أو الكسر
خاتما ذھبية أو أي منقول حتى ولو ارتفعت قيمته ، و بعقوبة جنحية
على نصاب استولى على
الملايين من الدراھم - تشكل عرق جبين مجموعة من السدج – يحولھا
إلى سندات لحامله تنتد
فوائد ليستأثر بھا بعد قضائه لعقوبة الحبس.