القائمة الرئيسية

الصفحات

ملخص النشاط الاداري PDF

القانون الاداري : النشاط الاداري pdf

القانون الاداري pdf, النشاط الاداري pdf
 النشاط الاداري pdf


يهتم النشاط الاداري بنشاط الادارة في مختلف مظاهره، وينظم الإمكانيات القانونية والمادية والبشرية التي تتوفر عليها الادارة قصد تحقيق المهام المنوط بها، وتبعا لذلك فالنشاط الاداري يهتم أساسا باختصاصات الإدارة وامتيازاتها التي تنحصر في مهمة الشرطة الادارية والمرافق العمومية قصد إشباع الحاجات العامة للأفراد والسهر على تحقيق رغباتهم.

الفصل الأول :
الضبط الاداري أو الشرطة الادارية

الضبط الإداري هو عملية إصدار الإدارة لمجموعة من الأوامر والتعليمات للمواطنين ترشدهم إلى وجوب القيام بعمل ما، أو الامتناع عنه، ويكون المغزى من هذه الأوامر والتعليمات الحفاظ على أمن المجتمع وحمايته من أي مخالفات قد تلحق الضرر بالنظام العام، ويعد الضبط الإداري أسلوبا وقائيا لتفادي الخلافات والتجاوزات قبل وقوعها، كما يمنع اندلاع الفوضى، ويركز على عدة مجالات منها الأمنية والصحية والآداب العامة في المجتمع.
شاهد ايضا :
ملخص التنظيم الاداري PDF
ملخص قانون الأسرة PDF

ملخص قانون الميزانية PDF 







لمن يريد التحميل ما عليه الا الضغط على رابط التحميل في اعلى هذه الجملة ولمن يود القراءة دون تحميل فالملخص بالكامل امام حضراتكم.

من الوجهة القانونية الضبط الاداري هو كل تدبير ينصرف إلى تحقيق غايات المجتمع الاساسية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والضبط الاداري مفهوم متصل بالنظام العام وهو مجموع الأوامر والنواهي والتوجيهات التي تعمل من خلالها السلطة العامة على تنظيم الحريات العامة، وقرارات الضبط الاداري تتخذ غالبا شكل قرارات تنظيمية تهدف إلى تقييد الحرية الفردية أو الجماعية في إطار احترام المقتضيات الدستورية والتشريعية، والقوانين الصادرة في هذا الشأن تسمى قوانين أو قواعد الضبط الدستوري أو التشريعي مصدرها الدستور أو التشريع بينما قرارات الضبط الاداري مصدرها الإدارة العامة.
وضروري أن هناك فرقا بين الضبط الاداري الذي يصدر قبلا لحماية المجتمع وبين الضبط القضائي الذي لا يتدخل إلى بعد وقوع الجريمة أو خرق القانون، أما من الناحية الوظيفية فرجال الضبط القضائي يخضعون للسلطة القضائية بينما يخضع رجال الضبط الاداري للشرطة الادارية، ومهما يكن الأمر فالمواطنون ملزمون باحترام جميع أشكال الضبط الاداري.

الضبط الإداري غالبا ما يقف عائقا في وجه الحريات العامة، ويقيد حريات وحقوق المواطنين، لذلك فإن حدود ممارسة الضبط الإداري هي إما ظروف عادية تسود في حالات السلم ومع ذلك تضيق على الأفراد حرياتهم، وتطبق قواعد الضبط الإداري لمنع المساس بحقوق الأفراد وحرياتهم واستقرار المجتمع ، ثم ظروف غير عادية، أو ما يسمى بحالات الطوارئ ، فترفع السلطة التنفيذية مستويات الضبط الإداري إلى مستوى عال بتقييد الحريات العامة، وتتبع السلطة كل الأساليب التي تمنحها القدرة على السيطرة على المجتمع وتسييره في الطريق السليم ، طبعا من وجهة نظرها ، وفق ما يخوله لها الدستور.


المبحث الأول :

مفهوم الضبط الإداري

الشرطة الإدارية لها معنيان : معنى عضوي ومعنى مادي .

المعنى العضوي  للشرطة الإدارية :

هم الموظفون والأعوان الذين يعهد إليهم بمقتضى النصوص التشريعية والتنظيمية بممارسة وظيفة الشرطة الإدارية .

المعنى المادي للشرطة الإدارية :

النشاط القانوني الذي تباشره الدولة أو الإدارة العمومية عن طريق قواعد وإجراءات تنظم أو تقيد نشاطا ما بهدف حماية النظام العام والأمن العام . الشرطة الإدارية تقوم بتنفيذ القوانين التي يصدرها البرلمان في مجال ما ، طبعا لمقتضيات الدستور ، وهي تعمل على تحقيق توافق بين مفهومين متعارضين : الحرية والسلطة ، لذلك فهي احترام الحرية دون إلغاء السلطة ، لأن الشرطة الادارية تقوم بوظائف اساسية أهمها المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاثة الأمن والصحة والسكينة ، بواسطة إصدار القرارات التنظيمية وفي حالات أخرى استخدام القوة العمومية لكي تتيح لمختلف مكونات المجتمع ممارسة نشاطهم دون المساس بحقوق وحريات الآخرين. فمصطلح الشرطة مشتق من الكلمة اليونانية polis التي تعني المدينة أو الدولة ، وتعني كلمة police بالفرنسية إدارة المدينة.
وهذا الربط ليس وليد الصدفة، وإنما يعبر عن العلاقة الموجودة بين المدينة أي المجتمع وبين الإدارة والتي تفيد التنظيم القانوني ، حيث تقتضي تلك العلاقة خضوع الفرد للنظام العام.
فحسب الأستاذ MOREAU يمكن التمييز بين ثلاثة معاني للشرطة الادارية ، فهي تفيد في معناها الواسع فكرة التنظيم القانوني والتي ترادف القانون الذي ينظم نشاطا معينا ، أما بمفهومها الضيق فهي تشير إلى معنى المرفق العام بمفهومه العضوي وهكذا نقول قوات الضبط أو البوليس وذلك للإشارة إلى ذلك الجهاز الذي يقوم بالوظيفة، واخيرا فكلمة الشرطة مضافة إلى النعت الإداري هي صورة من صور النشاط الإداري. أما تعبير الضبط فيوحي بفكرة مغايرة وهي التنظيم reglementation ، وتستعمل دائما مصحوبة بكلمة " الإداري " للإشارة إلى البوليس ، وإذا استعملت الكلمة بصفة معزولة فقد تعني " نظام أو لائحة ، " أما عندما يستعمل التعبير المركب " الضبط الإداري " فإنما قد يعني " نظاما إداريا أو تنظيما إداريا " ، وهذا هو الأسلوب الذي دفع معظم الكتاب العرب إلى استخدام هذا تعبير الضبط الاداري للإشارة الى مفهومها المادي واستخدام كلمة " الشرطة " للإشارة إلى المعنى العضوي للشرطة الإدارية، أما كلمة بوليس فماهي إلا نقل حرفي للمصطلح الفرنسي .
وقد عرف المجتمع الإسلامي نظام الشرطة الإدارية منذ قيام الدولة فيه، حيث اتخذت أشكالا مختلفة من قبيل نظام الحسبة والشرطة والعسس ، ونظام الحسبة هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد تولى الرسول صلى الله عليه وسلم الحسبة بنفسه، واتبعها من بعده الخلفاء، ثم صارت نظاما من أنظمة الحكم التيجرى عليها الولاة والحكام، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم سعد بن سعيد على سوق مكة لمراقبتها، كما استعمله عمر بن الخطاب رضي الله عنه على سوق المدينة.
أما الشرطة فهي وظيفة هامة في الدولة الإسلامية، تساعد القضاة في تنفيذ الأحكام الشرعية وإقامة الحدود، وكان يطلق على صاحب الشرطة : صاحب الليل، وصاحب المدينة، لأنه يقوم بحفظ النظام، ويساعد الوالي على استتباب الأمن في المدينة، ويقبض على الجناة وأصحاب الفساد لتقديمهم إلى القضاء، وكانت توكل إلى كبار القواد ، أما نظام العسس فهو نظام أمني في الدولة الإسلامية، مهمته الطواف بالليل، لتتبع اللصوص، وطلب أهل الفساد ، وأول من سن نظام العسس الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكان يعس بالمدينة أي يحرس الناس، وينفض الليل عن أهل الريبة ويكشفهم ، ويروي ابن سعيد المغربي أنه كان للأندلس دروب تغلق ليلا، وتحرس بواسطة رجال الشرطة المسمون (بالدرابين) وكان طل شرطي منهم معه سلاح وكلب وسراج . وبالرغم من أن الشرطة الإدارية كانت تمارس في المغرب منذ القدم، إلا أن تنظيمها وفق الطريقة العصرية لم يعرف إلا مع بداية نظام الحماية الفرنسية ، حيث صدرت سنة 1912 مع دخول الجيوش الفرنسية مجموعة من القوانين تهم الضبط الإداري العام و الخاص.
يقول الأستاذ عبد القادر باينة بأن القانون الإداري يتبع المواطن من لحظة ميلاده إلى حين وفاته، و الشرطة الإدارية هي من يتكفل بهذا الحضور الدائم ، لذلك تعرف الشرطة الإدارية بأنها مجموع نشاطات الإدارة التي تكمن في اتخاذ مختلف الإجراءات التنظيمية والفردية من أجل الحفاظ على النظام العام بمدلولاته الثلاثة: الأمن العام، الطمأنينة والصحة العامة.
أما الفقيه de laubadere فيعرف الشرطة الإدارية بأنها " مظهر من مظاهر عمل الإدارة يتمثل في تنظيم حريات الأفراد حماية للنظام العام " ، أما الدكتور مصطفى الخطابي فقد عرف الشرطة الادارية بأنها "مجموع التدخلات الرامية إلى وضع حدود لحرية الأفراد، وفرض النظام الذي تتطلبه الحياة الاجتماعية" ، بينما عرفه آخرون الضبط الإداري بأنه " مجموع ما تفرضه السلطة العامة من أوامر و نواهي وتوجيهات ملزمة للأفراد بغرض تنظيم حرياتهم العامة، أو بمناسبة ممارستهم لنشاط معين، بهدف صيانة النظام العام في المجتمع".
من خلال هاته التعريفات يمكن القول أن الضبط الإداري أو الشرطة الإدارية هو نشاط ومظهر من مظاهر عمل الإدارة، تهدف من خلاله هذه الأخيرة الحفاظ على النظام العام بعناصره الثلاثة، الأمن العام، الطمأنينة والصحة العامة ، مع فرض بعض القيود على حريات الأفراد وتنظيمها للحيلولة دون الإخلال بالنظام العام.

الفرق بين الضبط الإداري و الضبط القضائي و الضبط التشريعي

حيث أن الضبط التشريعي يلجأ إليه المشرع في أغلب الأوقات حينما يصدر قوانين تحد من حريات الأفراد وحقوقهم حماية للنظام العام، وتسمى التشريعات الصادرة بهذا الخصوص بالضبط التشريعي تمييزا له عن الضبط الإداري الذي يصدر من جانب الإدارة في شكل قرارات تنظيمية أو فردية يترتب عليها تقييد حريات الأفراد، أما الضبط القضائي فتتجلى مهمته في الكشف عن الجرائم ومرتكبيها وتقديمهم للمحاكمة، وتنفيذ العقوبات في حقهم ، فدوره علاجي يكون بعد وقوعه الجريمة ، في حين أن الضبط الإداري دوره وقائي قبل وقوع الجريمة.
نشير هنا إلى أن رجال السلطة من ولاة وعمال وباشوات وقياد يعدون من سلطات الضبط الإداري عندما يحافظون على النظام العام، كما يعدون في نفس الوقت من ضباط الشرطة القضائية وفقا لما تم التنصيص عليه في الفصل 28 من قانون المسطرة الجنائية ، حيث تمنح للعامل و الوالي إمكانية القيام بمهام الشرطة القضائية في أحوال استثنائية وفق شروط ، خصوصا الجرائم التي تمس أمن الدولة الداخلي أو الخارجي.
نلاحظ أيضا أن أعمال الضبط الإداري تخضع لرقابة الإدارة ، أما أعمال الضبط القضائي فتخضع لإشراف المجلس الأعلى للسلطة القضائية كما يخضع رجال الشرطة القضائية لأوامر النيابة العامة ، كما أن الضبط الإداري يصدر في شكل قرارات تنظيمية أو فردية تخضع لرقابة القضاء الإداري ، بينما الضبط القضائي يصدر في شكل قرارات قضائية تخضع لسلطات القضاء العادي ولا تخضع لرقابة القاضي الإداري.

أهداف الضبط الإداري في النظام العام :

تهدف الشرطة الادارية إلى تحقيق حماية المجتمع من المساس بالنظام العام ومنع انتهاكه والإخلال به ، و يقوم النظام العام على ثلاثة عناصر هي :

الأمن العام :

و المقصود به هو العمل على استتباب الأمن و النظام في المدن و القرى و الأحياء و التجمعات السكنية المختلفة بما يحقق الاطمئنان لدى المواطن على أنفسهم و أعراضهم و أموالهم من كل خطر أو اعتداء قد يكونون عرضة له سواء بفعل الإنسان، مثل الإعتداءات المسلحة لعصابات الإجرام المختلفة، أو عدم إحترام قواعد المرور، أو بفعل الطبيعة كالزلزال و الفيضانات و غيرها، و من أهم مظاهر الحفاظ على الأمن العام، منع التجمعات و المظاهرات و منع وقوع الجرائم و توقيف الأشخاص الذين يشكلون خطرا على الأمن و تنظیم المرور و إزالة العوائق من الطريق العام.

الصحة العامة :

و يراد بها اتخاذ السلطة العمومية الإجراءات اللازمة لوقاية المجتمع من أخطر الأمراض المعدية و الأوبئة الفتاكة أيا كان مصدرها حيواني إنساني أو طبيعي، و يتضمن ذلك تنقية المياه الشروب من الجراثيم و مراقبة مدى سلامة أنابيب نقل المياه و تنظيم المجاري العامة لصرف المياه بعيدا عن التجمعات السكنية، كما يتضمن هذا العنصر مراقبة مخازن المواد الإستهلاكية والمطاعم و المقاهي و قتل الحيوانات المريضة.

السكينة العامة :

و يقصد بها الهدوء العام و منع مظاهر الإزعاج و المضايقات التي تتجاوز الحد المعقول من الضجيج في المجتمع ، إذ من حق الأفراد التمتع ببعض الهدوء في الطريق العام و الأماكن العمومية و ألا يكونوا عرضة للضجيج و الضوضاء و القلق، بحيث تتدخل السلطات العمومية للقضاء على مصادر هذا الإزعاج خصوصا في الليل، سواء باستخدام مكبرات الأصوات أو بالشجار أو برفع أصوات المحركات أو غيرها.

الفرق بين الشرطة الادارية والمرفق العام :

التمييز بين الشرطة الادارية والمرفق العام قائم على أن الأول يقيد من حريات الأفراد والثاني يقدم لهم خدمات ، لذلك وصف الفقه الشرطة الإدارية على أنها نشاط سلبي والمرفق على أنه نشاط ايجابي ، فالشرطة الإدارية تترتب عليها المساس بحرية الفرد أو الأفراد، خلافا للمرفق إذ يقف الفرد موقف المنتفع من خدماته مجانا أو برسوم محددة قانونا يلزم بدفعها .
وتختلف الجهة التي تتولى مباشرة إجراءات الشرطة الادارية عن الجهة التي تتولى ضمان توفير الخدمة للمنتفعين، ففي الحالة الأولى نجد الجهة دائما سلطة عامة ممثلة في الملك أو وزير معين أو والي أو رئيس مجلس بلدي، فهذه الهيئات هي من يعود لها الحق في أن تضرب على الحريات العامة قيدا أو قيودا الاعتبارات تمليها المصلحة العامة ، بالكيفية التي حددها القانون ، لكن الأمر غير كذلك بالنسبة للمرفق العام ، حيث أن تدبير المرفق قد يعهد به إلى شركة أو إلى فرد من أشخاص القانون الخاص في إطار عقود التدبير المفوض ، وتقوم العلاقة مباشرة بين الشركة أو الفرد من جهة والمنتفع من جهة أخرى.
نستنتج أن طبيعة إجراءات الضبط من الخطورة بحيث لا يمكن إسنادها إلى أشخاص القانون الخاص ، خلافا للمرفق العام الذي يمكن نقل نشاطه وإسناده إلى فرد أو شركة تتولى القيام به.

الفرق بين الشرطة الادارية والشرطة القضائية :

يقصد بالشرطة القضائية ، كل الإجراءات التي تتخذها السلطة القضائية للتحري عن الجرائم بعد وقوعها ، والبحث عن مرتكبها تمهيدا للقبض عليه، وجمع الأدلة اللازمة للتحقيق معه ومحاكمته وإنزال العقوبة به.
ومن ثم فان الشرطة القضائية تتفق مع الشرطة الادارية في انهما يستهدفان المحافظة على النظام العام ، إلا أنهما يختلفان من حيث السلطة المختصة بإجرائه والغرض منه وطبيعته ، فمن جهة تتولى السلطة التنفيذية وظيفة الشرطة الادارية ، بينما تتولى السلطة القضائية ممثلة بالقضاة وأعضاء النيابة العامة وممثليها وظيفة الشرطة القضائية.
ومن حيث الغرض فان مهمة الشرطة الادارية وقائية تسبق الإخلال بالنظام العام وتمنع وقوع الاضطراب فيه، في حين أن مهمة الشرطة القضائية علاجية ولاحقة لوقوع الإخلال بالنظام العام وتهدف إلى ضبط الجرائم بعد وقوعها والبحث عن مرتكبيها وجمع الأدلة اللازمة لإجراء التحقيق والمحاكمة وإنزال العقوبة.
وأخيرا تتميز الشرطة الادارية في طبيعة إجراءاتها التي تصدر في شكل قرارات تنظيمية أو فردية تخضع لرقابة القضاء الإداري إلغاء وتعويضة ، أما الشرطة القضائية فإنها تصدر في شكل قرارات قضائية لا تخضع لرقابة القضاء الإداري وخضوعها لسلطات القضاء العادي محل نظر.

المبحث الثاني :

انواع الضبط الاداري

تنقسم الشرطة الادارية حسب الاختصاص الى نوعين : الشرطة الادارية العامة والشرطة الادارية الخاصة.

المطلب الأول :

الشرطة الادارية العامة

وتعرف أيضا بالضبط الاداري العام أي المحافظة على النظام العام وحماية جميع أفراد المجتمع من خطر انتهاكاته والإخلال به ، وتبعا لذلك فان الشرطة الادارية تدخل في إطار الوظائف التقليدية للدولة، وهو تدخل عام لا يمكن تحديده ، وانطلاقا مما سبق نستنتج أن الشرطة الادارية تحمل طابع العمومية والتجريد في الحياة الاجتماعية، كما أنها تتميز بكونها الجهاز الذي يتحرك في نطاق واسع من اجل الحفاظ على النظام العام إلى حد لايمكن تحديد اختصاصاته بوضوح، ولهذا فان الصلاحيات التي تتوفر عليها في هذا المجال هي صلاحيات عامة غير محددة سواء على مستوى الأهداف او النشاطات.
مثال ذلك الضبط الإداري على الصعيد الوطني الذي يمارسه الوزير الأول والوزراء ومحليا في الجهة أو الإقليم ويمارسه العامل أو الباشا أو رئيس الجماعة الحضرية.
المطلب الثاني :

الشرطة الادارية الخاصة

يقصد بالشرطة الادارية الخاصة حماية النظام العام في ناحية معينة من نشاط الأفراد ، ويعهد بها إلى سلطة إدارية خاصة بقصد تحديد أهداف محدودة تندرج ضمن أهداف الشرطة الادارية العامة ، كما هو الشأن في تنظيم قطاع من القطاعات أو مجال من المجالات وتنظيم العمل مثلا في بعض المجالات العامة المختصة بالصحة العمومية، وكذا الشرطة الادارية الخاص بالمحافظة على الطرق العمومية، ومراقبة السير ، والشرطة الادارية الخاصة بمراقبة الأسعار لحماية المستهلكين. وبالتالي فالشرطة الادارية الخاصة تتميز عن الشرطة الادارية العامة بكونها تتدخل بمقتضى نصوص قانونية خاصة ، يسمح المشرع من خلالها لجهة معينة بممارسة حق الاختصاص في نطاق محدد، قطاع السكك الحديدية مثلا .
ويتميز الضبط الاداري الخاص عن الضبط الاداري العام
1. وجود نص يحدد موضوع الضبط الاداري الخاص بدقة ووضوح .
2. الوسائل المستعملة من قبل الشرطة الادارية الخاصة محددة على سبيل الحصر والدقة والصرامة .
3. العقوبات المطبقة في حالة الضبط الاداري الخاص منصوص عليها على سبيل الحصر ولا يمكن إخضاعها لتفسيرات موسعة ، فرئيس الجماعة لا يمكنه وقف نشاط مرخص من الجهات المختصة .
المبحث الثالث :

وسائل الضبط الاداري

تمارس مختلف سلطات الشرطة الإدارية المهام المعهودة إليها حسب وسائل يطلق عليها تدابير الشرطة الادارية ، وتتخذ هذه التدابير إما عن طريق القرارات التنظيمية أي إصدار قواعد عامة لحماية النظام العام، أو عن طريق القرارات الفردية بإصدار تدبير بالترخيص أو المنع ، كما أن ممارسة الشرطة الإدارية تهم في غالب الأحيان نشاط الأفراد وحرياتهم لذلك فهي تخضع لمبدأ الشرعية وكذا للرقابة القضائية.

المطلب الاول :

 الوسائل القانونية للضبط الاداري

هي مختلف النصوص التشريعية والتنظيمية الصادرة بشأن تنظيم میدان معين من ميادين الشرطة الإدارية ، تستند إليها السلطة الادارية انفراديا أو نزولا عند طلب المعني بالأمر ويجسدها واقعيا القرارات التنظيمية والقرارات الفردية.
نتحدث هنا عن القرارات التي تتخذها الإدارة أو السلطة المكلفة بإجراءات الشرطة الإدارية، والقرار الإداري هو عمل تباشرها الإدارة بشكل انفرادي لإحداث أثر قانوني أو مركز قانوني معين أو تغييره أو إلغائه لما لها من سلطة عامة.
وعليه يجب أن يصدر هذا القرار عن الإدارة، أي لا يجب أن يصدر عن السلطة التشريعية أو القضائية على سبيل المثال، كما يجب أن يكون إفصاح عن إرادة منفردة وملزمة، ويتخذ القرار مضمونا قاعديا، لينتج آثار قانونية إما بالإنشاء أو بالتعديل أو الإلغاء، وتنقسم القرارات الإدارية إلى قرارات تنظيمية وقرارات فردية :

1.     القرارات التنظيمية أو لوائح الضبط الاداري :

يصطلح عليها المراسيم التنظيمية، وهي تلك التي تصدر للحفاظ على النظام العام بمدلولاته الثلاثة، وتتخذها السلطة التنظيمية المتجلية في رئيس الحكومة و الوزراء بتوقيعهم بالعطف على هذه المراسيم، وتسمى أيضا بالقرارات الضبطية التي تتخذها الإدارة، من ناحية ثانية يطلق عليها اللوائح الضبطية في المشرق، والقرارات التنظيمية من الناحية القانونية هي أقل درجة من القانون، أما الشرطة الإدارية المحلية فتتخذ هي الأخرى جملة من القرارات التنظيمية ، مثال ذلك تطبيق القوانين، وتطبيق الأنظمة المتعلقة بالتجزئة والتعمير، وضمان السكينة العمومية.
المراسيم التنظيمية هي أهم وسيلة تستند إليها الشرطة الادارية في ممارسة مهام الضبط الاداري ، ولوائح الضبط الاداري هي قواعد عامة وموضوعية مجردة وغير شخصية ، الهدف منها تقييد بعض أوجه النشاط الفردي حماية للنظام العام ، وحتى تكتسب صبغتها الالزامية يجب نشرها في الجريدة الرسمية ، لكن عدم النشر لا يعيب القرار الاداري أو مشروعيته ، مثال ذلك لوائح تنظيم المرور والسير هي لوائح ضبط إداري ويتقيد الأفراد بها وفق الطرق التالية :
الحظر : وهو منع إجراء معين أو تدبير معين مانعة بذلك نشاطا مؤقتا أو نهائيا.
الإذن : وهو ضرورة الحصول على إذن من السلطات المختصة من أجل القيام بنشاط معين.
الإخطار : وهو عندما يكون النشاط غير ممنوع لكن يجب إخطار السلطة العامة من أجل اتخاذ التدابير اللازمة حفاظا على النظام العام ، مثلا حق التظاهر يضمنه الدستور لكن يجب إخطار السلطات بمكان الكلمة الجماهيرية وخط سير التظاهرة من أجل اتخاذ التدابير اللازمة.

2- القرارات الفردية أو أوامر الضبط الإداري :

وهي القرارات الصادرة بتطبيقها على فرد بذاته أو على مجموعة من الأفراد محددين بأسمائهم في القرار، مثال ذلك القرار الصادر بتعيين فرد ما في وظيفة عمومية معينة أو كالأمر بالاستيلاء على ملكية خاصة من أجل المنفعة العامة ، وقد تتضمن هذه القرارات الفردية أمرا بعمل شيء كالأمر الصادر بهدم منزل أيل للسقوط، وقد تصدر بالامتناع عن عمل شيء معين كالأمر بمنع مسيرة ما أو عقد اجتماع عام ، أوامر الضبط الاداري هذه تعتبر من أهم اختصاصات الشرطة الإدارية التي تتم بواسطة تدابير فردية تتجلى في الإذن أو الأمر أو المنع، وتسمى بالتدابير الفردية .
ويختلف القرار التنظيمي عن القرار الفردي من حيث وقت سريانه في حق الأفراد، فالأول يسري على الأفراد من تاريخ نشره، أما الثاني فيسري في حق الأفراد منذ تاريخ إعلامهم به.
المطلب الثاني :

الوسائل المادية للشرطة الإدارية

تلجأ إليها الإدارة ضمانا لتنفيذ قراراتها وإدخالها حيز التنفيذ، فقد يمتنع الأفراد عن تنفيذ قراراتها فتلجأ الى وسائل مادية لمنع الإخلال بالنظام العام، وإجبار هؤلاء الأفراد على احترام أحكام القانون، وذلك بالاستعانة بالقوات المساعدة و قوات الشرطة و القوات المسلحة الملكية و الدرك الملكي مع احترام الحدود القانونية، وهذا ما يصطلح عليه بالتنفيذ المباشر أو التنفيذ الجبري ، وفي هذا الإطار نص الفصل 29 من ظهير 15 نونبر 1958 المتعلق بالتجمعات العمومية على تخويل سلطات الشرطة الإدارية الحق في تفريق التجمعات المسلحة أو غير المسلحة باستعمال القوة، إلا أنه في أحيان كثيرة قد لا نجد نصوصا صريحة لهذا التدخل، وبالرغم من ذلك تلجأ سلطات الشرطة الإدارية إلى التنفيذ الجبري نظرا للضرورة أو وجود ظروف استعجالية ، للحيلولة دون الإخلال بالنظام العام كهدم منزل أيل للسقوط الفوري و غيرها من الأمثلة
إلا أن هذا التنفيذ مقيد بشروط :
1. أن يرخص القانون إمكانية التنفيذ التلقائي للقرارات الصادرة عن الإدارة تنفيذا جبريا دونما اللجوء إلى القضاء نظرا لحالة الاستعجال، أما إذا لم يكن هناك نص قانوني يجيز التنفيذ فلا يحق لها أن تلجأ إليه.
2. أن يكون هناك رفض وامتناع حقيقي عن التنفيذ على اعتبار أن القانون يجيز التنفيذ الجبري في هذه الحالة.
3. اثبات امتناع الأفراد عن التنفيذ واعطائهم المدة الكافية والمعقولة للتنفيذ وهو يعني ابلاغ المعنيين بالأمر بمدة معقولة وترك التصرف الاختياري لهم.
4. ألا توجد وسيلة أخرى يمكن من خلالها تنفيذ القرار الصادر عن الادارة دونما اللجوء للتنفيذ الجبري.
5. حالة الضرورة القصوى، أي حالة وجود خطر حقيقي يتطلب التدخل الفوري للإدارة للحيلولة دون الإخلال بالنظام العام ، مع حالة الضرورة والاستعجال وفق متطلبات المصلحة العامة.
إذن عندما يرفض المخاطبون بالقوانين التنظيمية الانضباط لها ، تملك الشرطة الادارية وسائل مادية تمكنها من ضبط النظام العام التنفيذ الجبري واستعمال القوة العمومية.

التنفيذ الجبري

الأصل هو إمتثال الأفراد لقرارات الإدارة و خضوعهم لها ، إلا أنه و في حالات معينة و إستثنائية، هيئات الضبط الإداري مخول لها اللجوء إلى التنفيد المباشر و إستخدام القوة المادية لمنع أي إخلال أو محاولة الإخلال بالنظام العام دون اشتراط حصولها على إذن مسبق من القضاء، نتحدث هنا عن سلطات استثنائية تملكها الإدارة للقيام بنفسها بتنفيذ القرارات التي تصدرها جبريا ، وهو ما يجعل الإدارة تملك امتيازا استثنائيا تصبح معه في مركز تفوق على المواطنين ، يمكنها من فرض الامتثال لقراراتها دون اللجوء للقضاء ، لكن ما تقوم به يكون تحت مسؤوليتها ويكون خاضعا لرقابة القضاء الاداري الذي لا يتدخل إلا بعد دعوى المعنيين بالأمر حيث يقع على عاتقهم الاثبات ، تبعا لمبدأ البينة على من ادعى.

اللجوء الى القوة العمومية

سلطة التنفيذ المباشر تسمح للإدارة باستعمال القوة لتنفيذ و تطبيق قراراتها وخاصة عند امتناع الأفراد عن الانصياع و الخضوع لها كما أن القوة لا تستخدم إلا في حالة الضرورة والاستعجال .

المبحث الرابع :

هيئات الضبط الاداري

هناك هيئات تمارس على الصعيد الوطني واخرى على المستوى المحلي.

المطلب الأول :

سلطات الشرطة الادارية وطنيا - الهيئات الوطنية

سلطات الضبط الإداري على المستوى المركزي معهود بها للملك ، و الوزير الأول (رئيس الحكومة) ، و الوزراء بالاستناد على الفصل 62 من الدستور .

أ - الملك

- وفق مقتضيات و أحكام دساتير 1972 1992  غير معترف له باختصاصات في هذا الصدد . - السلطة التنظيمية يمارسها الوزير الأول (رئيس الحكومة) .
- بالرجوع الى الفصل 19 من الدستور 1996 يمكن الجزم بأن الملك سلطة ضبط إداري على وجه الدوام و الاستمرار.
- بالرجوع لمقتضيات الفصول 41 - 42 من الدستور 2011 عملت على اعادة تحديد اختصاصات و مهام المؤسسة الملكية في اتجاه تقوية موقع رئيس الحكومة بهذا الخصوص .
- مقتضيات الفصل 90 من الدستور: أن رئيس الحكومة هو الذي يمارس السلطة التنظيمية.
أما في حالة الاستثناء فالملك بصفته الممارس الفعلي لجميع السلطات و تأسيسا على السلطة التنظيمية التي ينفرد بمزاولتها تصبح له سلطة الضبط الاداري الفصل 35 من الدستور 1996 و الفصل 59 من الدستور .

ب - رئيس الحكومة

يوكل لرئيس الحكومة بموجب الفصل 90 من الدستور حق ممارسة السلطة التنظيمية، وعليه فرئيس الحكومة يمارس الشرطة الإدارية العامة أو الخاصة.
ويصدر خلال مباشرته للسلطة التنظيمية قرارات تنظيمية ترتبط بمختلف مجالات الشرطة الإدارية العامة بمدلولاتها الثلاث ، الأمن العام والصحة العامة و السكينة العامة ، كما يمارس الشرطة الإدارية الخاصة كشرطة مراقبة الأسعار فحسب المادة 36 من ظهير 1 . 00 . 225 الصادر بتاريخ 5 يونيو 2000 بتنفيذ قانون 96-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة فإنه يجوز لرئيس الحكومة بتوصية من مجلس المنافسة أن يصدر قرارا معللا یأمر فيه المعنيين بالأمر أن يجعلوا حدا للممارسات المنافية لقواعد المنافسة داخل اجل معين أو يفوض فيه عليهم شروط خاصة و يمارس أيضا  شرطة السير والجولان وفقا للقانون.

ج - الوزراء

يمارس الوزراء الشرطة الإدارية بشكل غير مباشر من خلال توقيعهم بالعطف على القرارات التنظيمية الصادرة من طرف رئيس الحكومة.
فمثلا وزير الفلاحة وحسب الفصل الأول من مرسوم 2 . 77 . 657 بتاريخ 29 شتنبر 1977 المتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة الفلاحة يمارس الشرطة الإدارية الوطنية في مجموع التراب الوطني فيما يتعلق بشرطة المحافظة على الملك الغابوي وشرطة الوقاية الصحية.
أما وزير الداخلية يمارس الشرطة الإدارية بشكل غير مباشر عن طريق توجيهات والأوامر التي يوجهها إلى مرؤوسيه التابعين لوزارته.
المطلب الثاني :
سلطات الشرطة الإدارية على مستوى المحلي - الهيئات المحلية

أ- الولاة و العمال
يمارس الولاة و العمال الشرطة الإدارية العامة من خلال تمثيلهم أولا للسلطة التنفيذية بالأقاليم و العمالات، وثانيا من خلال إسنادهم مهمة الحفاظ على النظام العام، كما يمارسون الشرطة الإدارية الخاصة من خلال مجموعة من النصوص الخاصة و المقننة، ففي مجال التعمير مثلا يمارس العمال شرطة التعمير : المادة 71 من ظهير 17 يونيو 1992 الصادر بتنفيذ قانون 90-012 المتعلق بالتعمير التي منحت سلطة الأمر بهدم جميع أو بعض البناء المخالف للضوابط المقررة في القوانين ، وطبقا للفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات فإنها منحت للعمال سلطة تسليم الإذن بإحداث تجزئات عقارية إذا كان العقار يوجد في جماعتين أو عدة جماعات وذلك بتفويض من وزير الداخلية وبعد استطلاع رأي رؤساء المجالس المحلية المعنية، كما يمارسون شرطة الصيد وحمل السلاح الظاهر من خلال منحهم للرخص في هذا المجال .
كما يمارسون شرطة المهن الحرة وغيرها من الشرطة الخاصة.

ب - الباشاوات والقواد

كان الباشوات والقواد هم الذين يمارسون الشرطة الإدارية المحلية إلى حدود سنة 1976 حيث اصدر ظهیر تنظيم الجماعات المحلية، وبموجب المادة 44 يتم توزيع اختصاصات الشرطة الإدارية بين السلطة المحلية ورئيس المجلس الجماعي إن السلطات المخولة للباشوات و القواد في ميدان الشرطة الإدارية الجماعية وكذا المهام المسندة إليهم بموجب النصوص التشريعية و التنظيمية المعمول بها تنقل إلى رؤساء المجالس الجماعية إلا أن هذه المادة لم تكن واضحة إلى حد ما في توزيع الاختصاصات مما أدى إلى تداخلها ثم إلى تنازعها في العديد من الأحيان .
ولتجاوز هذا التنازع في الاختصاص جاء الميثاق الجماعي لسنة 2002 دقیقا شيئا ما من خلال المادة 49 منه في تحديد اختصاصات الشرطة الإدارية للسلطة المحلية وجل هذه الاختصاصات تدخل في مجال الشرطة الإدارية الخاصة كشرطة المهن الحرة وشرطة مراقبة نشاط الباعة المتجولين شرطة مراقبة الأثمان.

ج - رؤساء المجالس الجماعية و مجالس المقاطعات

وبالرجوع إلى المادة 50 من الميثاق الجماعي لسنة 2002 فقد تم تحديد اختصاصات المنوطة برئيس المجلس الجماعي حيث " يمارس رئيس المجلس الجماعي اختصاصات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية، والنظافة ، والسكينة العمومية، وسلامة المرور، وذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية وبواسطة تدابير شرطة فردية هي : الإذن أو الأمر أو المنع .
أما رئيس مجلس المقاطعة فبموجب المادة 104 من الميثاق الجماعي لسنة 2002 يمارس اختصاصات الشرطة الإدارية في مجال التعمير وفي ميادين الصحة و النظافة.
مما سبق فإن كل من رئيس المجلس الجماعي ورئيس مجلس المقاطعة يمارسون الشرطة الإدارية المحلية - الجماعية الخاصة، في حين تمارس السلطة المحلية الشرطة الإدارية العامة ومنها الخاصة .
إن الجهات التي لها سلطة اتخاذ إجراءات الشرطة الإدارية على الصعيد الوطني تتجلى في الوزير الأول و الوزراء بشكل غير مباشر في حين على الصعيد المحلى نجد كل من السلطة المحلية ورؤساء المجالس الجماعية ورؤساء مجالس المقاطعات هي السلطات الموكول لها حق ممارسة الشرطة الإدارية، ويلاحظ أن رئيس مجلس العمالة أو الإقليم ورئيس مجلس الجهة لا يمارسون أي نوع من أنواع الشرطة الإدارية سواء العامة أو الخاصة ذلك مراده هيمنة سلطات العامل أو الوالي بمقارنة مع سلطات سواء رئيس مجلس العمالة أو رئيس مجلس الجهة.
تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن في أي حال من الأحوال تفويض صلاحيات الشرطة الإدارية إلى الخواص، هذا ما أكدته المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها رقم 2001 بتاريخ 22 دجنبر 2008 والذي جاء فيه : لكن حيث أن تدبير مرفق عام عن طريق عقود امتیاز كما هو الحال في نازلة الحال كان بناءا على تفويض صلاحيات الشرطة الإدارية، هاته الصلاحية التي لا يمكن تفويضها لأنها تدخل في إطار النظام العام كما تم تأكيده أيضا في حكم رقم 745 الصادر بتاريخ 16 أبريل 2009 . وترتيبا لذلك صدر عن المحكمة الإدارية بالرباط حكم تحت رقم 2616 في الملف رقم 09 . 12 . 236 بتاريخ 21 دجنبر 2009 حيث خرج هذا الحكم بقاعدة واضحة وهو أن صلاحيات الشرطة الإدارية يقوم بها | رؤساء المجالس الجماعية طبقا للفصل 44 من الظهير المتعلق بالتنظيم الجماعي، وأنه لا يمكن تفويضها الأشخاص القانون الخاص.
من ناحية ثانية يمكن المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن ممارسة صلاحيات الشرطة الإدارية من قبل أشخاص القانون الخاص.
المبحث الخامس :

الرقابة القضائية على قرارات الشرطة الإدارية

قرارات الشرطة الإدارية ليست مطلقة بل مقيدة من ثلاث زوايا : تحديد المدى الذي يمكن للإدارة أن تمس الحريات العامة – في حالة الاستثناء تحترم الشروط الخاصة بالظروف الطارئة -.
قرارات الشرطة الادارية تخضع لمراقبة القضاء كباقي القرارات الادارية الأخرى أي أنها خاضعة لمراقبة المشروعية بمعنى أن السلطة الادارية في جميع مظاهر نشاطها تخضع لقواعد القانون ، فأية مخالفة تؤدي إلى جعل تصرفاتها باطلة وغير مشروعة وهو ما ينتج عنه إلغاء تلك القرارات بالإضافة الى حق المضرور في مطالبة الدولة بالتعويض عن الضرر.
بل و كذلك تخضع قرارات الشرطة الإدارية لرقابة الملائمة بمعنى أن رقابة قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض قد تتعدى المشروعية لتنصب على الملائمة فلا يمكن أن تمس الحقوق والحريات في دولة الحق والقانون.
نشير فقط أن سلطات الضبط الاداري قد تزيد في حالة الاستثناء مثل الخطر الخارجي.
كما يجوز للأفراد أن يطعنوا في قرارات الشرطة الإدارية ، وأن يطلبوا التعويض على الأضرار اللاحقة بهم من جراء استعمال سلطات الشرطة الإدارية، ويتعين على القاضي التحقق من کون قواعد الاختصاص والشكليات قد تم احترامها بشكل مضبوط من لدن سلطة الشرطة ، كما للقاضي التحقق من الهدف الحقيقي في استعمال سلطة الشرطة والتأكد من أنه غير مشوب بالانحراف في استعمال السلطة، هكذا يبطل القاضي الاداري كل قرار إداري مخالف للقانون انحرف عن الهدف المسطر وهو الحفاظ على النظام العام والصحة العامة والسكينة العامة .
الفصل الثاني  :

المرافق العامة

قواعد القانون الاداري مرتبطة بوجود المرفق العام فهو الوسط الذي تنشط فيه ، والمرفق العام في التصور الحديث يختلف القديم عندما كانت الدولة آمرة فهو اليوم أي المرفق العام يقدم خدمات للمواطن ويسيره مدراء ليس بصفتهم الأمرة ولكن بصفتهم مديري ومدبري هذه المرافق ، ويعتبر مفهوم المرفق العام والمصلحة العامة معيارين أساسيين أسست عليهما النظرية العامة للقانون الإداري الحديث ، وعمل الادارة غير متصورة خارج المرفق العام ، والمشرع لا يعترف للإدارة بامتيازاتها إلا حدود المصلحة العامة ولا يتحقق ذلك إلا في إطار المرفق العام ، وعليه يعتبر خوصصة بعض المرافق العامة ضربة في الصميم النظرية العامة للقانون الإداري وتنكر للأسس التي ظهرت وفقها المرافق العامة وتجاهل لدور الدولة في مجالات حيوية ، كذلك وجود المرفق العام خدمة للمواطن وتفهم لحاجياته وخدمة للمصلحة العامة.

المبحث الأول :

 مفهوم المرفق العام

تعددت مفاهيم المرفق العام بين مادي و عضوي

المفهوم العضوي للمرفق العام :

يعني الهيئات العامة التي تمارس نشاطا ذو منفعة عامة أو الجهاز العام المكلف بتسيير نشاط قصد تحقيق مصلحة عامة ، مدارس کلیات مستشفيات .

المفهوم المادي للمرفق العام :

هو نشاط و مضمون العمل الذي يمارسه المرفق العام بهدف تحقيق مصلحة عامة تحت مراقبة الإدارة سواء كانت مراقبة مباشرة أو غير مباشرة.
و هناك جانب من الفقه عمل الجمع بين المفهومين ، وفق هذا المفهوم فأن المرافق العمومية هي مؤسسات تعمل بانتظام و باضطراد تحت اشراف و مراقبة الدولة بهدف أداء خدمة عامة للمواطنين مع خضوعها لنظام قانوني معين ومصطلح مؤسسة يفيد المعنيين .
ولم تبدأ الإشكالية إلا بعد تدخل اشخاص خاصة لتنظيم مرافق عامة .
وعليه أصبح المرفق العام غير محدد و غير دقيق باضمحلال التجانس الذي كان قائما بين المعنيين العضوي والمادي ، إذ كان كل ما له علاقة بالدولة يحمل صبغة المرفق العام .
وأهمية التمييز بين المفهومين العضوي والمادي هو عندما تمارس هيئة خاصة نشاطا مرفقيا ، ثم يطرح موضوع تحديد القوانين الواجب الخضوع لها هل هي قواعد القانون العام أو الخاص ، فالمرافق عضويا تخضع عادة هيئة ونشاطا لأحكام القانون العام ، أما المرافق المادية فالنشاط قد يخضع للقانون الخاص خلال تعامله مع بعض الحيثيات ، أما المشرفون فيخضعون للقانون الخاص ، وقد ينطبق القانون العام والخاص في حالة شركات الاقتصاد المختلط.
حاصل القول أن المرفق العام هو كل نشاط يعمل بانتظام بهدف تحقيق المنفعة العامة ، وقد يدار بواسطة الدولة مباشرة فتستخدم أموالها الخاصة وموظفيها وامتيازات السلطة العامة على اعتبار أن الأفراد غير قادرين على مزاولة هذا النشاط لأنه لا يحقق الأرباح وكثير النفقات، وقد يدار بواسطة الخواص فيطلق عليه اصطلاحا موفق عام لكن يبقى تحت إشراف الدولة ومراقبتها ويبقى خاضعا للقانون العام ويخضع المبادئ القانون الإداري وأحكامه وتنفرد الدولة بسلطة تقديرية في أولوياته وطرق إنشاءه وتنظيم مرافقه .
والمتأمل في العناصر التي شيدت حولها النظرية العامة للمرافق العامة يستخلص عدة ملاحظات :
- إشباع الحاجيات العامة لا يقتصر على الدولة بل يمكن أن يقوم بها هيئات خاصة تقوم مقام الدولة وتتمتع بنفس الشخصية المعنوية وتكون في وضعية مشابهة للمؤسسة العامة.
- ليس بالضرورة أن تدار بنفس طريقة السلطة العامة بل يمكن أن تتبع أسلوب القانون الخواص بعيدا عن أساليب السلطة العامة التي ربما تعوقها عن سيرها العادي وانتشار أمراض كالرشوة والبطء والروتين والزبونية و البيروقراطية ...
- لا يحق للموظفين الاضراب لأنه يخل بعمل المرفق وبالتالي يعتبر فسخا للعقد ويبرر طردهم دون المطالبة بأي ضمانات.
- الدولة ملزمة بتحقيق المساواة بين المواطنين في الانتفاع بالمرفق العام.
- المصلحة العامة للمرفق العام يعني غياب هدف الربح لكنه لا يعني عدم دفع بعض الرسوم التي تغطي بعض الخسائر وترفع بعض الضغط الجزئي على ميزانية المرفق.
- من حق الدولة التدخل في أي لحظة لتغيير قواعد سير أي مرفق عام مراعاة للمصلحة العامة أو إلغائه إذا أصبح يشكل عبئا على الاقتصاد الوطني.
نستخلص بعض الملاحظات حول النظرية العامة للمرافق العامة :
المرفق العام هو نشاط منظم يكون تحت إشراف سلطة عامة لإشباع الحاجيات العامة قصد تحقيق المصلحة العامة.
- نشاط منظم : هو نشاط يهدف إلى تحقيق هدف معين بوسائل قانونية ومادية يتم فيها اللجوء إلى امتيازات السلطة العامة.
- هيئة عامة أو سلطة عامة : المرفق العام نشاط يمارس من طرف الدولة أو من قبل أشخاص تابعين لها أو أشخاص آخرين تحت رقابتها .
- إشباع حاجيات عامة : الحاجيات ذات أهمية بالغة لذلك يجب على السلطات العامة تأمينها . - تحقيق المصلحة العامة : الغرض الأساسي الذي من أجله وجد المرفق العام .
المبحث الثاني :

 انشاء ،  تنظیم و الغاء المرفق العام

يعود الاختصاص في إنشاء المرافق العامة (أولا) إلى الجهات التي يحددها الدستور أو القانون الخاص، والتي تكون مؤهلة في نفس الوقت للاضطلاع بمهمة تنظيمها (ثانيا)، وإلغاءها (ثالثا ) .
                                               أولا :

انشاء المرافق العامة

نميز بين المرافق العامة الوطنية و بين المرافق العامة الاقليمية أو المحلية ، على اعتبار أن طريقة الإنشاء مختلفة في الحالتين.

أ- المرافق العامة الوطنية

بالرجوع إلى الفصلين 46 و 47 من الدستور المغربي ل 13 شتنبر 1996، يتضح أن المشرع الدستوري المغربي اتبع نهج المشرع الفرنسي في تحديده لاختصاصات كل السلطتين التشريعية والتنفيذية ، إذ يستنتج من القراءة المتمعنة للفصلين المذكورين أن إنشاء المرافق العامة هو عمل يدخل في نطاق اختصاصات السلطة التنظيمية ، و هو نفس المنظور المختص به أحكام دستور 2011 و تحديدا الفصل 71، وهذا ما أكدت عليه الغرفة الدستورية في العديد من قراراتها، والتي اعتبرت أن مضمون الظهائر المتعلقة بتأسيس مجلس وطني للشباب و بمجلس وطني للثقافة الشعبية، لا يندرج في مجال القانون الذي حدده الدستور على سبيل الحصر، ومن ثم وجب اعتبارها ذات طبيعة تنظيمية ، لكن هذه القاعدة تتبع بالنسبة للمرافق العامة التي ترتبط بالسلطات الإدارية التي أنشأتها، إذ فيما يخص المرافق العامة المتمتعة بالشخصية المعنوية، والتي تظهر في صورة مؤسسات عمومية تتوفر على استقلال إداري و مالي، فإن إنشاءها يدخل في صميم اختصاصات البرلمان بمجلسيه طبقا للمادة 46 من الدستور، والتي تقضي بأن البرلمان بمجلسيه يختص بإحداث المؤسسات العمومية، كما يختص بتأميم المنشآت ونقلها من القطاع العام إلى القطاع الخاص.
ومن ناحية أخرى يتدخل المشرع فيما يخص إحداث مرفق القضاء من خلال إحداث المحاكم وتنظيمها.

ب - المرافق العامة المحلية

إن المبدأ العام هو أن المجالس الجماعية تتمتع بسلطة تقديرية في إحداث المرافق العامة الجماعية، عندما تظهر حاجيات عامة محلية يتعين تلبيتها مع عجز المبادرة الخاصة عن القيام بذلك. هكذا وطبقا للمادة 39 من قانون التنظيم الجماعي ، يقرر المجلس الجماعي إحداث وتدبير المرافق العمومية الجماعية خاصة في القطاعات التالية :
• التزود بالماء الصالح للشرب وتوزيعه
• توزيع الطاقة الكهربائية
• تطهير السائل
• جمع الفضلات المنزلية و النفايات المشابهة ونقلها وإيداعها بالمطرح العمومي و معالجتها
• الإنارة العمومية
• النقل العمومي الحضري
• السير والجولان وتشوير الطرق العمومية
• نقل المرضى والجرحى
• الذبح ونقل اللحوم والأسماك
• المقابر ومرفق نقل الجثث
على أن القانون قد يلزم المجالس الجماعية بإحداث بعض المرافق العامة الجماعية ، إذ يحق في هذه الحالة للمواطنين المطالبة بإحداث تلك المرافق تطبيقا للقانون، كما يجوز لهم الطعن قضائيا في القرار القاضي برفض ذلك الأحداث.
ويقرر المجلس في طرق تدبير المرافق العامة الجماعية عن طريق الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقلة والامتياز وكل طريقة م طرق التدبير المفوض للمرافق العمومية طبقا للقوانين الجاري بها العمل وتبقى السلطة التقديرية حاضرة لدى المجلس الجماعي في إنشاء هذه المرافق .
ولها كامل الصلاحيات في انشاء مرافق عمومية ذات طابع اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو إداري طبقا للفصل 39 من ظهير 2002.
ثانيا :

تنظيم المرافق العامة

المقصود بتنظيم المرفق إيجاد القواعد اللازمة لتسييره بعد إنشائه وتحديد الجهة المعنية بإدارته، ويعني هذا تأسيس جهاز إداري يشرف على إدارة المرفق ، وبيان مختلف أقسامه ومصالحه والوضع القانوني للأعوان والمستخدمين، والنظام المالي والرقابة الممارسة عليه في هذا المجال. وطبيعي أن توكل مهمة تنظيم المرافق العامة إلى السلطة التنفيذية على اعتبار أنها أكثر احتكارا من غيرها بهذا الأمر ثم على اعتبار الخبرة والتجربة المكتسبة لديها .
ويختلف تنظيم المرافق العامة بحسب ما إذا كانت وطنية أو محلية ، فبالنسبة للمرافق العامة الوطنية تتولى هذه المهمة السلطة التنظيمية طبقا لمقتضيات الفصل 61 من الدستور 1996 تحت مسؤولية الوزير الأول أما تنظيم المرافق العامة المحلية وتحديد طريقة إدارتها فتتولاه المجالس المحلية وذلك بمقتضى النصوص القانونية المعمول بها.
ثالثا :

إلغاء المرافق العامة

يقصد بإلغاء المرافق العامة إنهاء نشاطها ووضع حد له ، أي إذا كان المرفق العام قد أنشئ بقانون، فإن إلغاءه يكون بقانون أو بناء على قانون أي بموجب تفويض من المشرع، بالنسبة للمرافق العمومية التي أحدثت في المملكة المغربية قبل دستور 1962 بظهائر شريفة ، و لم تكن معروفة الطبيعة القانونية لتلك الظهائر، تشريعية أو تنظيمية فان دساتير 19621970 1972 في فصلها 47 قد عهدت للغرفة الدستورية للمجلس الأعلى للبث في مضمون تلك الظهائر ، اذا كانت ذات طابع تشريعي فأن التعديل أو الإلغاء يصبح من اختصاص السلطة التشريعية بقانون ، أما اذا كانت ذات طبيعة تنظيمية فأن التعديل أو الإلغاء يصبح من اختصاص الجهاز التنفيذي بمرسوم.
المبحث الثالث :

أنواع المرافق العامة

استقر الفقه و القضاء على تقسيم المرافق العامة الى أنواع متعددة استنادا الى اعتبارات مختلفة .
لا تأخذ المرافق العامة صورة واحدة بل تتعدد أنواعها تباعا للزاوية التي ينظر منها إليها ، فمن حيث طبيعة النشاط الذي تمارسه تنقسم إلى مرافق إدارية ومرافق اقتصادية ، ومرافق مهنية واجتماعية ، ومن حيث استقلالها تنقسم إلى مرافق ذات شخصية معنوية مستقلة ومرافق لا تتمتع بالشخصية المعنوية، ومن حيث نطاق نشاطها إلى مرافق عامة وطنية وأخرى محلية.
ومن حيث مدى الالتزام بإنشائها إلى مرافق اختيارية ومرافق إجبارية.
أولا :
المرافق العامة من حيث طبيعة نشاطها
تنقسم المرافق العامة من حيث موضوع نشاطها أو طبيعة هذا النشاط الى ثلاثة أنواع :

1- المرافق العامة الإدارية

و هي مجموعة المرافق التي تدخل في مجال المهام والأنشطة الادارية للدولة ، كمرافق التعليم ، الصحة، الدفاع و الأمن .
وتخضع المرافق الإدارية من حيث الأصل لأحكام القانون الإداري، فعمالها يعتبرون موظفين عموميين وأموالها أموالا عامة، وتصرفاتها أعمالا إدارية، وقراراتها تعد قرارات إدارية وعقودها عقود  إدارية، وبمعنى أخر تتمتع المرافق العامة الإدارية باستخدام امتيازات السلطة العامة لتحقيق أهدافها ، إلا أنها قد تخضع في بعض الأحيان استثناء لأحكام القانون الخاص، وذلك عندما يجد القائمون على إدارتها أن هذا الأسلوب يكفي لتحقيق أهداف المرفق وتحقيق المصلحة العامة.

2- المرافق العامة الاقتصادية

بفعل الأزمات الاقتصادية وتطور وظيفة الدولة ظهر نوع أخر من المرافق العامة يزاول نشاط تجارية أو صناعية مماثلا لنشاط الأفراد و تخضع هذه المرافق لمبادئ و قواعد القانون العام و القانون الخاص في نفس الوقت ، و هي مرافق كثيرة ومتعددة ، كالمرافق التجارية و المرافق الصناعية والمرافق المالية فبالنسبة للمرافق التجارية فلدينا المكتب الوطني للشاي ، أما بالنسبة للمرافق الصناعية فلدينا المكتب الشريف للفوسفاط ، أما المرافق المالية فلدينا الصندوق الوطني للقرض الفلاحي ، و بسبب طبيعة النشاط الذي تؤديه هذه المرافق دعا الفقه والقضاء إلى ضرورة تحرير هذه المرافق من الخضوع لقواعد القانون العام.
و لجوءا الى القضاء الفرنسي على وجه الخصوص ، فيما يخص التمييز بين هذه المرافق و المرافق العامة الإدارية يعد أساسيا التذكير أنه يوجد ثلاث معطيات من اللازم أن تتوفر مجتمعة في المرفق لاعتباره اقتصاديا أو تجاريا و هي : أن المرافق الاقتصادية تقوم بنشاط صناعي أو تجاري يهدف إلى تحقيق الربح مثلما هو الحال في المشروعات الخاصة في حين لا تسعى المرافق الإدارية إلى تحقيق الربح بل تحقيق المنفعة العامة و إشباع حاجات الأفراد كما أن الربح الذي تحققه المرافق الاقتصادية ليس الغرض الأساسي من إنشائها بل هو أثر من آثار الطبيعة الصناعية أو التجارية التي تمارسها فهي تستهدف أساسأ تحقيق المنفعة العامة ، كما أن المرافق الإدارية يمكن أن تحقق ربحا من جراء ما تتقاضاه من رسوم تقوم بتحصيلها مقابل الخدمات التي تقدمها ، و لكي يكون المرفق اقتصاديا يجب أن يكون النشاط الذي يقوم به يعد نشاطا تجاريا بطبيعته طبقا لموضوعات القانون التجاري، ويعتبر المرفق مرفق عامة إدارية إذا كان النشاط الذي يمارسه نشاط إدارية ومما يدخل في نطاق القانون الإداري ، أما بخصوص القانون الذي تخضع له المرافق الاقتصادية فقد استقر القضاء الإداري على أن تخضع لقواعد القانون الخاص في نشاطها ووسائل إدارتها مع خضوعها لبعض قواعد القانون العام من قبيل انتظام سير المرافق العامة والمساواة بين المنتفعين بخدماتها وقابليتها للتغيير بما يتلاءم مع المستجدات وتمتعها ببعض امتيازات السلطة العامة اللازمة لحسن أدائها لنشاطها مثل نزع الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء المؤقت، وينعقد الاختصاص في هذا الجانب من نشاطها لاختصاص القضاء الإداري.
وبهذا المعنى فهي تخضع لنظام قانوني مختلط يجمع بين أحكام القانون الخاص والقانون العام معا.

3 - المرافق العامة المهنية

ظهرت المرافق العامة المهنية وانتشرت بشكل كبير عقب قيام الحرب العالمية الثانية ، لتنظيم المهن الرئيسية في الدولة بواسطة الأفراد الذين يمارسون هذه المهن ، ومن أجل ذلك أباح لها المشرع حق استخدام بعض وسائل القانون العام ، مثل نقابة المحامين ونقابة الأطباء، وظهرت أيضا بالإضافة لها الغرف الصناعية والتجارية.
و المرافق العامة المهنية هي عبارة عن مرافق موضوع نشاطها هو توجيه و تنظيم ورقابة النشاط المهني ويعهد بإدارتها إلى هيئات مهنية يخولها القانون حقوق السلطة العامة وامتيازاتها .
وتقوم هذه المرافق على الأسس والمبادئ التالية :
- تتخذ هذه المرافق شكل النقابة ويشرف على إدارتها مجالس منتخبة من أعضاء المهنة ذاتها ، وبالتالي فإن أعضاء مجلس النقابة لا يعتبرون موظفين عموميين .
- يكون الانضمام إلى النقابات المهنية إجبارية بقوة القانون ويعتبر شرط من شروط اكتساب صفة العضوية وممارسة المهنة فالمحامي مثلا لا يستطيع مزاولة مهنة المحاماة ما لم يكن مقيدة بجدول نقابة المحامين وبهذا تختلف النقابات المهنية عن نقابات العمال التي يكون الانضمام إليها اختيارية .
- تمثل المهنة لدى الدولة و غيرها من السلطات العامة و تقوم بمراقبة النظام الداخلي للمهنة ، لذلك أعطها جميع الأعضاء، وقد تكون قرارات فردية تخص عضو معينة وفق ما يلي :
- تختص النقابات بوضع القواعد المنظمة لمزاولة المهنة تحت مراقبة و اشراف ووصايا الجهاز التنفيذي ويجوز لكل عضو أن يطلب إلغاء تلك القرارات أمام القضاء الإداري إذا كانت غير مشروعة أما في حالة الاخلال أو المخالفة للقواعد فإنهم يتعرضون لعقوبات تأديبية كالتوبيخ أو الإنذار أو التشطيب النهائي من المهنة.
- النظر في طلبات انضمام الأعضاء الجدد إليها ، والتحقق من استيفاء الشروط القانونية المطلوبة ، والرقابة على جدول القيد الخاص بها.
- للنقابة حق تأديب أعضائها الذين يرتكبون مخالفات وفق الإجراءات المقررة قانونا و لهؤلاء الأعضاء حق الطعن في القرارات التأديبية أمام الجهاز القضائي المختصة عادة المحاكم الادارية .
و هذه النقابات المهنية تخضع لأحكام القانون العام وقواعد القانون الخاص.
المشرع يعتبر الهيئات النقابية من المهن الحرة و المستقلة المعهود لها بتدبير شؤون الأفراد المنخرطين في نفس المهنة.

4 - المرافق العامة الاجتماعية

هي تلك المرافق العامة التي تتولى بنشاطها تقديم الضمانات و الخدمات الاجتماعية للمنتفعين و التي ظهرت مع انتشار الأفكار الاشتراكية و تقوم هذه المرافق بتأدية خدمات اجتماعية و هي تخضع للقانون العام لكونها تشترك مع غيرها من المرافق العامة في الخضوع إلى المبادئ الاساسية التي تحكم سيرها بالإضافة الى ما تتمتع به من امتيازات السلطة العامة كما أنها تخضع لقواعد القانون الخاص لتشابه نشاطها مع النشاط الذي يمارسه الخواص کشركات التأمين الخاصة مما يستدعي خضوعها للقانون الذي يتلاءم مع طبيعة هذا النشاط و لقد أصبح عدد كبير من هذه المرافق العامة يدار عن طريق المؤسسة العمومية.
ثانيا :
تقسيم المرافق العمومية على أساس الامتداد الترابي
و الجغرافي لنشاطها
تأسيسا على معيار المجال الترابي و الجغرافي تنقسم المرافق العامة إلى مرافق عامة وطنية و مرافق عامة محلية.
فالمرافق العامة الوطنية يقصد بها تلك المرافق التي يتسع نشاطها ليشمل كل أقاليم الدولة كمرفق القضاء و مرفق التعليم و مرفق الأمن ... الخ.
و هي التي تتولى بنفسها الإشراف على نشاطها و وسيلتها في ذلك الادارة المركزية و الهيئات الحكومية و قد تعطي مسؤولية الإشراف عليها الى مؤسسة عامة ذات شخصية معنوية مستقلة و منفردة بالاستقلال المالي و الاداري مع خضوعها لرقابة و وصاية الدولة كالمكتب الوطني للسكك الحديدية.
أما المرافق المحلية ويقصد بها المرافق التي يتعلق نشاطها بتقديم خدمات المنطقة محددة أو إقليم معين من أقاليم الدولة ، ويعهد بإدارتها إلى الجماعات المحلية طبقا للمقتضيات الدستورية لتعديلي 1992 و 1996 و كذا دستورنا الحالي 2011 الجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات الحضرية و القروية وهذه المرافق تتولى بنفسها التدبير المباشر للمصالح المحلية و في بعض الحالات يتم اعطاء أمر تدبير شؤون الجماعة المحلية الى هيئة عامة متمتعة بالاستقلال المالي و الاداري كمرفق النقل ، أو مرفق توزيع المياه أو الكهرباء وغيرها من المرافق التي تشبع حاجات محلية ، أو هيئة خاصة وهو ما أصبح يعرف بالتدبير المفوض.
ثالثا :
المرافق العامة ذات الشخصية المعنوية و المرافق العامة
غير ذات الشخصية المعنوية

      - المرافق العامة التي تتمتع بالشخصية المعنوية :

وهي المرافق التي يعترف لها قرار إنشائها بالشخصية المعنوية ويكون لها كيان مستقل كمؤسسة عامة مع خضوعها لقدر من الرقابة أو الوصاية الإدارية و تتمتع باستقلال مالي وإداري وتكون غالبا متخصصة في مجال ما ويطلق عليها اصطلاحا المؤسسات العمومية وعمليا تنفرد باسم كالمركز أو المكتب أو الوكالة أو الصندوق .
الصندوق الوطني للقرض الفلاحي مكتب استغلال الموانئ وطنيا محليا الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء ...

- المرافق العامة التي لا تتمتع بالشخصية المعنوية :

وهي المرافق التي لا يعترف لها قرار إنشائها بالشخصية المعنوية نظرا لحساسيتها وخصوصيتها للدولة ويتم إلحاقها بأحد أشخاص القانون العام وتكون تابعة لها، كالدولة أو الوزارات أو المحافظات، وهي الغالبية العظمى من المرافق العامة .
رابعا :

المرافق العامة الاختيارية والاجبارية

المرافق الاختيارية الأصل في المرافق العامة أن يتم إنشائها بشكل اختياري من جانب الدولة ، وتملك الإدارة سلطة تقديرية واسعة في اختيار وقت ومكان إنشاء المرفق ونوع الخدمة أو النشاط الذي يمارسه وطريقة إدارته بحيث لا يمكن لأي كان إلزامها بإحداث تلك المرافق فالدولة تبقى سيدة الموقف وفق ما تمليه الضرورات والحاجيات والمصلحة العامة لاستحداث مرفق من عدمه و تكون المنشآت اجبارية متى صدر قانون يقضي بضرورة إنشاء مرفق معين.
المرافق العامة الإجبارية إذا كان الأصل أن يتم إنشاء المرافق العامة اختيارية فأن الإدارة استثناء تكون ملزمة بإنشاء بعض المرافق العامة عندما يلزمها القانون أو جهة إدارية أعلى بإنشائها ومثال ذلك إنشاء الإدارة المرفق الأمن والصحة فهي مرافق إجبارية بطبيعتها وتهدف لحماية الأمن والصحة العامة وغالبا ما تصدر القوانين بإنشائها .
خامسا :

المرافق الواقعية أو الفعلية

و هي المرافق التي يحدثها الأفراد بمجرد أخذ تصريح لذلك من طرف السلطات الادارية المختصة و أكد مجلس الدولة الفرنسي أنها تدخل في عداد المرافق العامة لأنها تؤدي خدمات أساسية للمواطنين على الرغم من كونها مشروعات فردية غايتها خدمات أداء خدمة عامة لها نوع من الأهمية شريطة أن تكون من الأنشطة الغير الممكن مزاولتها بترخيص سابق من السلطات الادارية مع احترام الواجبات و الالتزامات المطبقة في المرافق العمومية الأخرى .
مثال على المرافق الواقعية كمرافق المواصلات و مرافق البث الإذاعي .
المبحث الرابع :

مبادئ المرفق العام

على الرغم من اختلاف المرافق العامة في طبيعتها و طرق ادارتها و أساليب عملها فإن الخدمات التي تشبعها لمجموع المنتفعين تخضع لمبادئ أساسية التي سماها لويس رولاند بالقوانين المرفقية الجوهرية و التي يمكن حصرها أهمها في مبدأ الاستمرارية ومبدأ المساواة و مبدأ القابلية للتطور و التغيير و التأقلم مع الظروف العامة المحيطة بالمرفق.
أولا :

مبدأ استمرارية المرفق العام

تولى المرافق العامة تقديم الخدمات للأفراد وإشباع حاجات عامة وجوهرية في حياتهم ويترتب على انقطاع هذه الخدمات حصول خلل واضطراب في حياتهم اليومية ، لذلك كان من الضروري أن لا تكتفي الدولة بإنشاء المرافق العامة بل تسعى إلى ضمان استمرارها وتقديمها للخدمات، لذلك حرص القضاء على تأكيد هذا المبدأ واعتباره من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون الإداري ومع أن المشرع يتدخل في كثير من الأحيان لإرساء هذا المبدأ في العديد من مجالات النشاط الإداري ، فإن تقريره لا يتطلب نص تشريعي لأن طبيعة نشاط المرافق العامة تستدعي الاستمرار والانتظام.
و في جميع الحالات فان تطبيق مبدأ الاستمرارية يؤدي إلى نتائج مقيدة للحريات و الحقوق الفردية و الجماعية و الى حماية امتيازات الدولة و سلطتها الادارية و يتضح ذلك على الأقل في خمسة مجالات منها :
تحريم الإضراب ، وتنظيم استقالة الموظفين العموميين ونظرية الموظف الفعلي ونظرية الظروف الطارئة و نظرية عدم جواز الحجز على أموال المرفق.

- مبدأ تحریم و منع الإضراب على عمال المرافق العمومية

الاضراب هو اتفاق بين العمال أو الموظفين على الامتناع الجماعي عن العمل لمدة زمنية محددة دون التخلي على وظائفهم أو تركها بصفة نهائية لعدم رضائهم عن أمر معين أو بحثا عن الوصول الى تحقيق مطالب معينة.

- قاعدة تنظيم الاستقالة

هي إنهاء الخدمة الموظف بناءا على رغبته في التخلي نهائيا عن الوظيفة التي يشغلها و الاستقالة حتى تصبح سارية النفاذ فإنها خاضعة لشكلية تقديم طلب كتابي من المعني بالأمر يعبر فيه عن رغبته في مغادرة أسلاك الوظيفة بصفة نهائية وقد عمل المشرع المغربي على تنظيم الاستقالة بمقتضى الفصول 75 و 79 من ظهير 24 فبراير المعتمد بمثابة النظام الأساسي للوظيفة العمومية.

- نظرية الموظف الفعلي

وهي نظرية تقتضي صدور عن موظف فعلي تصرفات متصلة بتسيير المرافق العامة في الظروف الاستثنائية أو الظروف العادية و الموظف الفعلي هو ذلك الشخص الذي لم يصدر قرار تعيينه او صدر قرار التعيين باطلا و الذي زاول وظيفته عامة على الرغم من ذلك لأسباب مرتبطة بالمصلحة العامة و تقديم خدمات ضرورية للجمهور.

- مبدأ تحريم الحجز على أموال المرافق العامة

إذا كانت القاعدة هي جواز الحجز القضائي على ممتلكات المدين الذي يمتنع عن دفع ديونه وبيعها لتسديد الدين وفق أحكام قانون المسطرة المدنية ، فإن تطبيق هذه القاعدة على ممتلكات المرفق العمومي من شأنه أن يهدد هذا الأخير بالتوقف والانقطاع عن تقديم خدماته إلى المواطنين بانتظام ، ومن هنا ظهرت قاعدة تحريم الحجز على تلك الممتلكات تجنبا للإخلال بهذا المبدأ.

- نظرية الظروف الطارئة

هي نظرية بلورها القضاء الاداري في مجال العقود الادارية و يستفاد منها أنه قد تظهر أثناء العقد ظروف غير متوقعة للأطراف المتعاقدة وهي مسألة قد تؤدي الى فسخ العقد و توقف المرفق العمومي عن أداء خدماته خصوصا اذا تم ذلك الفسخ من طرف واحد بدعوى الصعوبات المرتبطة بتنفيذ مقتضياته وفي ظل أحكام القانون الاداري فالمتعاقد مع الإدارة بإمكانه المطالبة بالتعويض تحقيقا لتوازن المالي للمشروع و تتدخل الدولة مانحة الامتياز مقدمة له التعويضات المالية الضرورية لضمان سير المرفق العام بانتظام.
ثانيا :

مبدأ المساواة أمام المرافق العامة

إن مبدأ المساواة هو من المبادئ الأساسية التي تم التنصيص عليها في الدستور، من ذلك مثلا الفصل 5 من الدستور الذي ينص على أن: " جميع المغاربة سواء أمام القانون ".
وتعني هذه القاعدة المساواة في الانتفاع من خدمات المرفق العمومي، أي أن يودي هذا الأخير خدماته إلى كل من يطلبها من الجمهور بالشروط نفسها دون تمييز بين المنتفعين، وهذه المساواة ليست مطلقة، إذ لا تعني المساواة التامة في جميع الحالات و بدون شروط، بل هي مساواة في حالة توفر الشروط القانونية ، فالعادة لا تتنافى مع وضع شروط لابد من توفرها في كل من يريد الانتفاع من خدمات المرفق العمومي كضرورة دفع رسم معين مقابل الخدمة أو تحديد شروط وظيفية أو شروط في السن ... ، كل ذلك بعيدا عن التفرقة بين الجنس أو اللون أو الدين أو السياسة .
ثالثا :

مبدأ قابلية المرفق العام للتعديل والتغيير

للإدارة حق التدخل مبدئيا لتعديل أو تغيير القواعد التي تحكم المرافق العامة حتى تكون مطابقة و مسايرة للظروف الاجتماعية و الاقتصادية المتطورة باستمرار تحقيقا للمصلحة العامة كما يمكنها أن تتدخل لفرض رسوم على الانتفاع من خدمات المرفق أو الرفع من قيمتها إذا كانت مقررة أصلا، ويمكنها كذلك أن تتشدد في الشروط المتطلبة للالتحاق بالعمل بالمرفق العام ، ولا يجوز لأحد من المنتفعين أو العاملين أو المتعاقدين الاعتراض على ذلك، لأن حق الإدارة في التغيير والتعديل حق ثابت لا يقيده إلا مراعاة المصلحة العامة فهذا المبدأ حسب رأي أغلب الفقه هو شرط أساسي لعمل المرفق في ظروف جيدة و استمرارية للخدمات التي يقدمها.
المبحث الخامس :

طرق إدارة المرافق العامة

تتغير طرق إدارة المرافق العامة من حيث أهدافها وطبيعة نشاطها والسلطات الادارية المختصة بإحداثها ومن حيث تمتعها بالشخصية المعنوية أو من حيث نظامها القانوني خصوصا مع اختلاف النظم الإيديولوجية في نظام الحكم للدول.
فالتعليم ، و الأمن ، العدالة هي مرافق تمس كيان الدولة فمن اللازم الاعتماد على وسائل مشددة وصارمة في إدارتها ، على أنه في جميع الحالات و كيفما كان الأسلوب المتبع في ادارة المرفق ، فهو مرفق عام .
و الرقابة التي يتم إخضاعها لها مفترضة من حيث طرق تدبيرها ، و بالنظر لنوع الخدمات التي تؤديها ، و عليه يمكن التمييز بين الطرق الاتية في تسيير وتدبير المرافق العامة .
المطلب الأول :

الاستغلال المباشر

هذه الطريقة لا تقتصر على المرافق العامة الإدارية وحدها ، بل يمكن استعمالها في المرافق الاقتصادية مثل السكك الحديدية ، و هي المرافق الرامية إلى تحقيق المصلحة العامة بعيدا عن هاجس الربح المادي.
تتولى الدولة تدبير شؤونها بنفسها ، وعن طريق العاملين لديها وتحت مسؤوليتها ، وباستخدام امتيازات السلطة العامة وتتبع هذه الطريقة بصورة جلية بالمرافق العمومية التي تكون ذات صبغة إدارية التي لها أهمية لارتباطها بمصالح المواطنين - المنتفعين - الأمر الذي يجعل الدولة تحرص أشد الحرص على إدارة هذا النوع من المرافق العامة مباشرة بنفسها ضمانا لتحقيق خدماتها بالشكل المرغوب فيه ، كما أن الأفراد بدورهم لا يقدمون على إدارتها لعدم تحقيقها في غالب الأحيان لأرباح ومكاسب مادية ، أو لارتفاع تكاليفها أو لأنها على قدر كبير الأهمية والخطورة مما يستحيل معه ترك إدارتها للخواص.
نظام الاستغلال المباشر قد يعهد بإداراته للجماعات المحلية التي تحملت مسؤولية تحقيق التنمية على الصعيد المحلي ، وأصبحت ملزمة بالتدخل في مختلف الميادين الاقتصادية.
طريقة الاستغلال المباشر هي طريقة مقيدة بقوانين تشريعية و تنظيمية مما يحد من نشاطها و تعطلها عن القيام بدورها أحسن قيام الشئ الذي جعل اللجوء اليها جد محصور في السنوات الأخيرة.
وغالبا ما تتخذ شكلية الاستغلال المباشر أو أسلوب مشاطرة الاستغلال وهنا تخضع الشركة المكلفة بتدبير المرفق لنظام تعاقدي مع الإدارة ولا يستفيد إلا في حالة تحقيق أرباح فتكون له نسبة مئوية منها.
المطلب الثاني :

المؤسسة العامة

المؤسسة العامة يطبعها غموض من ناحية هل تملك الشخصية المعنوية ، و تعد المؤسسة العامة أكثر الطرق انتشارا في الوقت الحاضر المؤسسة العمومية و تتمتع بالشخصية المعنوية المحكومة بالقانون العام ، كما تتمتع بالاستقلال الإداري الذي أعطته لها الدولة مقابل قيامها بالمهام المحددة لها بما يضمن ذلك حسن سير المرافق و يزيد من قدراتها الانتاجية . إن المؤسسة العمومية تبرز صورة أخرى من صور اللامركزية الإدارية ، وهي اللامركزية المرفقية أو المصلحية الخاضعة لوصايا الدولة و السلطة العمومية التي أحدثتها ، و لرقابتها الادارية و المالية ، و على ضوء الممارسة فإن جميع المؤسسات العامة خاضعة في تدبيرها لمرفق عام معين لقيدين :
القيد الأول مبدأ التخصص : والذي يعني تحديد مهمة المؤسسة العامة عند إنشائها وحصر اختصاصها ضمن نطاق هذه المهمة ، بحيث لا يحق للمؤسسة القيام بنشاط خارج هذا النطاق ، و بذلك فإنها مقيدة بالغرض و الأهداف التي أنشأت من أجلها مثل المستشفيات والجامعات فلهذا فالأعمال التكميلية للهدف او الغاية الأصلية لا تعتبر خروجا عن الأصل و المبدأ.
القيد الثاني الخضوع للوصاية الإدارية : تخضع المؤسسات العامة لقواعد الرقابة من طرف الجهة التي أنشأتها فالسلطة المركزية تمارس عليها نوع من الرقابة الادارية و المالية في حدود ما هو منصوص عليه قانونا كيفما كانت طبيعة المؤسسة ، فالمجلس الادارة هو صاحب الاختصاص العام في اتخاذ القرارات المتعلقة بالتوجهات العامة لنشاط المؤسسة دون الرجوع إلى السلطة المركزية الذي يمثلها الوزير الأول إلا وفق نصوص صريحة ، و هناك استثناء فيما يخص الجامعات التي تعتبر مؤسسات عمومية فتكون خاضعة لرئاسة وزير التعليم العالي .

أنواع المؤسسات العمومية

هناك مؤسسات عمومية وطنية و اخرى محلية و اخرى جهوية

- مؤسسات عمومية وطنية :

يتم إنشاؤها استنادا إلى الفصول 45 من الدستور 1972 و 46 من الدستور 1992 و 1996 و الفصل 71 من الدستور الحالي 2011 و هذه المؤسسات تمارس نشاطها على مجموع التراب الوطني كالمكتب الوطني للبريد و المواصلات السلكية و اللاسلكية .

- مؤسسات عامة محلية :

يتم إنشاؤها بين الجماعات المحلية أما بالنسبة لتلك المشتركة بين الجماعات الحضرية و القروية تنشأ بقرار من الوزير الداخلية بعد الاطلاع على قرارات المجالس الجماعية المشتركة المعنية بالأمر و هذه المؤسسات تكون متمتعة بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي الذي أكد عليه الفصل 81 من القانون 78.. 00

- مؤسسات عامة جهوية :

كانت تحدث بقانون بمقتضى ظهير 18 شتنبر 1977 والذي عمل على تقنين المقتضيات الخاصة بالمؤسسات العامة الوطنية و الجهوية بإخضاعها لقواعد مشتركة و كمثال على ذلك : المؤسسة الجهوية للبناء و التجهيز ، و المكاتب الجهوية للاستثمارات الفلاحية.
الغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى أعطت تفسيرا واسعا لاختصاص المشرع في هذا المجال إلا أنه انطلاقا من دخول قوانين الجهة حيز النفاذ بتاريخ 2 أبريل 1977 فقد أصبحت المجالس الجهوية هي ذات الاختصاص بإحداث المؤسسات العامة الجهوية .
ويعد أساسا عدم الخلط بين المؤسسات العامة والمؤسسات ذات النفع العام ، فالتمييز بينهما يؤدي إلى رسم الحدود بين الهيئات الادارية والخاصة بين القانون الاداري والقانون الخاص ، فقد توجد أشخاص معنوية عامة وتكون في وضعية تتعامل في ظل القانون الخاص وقد تكون بالمقابل هيئات خاصة وتكون نسبيا تحت نظام قانونی مطبوع بامتيازات السلطة العامة.
والاعتراف بالمنفعة العامة لجمعية أو شركة أو تعاونية أو منشأة قد تمنح لهيئات منتمية أصلا للقانون الخاص سلطات واسعة إلا أنه في نهاية المطاف فالقواعد التي تسري على تصرفاتها هي من القانون الخاص ولا يعترف لها بامتيازات السلطة العامة .
أما المؤسسات العامة فبخلاف ذلك هي جزء لا يتجزأ من الادارة أي مرافق عامة تدار في إطار اللامركزية المرفقية أو المصلحية وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الاداري والمالي . أما بخصوص معيار التمييز بين المؤسسة العامة والمؤسسة ذات النفع العام فإن الاجتهاد القضائي قد أعطى 4 معايير لذلك :
1- إرادة المشرع : خصوصا أن المشرع تبقى له الصلاحية المطلقة في تحديد الطبيعة القانونية
التجمعات التي ينشئها أو يعطى الضوء الأخضر بإنشائها ، حيث من الممكن أن تكون التسمية مخالفة للمضمون فالشركة الوطنية للسكك لا تعني أنها شركة خاصة بل هي مؤسسة عامة .
2- مصدر إنشاء المؤسسة العامة : فالأولى متميزة عن الثانية لكيفية إنشائها فالأولى تنشؤها الدولة أو الإدارة المركزية بينما تؤسسها الثانية مؤسسات خاصة.
3- طبيعة النشاط الذي تمارسه المؤسسة : فإذا كانت تمارس نشاطا فعليا ذو طبيعة مرفقية فهي مرفق عام أما إذا كانت تمارس فقط نفعا عاما دون أن يكون لها هدف ادارة مرفق عام فهي نفع عام .
4- إمكانية استخدام الامتيازات المخولة للسلطة العامة : وهذا المعيار يستخدمه القضاء ، فكلما منح
المشرع لمؤسسة عامة استخدام هذه السلطة فهي مؤسسة عامة فعلية.
المطلب الثالث :

 المقاولة العمومية

يعد مفهوم المقاولة العامة من المفاهيم الأكثر غموضا في المجال القانوني على اعتبار أن هذا المفهوم خاضع التقلبات الظروف فمحاولة اعطاء نظام قانوني محدد لمفهوم المقاولة العامة أما باءت بالفشل لما كان الهدف من ورائها إعطاء مقترب عام أو وقفت كلما كان الهدف تناول موضوع محدد ، وهذا الواقع جعل الفقه متردد بالنسبة لمضمون تعريف المقاولة أو التشكيك في ضرورة البحث عن مفهوم قانوني لها.
هناك معايير متبعة لتحديد مفهوم المقاولة العمومية تفاديا لخلط مفهوم المقاولة العمومية مع مفاهيم أخرى .

معايير المقاولة العمومية

النصوص الخاصة بالمقاولات العمومية لم تعمل على اعطاء تعريف للمقاولة بل قامة على اعطاء تعدادها و لهذا نجد مثالا على ذلك "مرسوم الفرنسي ل 22 أكتوبر 1984 وضع جردا للمقاولات التي تساهم فيها الدولة بحصة الأسد و تراقب أغلبها " و هذا النص يعتبر نص قانوني لأنه ينظم الوضعية القانونية و المالية المختلف المقاولات العمومية حيث تعد وفقه مقاولة عمومية.
هناك عناصر مجتمعة تؤدي الى تعريف المقاولة العمومية وفق عناصر ايجابية و عناصر سلبية على النحو التالي:
أ‌-        العناصر الايجابية
- الشخصية المعنوية و الاستقلال المالي
- نشاط ذو صبغة صناعية أو تجارية
- طريقة تسيير و عمل قريبة من الطرق التي تعمل وفقها المقاولات الخاصة
- تواجد و رقابة الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة .
ب - العناصر السلبية المقاولة
العامة لا تشكل بالضرورة مؤسسة عمومية و لا تعمل بالضرورة على تدبير مرفق عمومي و تختلف عن المقاولة الخاصة اذ لا يمكن أن ينحصر نشاطها في تحقيق أرباح و عليه حتى و ان كانت خاضعة لمنطق الربح و المردودية و ان كانت لا تسير مرفق عمومي فإنها لا يمكن أن لا تعتد في ممارستها لمهامها وأنشطتها بمفهوم المصلحة و المنفعة العامة .

الأشكال القانونية للمقاولة العمومية

هناك شكلين سائدين و هما المؤسسة العامة و الشركة .
أ- المقاولات العمومية المكونة في شكل المؤسسة العامة الصناعية و التجارية كالكهرباء و غاز فرنسا و أيضا الشركة الوطنية للسكك الحديدية فإن كانت خاضعة لأحكام القانون الخاص فأيضا تبقى خاضعة لأحكام و قواعد القانون الإداري في العديد من المواضيع بحيث يطبق عليها
- نظام القانون العام
- الطابع الاداري لبعض العقود
- منع المجازفة ما عدا إذا كانت هناك استثناءات يجيزها القانون
- استبعاد تجاهها طرق التنفيذ المعمول بها في القانون الخاص و الإفلاس ...الخ
ب - المقاولات العمومية التي تم تكوينها في شكل شركات
و هناك نوعان :
- الشركات ذات رأس المال العام وتمتلك فيها الدولة كل رأس المال أو على أية حال بعض الأشخاص المعنوية العامة مثل البنوك و التأمينات .
- شركات الاقتصاد المختلط مثل الخطوط الجوية الفرنسية .
والمقاولة العامة قد تتخذ 3 أشكال و هم شكل التجمع ذو النفع الاقتصادي ، و شكل شركة المساهمة ، والشركات المكونة كتعاونيات .
نضع جانبا شركة رونو التي أعطتها لائحة 16 يناير 1946 صفة المؤسسة ذات الصبغة الصناعية و التجارية ، مؤسسة الرونو عملت كشركة و هذا الوضع دعمه قانون 2 يناير 1970 و تم الغاء هذه المساهمة بقانون 16 فبراير 1984 فيما قانون 4 يوليوز 1990 جعل من الرونو شركة مجهولة .
المقاولات العامة المحلية أنواع متنوعة مثل المؤسسات العامة ، شركات رأس المال العام ، أو شركات الاقتصاد المختلط
والمقاولات العامة تتكون أساسا على شكل شركات إلا أن هناك اشکالات مثل كيفية تكوينها ، و النظام القانوني المطبق عليها ، و الرقابة التي يجب أن تخضع لها ... الخ.
مفهوم المقاولة العامة في علاقاته بمفاهيم أخرى
هناك ترابط و علاقة وثيقة بين مفاهيم المؤسسة العامة سواء أكانت ذات طابع التجاري أم لا و المرفق العمومي و المقاولة العامة.

أ- المقاولة العامة و المؤسسة العامة

للمقاولة العامة اجباريا الشخصية المعنوية و قد يكون ذلك في اطار المؤسسة العامة أو في اطار شركة و هناك استثناء هو أن تكون في اطار هيئة أو منظمة خاصة مثل شركة الرونو قبل سنة 1990 بفرنسا.
و عليه لا يمكن أن تكون صفة المقاولة العامة سارية على المرافق الغير مشخصة للدولة و الجماعات المحلية حتى لو كانت لها صبغة تجارية و صناعية.

ب - المقاولة العامة و المرفق العام

العديد من المقاولات العامة موضوع نشاطها مرفق عام والذي كان موجودا قبل إنشائها و التوافق بين مفهومي المرفق العام و المقاولة العامة ليس ضروريا فكل مرفق لا يتوافق بداهة مع المقاولة العامة و كل مقاولة لا تدبر بالضرورة مرفق عمومي.
تفترض المقاولة العامة تواجد الدولة أو جماعات محلية لحد أدنى من الرقابة لغايات المصلحة العامة.
وعليه لا تعتبر مقاولات عامة تلك التي تملك أغلب حصصها أو كلها أشخاص خاصة حتى وإن كانت تعمل بشكل وثيق مع الادارة العامة وتحت رقابتها.
هناك صعوبات مصدرها في هذا المجال عمليا وجود بعض المقاولات العامة التي تسير مرافق عامة وفق النظام القانوني للامتياز مثل كهرباء فرنسا الذي منحته الدولة امتياز الطاقة المائية دون الطاقة الحرارية أو الذرية الذي تستغله و توجهه.

ج - المقاولة العامة و الطابع التجاري

الكل مقاولة عامة بالضرورة موضوع و نشاط يضيفان عليها الصفة التجارية .
و عليه لا تشكل مقاولة عامة هيئات ليس لها و ان كانت تتوفر على المعايير الأخرى.
كل هيئة او منظمة لها صفة تجارية و صناعية لا تعد مقاولة عامة اما لأن الأمر يتعلق بهيئات رأسمالية خاصة أو بمرافق عامة تجارية و صناعية غير مشخصة.

إنشاء المقاولات العامة و الغائها

المقاولة العامة قد توجد على الصعيد الوطني او المحلي وقد يكون رأسمالها عاما ، أو مختلطا مشتركا بين الدولة أشخاص القانون العام و الخواص.

أ- إنشاء وإلغاء شركات ذات رأس المال العام

تعتبر بمثابة مقاولات عامة و وطنية مكونة على شكل شركات مجهولة الاسم و التي تتكون مساهماتها من الرأس المال العام حيث للدولة أكبر حصة وحدها أو بشراكة مع أشخاص عامة أخرى ، فهذا الصنف من الشركات يعد حديثا بمملكتنا على اعتبار أن الدولة كانت تؤسس المقاولات في شكل مؤسسات عامة أو شركات الاقتصاد المختلط ، عمليا ليس هناك في القانون المغربي ما يوضح الجهة المختصة لإنشاء الشركات ذات الرأس المال العام فالدساتير المغربية ، 1972، 1996، 1992 و 2011 أذا كانت واضحة فيما يتعلق بإنشاء المؤسسات العامة فالأمر ليس بنفس السهولة بخصوص الشركات السالفة الذكر.
الشركة الوطنية للمنتوجات البترولية التي أنشأت بظهير ، و شركة التجهيز و التنمية للمغرب التي أنشأت بمقتضى قانون ، وهناك أيضا العديد من المقاولات التي تم انشاؤها وفق مبادرة الجهاز التنفيذي بواسطة الايداع القانوني لقوانينها الأساسية مثال شركة التنمية الفلاحية و الشركة الوطنية للصلب .. الخ.
حسب مقتضيات الفصل 45 من دستور 1996 و كذا الفصل 71 من دستورنا الحالي 2011 يستنتج منه أن الحكومة هي صاحبة الاختصاص في الانشاء.
إن المؤسسات العامة ذات الصفة التجارية و الصناعية تلغى بقانون وفق مقتضيات الفصل 45 من دستور 1996 و الفصل 71 من دستور 2011.

ب - إنشاء و حل الاقتصاد المختلط

1-     وطنيا
أن تمثيل مصالح الدولة داخل شركات الاقتصاد المختلط تتخذ أشكالا متنوعة و عليه فان الدولة قد تقتصر على المساهمة العمومية في رأس مال شركة موجودة سلفا عن طريق شراء الأسهم أو الزيادة فيها أو رفع رأس مالها . أشكال مساهمة الدولة المغربية في شركات الاقتصاد المختلط يمكن القول أنها تتخذ احدى الصور التالية :
- مساهمة الدولة بأغلبية رأس المال حتى يتسنى لها رقابة الشركة و توجيه سياساتها داخل الأجهزة التداولية التقريرية تنفيذا لسياسة اقتصادية و مالية معينة ، و بحثا عن المصلحة العامة للشركة.
- يسمح للدولة بوضع شروط التسيير المشترك للمرفق بينها و بين الخواص.
- تتصرف الدولة بدافع حماية المردودية و الفوائد التي يحققها المشروع و هذه الفرضية غير مفضلة في المغرب بحيث لدى الدولة أقلية في رأسمال الشركة
2- محليا
نصت الفقرة الثانية المقطع الثالث من الفصل 36 من القانون 78. 00 المتعلق بالميثاق الجماعي بأن المجالس الجماعية تبث في شأن مساهمة الجماعة في مقاولات و شركات الاقتصاد المختلط ذات الفائدة الجماعية أو ذات الفائدة المشتركة بين الجماعات و العمالات و الأقاليم و الجهات ، فيما نصت الفقرة السادسة من الفصل 69 من نفس القانون على أن إحداث المقاولات و شركات الاقتصاد أو المساهمة فيها غير قابلة للتنفيذ إلا اذا صادقت عليها سلطة الوصاية و هي رقابة تمتد لتشمل أهداف أسباب و موضوع و الحصة المخصصة للمساهمة .
و ينص الفصل 36 من القانون رقم 79 . 00 المتعلق بتنظيم العمالات و الأقاليم في فقرته العاشرة أن مجالس العمالات و الأقاليم تبث في شأن إحداث مقاولات و شركات الاقتصاد المختلط ذات الفائدة للعمالة أو الاقليم او المساهمة و اجراء يخضع للسلطة المركزية و المتمثلة في مصادقة وزير الداخلية في أجل 45 يوما من تاریخ توصله بالمقرر .
و عليه فإنشاء شركات الاقتصاد المختلط و كذا المساهمة فيها على المستوى المحلي من اختصاص الهيئات اللامركزية ويمكن لهذه الأخيرة اتخاذ قرار بإلغائها .
المطلب الرابع :

عقد الامتياز أو الالتزام

المقصود بالامتياز هو أن تعهد الدولة أو أحد الأشخاص العامة الاقليمية لفرد أو الشركة بإدارة مرفق اقتصادي و استغلاله لمدة محددة عن طريق عمال أو أموال يقدمها الملتزم تحت مسؤوليته مقابل تقاضي رسوم من المنتفعين نتيجة التي يقدمها المرفق.
و هناك مجموعة من الملاحظات من اللازم توضيحها :
- أن امتياز المرفق العام هو طريقة من طرق التدبير أو التسيير المقتصرة على المرافق الاقتصادية.
 -أن امتیاز الأشغال العامة يكون كلما تكلف الملتزم على نفقته بإقامة الأشغال و الأوراش الأساسية لعملية تسيير و تنفيذ المرفق العام.
- للدولة أو الشخص العام سلطة تقديرية واسعة تمنحه حرية اختيار المتعاقد معها دون أن تتبع الإجراءات و المساطر عليها في قانون الصفقات.
۔ أن امتياز المرفق العام هو عقد إداري تبرمه السلطة العمومية مع أحد الأفراد أو مع أحد الشركات التي يعهد اليها بتسيير مرفق عام طبقا لشروط محددة.
حسب هذه الطريقة فإن الإدارة لا تتولى بنفسها ادارة المرفق العام ولا تلتزم بتقديم المساعدات اللازم للمشروع.
أما المعهود له بتدبير هذا المرفق لا يعتبر موظفا عموميا بل تسري عليه قواعد و أحكام قانون الشغل .
عقد الالتزام ينفرد بخصائص تميزه نذكر أهمها :
- أنه عقد إداري من نوع خاص
- نشاطه مرفق اقتصادي في أغلب الحالات
- محدد النفقات التي ستصرف في تسيير المشروع
 - يتحمل الفرد أو الشركة نفقات المشروع و مخاطره المالية .
- الدولة تسهر على تسيير المشروع سيرا حسنا فقد تساعد الملتزم ماديا في تنفيذه للمشروع خصوصا عند وقوع خلل في التوازن المالي .
الالتزام هو عقد من نوع خاص يضم نوعان من العلاقات القانونية :
أولها : نصوص تعاقدية :
هي الشروط المتعلقة بمبدأ التوازن المالي للعقد والشروط الخاصة المتعلقة بمدة الامتياز والمزايا المالية المنصوص عليها لصالح صاحب الامتياز .
ثانيهما : نصوص تنظيمية أو لائحية :
فتتمثل في الشروط العامة المتعلقة بتنظيم المرفق العام وتشغيله ورسوم الانتفاع والأحكام المتعلقة بالعاملين وتأمين سير المرفق العام باطراد وانتظام و المساواة بين المنتفعين من خدماته ، و يحق للدولة أو الإدارة تعديل هذه النصوص بإرادتها المنفردة باعتبارها مانحة الالتزام طريقة الامتياز يتم الالتجاء إليها في إنشاء مرافق عامة جديدة و هي الطريقة الأكثر مردودية بالنسبة للإدارة ووجب الذكر بأن هذه الطريقة استعملت في مملكتنا بعد الاستقلال للانجاز بعض المرافق العامة كما تم العمل بها في مجالات النقل .

النظام القانوني لعقد الالتزام أو الامتياز

تنبثق عن الالتزام ثلاث أنواع من الروابط القانونية .
- بين السلطة مانحة الالتزام و الملتزم
- بين الملتزم و المنتفعين
- بين السلطة مانحة الالتزام و المنتفعين

أ- فيما يتعلق بحقوق السلطة مانحة الالتزام و الملتزم

للسلطة مانحة الالتزام حق الرقابة على إدارة المرفق العام
الإدارة ليست ملزمة للنص عليه في العقد تأسيسا على مسؤوليتها على دوام واستمرارية المرفق العام و عمله بانتظام و ممارسة هذا الحق تؤسسه الادارة على عدة معطيات :
- يحتوي الالتزام على شروط سير المرفق العام التي لا يمكن للملتزم تعديلها أو حذفها.
- يحق للملتزم الاستفادة من امتيازات السلطة العامة و عليه فمن حق الدولة مراقبته حماية للمنتفعين.
- قد تتدخل الدولة بالمساعدات المالية للملتزم في حالة إذا وقع خلل مادي و للدولة حق مراقبة الملتزم ضمانا لحقوقها المالية .
- يعتبر أساسيا تدخل الدولة لتعديل ما تراه ضروريا و الملتزم مجبر بتنفيذ التعديلات دون أية مناقشة أما إذا كانت هناك زيادة في بعض الأعباء فمن حقه المطالبة بالتعويض أو طلب اعادة النظر في الشروط العامة للعقد.
للدولة حق بشراء المرفق من الملتزم قبل نهاية المدة المحددة لنهاية العقد و ذلك بشرطين : الشرط الأول : أن طريقة الالتزام لم تعد تتفق مع الغاية التي أنشئ من أجلها المرفق.
الشرط الثاني : تعويض الملتزم عما أصابه من ضرر و ليس للملتزم الاحتجاج في مواجهة الدولة بحق مكتسب.
و تعويض الملتزم لا يعتبر إخلالا بشروط العقد و الدولة حينما تلجأ الى هذه الطريقة فإنها لا تحل محله لتتحمل عوضه أعباء المخاطر المالية العادية بل لإنهاء العقد قبل مدته الأصلية من المخاطر غير العادية المحتمل وقوعها .

ب- حقوق الملتزم تجاه السلطة مانحة الالتزام

بخصوص حقوق الملتزم تجاه السلطة مانحة الالتزام باعتباره مقاول فهي مرتبطة بتحقيق الأرباح التي يأمل أن يحققها بفضل استغلاله واستثماره للمرفق الذي يدبره.
و للملتزم حق المطالبة بجميع الحقوق التي التزمت بها مانحة الالتزام بما في ذلك من مزايا و مساعدات مالية و قروض واه أيضا اخذ الأرباح التي يحققها المرفق و على الملتزم أن يعمل بتحمل مصاريف انشاء و ادارة المرفق على نفقته الخاصة و تحت مسؤوليته.
و الملتزم لا يمكنه التنازل عن ادارة و تسيير المرفق لغيره إلا بموافقة السلطة المانحة الالتزام كما يمنع ان يحل محله ملتزم آخر من الباطن و كل إخلال مالي من جانب الدولة يؤدي بها إلى تحمل نتائجه كرفع أجور العمال أو فرض الضرائب على الموارد التي يحتاجها الملتزم و التي قد تكون لها مضاعفات ملحقة لأضرار مالية أثناء تنفيذ العقد بالالتزام.

ج - فيما يتعلق بحقوق المنتفعين أو المستفيد

1- اتجاه الملتزم : الاستفادة من جميع الخدمات التي يقدمها المرفق العام دونما أي تمييز بين المنتفعين و غالبا ما يقومون بدفع رسوم مقابل الانتفاع بالخدمات الأساسية التي يقدمها الملتزم .
2- اتجاه الدولة : المنتفعين يطلبون من الدولة التدخل لإجبار الملتزم على تنفيذ شروط العقد إذا ما أخل بها لأن الدولة هي من تقوم على حسن سير المرفق العام بانتظام ، و يمكن للدولة اللجوء إلى القضاء الاداري حماية لحقوقهم ومصالحهم .

المطلب الخامس :

 أسلوب الاقتصاد المختلط

هي طريقة تقوم على أساس اشتراك السلطات والأفراد في إدارة المرفق بواسطة إنشاء شركة مختلطة تتخذ شكل شركة مساهمة وتخضع لأحكام القانون الخاص و قواعد القانون التجاري ، و الدولة هي من تقوم بمراقبة و تسيير الشركة و هي أيضا من تقوم بتعيين مديري الشركة و كذا المتصرفين ،و مما وجب الذكر بأن الدولة تساهم بنسبة 45 % من رأس مال العام ، تم نهج هذا الأسلوب في العديد من الدول وقد عرف المغرب استعمال هذه الطريقة في إدارة بعض المرافق الاقتصادية كشركة الخطوط الجوية ، البنك الوطني ، الشركة المغربية للملاحة ... الخ.
المطلب السادس :

 التدبير المفوض

بداية الألفية الثالثة لجأ أشخاص القانون العام لاسيما على المستوى المحلي الى منح بعض مرافقها الى الخواص وفق ما أصبح معروفا بالتدبير المفوض للمرافق العامة المحلية ، و هذا التدبير يختلف عن الأشكال التقليدية للتسيير کالامتياز و الإيجاز .. الخ اذ تميز عنه بالنظر الى المردودية والنتائج التي يقدمها.
الفقرة الأولى :

مفهوم التدبير المفوض

المشرع أعطى تعريفا للتدبير المفوض ، وذلك في إحداث قانون منظم له ، قانون (05-54)، حيث عرفه على أنه : "يعتبر التدبير المفوض عقدا يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى "المفوض" لمدة محددة تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى "المفوض إليه" يخول له حق تحصيل أجرة من المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا، ويمكن أن يتعلق التدبير المفوض كذلك بإنجاز أو تدبير منشأة عمومية أو هما معا تساهم في مزاولة نشاط المرفق العام المفوض "
الفقرة الثانية :

خصائص التدبير المفوض

هذا العقد ينفرد بثلاث خصائص أساسية و هي : الإطار القانوني و المدة الزمنية و شكل الرقابة المطبقة .

 1- الإطار القانوني أو طريقة إبرام عقد التدبير المفوض

إبرام عقود التدبير المفوض تتم وفق أليات مختلفة و عليه فقد يتم عن طريق تقنية الاتفاق المباشر أو عن طريق المباراة أو طلب العروض و ذلك وفق مقتضيات التشريعية و التنظيمية المعمول بها في مجال الصفقات العمومية.

2- المدة الزمنية لعقد التدبير المفوض

لا تتعدى 30 سنة و لا تقل عن 5 سنوات ، أما فيما يخص إنهاء عقود التدبير المفوض فتتم أما بطريقة طبيعية بعد انتهاء العقد النهاية مدته ، و يتم استرجاع المرفق من قبل السلطة المفوضة عن طريق الشراء بعد مرور مدة زمنية معينة باتفاق الطرفين.

3- الرقابة على عقد التدبير المفوض

تخضع عقود التدبير المفوض الى رقابة المجلس الاعلى للحسابات والمجالس الجهوية و لرقابة لجان الضبط و للآليات الافتحاص الخارجي و التدقيق بمبادرة من وزيري الداخلية و المالية .
المبحث السادس :

مشاركة الخواص في إدارة المرافق العمومية

عجز الدولة عن التسيير الكلي لبعض المرافق الحيوية غالبا ما أدى بها الى الاستعانة بالخواص لاسيما الأشخاص المعنوية و هناك أيضا عدم الرغبة بالأخذ على عاتقها نشاطا معينا ، فلهذا اكتفت بممارسة الرقابة على المرافق أو تأطيره و توجيهه خدمة للمصلحة العامة في القانون المغربي لا توجد أشخاص عامة ما عدا الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة .
ادارة المرافق العامة من طرف هيئات خاصة يؤدي حتما إلى نتيجتين :
النتيجة الأولى : الأعمال القانونية المنفردة و الأحادية الجانب المتخذة من طرف الهيئات الخاصة في سبيل تنفيذ مهام المرفق العام تكتسي صبغة إدارية و تخضع رقابتها للقضاء الاداري ، فيما تخضع العناصر القانونية الأخرى لهذه الهيئات حسب الأحوال الإجراءات معقدة و مختلفة بخصوص كل ما هو متصل بمهام العاملين بها ، النظام القانوني لأموالها ، و المسؤولية عن الأضرار التي تحدثها ... الخ.
النتيجة الثانية : النظام القانوني للهيئات الخاصة التي لا تدبر مرفقا عاما و لكن معهود لها بمهام المصلحة العامة ، أو التي تساعد الادارة ، وهو نظام يستمد أحكامه و قواعده الأساسية كليا من مبادئ القانون الخاص .
المطلب الأول :

الفرضيات التي يعهد وفقها للأشخاص و الهيئات الخاصة بتدبير مرفق عمومي

في هذا المجال يجب التمييز بين الفرضيات التنظيمية أو القانونية ، و الفرضيات العقدية أو التعاقدية :

أ‌.         الفرضيات التنظيمية أو القانونية

و هي الحالات التي اعتبر فيها القضاء الاداري کون ان القوانين و المراسيم التنظيمية هي التي أعطت إمكانية تدبير مرفق عمومي من طرف هيئات خاصة و الغير ممكن اعتبارها أشخاص عامة ، و هناك ملاحظات ممكن الخروج بها في هذا الاتجاه وهي :
1- بعض الحالات الهيئات الخاصة المعهود لها بتدبير مرفق عمومي تأخذ شكلها و إطارها القانوني و التنظيمي من نماذج كلاسيكية معروفة في ظل أحكام و قواعد القانون الخاص كالجمعيات، النقابات ، الشركات.
2 - هناك حالات أخرى يتم احداث هيئات خاصة معهود لها بتنفيذ مهام مرفق عام خصيصا لهذه الغاية ، على سبيل المثال بالنسبة لشركة الكوميديين الفرنسيين و كذا التنظيمات التي تحيل إليها قرار او حكم منبور و هناك أيضا المراكز الصناعية ، المراكز الجهوية لمكافحة السرطان ... الخ . فهل تشكل هذه النقابات أشخاصا عامة من نوع جديد ؟ القضاء الفرنسي يعتبرها ذات صبغة خاصة وتخضع للقانون الخاص .
ب - الفرضيات العقدية أو التعاقدية
مهمة تدبير مرفق عام من طرف هيئات أو أشخاص خاصة ، يمكن أن تكون محددة بموجب عقد إداري ، و أهم الأمثلة عقود المرافق العمومية الغير المسماة التي لا تكتسي أية صبغة مثل عقود امتياز المرافق العمومية، عقود الوظيفة العمومية بسبب عدم الرغبة في اعطاء صفة الموظف العمومي للخواص .
المطلب الثاني :

 النظام القانوني المطبق على الفرضيات التنظيميةو الفرضيات العقدية

هناك اشكالية تتعلق بالأعمال الأحادية الجانب للهيئات الخاصة و كذا الأنظمة المسؤولية التي تخضع لها كلما أحدثت أضرارا و لهذا سنعمل على توضيح كل نقطة على حدة.
1-    الأعمال الادارية الأحادية الجانب
للقيام بمهامها المرفقية تقوم الهيئات الخاصة بإصدار أعمال ادارية أحادية الجانب ذات صبغة تنظيمية أو فردية غير تنظيمية .
هذه الأعمال الإدارية كلما تجاوزت السلطة أو قامت بخرق القانون فإنها تخضع لرقابة القضاء الاداري وما يترتب عن ذلك من نتائج قانونية كقوتها الإلزامية التنفيذية، الخضوع لمبدأ المشروعية ، اختصاص المحاكم الادارية.

2 - العقود الإدارية

ليس هناك مجال لتطبيق معايير العقود الإدارية في هذا المجال لأنه ليس ثمة عقد اداري و المتعاقد مع هيئة خاصة يبقى خاضعا للمقتضيات القانونية التي تنظم العاملين بها المغايرة لأحكام المعمول به بالنسبة للأشخاص العامة .
 -3 نظام المسؤولية
هو نظام معقد هذه الإشكالية يمكن معالجاتها من زاويتين :
الأولى : و تتصل بمعرفة ما هي الجهة القضائية المختصة بالبث في دعاوى المسؤولية المرفوعة ضد الهيئات الخاصة المعهود لها بتدبير مرفق عمومي .
الثانية : و هي مرتبطة بمعرفة ما اذا كانت الدولة أو شخص معنوي عام آخر مسؤولا عن الأضرار التي تسببها هيئة خاصة معهود لها بتدبير أو تنفيذ مهام مرفقية .
تبقى الإشارة في الأخير بأن مهام الشرطة الادارية غير معترف بها للهيئات الخاصة لأن الأمر متعلق بسلطة غير قابلة لأي تفويض و عليه يعتبر غير ذي موضوع كل عقد منحت بمقتضاه أو تم تفويض وفقه سلطات و اختصاصات الشرطة لهذه الهيئات.
الفصل الثالث :

وسائل النشاط الاداري

حتى تؤدي الإدارة مهامها على أحسن وجه كان ضروريا من وضع رهن إشارتها مجموعة من الوسائل تعتمدها لأداء واجباتها تجاه المواطنين ، قد تكون قانونية وهي الأعمال الادارية القانونية وتتخذ صفتين قرارات إدارية أو أعمال انفرادية من جانب واحد أو أعمال اتفاقية من طرفين ورضائية وهي العقود الادارية ، هذه الوسائل قد تكون بشرية وتتجسد واقعيا في الموظفين والعمال التي تقوم بتمثيل الادارة وقد تكون مادية تعكسها الأموال التي تعتمدها الادارة وتخصصها للمنفعة العامة ويطلق عليها الأموال العامة والدولة لما كانت ترمي إلى تحقيق المصلحة العامة فإنها تلجأ إلى قواعد القانون العام و امتیازات السلطة العامة وهي تتمتع بالسلطة التقديرية مبدئيا لكن نشاطها في دولة الحق والقانون يكون في نطاق سلطة مقيدة بمبدأ المشروعية وسيادة القانون.

أعمال الإدارة العامة

الأعمال القانونية للإدارة العامة هي التي تقوم بها السلطات الادارية بغرض ترتيب آثار قانونية من خلال إنشاء مراكز قانونية جديدة أو إحداث تعديل في المراكز القانونية القائمة سلفا ، ويستوي في ذلك المراكز القانونية العامة أو الخاصة.
وتنقسم هذه الأعمال إلى فئتين :
الأعمال القانونية الصادرة من جانب واحد وتشمل القرار الإداري التنظيمي والقرار الاداري الفردي الأعمال القانونية الصادرة من جانبين يجسدها عمليا اتفاق الإدارة وغيرها من الأشخاص ذاتية أو جماعية خاصة أو عمة وهي العقود الادارية.
المبحث الأول :

 القرار الاداري

 سنعمل على تعريف القرار الاداري و تمييزه عن باقي الأعمال الادارية الأخرى ، مع توضيح مفهومه فقها و قضاء ، ثم نتطرق الى شروطه، و بيان أركانه ، نفاذه ، و نهايته .
المطلب الأول :

تعريف القرار الاداري

القرار الاداري هو العمل الانفرادي الصادر عن الإدارة معبرا عن ارادتها و المحدث لأثر قانوني في المركز أو الوضعية القانونية للأفراد بالتعديل او الزيادة أو الالغاء استنادا على سلطتها التقديرية و التقريرية
و حقها في توجيه الأوامر والنواهي تحقيقا للمصلحة العامة.
والطابع الانفرادي هو الطابع المميز للقرار الإداري على العقد الاداري ، فالأخير لا يمكننا الحديث عنه إلا في ظل توافق إرادتين الإدارة من جهة و الاشخاص المعنوية أو الطبيعية من جهة أخرى.

معايير القرار الاداري :

هناك معيارين محددين للقرار الاداري هما المعيار العضوي و المعيار المادي تو الموضوعي .

- المعيار العضوي للقرار الاداري

وفق هذا المعيار هو الجهة التي صدر عنها القرار الإداري وهو بهذا المفهوم هو القرارات التي تتخذها السلطة التنفيذية باعتبارها جهة إدارية أو سلطة إدارية و هو المعيار الذي تعتد به الغرفة الادارية للمجلس الأعلى و المحددة لاختصاصها كلما تعلق الأمر بدعاوي الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة تأسیسا على الفقرة الثانية من الفصل الأول للظهير الشريف المنظم للمجلس الأعلى 27 شتنبر 1957 و أيضا الفقرة الادارية 12 يوليوز 1991.
كل هذه النصوص ركزت على المعيار العضوي في تعريف القرار الاداري حيث اعتبرت من اختصاص الغرفة الادارية و المحاكم الادارية تلك القرارات الصادر عن السلطات الادارية و المطعون فيها بسبب الشطط في استعمال السلطة .

- المعيار الموضوعي أو المادي للقرار الاداري

المعرفة طبيعة العمل الإداري يجب تناوله في ذاته ، فالقرارات إذا كانت بطبيعتها من أعمال التنفيذ اعتبرت ادارية ، أما اذا كانت بطبيعتها متصلة بالأعمال التشريعية أو القضائية خرجت من نطاق العمال الادارية دون الأخذ بعين الاعتبار الجهة أو المؤسسة التي صدرت تلك الأعمال ، و هذا المعيار أكده  كل من : دوجي، بونارد، و مارسيل والین .
المطلب الثاني :

أركان القرار الاداري

و لقيام القرار الإداري و صحته ، من اللازم على الأقل توفر خمسة أركان وهم : عنصري الاختصاص والشكل و يعتبران من عناصر المشروعية الخارجية أي المتصلة بالجانب الخارجي للقرار ، و عناصر المشروعية الداخلية المرتبطة بجوهر القرار الاداري و هم : السبب و المحل و الغاية .
الفقرة الأولى :

 عناصر المشروعية الخارجية  للقرار الاداري

يعتبر الشكل و الاختصاص الذي يتم وفقه التعبير عن ارادة الادارة من العناصر الأساسية المتصلة بأركان القرار الخارجية ، و فيهما يتم ترجمة مشروعية القرار الخارجية، وهذه العناصر تعتبر فيها السلطات الادارة مقيدة و ينعدم لديها هامش المناورة .

أ‌-        عنصر الشكل في القرار الاداري

ويقصد به المظهر الخارجي للقرار الإداري ، ولا يخضع القرار - كقاعدة عامة - حين يصدر من جهة الإدارة لأي شكل محدد ، فلا يشترط في القرار الإداري أن يصدر في صيغة معينة أو في شكل معين ، بل ينطبق هذا الوصف ويجري حكمه كلما أفصحت الإدارة أثناء قيامها بوظائفها عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني معين .

ب - عنصر الاختصاص في القرار الاداري

مفهوم الاختصاص لما نص عليه القانون استهدف من خلاله هدفا مزدوجا :
- الحماية القانونية لأعمال و تصرفات الإدارية التي تكتسب المشروعية بعد مرور مدة معينة من الزمن .
- الحماية القانونية للأفراد تحقيقا لمصالحهم و تحديدا لمسؤولية الإدارة اتجاههم .
و الاختصاص هو الصلاحية المعترف بها للأشخاص العامة للقيام بما عهد إليهم به في الحدود المكانية ، الزمانية ، الموضوعية ، و الشخصية طبقا لما يوضحه المشرع.
1. مكاني يحدد المجال الترابي الذي تمارس فيه الادارة اختصاصاتها
2. زماني يحدد الزمن الذي تمارس فيه الادارة اختصاصها وينقضي بانقضاء هذه المدة
3. موضوعي عن طريق تحديد الأعمال التي لا يجوز لشخص عام القيام بغيرها
4. عنصر شخصي وذلك بتحديد الاشخاص المباشرين للعمل الإداري ولا يجوز تفویض اختصاصهم إلا بقانون .
الفقرة الثانية :

عناصر المشروعية الداخلية للقرار الاداري

تتمثل عناصر المشروعية الداخلية للقرار الاداري في السبب و الغاية و المحل و هي عناصر التي تتجلى فيها السلطة التقديرية الواسعة التي تنفرد بها السلطات الادارية عكس العناصر الخارجية حيث سلطات الادارة مقيدة و ينعدم لديها فيها هامش المناورة .

أ- عنصر السبب في القرار الاداري

هو الأمر السابق على القرار ، و لكي يكون القرار الإداري سليما أن يكون له سبب يقره القانون .
والسبب هو الحالة الواقعية أو القانونية المشروعة التي تجعل الإدارة تتدخل وتصدر القرار الإداري، إما ان يكون عملا ماديا كالفيضان ، أو زلزال مهدد للنظام العام مما يستوجب على الادارة التدخل لمنع انتشار الأمراض المعدية في حالة الكوارث ، و هناك عملا قانونيا كتأديب موظف عمومي ما إذا كان فعل فعلا أخل بالقواعد الوظيفية .
و اذا عملت الادارة تلقائيا على إصدار قرار إداري غير مؤسس على سبب قانوني أو مادي ، كان تصرفها خاطئا في تطبيق القانون على الوقائع بعيب السبب ، و هو عمل غير مشروع يمكن الطعن فيه بدعوى الإلغاء ، و القاضي إذا كان من حقه التحقق من الوقائع المؤدية إلى النتيجة التي آل إليها القرار بما في ذلك التكييف القانوني ، فإن ليس من حقه مراقبة ملائمة القرار متى كان في حكم الثابت صحة الوقائع و سلامتها .

 ب - عنصر الغاية أو الهدف في القرار الاداري

غاية القرار الاداري التي تتخذها السلطات المشرفة على المرافق العامة هو إشباع الحاجيات ، و تقديم خدمات تحقيقا للمصلحة العامة .
و اذا استهدفت الادارة تحقيق نفع ذاتي أو مصلحة شخصية عكس المصلحة العامة فيصبح عملها اعتداء مادي قابل للإلغاء أمام القضاء الإداري بعيب إساءة استعمال السلطة

ج - عنصر المحل في القرار الاداري

ويقصد به الأثر الذي ينجم عن القرار مباشرة ، سواء بإنشاء مركز قانوني موجود أو إلغائه . ويجب في محل القرار أن يكون ممكنا وجائزة من الناحية القانونية ، وإلا كان القرار باطلا لمخالفته القانون ويقصد بالقانون هنا المعنى الواسع ، أي القاعدة القانونية أيا كان مصدرها . مثلا تعيين موظف فمحل القرار هو وضع الشخص في مركز قانوني جدید ، ترقيته : تعديل في الوضعية القانونية للموظف .
المطلب الثالث :

انواع القرارات الادارية

يمكن تقسيم القرارات الادارية الى أنواع مختلفة استنادا الى مداها ، أثرها بالنسبة للأفراد، و من حيث خضوعها لرقابة القضاء.
1-    القرارات الادارية من حيث مداها
 يمكن تقسيمها إلى نوعين :
النوع الأول :

 القرارات التنظيمية

القرارات التنظيمية أو اللائحية هي تلك القرارات التي تحتوي على قواعد عامة مجردة تسري على جميع الأفراد الذين تنطبق عليهم الشروط التي وردت في القاعدة ، و عمومية المراكز القانونية التي يتضمنها القرار التنظيمي لا تعني أنها تنطبق على كافة الأشخاص في المجتمع ،فهي تخاطب فرد أو فئة معينة في المجتمع معينين بصفاتهم لا بذواتهم ، و القرارات التنظيمية اذا كانت تتميز ببعض خصائص التشريع فإنها تصدر عن الإدارة، وعلى ذلك فقد تصدر على شكل لائحة أو في شكل قرار وزاري ، فالقرارات التنظيمية و اللوائح مختلفة عن القانون من حيث المصدر فالأخير يصدر عن البرلمان ، أما القرارات الإدارية فتصدر من الجهاز التنفيذي بحيث يعتبر هذا الأخير سلطة ادارية ، لهذا فأن القانون في مرتبة أعلى و أسمى من اللائحة ، و اللوائح تخضع باعتبارها أعمالا ادارية الرقابة القضاء الإداري، واللائحة أو القانون التنظيمى يترتب عن خضوعه للقانون ثلاثة أمور :
- أنه لا يمكن أن يلغي قانونا أو يعدله أو يعطله أو يعفى من تنفيذه
- عدم التطرق للموضوعات المحجوزة لصالح المشرع
- لا يمكنها أن تؤول القانون أو تفسره لأن الأمر حكر على المشرع والقاضي .
و اللوائح حسب الفقه أربعة أنواع :
1- اللوائح التنفيذية التكميلية : هي التي تصدرها الادارة بغرض وضع القانون موضع التنفيذ، وهي تخضع تماما للقانون وتقيد به وتتبعه ، فلا تملك أن تعدل فيه او تضف اليه او تعطل تنفيذه.
2 - اللوائح المستقلة : و هي التي ينفرد الجهاز الحكومي بإصدارها دون الاستناد على قانون سابق و دون مشاركة السلطة التشريعية ، و هذه اللوائح غالبا ما يتم وضعها بخصوص تنظيم المرافق العمومية و تسييرها .
3 - لوائح الضرورة : هي اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية في غيبة البرلمان أو السلطة التشريعية المواجهة ظروف استثنائية عاجلة تهدد أمن الدولة وسلامتها ، فتمتلك السلطة التنفيذية من خلالها أن تنظم امور ينظمها القانون اصلا ويجب أن تعرض هذه القرارات على السلطة التشريعية في أقرب فرصة لإقرارها .
4 - اللوائح التفويضية : هي القرارات التي تصدرها السلطة التنفيذية بتفويض من السلطة التشريعية لتنظيم بعض المسائل الداخلة اصلا في نطاق التشريع ويكون لهذه القرارات قوة القانون سواء صدرت في غيبة السلطة التشريعية أو في حالة انعقادها.
النوع الثاني :

 القرارات الفردية

هي القرارات التي تنشئ مراكز قانونية خاصة بحالات فردية تتصل بفرد معين بالذات أو أفراد معينين بذواتهم و وتستنفذ موضوعها بمجرد تطبيقها مرة واحدة ، مثل القرار الصادر بتعيين موظف عام أو ترقية عدد من الموظفينالى سلم اعلى.
والقرارات الادارية الفردية انواع :
1 - القرارات الادارية من حيث أثرها :
القرارات الادارية ملزمة للأفراد و هم ملزمون باحترامها و الخضوع لمقتضياتها اختبارا أو جبرا أما بالنسبة للقرارات التي يقتصر أثرها على الادارة و العاملين بها دون أن يكون لها تأثير على الأفراد فهي تسمى بالإجراءات الداخلية .
فالقرار الاداري من حيث أثره نوعان أثر على الأفراد أو أثر على رجال الادارة وتسمى الإجراءات الداخلية كالتوجيهات والتعليمات والدوريات الصادرة عن رؤساء الإدارة.
2 - القرارات الكاشفة و القرارات المنشئة :
الكاشفة هي التي لا تأتي بجديد بل تقتصر على إثبات حالة موجودة سابقا مثلا قرار إداري بفصل موظف حكم عليه بعقوبة ، أما القرارات المنشئة هي القرارات التي يترتب عليها إنشاء مراكز قانونية جديدة أو إحداث تغيير في المراكز القانونية القائمة تعدي أو إلغاء.
مثال: القرار الصادر بتعيين موظف عام أو فصله أو معاقبته.
 3- القرارات الادارية من حيث مدى خضوعها للرقابة القضائية :
هناك قرارات ادارية خاضعة لقضاء الإلغاء أو قضاء التعويض و تشمل الإجراءات و الأوامر و التصرفات التي تقوم بها السلطات الادارية في تدبيرها للمرافق العامة تحقيقا للمصلحة العامة مثل القرارات الادارية الخاصة بالموظفين كالتعيين و الترقية و النقل و الفصل ... الخ
وهناك قرارات الإدارية التي تصدر عن السلطة التنفيذية ، وتتميز بعدم خضوعها لرقابة القضاء سواء أكان بالإلغاء أو التعويض و هذه القرارات متعلقة بأعمال السيادة أو تلك التي منعت التشريعات الطعن فيها أمام القضاء وتسمى أعمال الحكومة أو السيادة ، وهي التي تتخذها الحكومة باعتبارها جهة سياسية لا إدارية كالاعمال الحكومية المتعلقة بالعلاقة مع البرلمان أو علاقة الحكومة مع الدول الأجنبية هذه الاعمال نظرا لأهميتها وطبيعتها السياسية والدستورية غير خاضعة لرقابة القضاء الإداري.
المطلب الرابع :

 نفاذ القرار الاداري و سريانه

القرار الإداري يكون نافذ من تاريخ صدروه من السلطة المختصة قانونا بإصداره ، ولكنه لا يسري في حق الأفراد المخاطبين به إلا إذا علموا به عن طريق أحدى الوسائل المقررة قانونا.
ومن ثم فهناك تاريخان رئيسيان لنفاذ القرارات الإدارية هما تاريخ صدور القرار ، وتاريخ العلم به أو سريانه في مواجهة الأفراد .
1 - تاريخ صدور القرارات الادارية :
القرار الإداري يعد صحيحة ونافذة من تاريخ صدوره، ومن ثم فإنه يسرى في حق الإدارة من هذا التاريخ ، غير أن هذا القرار لا يكون نافذة بحق الأفراد إلا من تاريخ علمهم به فيلزم لذلك علمهم به بأحدى وسائل الإعلام المقررة قانونا .

أ‌-         مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية :

تسري آثار القرارات الإدارية على المستقبل ، ولا تسري بأثر رجعي على الماضي احتراما للحقوق المكتسبة للمواطنين وقد يجوز استثناءا أن يكون للقرارات الادارية أثر رجعي بنص صريح من القانون وفق شرطين أساسيين :
- أن يقع السحب خلال أجل رفع الدعوى الالغائية أو أثناء مدة التقاضي عند رفع الدعوى في الأجل القانوني.
- أن تكون القرارات المسحوبة مشروبة بعدم مشروعيتها مما يستوجب بطلانها.
ب - ارجاء أثار القرارات الادارية :
في مقابل قاعدة عدم الرجعية القرارات الإدارية على الماضي تملك الإدارة في بعض الأحيان إرجاء تنفيذ القرار الإداري إلى تاريخ لاحق ، ودرج القضاء الإداري على التمييز في ذلك بين القرارات الإدارية التنظيمية أو اللوائح والقرارات الإدارية الفردية :
- بالنسبة للقرارات الإدارية التنظيمية : تملك الإدارة أرجاء آثار القرارات التنظيمية إلى تاريخ لاحق لصدورها لأن القرارات التنظيمية تنتج عنها قواعد عامة و مجردة مما يمكن تعديلها في كل حين و ليس للأفراد الاحتجاج في مواجهة الدولة بأي حق مكتسب.
- بالنسبة للقرارات الإدارية الفردية : فالقرار الفردي اذا صدر قبل أوانه احتوى قيودا ملزمة للسلطة الادارية المختصة عند التاريخ المحدد لنفاذه و عليه فهو قرار باطل .
2 - تاريخ العلم بالقرار الاداري
إذا كان القرار الإداري ينفذ في حق الإدارة بصدوره ، فإنه لا يكون كذلك في مواجهة الأفراد ، فيلزم لذلك علمهم به بإحدى وسائل الإعلام المقررة قانونا وهي :
- الإعلان : لا يمكن الاعتماد عليه إلا بخصوص القرارات الفردية .
- النشر : أصبحت القاعدة العامة اتباع النشر في الجريدة الرسمية بالنسبة للقرارات التنظيمية .
المطلب الخامس :
القرارات الادارية بين الاختصاص المقيد
و السلطة التقديرية
في الدول الديمقراطية يقتضي مبدأ الشرعية السياسية و المشروعية القانونية احترام و خضوع جميع السلطات العامة للقانون بمفهومه الواسع بداية من الدستور و مرورا بالقوانين العادية و انتهاء بالمبادئ العامة للقانون و بالعرف.
و المشرع في تنظيمه لاختصاصات السلطة الإدارية الدنيا يسلك احدى الطريقتين و هما :
1 - إصدار قواعد عامة أمرة ناهية فيأمر بعمل معين أو الامتناع عن القيام به فالأمر هنا يتعلق بالسلطة المقيدة للإدارة اذ يقتصر دورها على تطبيق القانون على الفرضيات التي استوفت شروطا قانونية حددها القانون على سبيل الحصر و الدقة ، فالمشرع اذا اشترط الزامية توفر شروط معينة قبل منح رخصة معينة فتأكد الإدارة من وجود الشروط يفرض عليها منح الرخصة ، و سلطة الادارة في هذه الفرضية معروفة بسلطة الاختصاص المقيد.
2 - لابد من الاشارة ابتداء إلى أن السلطة التقديرية التي تتمتع بها الادارة خروجا او استثناء على مبدأ المشروعية ذلك أن تمتعها بمبدأ الاختيار إنما تمارس في المجالات التي تركها المشرع بإرادته وإدارته التقديرية من دون أن يحددها في هذا المجال بقواعد مقيدة لتصرفها ، و المشرع ما فعل ذلك إلا لتفهمه المساحة الملائمة لتحقيق الأهداف التي تتوخاها الإدارة من المصالح العامة .
يتضح أن سلطة الادارة تتراوح بين الاختصاص المقيد و السلطة التقديرية اللتان يجب التوفيق بين مقتضياتهما تحقيقا لسير سليم للعمل الاداري.
المطلب السادس :
تنفيذ القرار الاداري
تنفذ الادارة قراراتها وفق احدى الطريقتين الآتيتين :
1- التنفيذ الجبري المباشر
يمكن للإدارة تنفيذ قراراتها على الأفراد دونما حاجة للجوء الى القضاء و لكل من نازع في حق الإدارة في التنفيذ الجبري أن يحيل الأمر إلى القضاء.
و عليه فالإدارة تنفرد بميزتين أساسيتين :
أولهما : صحة و سلامة القرارات الادارية التي تفترض فيها السلامة لأن العمل الاداري عادة ما يحاط بضمانات خاصة الهدف منها استبعاد كافة أشكال التعسف و الشطط ، و هو ما يجب على الأفراد احترام القرارات الادارية و ان شكوا حول مشروعيتها و صحتها ، و يتسني من هذا الوضع حالات انعدام القرار الاداري حيث العيب جلي لا لبس فيه.
ثانيهما : التنفيذ الجبري المباشر هو طريق استثنائي ، لا تستطيع الإدارة أن تلجا إليه إلا في حالات محددة على سبيل الحصر ، و يبقى للأفراد حق طلب الغاء او ايقاف تنفيذ القرارات كلما كان من شأن تنفيذها | احداث نتائج لا يمكن تداركها ، و يجب اخبار أو إنذار مسبق للمعنى ، اللهم اذا كان ذلك مستحيلا ، كما أن تنفيذ الإدارة هذه الفرضيات يكون على مسؤوليتها بحيث اذا القضاء إذا أعلن أن القرار موضوع التنفيذ غير مشروع فهي ملزمة بالتعويض عن نتائج هذا القرار وإن كان التنفيذ نفسه قانونيا و مشروعا.
2 - التنفيذ بواسطة القضاء
يتم ذلك وفق احدى الدعويين :
- الدعوى المدنية : يستخلص من القانون الوضعي الفرنسي و عمل القضاء عدم جواز اتباع الدعوى المدنية للحصول على أحكام تلزم الأفراد بتطبيق القرارات الادارية ، و يتسني من هذا المبدأ الحالات الذي أقر فيها القانون صراحة تلك الإمكانية أو عمليا اذا استحال توقيع العقوبة الجنائية ، و عليه تطبيقا للقاعدة العامة فان المحاكم العادية أو القضاء العادي غير مختص بأعمال الادارة.
الدعوى الجنائية : ذلك في الفرضيات التي نص فيها القانون على العقوبات الجنائية كجزاء لمخالفة قرار اداري ما بحيث تكون الدعوى الجنائية وسيلة لإجبار الأفراد على احترام القرارات الإدارية.
المطلب السابع :
نهاية القرار الاداري
يقصد بنهاية القرار الإداري زاول القرار الإداري من عالم النظام والقانون وتوقفه عن إحداث الآثار القانونية أي بمعنى فقدان هذا القرار القوة القانونية.
وبنهاية القرار الاداري تسقط جميع آثاره القانونية.
لكن الادارة لا يمكنها أن تلغى أو تسحب قراراتها في أي وقت فقد تمس بالحقوق التي تكون هذه القرارات قد أعطتها و أكسبتها للأفراد و عليه يجب التمييز في هذا المجال بين الغاء القرارات الادارية او سحبها.
• إلغاء القرار الإداري
يقصد بها إنهاء آثار تلك القرارات بالنسبة للمستقبل و ترك أثار سارية على الماضي وبهذا اختلف الإلغاء عن السحب.
أما بخصوص سحب القرارات الادارية ويقصد بها انعدام القرار من لحظة صدوره أي انهاؤها بكيفية كاملة مستقبلا و ماضيا و بأثر رجعي، و متى كان القرار غير مشروع جاز للإدارة سحبه ومتى كان سلیما فلا يجوز لها السحب إلا في حالات استثنائية.
أما بخصوص القرارات المشروعة ، فيجب التمييز بين القرارات التنظيمية اللائحية و القرارات الفردية.
- إلغاء القرارات التنظيمية :
تملك الادارة الحق بإلغاء القرارات التنظيمية في كل وقت، فلها أن تعدلها أو تلغيها أو تستبدل بها غيرها وفقا لمقتضيات الصالح العام ، وليس لأحد أن يحتج بوجود حق مكتسب.
وذلك بسبب أن القرارات الادارية تنشئ مراكز قانونية عامة ومجردة لا فردية (ذاتية).

- إلغاء القرارات الفردية :
الأصل أن القرارات الإدارية الفردية إذا ما صدرت سليمة مستوفية للشروط التي يتطلبها القانون وترتب عليها حق شخصي أو مركز خاص، فإن الإدارة لا تملك المساس بها إلا في الحالات التي يجيزها القانون.
• سحب القرار الاداري
أما بخصوص سحب قرار إداري فيجب أن يكون غير مشروع ولم يتولد عنه حقوق مكتسبة أما في القرار التنظيمية المجردة فيمكن سحبها في أي وقت بما ينسجم مع المصلحة العامة ، أما القرارات الفردية التي أنشأت حقوق مكتسبة فلا يمكن إلغاؤها حتى وإن كانت غير مشروعة تحقيقا للاستقرار في المعاملات القانونية ويستثنى منها التراخيص للأفراد دون أن يكون لهم حق ثابت قانونا ، والادارة في جميع الحالات لا يمكنها سحب قراراتها حتى وإن كانت غير مشروعة فالمسألة مشروطة باحترام المواعيد المقررة قانونا ونشير إلى أن سحب القرار يتم بصدور قرار إداري آخر ساحب.
المبحث الثاني :
العقود الادارية
نشاط الادارة قد يقرر الدخول في علاقة تعاقدية مع الأفراد أو مع أشخاص القانون العام مما يساهم في تحقيق أهدافها الرامية في تدبير المرافق العامة تحقيقا للمصلحة العامة و هذه العلاقة ينشأ عليها عقد الذي يحدد واجبات و حقوق الطرفين و هذه العقود تتجلى فيها امتیازات السلطة العامة و تسري عليها أحكام القانون العام.
المطلب الأول :
تعريف وبيان شروط العقد الاداري
تعريف العقد الاداري
العقد الاداري هو الذي تقوم الإدارة بإبرامه أو أحد الأشخاص المعنوية مع شخص أخر من الأشخاص المعنوية العامة أو مع أشخاص القانون الخاص بهدف تسيير مرفق عام أو إنجاز أشغال عامة أو تدبير ملك عمومي أو ابرام خدمات لفائدة الدولة ...الخ
شروط العقد الاداري
ينفرد العقد الاداري بشروط استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص و هي :
- أن يكون شخص معنوي عام طرفا في العقد
- أن يتعلق ابرام العقد الاداري بتسيير مرفق عام
- أن تسلك الإدارة لتطبيق مقتضياته امتیازات السلطة العامة و وسائل القانون العام
1- أن يكون شخص معنوي عام طرفا في العقد
المقصود بالشخص المعنوي العام هنا هو الادارة التي يجب أن تكون طرفا في العقد مما يمكن القول أن العقود الادارية التي تبرمها الدولة ، الجهة ، الولاية ، العمالة ، الاقليم و الجماعات الحضرية و القروية باعتبارها أشخاص القانون العام بالمملكة المغربية هي بطبيعتها عقود ادارية و تسري نفس المقتضيات و التوجهات على الأشخاص المعنوية المرفقية أو المصلحية أو المؤسسات العامة ، و هذا الشرط اذا كان ضروريا فهو غير كافي على اعتبار أن الإدارة قد تبرم عقودا خاضعة لقواعد القانون الخاص.
2 - إبرام العقد الاداري بتسيير مرفق عام
علاقة العقد بالمرفق العام إذا كانت جوهرية لتحديد طبيعة العقد الاداري و الجهة المختصة فهي غير كافية لإعطائه تلك الصفة فالإدارة حتى وإن كانت بصدد مرفق عام قد تقرر اللجوء الى قواعد القانون الخاص للأسباب عملية و تطبيقية و عليه فالعقود التي تبرمها الإدارة لا تعتبر ادارية إلا إذا عملت الادارة على تبني وسائل القانون العام و امتیازات السلطة العامة.
فكان من اللازم التوجه إلى فحص موضوع العقد الذي يجب أن يستهدف تسيير مرفق عام من حيث تنظيمه وادارته واستغلاله أو المساهمة فيه ، فتسيير المرفق العام هي المبرر لطبيعة النظام القانوني للعقود الادارية.
نشير فقط إلى أن الإدارة قد تبرم عقودا وفق القانون الخاص والعقود الإدارية لا يمكن الحديث عنها إلا في إطار القانون العام و امتیازات السلطة العامة.
3- امتیازات السلطة العامة
يعتبر هذا الشرط أساسيا للعقد الاداري تأسيسا على أهم ما يميز العقد الاداري هو موضوعه وما يحتوي عليه من شروطا استثنائية وغير مألوفة في عقود القانون الخاص هي :
- شروط تعطي الإدارة امتيازات في مواجهة المتعاقد معها و تستطيع تحميله التزامات تجعله من مركز غير متكافئ و متساوي معها وقد تحتفظ الادارة لنفسها بالحق في تعديل مضمون العقد و سلطة الإشراف على تنفيذه وتحديد طريقة التنفيذ كإنهائه أو فسخ العقد بإرادتها المنفردة و قد تحتفظ لنفسها بحق توقيع عقوبة على المتعاقد في حالة عدم احترامه لتعهداته .
- و الشروط الغير مألوفة تظهر كذلك من خلال الوسائل المعترف بها للمتعاقد مع الادارة و ذلك بمنحه مثلا سلطات استثنائية في مواجهة الغير كممارسة امتيازات السلطة العامة من شرطة إدارية ونزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة و تقاضي الرسوم.
- الاستناد على دفاتر الشروط الادارية العامة و دفاتر الشروط الخاصة هذه الدفاتر من صميم العقد الاداري و تلزم على حد سواء الادارة و المتعاقد معها بما تتضمنه من شروط و قیود و هي مجموعة من الشروط الاستثنائية المضيفة للصفة الادارية على العقد.
المطلب الثاني :
انواع العقود الادارية
العقود الادارية نوعان هناك عقود ادارية بطبيعتها و هناك عقود ادارية بنص القانون .
أولا : عقود ادارية بطبيعتها
و هي العقود التي لا يوجد نص قانوني صريح يستفاد منه انها عقود ادارية و لهذا هناك جانب من الفقه يصفها بالعقود الادارية الغير مسماة و هناك جانب اخر سماها بالعقود الادارية باعتبارها عقود ادارية مؤسسة أصلا على الثلاث الشروط التي ذكرناها في مناقشة العقد الاداري .
ثانيا : العقود الادارية بنص القانون
وهي التي نص القانون على أنها عقود ادارية و وضع المشرع نظاما قانونيا خاصا بكل فئة منها و التي سماها الفقه بالعقود الادارية المسماة و يمكن توضيحها على النحو التالي :
- عقد التزام المرفق العام :
عقد إداري يتعهد أحد الأفراد أو الشركات بمقتضاه بالقيام على نفقته وتحت مسؤوليته المالية بتكليف من الدولة أو إحدى وحداتها الإدارية ، وطبقا للشروط التي توضع له ، لأداء خدمة عامة للمواطن ، وذلك مقابل التصريح له لاستغلال المشروع لمدة محددة من الزمن واستيلائه على الأرباح .
- عقد الأشغال العامة :
وهو اتفاق بين الإدارة و أحد الأفراد أو الشركات بقصد القيام ببناء أو ترمیم أو صيانة عقارات لحساب شخص معنوي عام  (مباني جسور إصلاح طرق ) ، وبقصد تحقيق منفعة عام  .
- عقد التوريد:
هو اتفاق بين شخص معنوي من أشخاص القانون العام وفرد أو شركة يتعهد بمقتضاه الفرد أو الشركة بتوريد منقولات للشخص المعنوي عام مقابل ثمن معين .
- عقد النقل :
عقد النقل الإداري هو اتفاق بين جهة الإدارة وفرد او شركة يتعهد بمقتضاه فرد أو شركة بنقل بضائع او منقولات أو أشخاص لحساب شخص معنوي عام الغاية منه تحقيق مصلحة عامة مقابل أجر معين متفق عليه في العقد.
- عقد تقديم المعاونة :
وهو اتفاق بين جهة ادارة وفرد أو شركة يلتزم بمقتضاه فرد أو شركة بالمساهمة نقدا أو عينا في نفقات مرفق عام أو شغل عام دون انتظار مقابل من مساهمته - مشفى مدرسة و تبقى هذه الفرضية اختيارية.
- عقد القرض العام :
وهو قيام الفرد أو الشركة (أو بنوك) بقرض مبلغا من المال إلى شخص من أشخاص القانون العام (الدولة ، الولاية .....) مع تعهد الشخص العام بسداده في الموعد المتفق عليه و قد يكون هذا القرض فائدة سنوية محددة أو بدونها وفقا للشروط وذلك في نهاية الأجل المحدد.
- عقد إيجار الخدمات :
خدماته لشخص معنوي عام مقابل عرض يتفق عليه للشروط وهو اتفاق بمقتضاه يقدم أحد الأشخاص المقترنة بهذا العقد الإداري .
المطلب الثالث :
آثار العقود الادارية
العقود الإدارية لا يحكمها مبدأ توافق الارادتين ، وسلطان الادارة أو قاعدة العقد شريعة المتعاقدين المعمول بها في القانون الخاص فالإدارة لما كانت تبحث عن المصلحة العامة الواجب تغليبيها في مواجهة المصلحة الخاصة فكان منطقيا أن تتمتع الادارة بنوع من الامتيازات يسمح لها باحتلال موقع يصبح معه تنفيذ العقود الادارية استجابة لمقتضيات المصلحة العليا للوطن وعليه تنفرد الإدارة بسلطة التحرير المسبق دون أن يجادل في مضمونها المتعاقد مع الإدارة، كما نجد بعض الشروط المفروضة على الادارة نفسها مقابل ذلك للمتعاقد معها حقوق استثنائية علاقة بالجانب المادي حيث هدفه الربح وهو أهم الحقوق المعترف له بها ، الحصول على التعويض المادي وإعادة التوازن المالي للمشروع متى توفرت الأسباب الداعية لذلك ، لذلك يجب توضيح حقوق والتزامات طرفي العقد.
الفقرة الأولى :
سلطة الادارة
امتیازات و سلطات الادارة تعد أساس نظرية العقود الادارية على اعتبار أن الادارة تنفرد بسلطات واسعة في هذا المجال غير مألوفة في العلاقات العقدية بين الخواص و عليه من اللازم على المتعاقد الوفاء بالتزاماته التعاقدية المتضمنة في العقد و القواعد العامة التي يحتوي عليها و من هنا نجد بأن الالتزامات التي تقع على عاتق المتعاقد مع الإدارة متعددة ومختلفة باختلاف العقود الإدارية.
سلطات و امتیازات الإدارة الإدارة لا تستطيع الإخلال بالمصالح والمكتسبات المالية للمتعاقد معها ومع ذلك تظل الادارة مالكة في مواجهة المتعاقد لسلطات هامة وواسعة تندرج في سياق سلطاتها في الرقابة و التوجيه و توقيع الجزاءات و تعديل شروط العقد بل و انهائه.

أ- حق الادارة في التوجيه و الإشراف و الرقابة على تنفيذ العقد
نظرا لكون الإدارة طرفا في العقد الإداري تتمتع بامتيازات السلطة العامة فإن هذا يعطيها حق في صدور رقابتها على كيفية تنفيذ المتعاقد لالتزاماته التعاقدية و لها حق توجيهه في هذا المجال ضمانا لسلامة تنفيذ العقد عن طريق دوريات و منشورات و تعليمات وإلا تعرض المتعاقد للمساءلة القانونية ، و سلطة الإدارة في هذه الرقابة على تنفيذ العقود الإدارية ليست مطلقة فالإدارة منحت هذه السلطة لتحقيق هدف محدد هو ضمان سير المرافق العامة بانتظام واضطراد فإذا استعملت بغية تحقيق غرض آخر لا يتصل بالمرفق العام فيعتبر ذلك إساءة في استعمال السلطة . كما لا يجب أن يصل الأمر إلى الاستغلال المباشر عن طريق التدخل في التسيير الداخلي للمرفق.
ب - حق الادارة في توقيع الجزاءات على المتعاقد
كل إخلال من طرف الملتزم بالتزاماته التعاقدية يؤدي الى توقيع جزاءات عليه و التي تتخذ صفة الجزاء المالي و الضغط و الإكراه و فسخ العقد وإنهائه بل واجباره على التنفيذ المباشر على نفقته أو تفويت المرفق العام إلى غيره و هي تدابير تتم على حساب المتعاقد و تحت مسؤوليته وهذه الجزاءات من أجل ضمان سير المرفق العمومي بشكل جيد ومنتظم ، لكن لا يمكنها توقيع جزاءات جنائية.
ج - سلطة الادارة في تعديل شروط العقد الاداري
للإدارة الحق في تعديل شروط العقد بكيفية انفرادية دون موافقة المتعاقد معها ، لكن الادارة لا يمكن أن تمس شروط العقد المالية و المتصلة بالمزايا المالية المعترف بها للمتعاقد ، بحيث أعطت الغرفة الادارية بالمجلس الأعلى حكما صادرا بهذا الخصوص بتاريخ 12 مايو 1967 ، و اذا تم تجاوز النطاق المنطقي من طرف الادارة جاز للمتعاقد مقاضاتها و طلب التعويض المناسب و للمتعاقد أن يطلب من القضاء فسخ العقد.
وبديهي أن يكون التعديل له معنى عقول وألا يتجاوز النطاق المنطقي وإلا جاز للمتعاقد مقاضاة الادارة وطلب التعويض.
د - سلطة الادارة في انهاء العقد الاداري أو فسخ العقد
سلطة الإدارة في إنهاء العقد الإداري من أهم السلطات التي تتمتع بها الإدارة المتعاقدة في مواجهة المتعاقد معها حتى و ان لم يرتكب معها أي خطأ و الإدارة اذا رأت بأن العقد أصبح خارج إطار المصلحة العامة تضع له حد نهائي وهو أحد أهم العناصر الجوهرية المميزة للعقد الاداري .
الفقرة الثانية :
 حقوق المتعاقد مع الادارة
هذه الحقوق تطغى عليها مبادئ أساسية تجد سندها في واقع مفاده أن المتعاقد مع الادارة يستهدف تحقيق الربح و المصلحة الخاصة و غالبا يمكن حصر حقوقه على ضوء الممارسة في ثلاثة وهي :
أ‌-        الحصول على المقابل المادي
أهم حقوق المتعاقد مع الادارة حصوله على المقابل المادي أو النقدي أو المالي من الادارة أو الأفراد أو هما معا و المقابل المالي يتجسد واقعيا في ثلاث مظاهر :
- عقود التوريد والأشغال و النقل يتخذ صورة الثمن
- عقود الوظيفة العمومية يتخذ شكل المرتب
- عقود القرض يعتبر فائدة
أما عقود الامتياز غالبا ما يكون على شكل رسم وتبقى الرسوم والمرتبات والأجور قابلة للتغيير من الادارة بإرادتها المنفردة لأنها خاضعة لضوابط لائحية وتنظيمية ، و المقابل المالي الذي يتلقاه المتعاقد من الادارة يكتسي صبغة تعاقدية لا يمكن المساس في مقتضياته إلا استثناءا أما المقابل النقدي الذي يتلقاه المتعاقد من الجمهور فهو ذو صبغة تنظيمية تستطيع الادارة تعديله بإدارته المنفردة دون حاجة لرضاء المتعاقد معها.
ب - حق اقتضاء التعويض للمتعاقد
وفقا للقواعد العامة يمكن أن يتقاضى بعض التعويضات في حالة تسبب الإدارة بإحداث ضرر به لعدم تنفيذها التزاماتها التعاقدية ، و كذلك يتقاضى المتعاقد التعويض عن الأعمال الإضافية التي ينجزها ولم تكن واردة بالعقد و اتضح أنها أساسية للمرفق العام ، كما يستحق المتعاقد التعويض إذا واجه أثناء تنفيذ العقد صعوبات مادية استثنائية لم تدخل في حساب طرفي العقد وتقديرهما عند التعاقد وتجعل التنفيذ أكثر من الكلفة التي قدراها.
ج - التوازن المالي للعقد
أن الاعتراف للإدارة بسلطة تعديل شروط العقد وزيادة أو إنقاص التزامات المتعاقد معها بإرادتها المنفردة لابد أن يقابلها من جانب أخر حق للمتعاقد يتمثل بمنحه من الامتيازات المالية ما يساوي الزيادة في التزاماته فالعدالة تقتضي أن يكون من طبيعة العقود الإدارية أن تحقق بقدر الإمكان توازنة بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع الإدارة وبين المزايا التي ينتفع بها ، وعلى هذا فإن فكرة التوازن المالي تتعلق بالاختلال المالي للعقود بفعل الإدارة وهي فكرة ملازمة للتعديل في العقود الإدارية ولا يمكن الاعتماد عليها أساسا في كل الفرضيات و عليه وجب أن نتناول الحالات التي اعترف فيها القضاء للمتعاقد بحق الحصول على التعويض حتى و لو لم ترتكب الادارة أي خطأ و هي كتالي :
1- نظرية فعل الامير
وضع إطارها مجلس الدولة العام الفرنسي، و يراد بعمل الأمير جميع الأعمال الإدارية المشروعة التي تصدر عن السلطة الإدارية المتعاقدة ، وتؤدي إلى ضرر بالمركز المالي للمتعاقد معها و هناك شروط التطبيق نظرية الأمير :
- أن يكون الإجراء الذي أصدرته الإدارة غير متوقع وقت إبرام العقد
- أن ينتج عن هذا الفعل ضرر للمتعاقد يقلب المحتوى الاقتصادي للعقد
- أن يكون الفعل الضار صادرة من جهة الإدارة المتعاقدة
- أن يصدر الأجراء بكيفية مشروعة بدون خطأ من الادارة
في مثل هذه الفرضية يترتب على توافر شروط تطبيق نظرية عمل الأمير إعادة التوازن المالي للعقد عن طريق تعويض المتعاقد عن الأضرار التي لحقت به نتيجة الإجراء الذي أصدرته الإدارة، تعويضا كاملا .
2- نظرية الظروف الطارئة
نظرية الظروف الطارئة من خلق مجلس الدولة الفرنسي، الذي أقرها في حكمه بتاريخ 30-3-1916 بشأن قضية إنارة مدينة "بوردو" و التطبيق هذه النظرية يجب :
- وقوع حوادث استثنائية عامة غير متوقعة بعد إبرام العقد .
- أن يؤدي الظرف الطارئ إلى إلحاق خسائر غير مألوفة للمتعاقد ومن شأن هذه الخسائر أن تؤدي إلى اضطراب في التوازن المالي للعقد و أن يؤثر على سير المرفق مما قد يسبب في توقفه .
- في مثل هذه الفرضيات فإن المتعاقد غير معفي من التزامه وإنما يتم توزيع الأعباء مناصفة بين الادارة و المتعاقد بكيفية مؤقتة حتى تزول الظروف الطارئة .
- من اللازم أن تكون الظروف المهددة لتنفيذ الالتزام مؤقتة و هي السبب المباشر الذي حال دون تنفيذ العقد.
- التعويض في هذه الحالة لا يمكن أن يكون إلا جزئيا لمساعدة المتعاقد على تخطي الصعوبات .
3 - نظرية الصعوبات المالية الغير المتوقعة
يترتب على تطبيق هذه النظرية على ضرورة تعويض المتعاقد إذا أدت الصعوبات المالية أثناء تنفيذه الالتزاماته ، وغالبا ما تظهر هذه الصعوبات في صورة ظواهر طبيعية استثنائية و غير متوقعة أصلا عند إبرام العقد.
تبقى الإشارة في الأخير أن هذه النظريات الثلاث متداخلة فيما بينها ويصعب التمييز بينها و القضاء هو صاحب الضوابط و المعايير المميزة لها.

لاتنسونا ووالدينا من صالح الدعاء
reaction:

تعليقات