القائمة الرئيسية

الصفحات

ملخص قانون الميزانية PDF | المالية العامة

ملخص قانون الميزانية
قانون المالية العامة pdf, قانون الميزانية
قانون المالية العامة PDF

فصل تمهيدي
يعتبر المال من المقومات الأساسية للدولة، وفي كيفية تدبيره يدخل حقل المالية العامة، والتي لها ارتباط أساسي بالحقل الاقتصادي، فالمالية العامة هي مجموعة قواعد تطبق على الأموال العمومية للأشخاص العمومية  )الدولة - الجماعات المحلية - المؤسسات  العمومية ) والمال ينقسم للمال الخاص والمال العام هذا الأخير محكوم بتحقيق أهداف اجتماعية وليس الربح، وهو يخضع للقانون العام.
يتكون حقل المالية  العامة من ثلاث فروع :
1 قانون الميزانية
 3القانون الضريبي.
وقانون الميزانية هو مجموعة من القواعد المطبقة على الوثائق التي تتوقع أو ترخص موارد
ونفقات الأشخاص العمومية، بهدف إعطاء المواطن علم بالعمليات المنجزة على الأموال
العمومية.




لمن يريد التحميل ما عليه الا الضغط على رابط التحميل في اعلى هذه الجملة ولمن يود القراءة دون تحميل فالملخص بالكامل امام حضراتكم.

مفهوم الميزانية وأهميتها في إطار السياسة العمومية :

الميزانية هي أهم أداة بيد الدولة لبلوغ أهدافها التنموية ، فهي ترجمة فعلية التوجهات السلطة التنفيذية ( الحكومة ) فالميزانية المعاصرة تعكس السياسة الاقتصادية والاجتماعية المنتهجة ، وتبرز الأولويات المقررة من خلال الاعتمادات المرصودة كما أنها تبني بوضوح المجهود المالي للدولة في تدبير الشأن العام وتنفيذ السياسات العمومية.


تتميز الميزانية المعاصرة في كل بلدان العالم بعدد من الخاصيات يمكن تلخيصها كما يلي :
1-     تشكل الميزانية الأداة الأساسية التي بواسطتها تمكن الدولة من تمويل أنشطتها في جميع الميادين و من الممارسة الفعلية صلاحيتها ، خصوصا بعد التوسع الذي عرفه دور الدولة خلال القرن الماضي، حيث لا يكاد يخلو أي قطاع من التدخل المباشر أو غير المباشر للدولة.

2-     تخضع الميزانية لتأطير قانوني كثيف يغطي مختلف مراحل تحضيرها و تنفيذها و يشمل هذا التأطير هرم الترسانة القانونية المتوفرة في البلاد من فقمتها إلى قاعدتها ، ابتداء من الدستور وانتهاء بالدوريات الإدارية ، مرورا بالقوانين التنظيمية و القوانين العادية و المراسيم و القرارات الوزارية.

3-     تشكل الميزانية كذلك مرآة تعكس ميزان القوى بين الجهازين التشريعي و التنفيذي.
و يتجلى التوازن بين الجهازين على الخصوص في مدى اتساع أو ضيق الهامش المتوفر للبرلمان لتغيير مشروع قانون المالية المقدم من طرف الحكومة.

و إذا كان هذا الهامش ضيقا نسبيا في بعض الدول كفرنسا و المملكة المتحدة ، فإنه على العكس من ذلك واسع جدا في دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي يتوفر فيها الكونغرس على صلاحيات واسعة للتصرف في اقتراحات الحكومة حتى بعد المصادقة على الميزانية.
4-     تشكل الميزانية أيضا ترجمة وفية للسياسة الحكومية إذ يمكن استنتاج هذه السياسة من خلال تحليل العديد من المعطيات المنبثقة منها مثل بنية الموارد والتحملات و كيفية توزيع كل من الاقتطاعات والاعتمادات على مختلف فئات المجتمع و قطاعات النشاط الاقتصادي.

5-     ترتب على الميزانية آثار مباشرة على الوضعية الاقتصادية و المالية و الاجتماعية و المجالية.
و يمكن في هذا الصدد سوق الأمثلة التالية :
على الصعيد الاجتماعي :
• إمكانية إعادة توزيع الثروات عن طريق الاقتطاعات الضريبية .
• ترجمة التضامن الوطني إلى واقع ملموس من خلال تحسين وضعية الفئات المستضعفة بالرفع من مدخولها وتمكينها من الاستفادة من الخدمات والتجهيزات الأساسية .
على الصعيد الاقتصادي و المجالي :
• تشجيع بعض الأنشطة عن طريق الإجراءات الجمركية أو الضريبية أو توجيه الاستشارات بصفة خاصة نحو بعض المناطق أو بعض القطاعات المعينة قصد إقرار نوع من التوازن القطاعي أو الجهوي .
• الحد من آثار التقلبات الاقتصادية الظرفية أو الدورية من خلال العمل على تقوية العرض بالحث على الاستمارات المنتجة أو تشجيع الطلب عن طريق تعزيز القوة الشرائية للأسر برفع الأجور أو التخفيف من الضغط الضريبي .
على الصعيد المالي :
• التمكين من إعادة إقرار التوازنات الاقتصادية و المالية الكلية في حالة وجود اختلالات هيكلية مزمنة.
و تتمثل أهم أداة في هذا الباب في الضغط على الطلب الداخلي من خلال تقليص النفقات العمومية.
و تندرج ضمن هذا الإطار برامج التقويم الهيكلي التي تم اعتمادها في بداية الثمانينات من القرن الماضي و إن كانت آثارها أشد وقعا على ميزانية الاستثمار.
• تأثير هيكل تمويل الميزانية على السوق المالي وعلى مستوى سعر الفائدة على الخصوص .
ذلك أن لجوء الخزينة إلى الاستدانة بصفة مفرطة من السوق المالي الداخلي من شأنه أن يكتف الضغط على الموارد المالية.
المتوفرة و أن يقلص بالتالي إمكانيات التمويل المتاحة لفائدة القطاع الخاص و يغذي توجه سعر الفائدة نحو الارتفاع .
و أكثر من هذا كله ، يرتبط مفهوم الميزانية بالحقوق الأساسية للإنسان والمواطن نظرا لما تتوخاه الميزانية في العصور الحديثة من تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد و الرفاهية للسكان ، و ما تستند إليه من وجوب مساهمة الجميع كل حسب طاقته ، في جو من الشفافية و الوضوح ، في تحمل أعباء التكاليف التي يستلزمها بلوغ هذه الغايات .
و على أي حال ، فإن مفهوم الميزانية قد عرف تطورات عميقة خلال القرن الماضي حيث تحول من مجرد أداة للترخيص للمداخيل والنفقات و أداة لتأمين مراقبة الجهاز التشريعي على أنشطة الجهاز التنفيذي إلى أداة أساسية لبلورة و تنفيذ سياسات اقتصادية و اجتماعية محددة المعالم و إلى وسيلة لتوزيع الموارد المتوفرة على المستوى الوطني ، سواء منها البشرية أو المالية أو المادية على الوجه الأمثل و ذلك عبر العمل على تكثيف نجاعة النفقات العمومية التي أصبحت تشكل أكثر فأكثر إحدى الهواجس الرئيسية للتدبير العمومي حتى يتسنى للمرافق العمومية بلوغ نفس الغايات بأقل التكاليف .
وعموما الميزانية بصفة عامة تحيل في العادة مباشرة على الأرقام، ولكن وراء هذه الأرقام نجد خطة عمل إجرائية لتفعيل سياسات تبرز آثارها الاقتصادية والاجتماعية.

مفهوم علم المالية العامة

إن اهتمامات علم المالية العامة، تختلف حسب تطور وظائف الدولة واختلاف طبيعتها ما بين الفكر التقليدي والفكر الحديث.



المفهوم التقليدي لعلم المالية العامة

ارتبط هذا المفهوم بالتيارات الليبرالية التي سادت خلال القرنين الماضيين والتي تكرس معها مفهوم الدولة الحارسة أو الدر كية " L'Etat gendarme " التي يقتصر دورها على القيام ببعض الوظائف التقليدية كالأمن والدفاع والعدل، وتبعا لذلك ينحصر مفهوم علم المالية العامة في دراسة الجوانب المتعلقة بالنشاط المالي للدولة والذي يقتصر بدوره في ظل الدولة الحارسة على إشباع الحاجات التي يصعب على الأفراد القيام بتوفيرها بالاعتماد على أنفسهم وعلى إمكانياتهم الذاتية.
وفي هذا الإطار پری کاستون جيز G - Jeze بأن علم المالية العامة " يتكون من مجموع القواعد التي يجب على الحكومات والهيئات العامة تطبيقها في تحديد النفقات العامة وتوفير الموارد اللازمة لتغطية هذه النفقات بتوزيع أعباتها بين المواطنين ".
إن هدف المالية العامة حسب الفكر التقليدي يقتصر على تغطية الإيرادات النفقات العمومية، أي أن علم المالية العامة كان يقتصر على الاهتمام بتوفير الإيرادات اللازمة لتمكين الدولة من ممارسة وظائفها التقليدية، ولذلك ينطوي هذا الهدف على تحقيق أغراض مالية بحثة دون حاجة إلى تحقيق أي أغراض اقتصادية أو اجتماعية، وانطلاقا من هذا الهدف فإن النفقات العمومية ينبغي أن تنحصر في انجاز الوظائف المحدودة للدولة، في حين لا ينبغي تحصيل الإيرادات إلا في الحدود الضرورية لتغطية النفقات التقليدية طبقا للالتزام بقاعدة التوازن المالي، وهو ما يعني التخفيض من حجم إيرادات الدولة وبالتالي الحد من النفقات العمومية.
 وهكذا، فإن علم المالية العامة حسب المفهوم التقليدي كان يقتصر على دراسة سبل تغطية النفقات العمومية من جهة، ودراسة كيفية توزيع الأعباء العامة بين المواطنين من جهة أخرى.
 وهو نفس الاستنتاج الذي توصل إليه موريس ديفرجي( MauriceDuverger) في كتابه "المالية العامة" الصادر سنة 1978، بكيفية تكرس معها حياد المالية العامة موازاة مع حياد الدولة.

المفهوم الحديث لعلم المالية العامة :

على إثر تطور وظائف الدولة وانتقالها من المحايدة أو الحارسة إلى الدولة المتدخلة " L'Etat interventionniste " ، عرف مفهوم علم المالية تطورا هاما، حيث أصبح ينطوي على البحث في تكييف مستويات النفقات والإيرادات العمومية مع حاجات المجتمع بكيفية ترمي إلى تشجيع الإنتاج ومعالجة ظاهرة البطالة والحد من الزيادة في الأسعار حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي تجنب التضخم وذلك بغية تحقيق التوازن الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
فعلم المالية العامة أضحى يتعدى الاقتصار على تغطية النفقات العمومية ليمتد إلى البحث عن سبل ترشيد هذه النفقات والرفع من مردوديتها والسرعة في إنجازها وكذا السعي إلى تحقيق المرونة المالية في القطاع العام، بالإضافة إلى البحث عن آليات عقلنة النظام الجبائي والرفع من مردويته فضلا عن دراسة الارتقاء بالتدبير المالي العمومي إلى مستويات النجاعة والمردودية والشفافية.
كما أن المفهوم الحديث لعلم المالية يسعى إلى تطوير أدوات النظام المالي سواء من خلال تطوير وظائف الضرائب حيث أصبحت لها أبعادا جديدة تتجاوز البعد التمويلي للخزينة لتمتد إلى البعد الاقتصادي عبر التحكم في التضخم وتشجيع الاستهلاك وتحفيز الاستثمار وحماية الاقتصاد من المنافسة وغير ذلك، بالإضافة إلى البعد الاجتماعي المتمثل في إعادة توزيع الدخل بين أفراد المجتمع، أو من خلال تطوير النفقات التي لم تعد محايدة بل أصبحت تتفاعل مع السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة فيتم توجيهها مثلا إلى تذويب الفوارق الاجتماعية وإلى محاربة البطالة عن طريق التشغيل، وتحفيز الاقتصاد وتشجيع الاستهلاك عن طريق الزيادة في الأجور وتوفير الخدمات الاجتماعية.

 تاريخ الميزانية

يذهب ( boudin بودان) إلى أن المالية العامة هي مرآة للدولة ومحرك لها، مرآة لأنه من خلالها تدرس طبيعة الدولة هل هي دولة ليبرالية أم تدخلية، محرك لها فهي تخول الدولة إمكانية التحرك في الإقتصاد وأيضا في الميادين الاجتماعية والسياسية، بالتالي فكلما تعددت وظائفها كلما تضخمت ماليتها.
ومفهوم الميزانية هو مفهوم غامض وتطوري.
مفهوم غامض : لأنه يعد أداة مالية ومحاسباتية يتعين إعطائها شكل قانوني، ذلك أن الميزانية أو ما يعرف حاليا بقانون المالية هو قانون، ولكن يختلف عن القوانين الأخرى على ثلاث مستويات :
على مستوى المسطرة، المضمون والآثار.
مفهوم تطوري : مفهوم خضع لتطور كبير، ففي ظل الدولة الليبرالية بدأ التصويت السنوي على الميزانية كتصرف سیاسي الذي من خلاله يعطي البرلمان للجهاز التنفيذي وسائل الإشتغال غير أن هذه البساطة في الأهداف ستتغير في المرحلة الحالية مع الإدماج المتنامي للمالية العامة في الإقتصاد فقد أصبحت الميزانية أداة ظرفية يتوجب أن تتكيف، وتصحح الإختلالات الاقتصادية وهنا وقع تحول في مجال تطبيق ترخيص الميزانية الذي أصبح معقدا بشكل كبير بحيث سجل تنوع في الالتزامات والتمويلات، كما حلت مصطلحات جديدة محل مصطلحات قديمة، فهناك انتقال من مفهومي الواردات والنفقات إلى مفاهيم التكاليف والموارد.

علاقة قانون المالية بباقي فروع القانون :

تربط قانون المالية بفروع القانون  العام علاقة تأثير وتؤثر نجملها فيما يلي :

علاقة قانون المالية بالقانون الدستوري :

باعتبار الدستور أسمى وثيقة تخضع لها كل القوانين، بحيث نجد ارتباط بین قانون الميزانية والقانون الدستوري، وبالتالي تخضع الميكانيزمات المالية للقواعد الدستورية، كما أن الظاهرة المالية تؤثر على البناء الدستوري، فأسس الميزانية تجد مرجعيتها في الدستور، الوجه الجديدة للدساتير تتجه نحو تسجيل العديد من قواعد الميزانية في الوثيقة الدستورية، كما أن معرفة نظام دستوري لبلد ما ترتبط بمعرفة مؤسساته المالية.

علاقة قانون المالية القانون الإداري :

لا يمكن معرفة المؤسسات الإدارية لدولة مادون معرفة وضعيتها المالية، كما أن تطور القانون الإداري له انعكاس على قانون الميزانية.

علاقة قانون المالية بالسياسة :

لا يمكن الفصل بين المسائل السياسية و المالية، فعلم السياسة يتكلم حول میکانیزمات الحكم والوصول إلى السلطة، وهناك نقاشات حادة تدور بين الأحزاب السياسية وفي الميزانية مثال: بريطانيا النظام السياسي يبني على النظام الضريبي.

علاقة علم الإحصاء بالميزانية :

بحيث أصبح من المهم دراسة المادة اعتمادا على مناهج علوم الإحصاء و بالاعتماد على البرامج الإحصائية التي عرفت تطورا، و كنموذج على ذلك لم يعد تقدير الميزانية يعتمد على تلك المقولة المتميزة هناك نفقات يجب تغطيتها، بل من الضروري الاعتماد على برامج، وتوقع النفقات مثل نموذج عقلنة اختيارات الميزانية والدراسات الإحصائية الأساسية في وضع التوقعات المالية وأيضا في إنجاز المراقبة.

ارتباط قانون المالية بالعلوم الحقة :

أهمية القضايا الاقتصادية في الظواهر المالية دفعت بالمهتمين إلى ضرورة الأخذ بعين الإعتبار التأثير المتبادل بين الاقتصاد والميزانية، فالاقتصاد يؤثر على الميزانية فكلما ارتفع الأداء الإقتصادي كلما ارتفعت الموارد، وتحديد مستوى سعر ضريبية معينة يؤثر في الإقتصاد.
 بحيث أصبح من الصعب وضع سياسة ضريبية تجهل بنية المداخيل والتكلفة أو عدم معرفة بنية ومبلغ الادخار والاستثمار وبنية حجم القروض.
إن قانون المالية أضحى يرتبط بالبعد الاقتصادي فهو أساس لمعرفة التشريع المالي والضريبي عن طريق دراسة نماذج حية .

أبعاد قانون الميزانية :

تحمل الميزانية عدة أبعاد أساسية.

البعد السوسيولوجي لقانون الميزانية :

 ميزانية الدولة لا يمكن أن تنجح إلا في إطار بنية اجتماعية فالعلوم الاجتماعية لها تأثير حاسم على قانون الميزانية وذلك على أربعة مستويات. السوسيولوجية المالية: لا ترتبط بالحكومة بل بالبنية الاجتماعية للدول التي تطبق فيها.

البعد التاريخي لقانون الميزانية :

يحتل التاريخ مكانة مادية في معرفة ودراسة المالية العامة بمختلف فروعها، فمقتضيات الميزانية نجد جذورها في التاريخ (تطور علاقة البرلمان بالمادة التاريخية مثال( بريطانيا)

البعد الديني لقانون الميزانية :

هذا البعد يظل غالبا في البلدان الغربية لكن يحضر بمستويات عدة في الدول العربية الإسلامية مثال ( البنوك الإسلامية- صندوق الزكاة).

البعد السيكولوجي أو النفسي لقانون الميزانية :

 أساسي لفهم الظواهر المالية فلابد من علاقة ثقة أو علاقة توثر، كلما ارتفعت الثقة بين المواطن والدولة إلا وارتفعت المداخيل ( الدول الاسكندنافية) هناك رفض التهرب الضريبي).
لأن هناك اقتناع بأن الضريبة واجب، وهذا يدل على وجود الثقة في الدولة و بالتالي عدم وجود اختلاسات.
شاهد ايضا : قانون الشغل الملخص الثاني

التطور التاريخي لنشأة الميزانية :

ظهر مفهوم الميزانية لأول مرة في إنجلترا ابتداء من عام 1688 على إثر إصدار وليام الثالث لما يسمى بدستور الحقوق، حيث إنه بمقتضى هذا الدستور أصبح البرلمان يرخص بكيفية دورية ومتجددة بكافة أنواع الإيرادات والنفقات، وتبعا لذلك تقيدت سلطة الملك في المجال المالي، وتطورت سلطة البرلمان في هذا المجال بالتدريج حيث استقر منذ القرن الثامن عشر مبدأ الترخيص البرلماني وأصبحت الحكومة لا تقوم بالنفقات أو بتحصيل الإيرادات إلا بعد إذن البرلمان قبل بداية كل سنة .

وفي فرنسا وابتداءا من سنة 1817 ميلادية أصبح أعضاء البرلمان يقومون بمراقبة نفقات كل وزارة على حدة قبل أن تتكرس تدريجيا المصادقة على ميزانية الدولة بكيفية دورية، وتبعا لذلك فإنه يمكن القول أن فرنسا لم تعرف مفهوم الميزانية العامة لأول مرة إلا ابتداء من هذا التاريخ.
فأول النصوص التي قامت بمحاولة

تعريف الميزانية

تعود إلى المرسوم الصادر في 31 ماي 1862 بفرنسا حيث عرف الميزانية في المادة الخامسة بأنها: " بيان تقدر وترخص بمقتضاه الإيرادات والنفقات السنوية للدولة أو المصالح الأخرى التي تخضعها القوانين لنفس القواعد "، ما يلاحظ على هذا التعريف أنه ذا طابع عام لأنه يطبق على مختلف الهيئات العمومية ثم أنه يحدد مبدأ السنوية كشرط وفعالية للترخيص البرلماني.

هذا التعريف الذي قدم في مرسوم 1862 فقد أهميته نتيجة لتطور وظيفة الدولة حيث أصبحت الميزانية ليست مسألة تقدير وترخيص بالإيرادات والنفقات، وإنما أداة لتنفيذ السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة ومسايرة لهذا التطور أدخل المرسوم التنظيمي الصادر بفرنسا في 19 يوليوز 1956 تغييرا على المفهوم بحيث عرف الميزانية في المادة الأولى منه " تتوقع ميزانية الدولة وترخص في شكل تشريعي تكاليف وموارد الدولة وتحدد من قبل البرلمان في القانون المالي الذي يترجم الأهداف الاقتصادية والمالية للحكومة "
ومع صدور أمر 20 يناير 1959 ، سيعرف المفهوم تحولا عميقا بحيث أصبح مفهوم قانون المالية المفهوم المركزي فوفقا للمادة 34 من دستور 1958 تحدد قوانين المالية موارد وتكاليف الدولة في الشروط المنصوص عليها في القانون التنظيمي ووفقا للمادة الأولى من هذا القانون التنظيمي فإن قوانين المالية تحدد مبلغ وتخصيص موارد وتكاليف الدولة باعتبار التوازن الاقتصادي والمالي الذي تحدده، من هنا التعريف يمكن استنتاج ثلاث خلاصات أساسية :
• التعددية في قوانين المالية ، فما كان يطلق عليه مفهوم الميزانية أضحى ينصرف إلى مفهوم قانون المالية وهذا الأخير يتنوع إلى ثلاثة أصناف قانون مالية السنة، القوانين المالية التعديلية، تم قانون التصفية.
  يتضمن التعريف الدعوة للارتباط بالإطار الاقتصادي : فبعيدا عن التوازن المالي كما كانت تحدده التيارات التقليدية وعن التوازن بين النفقات والواردات أضحى البرلمان خلال التصويت على قانون المالية يأخذ بعين الاعتبار التوازن الاقتصادي الذي يراه مأمولا فما ورد في النص من عبارة لا تلغي إمكانية وجود عجز في الميزانية .
لقد أضحت الميزانية كوحدة حسابية تتشكل من مجموع الحسابات التي تضع للسنة المدنية كل الموارد والتكاليف الدائمة للدولة بذلك توقف المرسوم عند طبيعة الميزانية التي لم تعد تحدد كتصرف أو عقد كما كان ينص على ذلك مرسوم 1862 ولكن كوصف بالأرقام للأنشطة المالية للدولة.
وبالرجوع إلى بلدنا، فقد كانت الميزانية تخضع خلال فترة الحماية لأحكام الظهير الشريف الصادر في 9 يونيو 1917 وهو أول نص قانوني اهتم بتنظيم الميزانية وفق منظور عصري، وطبقا لذلك كانت الميزانية خلال هذه الفترة أي عهد الحماية وغداة الاستقلال تقسم إلى ثلاثة أجزاء منفصلة فيما بينها وتخصص لكل واحدة منها مواردها الخاصة بها، ويتعلق الأمر بالأجزاء التالية :
- الجزء الأول : ويتعلق بالنفقات العادية وتتم تغطيتها بالموارد النهائية المتأتية من الضرائب و عائدات ممتلكات الدولة.
- الجزء الثاني : ويرتبط بنفقات التجهيز التي كانت تمول بواسطة القروض وكان يسمى كذلك ميزانية القروض وكذا بواسطة فائض الجزء الأول.
- الجزء الثالث : كان يخصص للعمليات الاستثنائية وكانت تمول بواسطة موارد خاصة.
وكان كل جزء مستقلا بذاته بل كثيرا ما كانت الأجزاء وخاصة الجزء الثاني تصدر منفصلة وحتى في تواريخ متباعدة بسبب عدم اكتمال طرق تمويلها.

وبعد الاستقلال صدر ظهير شريف جديد بتاريخ 6 غشت 1958 توخی وضع قواعد للتنظيم المالي تتلاءم مع الوضع الجديد للمغرب المستقل، وقد شمل هذا الظهير أحكاما تتعلق بتنظيم الميزانية العامة وكذا المحاسبة العامة بالإضافة إلى الصفقات العمومية.
ولم يترسخ الإطار الدستوري للميزانية إلا بعد إصدار أول دستور في سنة 1962، وقد تضمن أحكاما تؤطر تنظيم المالية العمومية من خلال الاعتراف للبرلمان بصلاحيات أساسية في المجال المالي وتحديد نطاق هذه الصلاحيات والإحالة على قانون تنظيمي لتحديد شروط ممارسة البرلمان لصلاحياته المالية، وقد تكرست هذه الأحكام في مختلف الدساتير التي عرفها البلد مرورا بدستور 1972 إلى دستور سنة 1996، حيث تمت إعادة إنتاج نفس الأحكام في الفصلين 50 و 51 من هذه الدساتير، ومع تنزيل دستور 2011، اهتمت عدة فصول منه بمجال المالية العامة عموما والميزانية خصوصا.
وطبقا لأحكام مختلف الدساتير المذكورة، صدرت قوانين تنظيمية للمالية كان آخرها القانون التنظيمي للمالية الصادر سنة 1998، الذي اقتصر كسابقيه الصادرين سنتي 1963 و1972 على تكريس نفس المبادئ والمساطر التي كان يتضمنها القانون التنظيمي للمالية الفرنسي الصادر سنة 1959 وقد تولى المرسوم الصادر في 26 أبريل 1999 المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية تحديد كيفيات تطبيق عدد من مقتضيات القانون التنظيمي للمالية وتنضاف إلى هذه النصوص قوانين أخرى كمدونة المحاكم المالية (2002) والقانون المتعلق بمسؤولية المحاسبين والآمرين بالصرف والمراقبين (2002) وقانون المفتشية العامة للمالية (1960) ونظام المحاسبة العمومية (1967) ونظام الصفقات العمومية (2013 ) وغيرها.
وتشكل كل هذه النصوص في مجموعها ما يسمى بقانون الميزانية الذي تشكل أحكامه مرجعا أساسيا لهذه المادة وتقديم الإطار القانوني لها دولتنا.
بعدما قدمنا تعريف للميزانية في التجارب المقارنة، ننتقل إلى تعريف الميزانية كما وردت في بعض النصوص القانونية لمشرع بلدنا .
 وفي هذا الجانب يتعين التمييز بين محطتين أساسيتين : المحطة الأولى قبل صدور أول قانون تنظيمي للمالية سنة 1963 بحيث لم تبدل النصوص التي صدرت في عهد الحماية وبداية الاستقلال أي محاولة لتعريف الميزانية بل كانت تدخل مباشرة في موضوع المحاسبة العمومية ومع المحطة الثانية بدأ تحديد المفهوم بحيث اكتفت القوانين التنظيمية للمالية الصادرة بين سنتي 1963 و 1998 بالإشارة إلى أنه " تحدد قوانین المالية نوع ومبلغ وتخصيص موارد وتكاليف الدولة باعتبار توازن مالي تحدده هذه القوانين " إن الهدف من هذا التعريف هو تبيان أن قوانين المالية التي تطلع بعملية تحديد نوع ومبلغ وتخصيص التكاليف وبعد ذلك سيصدر قانون تنظيمي للمالية سنة 1998 الذي يتميز بدقة أكبر تم في تجديد مضامینه فوفقا لهذا النص " يتوقع
قانون المالية لكل سنة مالية مجموع موارد وتكاليف الدولة ويقيمها وينص عليها ويأذن بها ضمن توازن اقتصادي ومالي يحدده القانون المذكور (1) " .
انطلاقا من هذا التعريف يمكن إبراز أن قانون المالية تضمن ثلاث عناصر أساسية التوقع عملية التقييم، عملية الترخيص والإذن .
لقد اطلع القانون التنظيمي للمالية بتحديد محتويات قانون المالية فوفقا للمادة 3 منه " لا يمكن أن يتضمن قانون المالية إلا أحكاما تتعلق بالموارد والتكاليف أو تهدف إلى تحسين الشروط المتعلقة بتحصيل المداخيل وكذا مراقبة استعمال الأموال العمومية ".
السؤال المطروح هو : ماالمقصود بقانون المالية ؟ فمن خلال مختلف التعريفات المقدمة يمكن إعطاء تعريف لقانون المالية .

 تعريف قانون المالية

يعرف قانون المالية بأنه بيان تقديري للمداخيل والنفقات العمومية، ترخص بموجبه السلطة التشريعية في نطاق القانون المالي إلى الحكومة من أجل تنفيذ سياستها الاقتصادية والاجتماعية والجدير بالذكر أن عبارة " قانون المالية " تطبق على قانون المالية للسنة وكذلك على قوانين المالية المعدلة له وعلى قانون التصفية.

أنواع قانون المالية :

إن مفهوم قانون مالية السنة مفهوم أوسع من مفهوم ميزانية الدولة حيث أن قانون مالية السنة يتضمن ميزانية الدولة إضافة إلى عناصر أخرى فإذا كان قانون المالية بإمكانه إحداث ضرائب جديدة مثلا أو تغيير مقتضیات تهم الضرائب الموجودة من أساس وسعر فالميزانية لا تتضمن إلا مجموعة حسابات تهم موارد الدولة ونفقاتها. حيث يعتبر قانونا للمالية :
قانون المالية للسنة؛
قوانين المالية المعدلة له ؛
 قانون التصفية.

 قانون مالية السنة : loi de finances annuelles

هو البرنامج المالي للدولة، تتوقع وتجيز فيه السلطات العمومية صاحبة الإختصاص موارد الدولة وتكاليفها المدة لا تتعدى السنة بالإضافة إلى أنه يعتبر عملية تشريعية فإنه عملية سياسية اشتقت أهميتها المتعاظمة من تطور العلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية وقانون المالية هو عملية تقديرية لأنه يتضمن جداول حسابية و تخمينية ومقارنة بين الإيرادات و الأعباء المتوقعة.
وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن قانون المالية السنوي يشكل الرداء القانوني للميزانية العامة.
لأن هذه الأخيرة يتم تحضيرها من طرف السلطة التنفيذية ثم تعرض بعد ذلك على السلطة التشريعية لاعتمادها، فإذا تمت المصادقة عليها تصدر في شكل قانون يسمى القانون المالي، وتبعا لذلك فإذا كانت الميزانية تعتبر بمثابة بيان حسابي لتقدير المداخيل والنفقات تسهر الحكومة على إعداده، فإن القانون المالي يتضمن الإذن أو الترخيص للحكومة بتنفيذ مقتضيات هذه الميزانية.

قانون المالية التعديلي : Loi de finances rectificatives :

قوانين المالية التعديلية هي قوانين تتدخل خلال السنة لتغيير التكاليف والموارد تم وضعها مسبقا من قبل قانون المالية.
ويتم اللجوء إلى القانون المالي التعديلي أثناء تنفيذ القانون المالي السنوي، وذلك بتصحيح التقديرات المرخص بها إما عن طريق تعديلها, أو تغييرها كلا أو بعضا.
ونظرا لاثار هذه القوانين على التوازن المالي، فإن المشرع أخضع هذه التعديلات لنفس قواعد التقديم والتصويت الخاصة بقوانين المالية.
وفي في صيف 1983 صدر قانون معدل لمالية السنة المتعلق بإعادة الجدولة للديون (سياسة التقويم الهيكلي).
فإذا أثبت التنفيذ عدم ملائمة هذه التقديرات مع الواقع، فإن الأمر يتطلب القيام بتعديل مضمون الترخيص التشريعي المخول للحكومة من أجل تنفيذ الميزانية.
حيث يتضمن القانون التعديلي تحويل الاعتمادات ما بين الوزارات أي مراجعة توزيع الاعتمادات بكيفية شاملة إما بتخفيض الاعتمادات المبالغ فيها أو إلغائها .
وقد يقتصر على تحويل الاعتمادات من باب لآخر في نفس الوزارة، كما قد يتضمن فتح اعتمادات إضافية إذا كانت هناك حاجة ماسة إلى اعتمادات جديدة تسمح بها الظروف الاقتصادية والمالية للدولة وهكذا فالقانون المالي التعديلي يسمح بملائمة تقديرات الميزانية مع التقلبات الاقتصادية والمالية التي تطرأ أثناء عمليات تنفيذ هذه التقديرات، وتبعا لذلك فهو أداة فعالة لتقويم مسار الميزانية.

قانون التصفية

يعتبر قانون التصفية بمثابة بيان يتم فيه حصر المبلغ النهائي الموارد الدولة وتكاليفها التي تحققت فعلا في كل سنة، فبواسطته يتم التعرف على حقيقة تنفيذ القانون المالي السنوي، وهو بذلك يبرز الفرق بين مبالغ التقديرات المسجلة في القانون المالي والمبالغ الحقيقية للموارد التي يتم تحصيلها ومبالغ الاعتمادات التي تم صرفها بالفعل.
فقانون التصفية هو قانون يحدد النتائج المالية لكل سنة منتهية ويصادق على الفرق الحاصلة ما بين نتائج وتوقعات قانون مالية السنة.
ويأتي تنفيذ الميزانية فعليا برجوع الحكومة إلى البرلمان للمصادقة على الميزانية العامة وذلك بواسطة قانون التصفية.
ويعتبر هذا القانون آخر مراحل المراقبة وقد نص دستور 2011 في الفصل 76 منه على أنه : تعرض الحكومة سنويا على البرلمان قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية خلال السنة الثانية التي تلي سنة تنفيذ هذا القانون، فهذا المستجد هو إجبار ضمني للحكومة على احترام الأجل لتقديم مشروع قانون التصفية السلطة التشريعية تثبيتا لمبدأ المحاسبة والمساءلة.
كما تتجلى أهمية قانون التصفية في كونه يشكل مرجعا أساسيا لتهييء ميزانية السنوات المقبلة .

مصادر قانون الميزانية

ظلت لعدة سنوات مصادر الميزانية فقط من القانون الداخلي لكن مع التوجه نحو تحقيق الترابط الاقتصادي برزت أهمية المصادر الدولية وتأثيرها على التشريعات الوطنية .

المصادر الدولية لقانون الميزانية :

لها قيمة قانونية أعلى من القانون فوفقا لتصدير دستور 2011 فإن الاتفاقيات الدولية تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية وفي نطاق المالية العامة توجد العديد من الاتفاقيات الدولية الثنائية ومتعددة الأطراف التي وقعت عليها الحكومة ولها تأثير على تدبير المالية العامة ويتعلق الأمر أساسا باتفاقيات الشراكة والتعاون واتفاقية حماية المستثمرين ثم اتفاقية عدم الازدواج الضريبي .

المصادر الداخلية لقانون المالية :

تتحدد أهم النصوص المحددة لقواعد مبادئ ومقتضيات الميزانية في المصادر التالية :

1.     الدستور :

يعتبر القاعدة الأولى المحددة لمبادئ وقواعد تدبير الميزانية بحيث يتعين على التشريعات الأدنى أن تطابق مقتضياته وبالرجوع الى دستور لسنة 2011 فإنه يتضمن العديد من المقتضيات التي تحدد بشكل مباشر أو غير مباشر التوجهات العامة التي من المفروض أن تحكم التشريع في مجال الميزانية :
• مساواة المواطنين أمام القانون ، ومشاركتهم في الحياة السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية (الفصل 6 من دستور 2011) .
• المبادئ المتعلقة بتخليق التدبير المالي من خلال معاقبة المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح وعلى استغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه وكل مخالفة ذات طابع مالي (الفصل 36 من دستور 2011) .
التأكيد على أن التكاليف العمومية تعود لمجال القانون الذي يطلع بإحداثها وتوزيعها وفقا لمقتضيات الدستور (الفصل 39 من دستور 2011) .
اصدار قانون المالية من خلال التدابير التي تهم إصدار قانون المالية بالتصويت من طرف البرلمان والقواعد المرتبطة بها (الفصل 75 من دستور (2011
• النص على قانون التصفية (الفصل 76 من دستور 2011)
• تأطير مجال تعديل البرلمان في المادة المالية (الفصل 77 من دستور 2011 )
 التأكيد على دور البرلمان والحكومة في الحفاظ على توازن مالية الدولة (الفصل 77 من دستور 2011)
• التنصيص على دور المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات كمؤسسات الرقابة المال العام ( الفصول من 147 إلى 150 من دستور 2011)

القانون التنظيمي للمالية :

يعتبر القانون التنظيمي للمالية المصدر الثاني لقانون الميزانية فهو يضع عدة مقتضيات تهم الإعداد، التصويت وتنفيذ قوانين المالية، خصوصية هذا الأخير دفعت المشرع الدستوري إلى النص على قانون تنظيمي جديد يحدد محتوياته.
والقانون التنظيمي يعتبر جزءا من الكتلة الدستورية كما سبق وأن أقر بذلك المجلس الدستوري الفرنسي وهو ما يجعل مختلف مصادر التشريع تخضع لمقتضياته وتتميز القوانين التنظيمية عن القوانين العادية ، بجانبين أساسيين :
مسطرة إقرار هذه القوانين، تم ضرورة خضوعها وجوبا إلى مراقبة القاضي الدستوري (الفصل 85 من الدستور 2011) .
وقد شهد البلد وضع العديد من القواعد التنظيمية المالية أولها القانون التنظيمي للمالية سنة 1962 والقانون التنظيمي للمالية 1970، ثم القانون التنظيمي للمالية 1972 فالقانون التنظيمي للمالية 26 نونبر 1998 وما عرفه من تعديلات ، واخيرا القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية  الصادر في  2 يونيو 2015 .
 وإذا كان سعي المشرع في القوانين التنظيمية السابقة هو ملاءمة مقتضياته مع دستور 2011 ، فإن القانون التنظيمي الحالي يتجاوز ذلك بحيث تتعدد الأهداف الإستراتيجية لإصلاح القانون التنظيمي للمالية والتي وفق المذكرة التقديمية للمشروع تتحدد في خمسة أهداف إستراتيجية :
التحيين من أجل ملاءمته مع مقتضيات الدستور الجديدة فيما يخص المالية العمومية الجيدة ومواكبة الدينامية الجديدة للجهوية الموسعة والمساهمة في اللاتمركز الإداري وتحقيق الانسجام في تدخلات كافة الفاعلين على المستوى الترابي.
تعزيز دور قانون المالية كأداة أساسية لتنزيل السياسات العمومية والاستراتيجيات القطاعية من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة والتوزيع العادل الثمار النمو مع الحفاظ على التوازنات المالية للدولة .
• تحقيق فعالية و نجاعة السياسة العمومية، وتعزيز تنافسيتها وارتقائها وانسجامها وتحسين جودة خدمات المرافق العمومية المقدمة للمواطنين والتحكم في تكلفتها وتقوية مسؤولية المدبرين فيما يخص تحقيق الأهداف المرتبطة بالموارد المالية المرخص بها.
• تحقيق التوازن المالي و تقوية شفافية المالية العمومية وتبسيط مقروئية الميزانية.
تعزيز وإغناء دور البرلمان في المراقبة المالية وفي تقييم السياسات العمومية والرفع من جودة مناقشة قانون المالية من طرف المؤسسة البرلمانية.
وعليه يرتكز الإصلاح على ثلاث محاور استراتيجية تتمثل في :
• تحسين نجاعة أداء التدبير العمومي.
تعزيز المبادئ والقواعد المالية وتقوية شفافية المالية العمومية.
تقوية الرقابة البرلمانية للمالية العمومية.

القانون العادي :

تخضع الميزانية إلى العديد من المقتضيات القانونية، ومن أمثلتها نذكر القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية ، قانون رقم 62 . 99 في يونيو 2002 ، تم القانون المتعلق بتحديد مسؤولية الأمرين بالصرف والمحاسبين العموميين قانون رقم 61 . 99 ل 3 أبريل 2002.

المراسيم :

يقصد بها تلك النصوص التي توقع من طرف رئيس الحكومة وتخضع في إقرارها إلى المسطرة المنصوص عليها في الدستور وفي مجال الميزانية هناك ترسانة من المراسيم التي تهم نظام المحاسبة العمومية من ذلك المرسوم المحدد للقواعد المطبقة على محاسبة المؤسسات العمومية المرسوم المتعلق بتحضير وتنفيذ قوانين المالية.

القرارات، المنشورات، المذكرات :

 إن خصوصية الميزانية تفرض إصدار قرارات وزارية ومنشورات ولوائح ومذكرات تفصل وتشرح بعض المقتضيات الواردة في القوانين المؤطرة للميزانية، فعلى سبيل المثال لا الحصر أنه بعد التصويت وإصدار قانون مالية السنة، تعمل الوزارة المكلفة بالمالية على إرسال مذكرات إلى المصالح الخارجية توضح بعض المقتضيات الواردة في القانون المذكور.

ميزانية الدولة و مكوناتها

تشتمل ميزانية الدولة على :

الميزانية العامة :

هي الجزء الأساسي لقانون المالية ، فهي تتضمن العمليات الجارية للدولة، وتبين الأرقام أن هذه الوحدة الفرعية تمثل العمود الفقري لقانون المالية والأكثر من ذلك، فالمبلغ يتجاوز ذلك، إذ باقي الوحدات الفرعية (مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة والحسابات الخصوصية للخزينة)، تعتمد بشكل كلي أو جزئي من أجل تغطية تكاليفها على إمدادات الميزانية العامة إذن فالمكونين الأساسيين في الميزانية العامة هما الموارد والنفقات.

الموارد العامة

يقصد بالموارد مجموع الأموال التي تحصل عليها الدولة من مختلف المصادر المالية التي يخول القانون صلاحية تحصيلها، والتي تمكنها من تغطية نفقاتها العامة من أجل تدبير المرافق العامة وتسيير شؤون الدولة وتلبية الحاجات العامة للمواطنين.
وتتكون موارد الميزانية العامة للدولة من مصادر متنوعة، غالبا ما يتم تقسيمها إما إلى موارد جبائية وأخرى غير جبائية، أو إلى موارد عادية وأخرى غير عادية وتتوزع موارد الدولة على :
- الضرائب والرسوم؛
- حصيلة الغرامات؛
- الأجور عن الخدمات المقدمة والأتاوی؛
- أموال المساعدة والهبات والوصايا؛
- دخول أملاك الدولة؛
- حصيلة بيع المنقولات والعقارات؛
- حصيلة الاستغلالات والمساهمات المالية للدولة وكذا القسط الراجع للدولة من
- أرباح المؤسسات العمومية؛
- المبالغ المرجعة من القروض و التسبيقات والفوائد المترتبة عليها؛
- حصيلة الاقتراضات؛
- الحصائل المختلفة.

النفقات العامة

 النفقات تنصرف إلى صرف إحدى الهيئات أو الإدارات العامة الممثلة للدولة مبلغا ماليا معينا بغرض سد إحدى الحاجات العامة.
ويتم ذلك من أجل الحصول على سلع والخدمات اللازمة لتسيير المرافق العامة أو الشراء ما يلزمها من الوسائل الإنتاجية للقيام بالمشاريع الاستثمارية التي تتولى القيام بها، أو من أجل العمل على تقديم خدمات وإعانات اقتصادية واجتماعية وثقافية وغيرها لفائدة المجتمع. ويشترط أن تتخذ هذه النفقة الشكل النقدي وتكون صادرة عن شخص معنوي عام، وأن تكون من أجل إشباع الحاجة والمصلحة العامة .
وتقسم نفقات الدولة إلى ثلاث أنواع :

- نفقات التسيير

تتضمن نفقات الموظفين، نفقات المعدات والنفقات المختلفة .

- نفقات الاستثمار

 وتخصص لإنجاز الاستثمارات العمومية الممولة من قبل الدولة.

- نفقات الدين العمومي

 وتشمل النفقات المؤداة لتسديد نفقات أصل الدين العمومي الخارجي والداخلي، والنفقات المترتبة عن خدمة الديون العمومية المتمثلة في نسب الفوائد المفروضة على أصل الدين.

مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة :

تحتل هذه المرافق أهمية أساسية، وتنصرف إلى نوع من المرافق لا تتمتع لا بالشخصية الاعتبارية ولا بالاستقلال المالي، ولكن تستفيد من مداخيل ذاتية مقابل الخدمات التي تقدمها.
إذ تتعلق مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة بمصالح الدولة غير المتمتعة بالشخصية المعنوية، والتي تغطي بموارد ذاتية بعض نفقاتها غير المقتطعة من الميزانية العامة.
وما يميز هذه الوحدة الفرعية لقانون المالية أنه يهم نشاط المرافق التي تهدف إلى إنتاج سلع أو تقديم خدمات مقابل أجر.
يراد من اعتماد هذه الوحدة الفرعية بالنسبة لهذه المرافق وفتح حسابات خاصة بها إلتى تخولها القيام بوظيفتها بشكل أكثر فاعلية منه إن ظلت مدمجة في الميزانية العامة، وإن كان ارتباطها يبقى قويا بها بالنظر لاعتماده في تمويل أنشطته على الإمدادات المقدمة من الميزانية العامة .
وما يزيد من أهمية هذه الوحدة الفرعية هو أنه يمكن من التعرف على حقيقة الأوضاع المالية لتلك المرافق والوقوف بسهولة على نشاطها قصد التحكم بها نظرا لأهميته الاجتماعية والاقتصادية.
كما يمكن من تقويم نفقات و واردات بعض الموارد العامة .

الحسابات الخصوصية للخزينة :

ينصرف إلى نوع من الحسابات التي يتم إحداثها للاطلاع بوظيفة معينة، بحيث تعتبر إحدى المكونات الأساسية لميزانية الدولة وتشكل إطارا مرنا للتدبير الموازني، يمكن من تفعيل السياسات الحكومية الرامية إلى إنجاز برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتأهيل البنيات التحتية الوطنية والجهوية.
كما تعتبر الحسابات الخصوصية للخزينة من الآليات الأساسية لتفعيل السياسات العامة للتنمية ولإنجاز عمليات الإصلاح والاستراتيجيات القطاعية .
وتستفيد هذه الحسابات من مخصصات مالية تمكنها من المساهمة في تنفيذ التوجهات الحكومية الرامية إلى ضمان توزيع أمثل للموارد المالية وترشيد النفقات المبرمجة في هذا الإطار.
وما يلاحظ بخصوص الحسابات الخصوصية للخزينة أن العديد من القراءات تربطها بالصناديق السوداء، فهناك من يربطها بالحسابات السرية، وهناك من يربطها بقنوات التمويل التي تهرب أو تخرج عن المراقبة القضائية والسياسية.
غير أنه على خلاف ذلك، فهذه الحسابات مؤطرة بالنص القانوني إذ يحدد القانون التنظيمي في المادتين شروط وأنواع هذه الحسابات.

مميزات الحسابات الخصوصية للخزينة :

تتميز الحسابات الخصوصية للخزينة بما يلي :
- تتعلق بعمليات وليس بمصالح أو مرافق.
- توضع في استقلال تام عن الميزانية العامة .
- لديها شروط خاصة لتمويلها .
- تتسم بطابع مؤقت واستعجالي بالنظر الطبيعة وظيفتها.

الإطار القانوني للحسابات الخصوصية للخزينة :

يتم العمل بالحسابات الخصوصية للخزينة، التي تحدث وتغيير وحذف من خلال قوانين المالية، هاته الأخيرة هي التي تحدد الغاية منها وكذا طبيعة المداخيل والمصاريف المرتبطة بها.
و تدرج الحكومة هذه الحسابات في القانون المالي والتي للبرلمان وحده صلاحية الترخيص لمثل هذا الصنف من الحسابات و يجوز في حالة الاستعجال والضرورة الملحة أن تحدث الحكومة خلال السنة المالية حسابات خصوصية جديدة للخزينة بموجب مرسوم، مع ضرورة عرض هذه الحسابات الخصوصية الجديدة على البرلمان بقصد المصادقة عليها في أقرب قانون للمالية، وذلك إما بواسطة قانون مالي تعديلي أو إدراجها ضمن القانون المالي للسنة الموالية عند لجوء الحكومة الإحداث الحسابات الخصوصية للخزينة، فإنها تخضع لنفس المسطرة القانونية الخاصة بالميزانية العامة، سواء تعلق الأمر بالإعداد أو الترخيص البرلماني أو التنفيذ.

هيكلة قانون المالية

يتم وضع قانون المالية وفق هيكلة محددة تراعي طبيعة هذا القانون والمقتضيات التي يتعين أن يتضمنها أساسا مكوني الواردات و النفقات.
ويشتمل قانون المالية على جزئين : الجزء الأول تحدد فيه المعطيات العامة التوازن المالي والتي تتضمن الإذن في إستخلاص المداخيل العامة وإصدار الافتراضات الأحكام المتعلقة بالموارد العمومية التي يمكن أن ينص قانون المالية على إحداثها أو تغييرها أو حذفها .
الأحكام المتعلقة بتكاليف الدولة والحسابات الخصوصية للخزينة، وكذا بمراقبة استعمال الأموال العمومية التقييم الإجمالي لمداخيل الميزانية العامة وميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة وأصناف الحسابات الخصوصية للخزينة تم الحدود القصوى لتكاليف الميزانية العامة عن كل باب ولمجموع ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة مجمعة حسب نفقات الاستغلال ونفقات الاستثمار وللحسابات الخصوصية للخزينة عن كل صنف.
ويخص الجزء الثاني نفقات الميزانية العامة عن كل فصل، ونفقات ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة عن كل مصلحة تم نفقات الحسابات الخصوصية للخزينة عن كل حساب .

كيفية تقديم قانون المالية

يشتمل قانون المالية على جزئين حسب المادة 36  من القانون التنظيمي لقانون المالية رقم 130.13 حيث يحصر في الجزء الاول المعطيات العامة للتوازن المالي اما الجزء الثاني فتحصر فيه النفقات العامة عن كل فصل ونفقات ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة عن كل مرفق ثم نفقات الحسابات الخصوصية للخزينة عن كل حساب ويمكن الرجوع لكيفية تقديم القانون المالي بشمل مفصل في الفصول من 36  الى 45 من القانون التنظيمي لقانون المالية  رقم 130.13 و الذي يمكن تحميله من موقع الامانة العامة للحكومة من : هنا

خصائص قانون الميزانية

يمكن إجمال أهم الخصائص التي تميز الميزانية العامة للدولة فيما يلي :

- إن الميزانية بيان تقديري مفصل 

للإيرادات التي يتوجب على الحكومة تحصيلها، وللنفقات التي يمكن لها القيام بها خلال المدة التي تغطيها الميزانية ومن هذا المنطلق، تعتبر الميزانية بمثابة برنامج لعمل الحكومة، خلال فترة مقبلة عادة ما تكون سنة، ويعكس هذا البرنامج سياسة الحكومة في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
- يرتكز تقدير الإيرادات والنفقات على تنبؤات حول الأوضاع الاقتصادية والمالية واحتمالات تقلبها على المستوى الوطني والدولي، وتبعا لذلك فإن عملية تقدير الإيرادات والنفقات لا تقوم على أساس عشوائي وإنما ترتكز على دراسات اقتصادية ومالية دقيقة وفق تقنيات ومعايير علمية تمكن من تقريب التقديرات للواقع.
- إن الميزانية العامة أداة لتنفيذ السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة، لكونها تجسد بالأرقام اختیارات الدولة وتوجهاتها في مختلف الميادين، ولا تقتصر أهمية هذه الأرقام على دلالتها الحسابية ولكنها تكشف عن مختلف وظائف الدولة وأغراضها انطلاقا من دراسة وتحليل المعطيات المتعلقة بالنفقات والإيرادات التي تشملها الميزانية.
- إن الميزانية العامة ترخيص تشريعي بتحصيل الإيرادات والقيام بالنفقات، ويعتبر هذا الترخيص إجراءا قانونيا تستند عليه الحكومة للقيام بنشاطها المالي سواء تعلق الأمر بتحصيل الموارد أو القيام بالمصاريف من أجل تسيير وإدارة المرافق العامة .
- تخضع الميزانية لتأطير قانوني كثيف يغطي مختلف مراحل تحضيرها وتنفيذها ويشمل هذا التأطير هرم الترسانة القانونية، ابتداءا من الدستور وانتهاءا بالدوريات الإدارية، مرورا بالقوانين التنظيمية والقوانين العادية والمراسيم والقرارات الوزارية.

- تشكل الميزانية كذلك مرآة تعكس ميزان القوى بين الجهازين التشريعي والتنفيذي.

- تعدد المتدخلين في مراحل الميزانية، ويمكن توزيع الهيئات المتدخلة بين الجانب الإداري، السياسي، والقضائي بحيث أن هذه الهيئات تتفاعل فيما بينها خلال محطات الميزانية للميزانية صفة تقديرية أو تخمينية، أي ليست مضبوطة .

وظائف الميزانية العامة :

أصبحت الميزانية العامة للدولة تحظى بأهمية متزايدة تنطوي على القيام بمجموعة من الوظائف ذات الطابع السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

الوظيفة السياسية للميزانية

تتجلى الوظيفة السياسية للميزانية بصفة خاصة في الدول الديمقراطية ذات الأنظمة النيابية، حيث تنبثق الحكومة من الانتخابات بعدما تحظى برامج الأحزاب المكونة لها بثقة الناخبين، وتبعا لذلك فالحكومة تحاول تحقيق التزاماتها السياسية حسب الأولويات في ميزانية كل سنة، ومن تم فالميزانية أداة لتنفيذ السياسة الحكومية، لكونها تجسد بالأرقام إنجاز البرامج الحكومية التي تنطوي بالدرجة الأولى على اختيارات سياسية، وبالإضافة إلى ذلك، فالميزانية تمكن المجالس النيابية من مراقبة الحكومة بكيفية منتظمة لكون هذه الأخيرة تلزم سنويا بعرض ميزانيتها على البرلمان، لكي يرخص لها نواب الشعب بتحصيل الإيرادات وصرف النفقات، فيحق لهؤلاء النواب إما المصادقة على مشروع الميزانية أو القيام بإدخال تعديلات عليه أو رفض المصادقة عليه، وتشكل مناقشة الميزانية طيلة مدة عرضها على المجالس النيابية فرصة هامة لمساءلة الحكومة، وتعميق النقاش حول سياستها في مختلف المجالات.

الوظائف الاقتصادية، والاجتماعية للميزانية

ترتبط هذه الوظائف بتطور وظائف الدولة ارتباطا عضويا، وبالفعل فإنه في ظل الدولة الحارسة كانت الميزانية محايدة، وبالتالي كانت وظائفها جد محدودة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، تبعا لتوجيهات النظرية التقليدية التي كانت تعتبر أن أفضل الميزانيات هي التي تقل نفقاتها وبالتالي كانت تقدس توازن الميزانية وترفض حدوث أي عجز فيها، أما في ظل الدولة المتدخلة حيث اتسع نطاق وظائف الدولة، فإنه تم التخلي عن حياد الميزانية لتصبح أداة أساسية من أدوات السياسة المالية، ترمي إلى تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة، وتبعا لذلك أصبح لها طابعا وظيفيا، حيث أصبحت اهتمامات الميزانية تتركز بالأساس على تحقيق التوازن العام الاقتصادي والاجتماعي داخل الدولة وليس التوازن المالي والحسابي.
وهكذا تحولت الميزانية إلى أداة للتحكم في الظرفية الاقتصادية، حيث أصبح يتوجب عليها التكيف مع التقلبات الاقتصادية والتدخل لتصحيحها، ومن ثم لم يبق تحديد الإيرادات والنفقات تحديدا نهائيا بل أصبح قابلا للتعديل والتغيير حسب تطور المعطيات الاقتصادية والاجتماعية التي تنفذ في ظلها الميزانية السنوية وبالإضافة إلى ذلك تؤدي الميزانية إلى إمكانية إعادة إقرار التوازنات الاقتصادية والمالية الكلية في حالة وجود اختلالات هيكلية خاصة عن طريق الضغط على الطلب الداخلي من خلال تقليص النفقات العمومية .

مبادئ الميزانية :

مبادئ الميزانية هي قواعد اساسية تفرض على المراحل التي تمر منها قوانين المالية، قصد تقوية سلطة البرلمان في المناقشة والتصويت على هذا النوع من القوانين.
وتخضع الميزانية إلى مجموعة من المبادئ، التي تنطوي على أبعاد تقنية وتدبيرية وسياسية، ويتوجب أن يناقش البرلمان مشروع قانون المالية بطريقة دورية (مبدأ السنوية)، وأيضا على كل النفقات والموارد (مبدأ الشمولية)، أن يكون البرلمان على علم بكل موارد ونفقات الدولة (وحدة الميزانية )، الحرص في اقرار هذه القوانين على ضمان توازن الميزانية (مبدأ التوازن)، الموارد والنفقات يتوجب أن يحكمهما مبدأ الصدق، والحرص على تخصيص النفقات (مبدأ تخصص الاعتمادات) الغاية من هذه المبادئ، ضبط الميزانية وتبسيطها، وتدعيم صلاحيات ممثلي الشعب قصد ضمان فرض رقابة برلمانية، دورية على النشاط الحكومي، وتوفير إدارة سليمة للأموال العمومية والحيلولة دون استخدامها في الأغراض غير المحددة لها.
بالتالي تتمثل أهم هذه المبادئ في :
- مبدأ السنوية
- مبدأ الوحدة
- مبدأ التوازن
- مبدأ الشمولية أو العمومية
- مبدأ تخصص الاعتمادات
- مبدأ الترخيص البرلماني
- مبدأ الصدقية

مبدأ السنوية : Principe de l' annualité

توضع الميزانية العامة لمدة سنة واحدة تسمى " السنة المالية، فالسنة هي الفترة الزمنية التي يتعين على الحكومة أن تقوم خلالها باستخلاص المداخيل وصرف الإعتمادات المقررة في الميزانية.
وفيما يخص بداية السنة المالية، فما يتعين الإشارة إليه أنه لا يوجد مفهوم موحد للسنة المالية بين الدول، بحيث تبتدئ السنة المالية في العديد من الدول في التواريخ التالية فاتح يناير، فاتح أبريل، فاتح يوليوز، ثم فاتح أكتوبر، أما في بلدنا فإن السنة المالية عرفت عدة تغيرات ، فبين 1913 و 1917 كانت السنة المالية تبتدئ في فاتح مایو وتنتهي في 30 أبريل، وبين 1931 و 1932 كانت تمتد بين فاتح أبريل و31 مارس، وبين 1996 و2000 بين فاتح يوليوز و 30 يونيو.
ثم لتعود بموجب التعديل الذي هم مقتضيات المادة 6 بموجب القانون التنظيمي رقم 14 . 00 بتاريخ 14 محرم 1421 ( 19 أبريل 2000) المعدل للقانون التنظيمي رقم 7. 98 إلى 01 يناير وهو ما تبناه المشرع في القانون التنظيمي رقم 130.13  في مادته الثالثة التي جاء فيها بان السنة المالية تبتدا في  01 يناير الى غاية 31 ديسمبر من نفس السنة.

مبررات مبدأ السنوية :

تحديد المدة الزمنية للميزانية في سنة واحدة فرضتها :
اعتبارات سياسية :
• ضمان ممارسة رقابة دورية ومنتظمة من طرف البرلمان على الحكومة، الأمر الذي يحد من هامش التحرك لدى الحكومة ويقيد من سلطاتها.
اعتبارات عملية
 تغطية السنة للمواسم الفصلية الأربعة
 السنة وحدة زمنية قياسية معتمدة في العديد من أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمالية
• صعوبة التنبؤ والتكهن لمدة أطول من سنة

السند القانوني لمبدأ السنوية

يجد مبدأ سنوية الميزانية سنده في الفقرة 3 من الفصل 75 من دستور 2011 التي تنص على أنه " إذا لم يتم في نهاية السنة المالية التصويت على قانون المالية ..." وكذا الفقرة الاولى من المادة 3 من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية  التي تنص على أن " يتوقع قانون المالية للسنة لكل سنة مالية مجموع موارد وتكاليف الدولة..." .

استثناءات مبدأ السنوية

- في الوثيقة الدستورية :

تتحدد الاستثناءات الواردة على مبدأ السنوية المضمنة في نطاق الوثيقة الدستورية في حالتين أساسيتين : أي ما يتعلق بإنجاز المخططات التنموية الاستراتيجية والبرامج متعددة السنوات، وذلك وفقا لما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل 75 من دستور  2011: " يصوت البرلمان مرة واحدة على نفقات التجهيز التي يتطلبها في مجال التنمية، إنجاز المخططات التنموية الإستراتيجية والبرامج المتعددة السنوات التي تعدها الحكومة وتطلع عليها البرلمان وعندما يوافق على تلك النفقات يستمر مفعول الموافقة تلقائيا على النفقات طيلة هذه المخططات والبرامج، وللحكومة وحدها الصلاحية لتقديم مشاريع قوانين ترمي إلى تغيير ما تمت الموافقة عليه في الإطار المذكور" ، وكذلك العمل بميزانية مؤقتة في إطار الميزانية الإثني عشرية، في حالة عدم المصادقة على قانون المالية في نهاية السنة المالية طبقا للفقرة الثالثة من الفصل ، 75 دستور 2011.

- في القانون التنظيمي للمالية :

أجاز القانون التنظيمي رقم  130.13 لقانون المالية  في مادته السابعة إمكانية  إلزام التوازن المالي للسنوات المقبلة عبر :
- معاهدات التجارية و الاتفاقيات ؛
- الضمانات التي تمنحها الدولة ؛
- تدبير شؤون الدين العمومي وكذا الدين العمري؛
- الترخيصات في البرامج؛
- الترخيصات في الالتزام مقدما.
- اعتمادات الالتزام و البرامج متعددة السنوات

- الاتفاقيات المالية :

جميع الاتفاقيات التي يمكن أن تلزم التوازن المالي للسنوات اللاحقة  ، ومن أبرز أمثلتها :
اتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوروبي
الاتفاقيات المبرمة مع المستثمرين المغاربة أو الأجانب في إطار سياسة تشجيع الاستثمار
- اتفاقيات منح الإمتياز الضمانات التي تمنحها الدولة :
لا تتحول إلى تحملات فعلية إلا في حالة عجز المدين المستفيد من الضمان عن الوفاء بالتزاماته فتحل الدولة محله لأداء الدين المترتب في ذمته وتتم تغطية هذه الديون بواسطة اقتطاعات من باب التحملات المشتركة بالميزانية العامة.

- الدين العمومي والدين العمري :

قد ترهن الاقتراضات التي تلجأ إليها الدولة قصد تغطية عجز الميزانية التوازن المالي المستقبلي للدولة لأكثر من سنة واحدة (بين 15 و25 سنة ) أما الدين العمري والمعاشات فإنها غير محددة الأجل ولا تنقضي إلا بوفاة المستفيدين منها وذوي الحقوق.

- الترخيصات في البرامج :

تمنح بخصوص نفقات الاستثمار الناتجة عن مخطط التنمية وتحدد التكلفة الإجمالية والقصوى لمشاريع الاستثمار المعتمدة.

- الترخيصات في الالتزام مقدما :

تمنح الترخيصات في الالتزام مقدما  التي يجب فتح الاعتمادات المخصصة لها في السنة المالية الموالية ، و يؤدن بمقتضى هذه الترخيصات التي تصدر في قوانين مالية السنة للآمرين بالصرف الإلتزام مسبقا خلال سنة مالية معينة بجزء من الاعتمادات التي سترصد لهم برسم سنة مالية مقبلة.
الا انه وحسب المادة 16  من القانون التنظيمي رقم  130.13 لقانون المالية لا يمكن ان تمنح ترخيصات في الالتزام مقدما بالنسبة لنقفات التسيير ما يفهم منه ان هذه الترخيصات لا تمنح الا لنفقات الاسثتمار، وهذا عكس ما كان معمول به في قانون النلية السابق حيث كان تجييز مادته 26 منح هذه الترخيصات بالتسبة لنفقات التسيير، وقد استفاد من هذه الترخيصات، مثلا وزير الصحة الذي رخصت له المادة 35 من قانون مالية 7/98  بالالتزام مقدما بمبلغ 15 مليون درهم خلال السنة المالية 99 / 98 من الاعتمادات التي سترصد له في سنة 2000/99 .
- اعتمادات الالتزام
حسب المادة  18 من  القانون التنظيمي رقم  130.13 لقانون المالية  تحدد اعتمادات الالتزام على الخصوص بناءا على توقعات المخططات و البرامج المنصوص عليها في المادة 17 من نفس القانون.

مبدأ العمومية أو مبدأ الشمولية L ' universalite budgetaire

ينصرف هذا المبدأ على أنه لا يكفي أن يكون مجموع النفقات والمداخيل مضمنة في وثيقة واحدة، وإنما يلزم بأن يشتمل قانون المالية على مجموع الواردات وكل النفقات، أي لا تقوم الميزانية بتقديم الفرق بينهما وألا يخصص مورد معين إلى نفقة معينة لأن كتلة الموارد والنفقات يشكل كتلتين متميزتين، وهي بذلك تناقض طريقة "الناتج الصافي" التي تقضي بأن لا يسجل في الميزانية صافي مواردها أو صافي نفقاتها.

السند القانوني لمبدأ العمومية :

لا يكفي أن يكون مجموع النفقات والمداخيل مضمنة في وثيقة واحدة، بل يلزم كذلك أن تكون هذه الوثيقة مشتملة على كل المداخيل و على كل النفقات ، فحسب المادة 8 من القانون التنظيمي رقم  130.13 لقانون المالية  يباشر قبض مبلغ الحصائل بكامله دون مقاصة بين المداخيل والنفقات فمجموع المداخيل يرصد لتنفيذ مجموع النفقات .

مبررات مبدأ العمومية :

- على المستوى التقني، تخول هذه القاعدة بعض الوضوح، والصدق في عمليات الميزانية .
- على المستوى السياسي، يسهل مبدأ الشمولية المراقبة البرلمانية ويمنع الإدارة من إخفاء نفقات خلف الواردات عن طريق إجراء المقاصة بينهما.
الهدف منه هو اعطاء صورة متصلة ومتكاملة عن مكونات وعناصر النشاط المالي للدولة وذلك بإدراج كل العناصر من إيرادات ونفقات دون إغفال أي جزء من مكوناتها، كما يقصد بهذا المبدأ أيضا عدم اللجوء إلى تخصيص مسبق ومقصود لنوع معين من الإيرادات التمويل نوع محدد من النفقات العامة حيث يجب أن تظهر النفقات والإيرادات بصورتهما الكاملتين وإجمالية النفقات وإجمالية الإيرادات بشكلهما التفصيلي وينبني هذا المبدأ على قاعدتين :

- قاعدة عدم المقاصة :

وتقضي هذه القاعدة بعدم خصم نفقات أي إدارة من إيراداتها أي عدم المقاصة بين النفقات والإيرادات.

- قاعدة عدم التخصيص :

أي أن يغطي مجموع الإيرادات مجموع النفقات على وجه الشيوع أي يمنع تخصيص مورد معين من إيرادات الدولة لإنفاقه في صنف معين من أصناف النفقات العامة .

استثناءات مبدأ العمومية

- أهم استثناء يتمثل في تقنية الحسابات الخصوصية للخزينة، وإقرار نوع من العمليات الحسابية نتيجة تعقد الأدوار الاقتصادية والاجتماعية المنوطة بالدولة.
- تخصيص جملة من الإيرادات لمواجهة نفقات معينة بواسطة تقنية الحسابات الخصوصية للخزينة أو في إطار ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة
- إقرار نوع من العمليات الحسابية تسمح في بعض الحالات بالخروج عن مبدأ العمومية، وتتعلق بالخصوص بمرافق الدولة المسيرة بطريقة مستقلة التي لا تتوفر على الشخصية المعنوية، لكنها تتوفر على ميزانية مستقلة يتم العمل بها خارج إطار الميزانية العامة .

مبدأ توازن الميزانية Principe d'équilibre budgetaire

ظلت الدولة حريصة على تطبيق التوازن السنوي لجانبي الميزانية : الإيرادات والنفقات إلى حدود الحرب العالمية الأولى، غير أن حدوث مجموعة من التطورات السياسية والاقتصادية، الحربان العالميتان الأولى والثانية، الأزمة العالمية لسنة  1929 ، وما تطلبه ذلك من إعادة تعمير وبناء اقتصاديات الدول المتضررة جعل تحقيق التوازن المالي السنوي أمر غير ممكن تماما.
ففقد مفهوم التوازن الحسابي كثيرا من أهميته في الوقت الحاضر الفائدة التوازن الاقتصادي العام. فحسب المادة الاولى من القانون التنظيمي رقم  130.13 لقانون المالية  يحدد قانون المالية ، بالنسبة لكل سنة مالية ، طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد وتكاليف الدولة وكذا التوازن الميزانياتي والمالي الناتج عنها.
وتراعى في ذلك الظرفية الاقتصادية والاجتماعية عند إعداد قانون المالية وكذا أهداف ونتائج البرامج التي حددها هذا القانون ، ارتباطا بذلك، أصبح هذا الواقع موضوع تأييد العديد من الأفكار الاقتصادية، إذ تتحدث بعض الدراسات الاقتصادية على الدور الإيجابي الذي يمكن أن يضطلع به عجز الميزانية في تنشيط الحركة الاقتصادية في ظروف معينة وفي فترات زمنية محددة، لكن مقابل هذه القناعة بإمكانية القبول بالعجز، فإن التوجه العام يسير في اتجاه أن يكون مؤطرا في معدل معين، ذلك أن المخاوف تقوت بخصوص السماح بارتفاع العجز في الميزانيات، تبعا لذلك أضحت أغلب الحكومات تحرص على أن يظل العجز محدودا، إذ تقوی الانطباع بالآثار الوخيمة للعجز على الاقتصاديات الوطنية وعلى الاستقرار الاجتماعي.
أمام هذا التحدي برز توجه نحو إعادة الاهتمام بفكرة توازن الميزانية، هكذا قررت دول الاتحاد الأوربي على سبيل المثال في إطار اتفاقية "ماستريت" ضرورة حصر عجز الميزانية في 3 % من ناتج الدخل الإجمالي في سنة ،1997 و اعتباره معيارا للانخراط في العملة الأوروبية الموحدة.
وفي بلدنا برز هذا الحرص بشكل أساسي، إذ أن إعداد مشاريع قوانين المالية أصبحت محكومة في إعدادها بالحفاظ على العجز في نسبة معينة .

مبدأ الوحدة ' unicité Principe d

يقصد بمبدأ الوحدة أنه مهما تتعدد مصادر الواردات، ومهما تتباين مصاريف النفقات فلا يكون للدولة سوى ميزانية واحدة، حيث يتم تحقيق وحدة الميزانية بالتدرج من الجزئي إلى الكلي، بحيث يجري توحيد النفقات في كتلة واحدة وتوحيد الواردات في كتلة مقابلة، تم توحيد الكتلتين وإدراجهما في وثيقة واحدة تسمى الميزانية.

1- السند القانوني لمبدأ الوحدة :

يتأسس السند القانوني لمبدأ الوحدة على ما ورد في المادة الثالثة من القانون التنظيمي رقم  130.13 لقانون المالية التي تنص على أنه: "يتوقع قانون المالية لكل سنة مالية مجموع موارد وتكاليف الدولة"
كما يحيل إلى ذلك بشكل غير مباشر للمادة الثامنة  من نفس القانون التي تنص على أنه: " يباشر قبض مبلغ الحصائل بكامله دون مقاصة بين المداخيل والنفقات. ويرصد مجموع المداخيل لتنفيذ مجموع النفقات.
تدرج جميع المداخيل وجميع النفقات في الميزانية العامة .".
ومنه فمضمون مبدأ وحدة الميزانية أنه قاعدة تقليدية خلاصتها أدراج جميع العمليات الخاصة بأجهزة الدولة ضمن ميزانية واحدة، في وثيقة مالية واحدة شاملة وعدم تجزئتها وتوزيعها على وثائق متعددة.

2- مبررات مبدأ الوحدة :

يقوم منطلق مبدأ الوحدة على تحقيق التنظيم والوضوح، إذ لا يمكن معرفة المركز المالي للدولة بشكل جيد إذا كان محتوى الميزانية مشتتا في عدة وثائق أو في ميزانيات مختلفة.
وعليه تتحدد مزايا تطبيق هذا المبدأ في الحرص على ضمان العناصر التالية :
- السماح أو تمكين الحكومة من تبسيط عرض مشروع قانون المالية أمام البرلمان، وضمان لهذه المؤسسة سهولة التعرف على الوضع المالي للدولة، والتأكد من مدى التكامل والانسجام القائم بين مختلف مكونات الميزانية .
- ضمان الإحاطة بطبيعة التصرف في الأموال العامة على عكس ما يحدث عند تقسيم " النفقات أو الواردات إلى عدة ميزانيات ".
- يخول معرفة مدى توازن الميزانية، وقياس مستوى العجز بخلاف ما إذا تم توزيع الميزانية إلى وثيقتين : واحدة تتضمن الموارد والأخرى التكاليف.
- تخويل البرلمان القدرة بكيفية فعالة لمناقشة السياسة المالية الحكومية من خلال مناقشة الميزانية والتصويت عليها دفعة واحدة .

استثناءات مبدأ الوحدة

ان تعدد وظائف الدولة وتشعبها أفضى إلى ظهور أنماط جديدة من الميزانيات تشكل استثناء إن تعدد وظائف المبدأ الوحدة.
الميزانيات الملحقة : استبعد القانون التنظيمي رقم  130.13 لقانون المالية  إمكانية إحداث ميزانيات ملحقة جديدة إلا أنه أبقى على الموجود منها بصفة مؤقتة.
تتعلق هذه الميزانيات بالعمليات المالية لبعض المرافق ذات الصبغة الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية التي تتمتع باستقلال المالي دون أن تكون لها شخصية معنوية مستقلة على شخصية الدولة.
ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة
الحسابات الخصوصية للخزينة : فهي تقنية مالية ومحاسبية مرنة، تمكن من عزل بعض العمليات ذات الطابع الخاص أو المؤقت عن الميزانية العامة، وتعتبر وسيلة عملية تتماشى وتدخل الدولة في المجال الاقتصادي.
تتعلق الحسابات الخصوصية للخزينة ببعض العمليات المالية التي تكتسي طابع مؤقت أو خاص يستوجب ادرجها وانجازها خارج حسابات الميزانية العامة للدولة، وهي تهدف إلى بيان العمليات التي لا يمكن إدراجها بطريقة ملائمة في الميزانية العامة نظرا لطابعها الخاص أو العلاقة سبية متبادلة بين المدخول والنفقة .
مبدأ تخصص الاعتمادات Principe de spécialisation des Credits
يعني مبدأ تخصص الاعتمادات أن يرصد لكل وجه من أوجه الإنفاق العام مبلغ مالي محدد يطلق عليه اسم اعتماد.
إن الطابع الإجرائي لهذا المبدأ يجعله قابلا للتطبيق بشكل أكثر صرامة ذلك أن توزیع الاعتمادات يتسم بدرجة من الدقة والتفصيل.
السند القانوني لمبدأ تخصص الاعتمادات :
على خلاف المبادئ السابقة ، لا يوجد نص قانوني صريح يؤسس لهذا المبدأ، لكن يمكن أن نستشفه بشكل ضمني من بعض النصوص القانونية، فبقراءة القانون التنظيمي رقم  130.13 لقانون المالية  ، يلاحظ أنه يتحدث على تحديد كيفية تقسيم نفقات الميزانية بغض النظر عن مستوى تجميع الاعتمادات الذي يتم على أساس التصويت داخل البرلمان، فوفق الفقرة الثانية من االمادة 38  من هذا القانون تم التنصيص على أنه تقدم نفقات الميزانية العامة ، داخل الأبواب ، في فصول منقسمة إلى برامج وجهات ومشاريع أو عمليات.
تقدم نفقات كل مرفق من مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة ، داخل كل فصل ، في برنامج وعند الاقتضاء في برامج منقسمة إلى جهات ومشاريع أو عمليات.
تقدم نفقات كل حساب من الحسابات المرصدة لأمور خصوصية في برنامج وعند الاقتضاء في برامج منقسمة إلى جهات ومشاريع أو عمليات.

كما يجد التأسيس القانوني لهذا المبدأ من خلال حرص المرسوم المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية ل 26 أبريل 1999 على وضع الحدود للحكومة لتغيير وجه استعمال الاعتمادات المفتوحة في القانون المالي، وعلى تحديد المساطر المتعلقة بصلاحية الجهاز التنفيذي في تغيير هذه الاعتمادات.
مبررات مبدأ تخصص الاعتمادات
 أهمية هذا المبدأ تتحدد في البعدين التقني والسياسي :
على المستوى التقني : يساعد مبدأ تخصص الاعتمادات على توجيه الموارد المالية نحو استخداماتها المحددة .
على المستوى السياسي : تطبيقات المبدأ تفرض على الحكومة عدم الالتزام بالنفقات، والأمر بصرفها و أدائها، إلا في الأوجه المخصصة لها وفي حدود الاعتمادات المفتوحة .
استثناءات مبدأ تخصص الاعتمادات
- الحسابات الخصوصية للخزينة
- النفقات الطارئة والتحملات المشتركة
 مبدأ أسبقية الترخيص البرلماني   Principe de priorité d' autorisation parlementaire
يقتضي مبدأ أسبقية الترخيص البرلماني ، ألا يباشر الجهاز التنفيذي تنفيذ الميزانية قبل المصادقة عليها من طرف السلطة التشريعية وفي ذلك بطبيعة الحال تكريس لقوة القانون، ويستند هذا المبدأ الى المادة الأولى من القانون التنظيمي رقم  130.13 لقانون المالية  الذي ينص على أن يتوقع قانون المالية للسنة ، لكل سنة مالية ، مجموع موارد وتكاليف الدولة ، ويقيمها وينص عليها ويأذن بها ...
لأن الإذن يستلزم بالضرورة أن يكون سابقا للشروع في التنفيذ.
مبدأ الصدقية Principe de sincerite
لقد لعب المجلس الدستوري الفرنسي دورا كبيرا في تكريس مبدأ الصدقية ، والذي أكد في العديد من قراراته على أنه يتعين أن يحكم الميزانية مبدأ الصدق ، تصديا للممارسات الحكومية فيما يتعلق بتدبير المالية العامة، والتي ترتكز على الوصول إلى نتائج محددة مسبقا على مستوى العجز أو التحكم في النفقات .
يقتضي احترام مبدأ الصدق حسن النية في تطبيق القواعد والمساطر المعمول بها، والكف عن إخفاء بعض العناصر ذات التأثير على الميزانية، أو تقديم توقعات مغلوطة فيما يخص الموارد والتحملات أو إجراء عمليات حسابية مقصودة للتقليل من النفقات أو الرفع من المداخيل لإبراز نتائج مصطنعة ويرتبط هذا المبدأ إلى حد بعيد بشفافية الحسابات العمومية. إن قانون التصفية يوفر إمكانية أكثر للصدق إذ يتم الانتقال من التوقع إلى الإنجاز الحقيقي.
وفي فرنسا تم تضمينه في القانون التنظيمي للمالية الجديد في المواد 27، 31 ، 32 و33.
أما في بلدنا فقد نص عليه القانون التنظيمي للمالية رقم 130 . 13 في المادة 10 التي أوردت أنه : " تقدم قوانين المالية بشكل صادق مجموع موارد وتكاليف الدولة ويتم تقييم صدقية الموارد والتكاليف بناء على المعطيات المتوفرة أثناء إعدادها والتوقعات التي يمكن أن تنتج عنها ".
مراحل قانون المالية :
تخضع ميزانية الدولة إلى مسطرة خاصة، تميزها عن باقي المساطر، تبدأ بتهيئ وتحضير مشروع قانون المالية من قبل الحكومة، وفق مسطرة محددة، ووفقا لأجندة زمنية معينة ، تم يودع لدى البرلمان من طرف رئيس الحكومة، قصد مناقشته والتصويت عليه، وبعد إصداره من طرف الملك وبعد نشره في الجريدة الرسمية، يشرع في تنفيذ مقتضياته، ويخضع خلال مرحلة التنفيذ إلى ضوابط قانونية صارمة، تم يخضع المراقبة تتعدد أجهزتها ووسائلها .
لا بد من طرح سؤال رئيسي : من يحاسب في الأخير عن نجاح أو فشل السياسة المالية : هل الحكومة أم البرلمان ؟ يمكن تقسيم مراحل القانون المالي إلى ثلاث مراحل متميزة :
  التحضير والإعداد
  الإقرار والإعتماد
 تنفيذ ومراقبة التنفيذ .
مرحلة تحضير وإعداد القانون المالي تقوم بها السلطة التنفيذية (الحكومة، باعتبارها تتوفر على الإمكانيات المادية والبشرية المتخصصة الكافية لإلمام والإحاطة بالقانون المالي المتوقع طرحه، فالحكومة هي المسؤولة عن مرحلة الإعداد والتحضير قياسا إلى ما تتوفر عليه من الإمكانيات اللازمة لذلك بخصوص إعداد مشروع القانون المالي. فالحكومة هي المؤهلة الوحيدة لذلك بواسطة إدارتها ووسائلها البشرية والفنية المتخصصة لأنها مسألة عملية بالأساس، بالإضافة إلى أن الإدارة هي رهن إشارة السلطة التنفيذية، مادام الجهاز التنفيذي يطبق السياسة العامة للدولة.
فعلى المستوى المادي والفعلي لإعداد القانون المالي، تناط هذه المهمة برئيس الجهاز التنفيذي للحكومة (رئيس الحكومة) كما قد تقتصر على الجهاز الوزاري الفني المتخصص وهو وزير المالية حيث يبقى دور وزارة المالية محوريا في عملية الإعداد والتحضير، بالنظر لما تتوفر عليه من إمكانيات مادية وبشرية موضوعة رهن إشارتها مقارنة مع باقي الوزارات.
إن اعداد الميزانية هي عملية أساسية لأنها تخول تحديد السياسة الاقتصادية والمالية والاجتماعية للدولة خلال سنة، في هذه المحطة تتداخل الأبعاد الإدارية والتقنية والسياسية.
فعلى المستوى الإداري يبدو أساسيا تحديد مختلف الفاعلين الذين يشاركون في عملية التحضير، وعلى المستوى التقني من المتعين معرفة أنماط التقييم التوقعي لعمليات المداخيل والنفقات، أما على المستوى السياسي فالنقاش حول القانون المالي هو رهان سياسي و مجال للتجاذب بين السياسيين.
اختصاص الجهاز التنفيذي في إعداد قانون المالية العامة
يعود إعداد مشروع قانون المالية إلى الجهاز التنفيذي فحسب المادة  46 يتولى الوزير المكلف بالمالية تحت سلطة رئيس الحكومة إعداد مشاريع قوانين المالية طبقا للتوجهات العامة المتداول بشأنها في المجلس الوزاري وفقا للفصل 49 من الدستور.
إن إعطاء الجهاز التنفيذي المبادرة في انجاز مشروع القانون المالي، هو مرتبط بمبررات تقنية وواقعية بحيث أنه الجهاز الذي يتوفر على المعلومات الضرورية لتحضير المشروع وأيضا أن الجهاز الإداري يبقى تحت مسؤوليته دون إغفال أنه المسؤول عن تنفيذ مقتضياته، وبالنظر إلى أهمية هذه المحطة فقد أطرها المشرع بعدة ضوابط أساسا الضبط الزمني والإجرائي. فقانون المالية يتم إعداده وفق أجندة زمنية مضبوطة، إذ يتداخل في إعداد مشروع قانون المالية متدخلين إداريين وسياسيين.
المساهمون في إعداد مشروع قانون المالية :
يتدخل في إعداد مشروع قانون المالية متدخلون إداريون وسياسيون، ويظل الدور الفعلي في عملية الإعداد من اختصاص الوزارة المكلفة بالمالية، مع إسهام باقي الوزراء ويتم ذلك من الناحية النظرية تحت سلطة رئيس الحكومة.
دور رئيس الحكومة في إعداد مشروع قانون المالية
يضطلع رئيس الحكومة بدور هام في إعداد مشروع قانون المالية، وتتحدد عناصر تدخله في إعداد المشروع على العناصر التالية :
- إعتماد الوزارة المكلفة بالمالية في إعداد مشروع قانون المالية في مرجعيته على البرنامج الحكومي الذي يحدد خلاله رئيس الحكومة الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية، والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية (الفصل 88 من دستور (2011 .
- إن تحضير مشروع قانون المالية يتم بناءا على الرسالة التوجيهية التي يعممها رئيس الحكومة على مختلف الوزراء، والمندوبين السامين لتوضيح العناصر التي يتعين أخذها بعين الاعتبار لدى تحديد مقترحاتهم.
- يضطلع بحل حالات الخلاف بين الوزير المكلف بالمالية والوزير المعني بالأمر ويتخد قرار الحسم بشأنها.
- يترأس مجلس الحكومة الذي يناقش التوجهات العامة لمشروع قانون المالية قبل عرضه على المجلس الوزاري للتداول في التوجهات العامة لمشروع قانون المالية الفصل 49 من دستور 2011)، تم وضع المقتضيات التفصيلية لهذا المشروع والمصادقة عليه في المجلس الحكومي (الفصل 92 من دستور 2011).
دور وزير المالية في إعداد مشروع قانون المالية
يضطلع وزير المالية بدور مهيمن في إعداد مشروع قانون المالية هذا الدور يخول له مرتبة أعلى من باقي الوزراء وإن كان ذلك غير معترف به دستوريا، فمعظم بلدان المعمور تعتير الوزارة المكلفة بالمالية الوزارة الأكثر أهمية، ففي بريطانيا العظمى يخول الوزير المكلف بالمالية سموا من الناحية القانونية والواقعية فهو يعتبر نائب الوزير الأول ويحمل صفة "لورد الخزينة"، فمقر وزارة المالية يوجد إلى جانب رئاسة الحكومة في شارع Elevent Dawent Street وفي الولايات المتحدة الأمريكية وإن كان يوجد كاتب للدولة في الخزينة فإن وزير المالية القعي هو الرئيس نفسه الذي توجد إلى جانبه إدارات هامة نذكر منها "مكتب التدبير والميزانية" الذي يساعد الرئيس في مهامه .
ووزارة المالية تضطلع  بدور مركزي في إعداد مشروع قانون المالية :
- كوزارة مسؤولة عن الإنفاق، فقد تعود لها مسؤولية تقييم الاعتمادات، توزيعها بين مختلف القطاعات الحكومية ثم الحرص على ضمان التوازن الإقتصادي والمالي .
- إن وزارة المالية هي التي تتحمل مسؤولية تحصيل الموارد.
 - تتوفر على وسائل المعلومات والمراقبة التي تمكن من تدبير مالية الدولة سواء من خلال الأجهزة الادارية كالمفتشية العامة للمالية أو من خلال مايخول لها المشرع من اختصاصات في المادة المالية .
- فهي المسؤولة عن إعداد كل مشروع قانون أو تنظيم له تأثير مالي مباشر أو غير مباشر.
تبعا لهذه الأهمية، يضطلع وزير المالية بإعداد مشروع قانون المالية، وصياغته ومناقشته مع الحكومة والبرلمان، وأيضا مع المجموعات الضاغطة، والرأي العام وتساهم في إعداد هذا المشروع مختلف مديريات هذه الوزارة وأساسا مديرية الميزانية التي تضطلع بصياغة المشروع، وتتدخل فيما يتعلق بالتكاليف المرتبطة بميزانية التسيير وميزانية الاستثمار، وكذا المداخيل الخارجة عن اختصاصات المديريات الأخرى.
وتتدخل مديرية الخزينة والمالية الخارجية فيما يتعلق بالمعطيات المتعلقة بالدين العمومي، وكذا بتجميع مختلف المعطيات الواردة من المديريات الأخرى، وإعداد جدول تحملات وموارد الخزينة الذي يعطي نظرة شاملة حول وضع الخزينة، وظروف التوازن الناجم عن المعطيات السابقة، كما تتدخل مديرية المنشآت العامة والخوصصة فيما يخص المعطيات المتعلقة بالأنشطة المالية للمؤسسات والمقاولات العمومية ويتحدد دور المديرية العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة ومديرية الضرائب فيما يتعلق بالمداخيل التي يشرفان على تحصيلها، وتضطلع مديرية السياسة الاقتصادية العامة بتقديم المعطيات المتعلقة بالوضع الاقتصادي وآفاق تطورها، إضافة إلى ذلك تضطلع باقي الوزارت بالمشاركة في تحضير قانون المالية من خلال تقديم اقتراحاتها والاعتمادات الخاصة بكل قطاع حكومي، كما أنها تدخل في مفاوضات مع وزارة المالية حول حجم هذه الاعتمادات.
اعداد الميزانية
يخضع تحضير الميزانية إلى تأطير قانوني كثيف، وإلى جدول زمني صارم، قد يؤدي
عدم التقيد به إلى الإخلال بالسير العادي للإدارة.
تمر مرحلة تحضير مشروع قانون المالية بثلاثة محطات أساسية تتم وفق أجندة محددة : المرحلة الاستكشافية ، مرحلة التحضير الإداري والتحكيم، ثم مرحلة المصادقة الحكومية.
المرحلة الاستكشافية
هي أولى المحطات والتي تبدأ بالعمل على تحضير مشروع قانون المالية وذلك قبل فاتح ماي بحيث يتولى الوزير المكلف بالمالية بتقديم عرض أمام مجلس الحكومة يحدد ظروف تنفيذ القانون المالي الجاري، وتقديم تصورات عن مشروع قانون المالية السنوي المقبل، ليضطلع إثر ذلك رئيس الحكومة بتوجيه رسالة تأطيرية إلى الوزراء والمندوبين السامين يقوم من خلالها بتحديد التوجهات العامة المقترحات القطاعات الحكومية حول القانون المالي المقبل، ويحث على إعداد مقترحات بمداخيل ونفقات السنة الموالية .
مرحلة التحضير الإداري والتحكيم
بعد مرحلة الاستكشاف تبدأ مرحلة الإشتغال داخل دواليب الوزارات بين فاتح ماي وفاتح يوليوز، فتعمد كل وزارة إلى إجراء مشاورات بين المصالح الخارجية والمصالح المركزية لتحديد الحاجيات المعبر عنها، ويضطلع بهذا الدور أساسا المديريات المكلفة بالتسيير المالي، فتقوم كل وزارة داخل هذا الأجل بتحديد مقترحاتها السنة المقبلة وفي الغالب تضع تقديرات تتجاوز الرسالة التأطيرية التي حددها رئيس الحكومة، أما وزارة المالية القطب الرئيسي في إعداد مشروع قانون المالية، فتضطلع إضافة إلى تحديد اعتماداتها بوضع التصورات حول المداخيل المتوقعة للسنة المقبلة، وكل اقتراحات الوزارات تقدم إلى وزارة المالية فكل الأمرين بالصرف يضعون اقتراحاتهم الخاصة بالمداخيل والنفقات وكذا الأحكام المراد إدراجها في مشروع قانون المالية وتعمل مديرية الميزانية وفقا لاختصاصات كل قسم الدراسة مقترحات كل الوزارات والتأكد من مطابقتها لتوجيهات الدولة المعبر عنها إما في خطب ملكية أو في البرنامج الحكومي كما تدرس مدى تطابق كل المقترحات مع الرسالة التأطيرية، وبعد ذلك تبدأ سلسلة من اللقاءات بين ممثلي الوزارة المعنية وممثلي مديرية الميزانية فيما يعبر عنه الندوات الموازنية والتي تسعى إلى التوصل إلى قرارات توافقية حول الأغلفة المالية المقررة لكل قطاع حكومي ويحرر في نهاية كل اجتماع محضر مشترك يبين النتائج المحصل عليها ونقط الإختلاف إذا لم يتم حلها بين الطرفين، هذه النقط يتم عرضها على تحكيم الوزير المكلف بالمالية والوزير المعني بالأمر، تم تعرض الخلافات التي لم يتم تسويتها بين الوزيرين الى تحكيم رئيس الحكومة .

مرحلة المصادقة الحكومية
هي المرحلة الأخيرة في عملية تحضير وإعداد مشروع قانون المالية تهم صياغة المشروعة ، بحيث تضطلع مديرية الميزانية بهذه العملية، بحيث تقوم بتجميع المعلومات المتعلقة بالتحملات وبالموارد لكل مكونات قانون المالية، تم تحديد المقتضيات التي يتعين اعدادها في مشروع قانون المالية .
عموما إن هذا المشروع يتضمن نوعين من المقتضيات : المقتضيات المتكررة في كل قوانين المالية، تم المقتضيات المستجدة. وبعد انجاز المشروع يعرض على الأمانة العامة للحكومة، التي تضطلع بوظيفة المستشار القانوني للحكومة والتي تقوم بدراسة المشروع والتأكد من تضمنه للمقتضيات الواردة في قانون المالية، والتي وفقا للمادة السادسة من القانون التنظيمي للمالية (لا يمكن أن يتضمن قانون المالية إلا أحكاما تتعلق بالموارد والتكاليف أو تهدف إلى تحسين الشروط المتعلقة بتحصيل المداخيل، وكذا مراقبة استعمال الأموال العمومية ) كما تتأكد الأمانة العامة للحكومة من حسن صياغة المشروع من الناحية القانونية.
بعد ذلك يتم التداول في إطار مجلس الحكومة على الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية تم تعرض للتداول في إطار المجلس الوزاري، وهذه الخطوط العريضة تحدد فرضيات مشروع قانون المالية وتوجهاته العامة بعد موافقة مجلس الوزراء، تتم الموافقة على المشروع بكل مقتضياته في إطار مجلس الحكومة، وليطبع المشروع في صيغته النهائية بالمطبعة الرسمية، تم يتولى رئيس الحكومة إيداعه بمجلس النواب، لتبدأ مرحلة مناقشته، والتصويت عليه، وهنا تتدخل كلا من الحكومة والبرلمان .
ويشار إلى أن مصالح وزارة المالية تعمل إلى جانب صياغة مشروع قانون المالية، على صياغة مجموعة من الوثائق المرفقة له كالمذكرة التقديمية، والتقرير الاقتصادي والمالي، وتقرير عن الحسابات الخصوصية، وتقرير حول مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، وتقرير حول المؤسسات والمقاولات العمومية، وتقرير عن النفقات الحياتية، وتقرير حول الدين العمومي، وتقرير عن ميزانية النوع الاجتماعي، وتقرير عن صندوق المقاصة، وتقرير عن الموارد البشرية .
مرحلة الإقرار والإعتماد أو المصادقة على قانون المالية
إن إجازة السلطة التشريعية لمشروع قانون المالية، هو في واقع الأمر، عبارة عن إذن يسمح للحكومة بتنفيذ التزاماتها المالية، وبالعمل على جباية الإيرادات العمومية و بصرف النفقات المتطلبة لسير المرافق العمومية وفق ماهو محدد في القانون المالي المصادق عليه .
فإذا كان القانون المالي يعد بحق تعبيرا صادقا عن السياسة الحكومية في مختلف المجالات، فإنه يعد كذلك وسيلة ناجعة لتكريس نتائج الاستشارات التي تقوم بها الحكومة مع محاوريها على كل المستويات، قبل الشروع في إعداد القانون المالي (كالإتفاقيات المنبثقة عن الحوار الاجتماعي ) مثلا، وبالمقابل تعتبر المصادقة على قانون المالية من اختصاص البرلمان حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 75 من دستور 2011 (يصدر قانون المالية، الذي يودع بالأسبقية لدى مجلس النواب، بالتصويت من قبل البرلمان، وذلك طبق الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيمي  (  المواد من 52الى 57 من القانون التنظيمي للمالية رقم 130 . 13 المتعلقة بطريقة التصويت على قانون المالية) ويحدد هذا القانون التنظيمي طبيعة المعلومات والوثائق والمعطيات الضرورية لتعزيز المناقشة البرلمانية حول مشروع قانون المالية )، وتشكل مرحلة المصادقة البرلمانية محطة حاسمة في المسلسل الموازني، لأنها هي التي يتحدد على ضوئها الموقف النهائي للبرلمان إما بالموافقة فيفتح بذلك الطريق الإصدار الأمر بتنفيذ قانون المالية، وإما بعدم التصويت في نهاية السنة المالية أولم يصدر الأمر بتنفيذه بسبب إحالته إلى المحكمة الدستورية حسب الفقرة 3 من الفصل 132 من دستور 2011.
فطبقا للفقرتين 3 و 4 من المادة 75 من دستور 2011 (فإن الحكومة تفتح بمرسوم الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية، والقيام بالمهام المنوطة بها على أساس ما هو مقترح في الميزانية المعروضة على الموافقة ويسترسل العمل في هذه الحالة باستخلاص المداخيل طبقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجارية عليها باستثناء المداخيل المقترح إلغاؤها في مشروع قانون المالية أما المداخيل التي ينص المشروع المذكور على تخفيض مقدارها فتستخلص على أساس المقدار الجديد المقترح ).
من هنا نستخلص أنه تلافيا لانزلاقات أو مناورات ذات طابع سياسوي، ترمي إلى عدم المصادقة على مشروع قانون المالية في وقته المحدد فقد حرصا كلا من دستور 2011 الفصل 75)، والقانون التنظيمي للمالية، على وضع جدول زمني دقيق لتدخل كلا من المجلسين وعلى السماح للحكومة في حالة عدم المصادقة على القانون المالي قبل آخر السنة المالية باللجوء إلى مرسوم وهذا يعني عملية السماح للجهاز التنفيذي بالشروع في تنفيذ مشروع قانون المالية .
بعد تحضيرها لمشروع قانون المالية تقوم الحكومة 70 يوما قبل نهاية السنة المالية الجارية أي في 20 أكتوبر على أبعد تقدير، بإيداع مشروع قانون المالية بمجلس النواب بالأسبقية حسب دستور 2011، ويتم بعد ذلك الشروع في مناقشة مشروع قانون المالية، إذ يجتمع مجلسي البرلمان في جلسة مشتركة للاستماع ( الفقرة 4 من الفصل 68 من دستور 2011 )  لعرض مشروع قانون المالية الذي يقدمه الوزير المكلف بالمالية .
ويتعين على الحكومة إيداع مشروع قانون المالية مرفقا بتقارير عن الوضعية الاقتصادية والمالية وعن آفاق النمو الاقتصادي والإكراهات المالية التي تعترض الحكومة في مجموعة من المجالات، مع ذكر التدابير التي تعتزم اتخاذها، وكذا التقارير والوثائق المتعلقة بكيفية تدبير الحسابات الخصوصية وميزانية المرافق المسيرة بصورة مستقلة وتوضيح العمليات المالية المتعلقة بها حتى يتمكن ممثلي الأمة القيام بدراسة جيدة لمشروع قانون المالي المطروح للنقاش.
وبعد عرض الوزير المكلف بالمالية يحال مشروع قانون المالية على اللجن البرلمانية بحيث يرتكز النقاش على الجوانب التقنية للمشروع.
وبعد انتهاء لجنة المالية وباقي اللجان من دراسة المشروع وتقديم التعديلات حوله، تم التصويت عليه، يقوم مقرر اللجنة بإعداد تقرير يتضمن العرض التقديمي الذي تقدم به الوزير المعني وملخص حول النقاشات العامة للمشروع، وجواب الوزير عنها، ومناقشة مواد المشروع، تم التعديلات المقترحة، تم التصويت على هذه التعديلات وعلى مواد المشروع، ثم الصياغة النهائية للمواد المعدلة.
وتجدر الاشارة الى ان لجنة المالية التي يتم تقديم مشروع قانون المالية أمامها تتميز عن اللجان الفرعية بعدة خاصيات :
- إنفرادها وحدها بصلاحيات دراسة مشروع قانون المالية برمته
- توقف أعمال اللجان الفرعية على نتائج أعمال لجنة المالية، بحيث لايمكن أن يتم التصويت من لدن هذه اللجان على ميزانيات مختلف الوزارات قبل اعتماد الموارد في النفقات الإجمالية والتوازن المرتبط بها من طرف لجنة المالية .
- مسؤولية مقرر لجنة المالية في تقديم مشروع قانون المالية أمام البرلمان، في جلسته العمومية الرامية إلى دراسة الجزء الأول من هذا المشروع والتصويت عليه.
- تقديم مشروع قانون المالية من طرف وزير المالية أمام لجنة المالية : التطرق إلى الظروف المحيطة بمشروع قانون المالية ومراميه ومعطياته المرقمة .
بعد دراسة مشروع قانون المالية داخل اللجان النيابية، يعرض في الجلسة العامة للمجلس، حيث يتم التداول حول مشروع قانون المالية عن طريق تقديم التعديلات وفق الضوابط المحددة في كل من الدستور والقانون التنظيمي للمالية والنظام الداخلي لمجلسي البرلمان، تم يعرض للتصويت.
وبموجب المادة 52 من القانون التنظيمي للمالية رقم 130 . 13 فإنه لا بد من مناقشة والتصويت على الجزء الأول قبل عرض الجزء الثاني وذلك لعقلنة العمل البرلماني وتقليص هامش التحرك لديه.
وبعد التصويت على مشروع قانون المالية بمجلس النواب، يعرض على مجلس المستشارين للبت فيه وفق نفس المسطرة التي تم مباشرتها بمجلس النواب، ويفرز التصويت على مشروع قانون المالية 3 احتمالات :
- تطابق وجهة نظر المجلسين معا على النص المعروض للمناقشة وتتحدد هذه الحالة عندما يصوت مجلس المستشارين على المشروع وفق ما أقره مجلس النواب، تم يحال النص على الملك ليتم إصداره وفق ما هو محدد في الدستور، ونشره في الجريدة الرسمية، والشروع في تنفيذه.
- إذا أدخل مجلس المستشارين تعديلات على بعض مقتضيات المشروع بشكل مخالف لما صوت عليه مجلس النواب، فإن مشروع قانون المالية يعرض من جديد على مجلس النواب، قصد القراءة الثانية والتصويت النهائي.
- رفض مجلس النواب للنص المحال عليه، فإن ذلك لا يحول دون مناقشته والتصويت عليه من قبل مجلس المستشارين، وفي حالة رفض هذا الأخير يعد بمثابة توافق بين المجلسين حول الرفض النهائي للمشروع.
مدى الترخيص البرلماني
كقاعدة عامة لا يجوز الالتزام بالنفقات والأمر بصرفها وأداؤها إلا في حدود الإعتمادات المفتوحة لكن استثناء يمكن أن تتجاوز النفقات التالية المخصصات المقيدة في العناوين المتعلقة بها :
النفقات المتعلقة بالدين العمومي والدين العمري النفقات المتعلقة بأجور الموظفين والأعوان المحدد عددهم في قانون المالية (المادة58   من القانون التنظيمي للمالية رقم 130 . 13) .
كما يجوز للحكومة أثناء السنة المالية وقف تنفيذ بعض نفقات الاستثمار إذا استلزمت ذلك الظروف الاقتصادية والمالية ويتم إخبار اللجان المختصة في البرلمان (المادة 62 من القانون التنظيمي للمالية رقم 130 . 13 ) .
سلطات البرلمان في إقرار مشروع قانون المالية :
من المفترض أن يكون البرلمان هو الفاعل الأساسي في مجال قانون المالية، من خلال مسطرتي التعديل والتصويت، لكن في ظل تبني الدساتير الحالية لمبدأ العقلانية البرلمانية، فإن سلطات البرلمان ترد عليها عدة تقييدات في مناقشة مشروع قانون المالية تتحدد فيما يلي :
- تصويت البرلمان مرة واحدة على نفقات التجهيز ولا يمكن تعديلها إلا من قبل الحكومة (الفقرة 2 من الفصل 75 من دستور 2011).
- قيام الحكومة بتنفيذ مشروع قانون المالية بالرغم من عدم تصويت البرلمان عليه في آخر السنة المالية (الفقرتين 3 و4 من الفصل 75 من دستور 2011).
- تقييد دور البرلمان في التعديل بحيث ينص الفصل 77 من دستور 2011 على أنه لا تقبل المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان، في حالة تخفيض الموارد العمومية، أو إحداث تكليف عمومي، أو الزيادة في تكليف موجود.
القاعدة أن القانون المالي يصدر عن الجهاز التشريعي لكن بصفة استثنائية يمكن للحكومة أن تتدخل في مجالات يأذن فيها القانون التنظيمي للمالية  وقانون مالية السنة للحكومة بالتشريع في ما يلي :
 احداث الحسابات الخصوصية للخزينة خلال السنة المالية في حالة الاستعجال (المادة 26 من
القانون التنظيمي للمالية رقم 130 . 13 )
 فتح اعتمادات اضافية خلال السنة المالية (المادة  60 من القانون التنظيمي للمالية رقم 130 . 13)
 وقف تنفيذ نفقات الاستثمار خلال السنة المالية إذا استلزمت ذلك الظروف الاقتصادية والمالية. (المادة 62 من القانون التنظيمي للمالية رقم 130 . 13) .
كما أن المشرع أعطى الصلاحية للحكومة للقيام ببعض التصحيحات خلال تنفيذ قانون المالية بمقتضى قرارات وزارية حيث نصت المادة 63 انه " لا يجوز أن ترحل الاعتمادات المفتوحة في الميزانية العامة برسم سنة مالية إلى السنة الموالية.
غير أن اعتمادات الأداء المفتوحة برسم نفقات الاستثمار بالميزانية العامة وأرصدة الالتزام ، المؤشر عليها والتي لم يصدر الأمر بصرفها ، ترحل ، ما لم ينص قانون المالية للسنة على خلاف ذلك ، في حدود سقف ثلاثين في المائة (%30) من اعتمادات الأداء المفتوحة بميزانية الاستثمار لكل قطاع وزاري أو مؤسسة برسم السنة المالية
.
تحدد إجراءات الترحيل بنص تنظيمي
.
يمكن تخفيض السقف المشار إليه أعلاه بموجب قانون للمالية
.
تضاف الاعتمادات المرحلة إلى اعتمادات الأداء المفتوحة بموجب قانون المالية للسنة
."
إن إقرار واعتماد مشروع قانون المالية هو عمل هام وجوهري ومتميز في مراحل القانون المالي لكن تبقى مرحلة التنفيذ محطة مهمة، لأن من خلالها تترجم المقتضيات على أرض الواقع والذي جعل من تقنين أدوار المتدخلين فيها ووضع ترسانة قانونية لذلك هاجسا التحقيق حکامة جيدة لتدبير الأموال العمومية .
تنفيذ الميزانية
بعد صدور قانون المالية يتم الإنتقال إلى مرحلة التطبيق العملي، المتمثلة في صرف الإعتمادات وتحصيل الموارد، طبقا لما تحتويه ميزانية الدولة، ووفقا لما هو مقرر من اعتمادات والتي تمثل الحد الأقصى المسموح به للإنفاق. وكذلك تقوم الوزارات والهيئات العامة، بتحصيل الموارد استنادا إلى قوانين المالية ذات الاختصاص، والتي تستمد منها الحكومة السند القانوني لتحصيل الموارد .
كما هو الشأن بالنسبة للتحضير، يخضع تنفيذ الميزانية لتأطير قانوني وتنظيمي كثيف قصد تأمين التدبير السليم للمالية العمومية على مستوى المداخيل والنفقات على السواء.
وتستند المحاسبة العمومية على مبدأين رئيسيين :
- وضع العمليات المالية تحت مسؤولية الأمرين بالصرف والمحاسبين
- الفصل بين الأمرين بالصرف والمحاسبين فحسب الفصل الثالث من المرسوم الملكي لسنة 1967 تناط العمليات المالية بالأمرين بالصرف والمحاسبين العموميين.
حيث يتم تنفيذ الميزانية على أساس قواعد المحاسبة العمومية التي يحددها حاليا المرسوم الملكي رقم 330 . 66 بتاريخ 10 محرم 1387 ( أبريل 1967) .
ويعتبر امرا عموميا بالصرف للمداخيل والنفقات، كل شخص مؤهل باسم منظمة عمومية الرصد أو إثبات أو تصفية أو أمر باستخلاص دين أو أدائه.
ويعتبر محاسبا عموميا، كل موظف أو عون مؤهل للقيام باسم منظمة عمومية، بعمليات المداخيل، أو النفقات أو تناول المستندات إما بواسطة أموال وقيم معهود إليه بها، وإما بتحويل داخلي لحسابات وإما بواسطة محاسبين عموميين آخرين أو حسابات خارجية للمتوفرات التي يأمر بترويجها.
الآمر بالصرف
ينقسم الآمرون بالصرف إلى فئتين :
 - الآمرون بالصرف الرئيسيون
- الآمرون بالصرف الثانويون
الآمرون بالصرف الرئيسيون و الآمرون بالصرف المفوضون
حسب الفقرات الثلاث الأولى من الفصل 64 من المرسوم الملكي بسن نظام عام للمحاسبة العمومية 1967 كما تم تعديله بمقتضى المرسوم بتاريخ 4 شعبان 1421 (فاتح نونبر (2000
( يعتبر الوزراء بحكم القانون أمرين بالصرف فيما يتعلق بمداخيل ونفقات وزارتهم وكذا مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة الميزانيات الملحقة والحسابات الخصوصية الراجعة لهذه الوزارات غير أنه يمكن إصدار مراسيم بتعيين مديرين عامين أو مديرين بصفة أمرين بالصرف إذا اقتضت حاجيات المصلحة ذلك .
ويجوز للآمرين بالصرف أن يفوضوا إمضاء هم بقرار.....)
الآمرون بالصرف الثانويون
تنص الفقرة الرابعة من الفصل 64 من مرسوم 1967 على مايلي :
 " ويجوز للأمرين بالصرف تحت مسؤوليتهم ومراقبتهم أن يعينوا طبق نفس الكيفية، أمرين بالصرف، ثانويين يفوضون إليهم في سلطاتهم ضمن الحدود المالية والترابية التي يبينونها "
يشكل العمال ورؤساء المصالح الخارجية للوزارات أمرين بالصرف ثانويين فيما يتعلق بالاعتمادات المفوضة لهم من طرف الوزارات المعنية .
ويمكن تعيين آمرين بالصرف مساعدين للحلول محل الآمرين بالصرف المفوضين والثانويين، في حال غيابهم أو إذا تعذر عليهم القيام بمهامهم.
ويجب اعتماد الآمرين بالصرف ومفوضيهم وكذا الآمرين بالصرف الثانويين لدى المحاسبين المكلفين بالمداخيل والنفقات التي يأمرون بإنجازها كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من الفصل الخامس من المرسوم الملكي (1967) .
المحاسبون
ينقسم المحاسبون إلى قسمين : محاسبي الخزينة ذوي الصلاحيات العامة، ومحاسبين آخرين تنحصر صلاحيتهم في قطاعات معينة.
- محاسبو الخزينة
وهم الخازن العام و والخزنة الجهويون و الاقلميون والقبضة والعون المحاسبي المركزي وخزنة اخرون .
 الخازن العام للمملكة
ينص الفصل 66 من المرسوم الملكي بسن نظام عام للمحاسبة العمومية على أن " الخازن العام هو المحاسب السامي للمملكة ويتولى بهذه الصفة جمع التنفيذ الحسابي لميزانية الدولة، وميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة والميزانيات الملحقة، والحسابات الخصوصية، وعمليات الخزينة " وهو المحاسب الذي تعتمد لديه عملیات آمري الصرف بالنسبة للدولة.
كما أنه مكلف بتقديم حساب التدبير المتعلق بحساباته كل سنة إلى المجلس الأعلى للحسابات.
الخزنة الجهويين وخزنة العمالات والخزنة الإقليميون
يتبعون للخازن العام ويعملون تحت مسؤوليته ومراقبته، تعتمد لديهم العمليات الموازنية للأمرين بالصرف الثانويين، وهم مكلفون كذلك بوصفهم محاسبين رئيسيين بتقديم حساب التدبير المتعلق بعملياتهم كل سنة إلى المجلس الأعلى للحسابات.
القبضة
يتبعون للخزينة و منضوين تحت مسؤولية الخازن الجهوي أو خازن العمالة أو الخازن الإقليمي وتعود إليهم مهمة تحصيل كل الضرائب المباشرة، الرسوم، الحقوق المختلفة كالذعائر والغرامات المالية، عائدات الأملاك المخزنية...
وبوصفهم محاسبين رئيسيين يجب عليهم كذلك تقديم حساباتهم سنويا للمجلس الأعلى للحسابات. العون المحاسبي المركزي للتمثيليات الدبلوماسية والقنصلية
يتكلف بإنجاز عمليات المداخيل والنفقات بالخارج لحساب الدولة، ويوحد تحت إمرته لهذا الغرض أعوان محاسبون يعملون داخل السفارات والقنصليات .
محاسبون آخرون
يتمتعون بصلاحيات خاصة بمناولة الأموال العمومية، كما هو الشأن بالنسبة للقبضة المحاسبين التابعين لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، وقبضة التسجيل والتمبر، ومحافظي الملكية العقارية، وكتاب الضبط التابعين للمحاكم، وقبضة بريد المغرب.
 يتم تعيينهم إما مباشرة من طرف وزير المالية أو بمقتضى قرارات يؤشر عليها هذا الأخير.
الفصل بين مهام كل من الأمرين بالصرف والمحاسبين
بمقتضى الفصل الرابع من المرسوم الملكي بسن نظام المحاسبة العمومية لسنة  1967" ألا يجمع بين مهام آمر بالصرف و مهام محاسب ماعدا إذا كانت هناك مقتضيات مخالفة لذلك" يرجع فصل المهام بين الأمر بالصرف والمحاسب وتنافي مهمتهما إلى اعتبارين رئيسيين :
- ضرورة تكريس نوع من توزيع المهام بين الأمرين بالصرف والمحاسبين
الآمرون بالصرف مكلفون باتخاذ قرارات ذات طابع إداري تترتب عنها مداخيل أو نفقات وإعطاء الأمر بتنفيذها أما المحاسبون مكلفين بتنفيذ هذا الأمر سواء تعلق الأمر بتحصيل مدخول أو أداء نفقة .
ضرورة ممارسة نوع من المراقبة على العمليات الإدارية، من خلال التأكد من التطبيق السليم لمختلف المساطر الواجب اتباعها قبل اجراء عملية الأداء من طرف المحاسب إن جمع الوظائف الإدارية والمالية بين يدي موظف واحد أو جهاز واحد، قد يفسح المجال أمام سوء الإستعمال والتلاعب بالأموال العمومية.
- إن الفصل بين الوظائف الإدارية والمحاسبية يحث على الرفع من المردودية والفعالية في إدارة المال العمومي، إذ أن الأمرون بالصرف يتخذون قرارات، ويأمرون بتنفيذها، بينما يتدخل المحاسبون لتنفيذ الأوامر، وممارسة اختصاصاتهم المالية والمحاسبية، فالعلاقة التي تجمع بين الطرفين غير محكومة بتبعية أحدهما للأخر، فكل طرف له مجال تدخله، ويتحمل مسؤولية قراراته، لكن هذا الفصل ليس دائما مطلقا، فهناك استثناءات عدة ترد عليه، وتتحدد في الحالات التالية :
- ممارسة بعض مهام الأمر بالصرف من طرف المحاسبين، ويتعلق الأمر ببعض الموارد، والمداخيل التي يصرح بها الملزمون بأنفسهم، و يؤدونها إلى المحاسب مباشرة، دون تدخل من طرف الأمرين بالصرف، كما هو الشأن بالنسبة للضريبة على الشركات، الضريبة على الدخل، الضريبة على القيمة المضافة .
- ممارسة مهام بعض المحاسبين من طرف الأعوان التابعين للأمرين بالصرف
تنفيذ الميزانية على مستوى المداخيل
 يمر تنفيذ الميزانية على مستوى المداخيل عبر أربعة مراحل :
• الإثبات
  التصفية
  إصدار الأمر بالمداخيل
• التحصيل
1.     الإثبات :
ينص على طريقة الإثبات لكل دخل النص الذي يؤسسه، فالخاضع للضريبة يتسلم استمارة من الإدارة الضريبية، ويصرح فيها بمداخيله ونشاطاته، وعلى ضوء هذا التصريح يفرض الأمر بالصرف الضريبة أو عن طريق التقدير الجزافي والتقدير حسب المؤشرات الخارجية أو التقدير المباشر من طرف الإدارة.
تتم عملية إثبات المداخيل العمومية تحت إشراف الأمر بالصرف.
2.     التصفية
تكتسي عملية التصفية طابعا ماديا و قانونيا :
على الصعيد المادي : التأكد من حقيقة الأوضاع أو الأفعال في شكل دخول أو عملیات تترتب عنها مداخيل للدولة كالبيع والشراء، تحقيق أرباح ، الاستفادة من مادة أو خدمة تقدمها مصالح عمومية، إبرام عقود.
على الصعيد القانوني : التأكد من أن هذه الأوضاع والأفعال تترتب عليها فعلا مداخيل لفائدة الدولة وفقا للقوانين الجاري بها العمل في الميدان الضريبي مثلا ووفقا لمقتضيات قانون المالية.
ترمي عملية التصفية إلى تحديد مبلغ الحقوق الراجعة للدولة على أساس المعطيات المتوفرة
وترجع مهمة تصفية هذه الحقوق للأمرين بالصرف.
3. إصدار الأمر بالمداخيل :
- يتم إصدار الأمر بالمداخيل على أساس نتائج التصفية.
- إن للآمر بالصرف وحده سواء كان رئيسيا أو ثانويا، صلاحية إصدار الأمر بالمداخيل، غير أن جهات أخرى يمكن أن تمارس نفس الصلاحيات في بعض الحالات ككتاب الضبط بمحاكم المملكة بالنسبة للغرامات.
4. التحصيل
تخضع إجراءات تحصيل الديون العمومية لمقتضيات القانون رقم 15 - 97 الصادر الأمر بتنفيذه الظهير رقم 1 . 01 . 75 بتاريخ 3 ماي 2000 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية يقصد بتحصيل واستخلاص الديون العمومية، طبقا للمادة 1 من مدونة تحصيل الديون العمومية : " مجموع العمليات والإجراءات التي تهدف إلى حمل مديني الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتضى القوانين والأنظمة الجاري بها العمل أو الناتجة عن أحكام وقرارات القضاء أو عن الإتفاقيات"
 وتشمل الديون العمومية : الضرائب والرسوم المستحقة لفائدة الدولة والحقوق والرسوم الجمركية وحقوق التسجيل والتمبر و الرسوم المماثلة ومداخيل وعائدات أملاك الدولة وحصيلة الاستغلالات والمساهمات المالية للدولة و الغرامات والإدانات النقدية وكافة الديون الأخرى المستحقة لفائدة الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية.
يباشر استخلاص الديون العمومية في الأصل بالطرق الرضائية و الحبية ولا تلجأ الى إعمال طرق التحصيل الإجباري إلا عند الضرورة.
قبل الشروع في عملية تنفيذ أوامر المداخيل، يقوم المحاسب المعني بالتكفل بها بعد التأكد من صحتها " يتحتم على المحاسبين المكلفين بالتسديد فيما يخص المداخيل أن يقوموا بمراقبة صحة الاستخلاص وإدراجه في محله وكذا بالتحقق من الأوراق المتبثة ".
تنفيذ الميزانية على مستوى النفقات
يمر عبر مرحلتين رئيسيتين :
وضع الاعتمادات تحت تصرف الإدارات المركزية واللامركزية.
الاستعمال الفعلي للإعتمادات.
وضع الاعتمادات تحت تصرف الإدارات
- مصادقة البرلمان على قانون المالية.
- فتح الاعتمادات للإدارات المركزية.
- فتح الإعتمادات من طرف الأمرين بالصرف حسب الجدول التفصيلي الخاص بميزانية التسيير والاستثمار لكل وزارة.
- يمكن لمصالح الأمرين بالصرف البدء في تنفيذ النفقات والالتزام بها كما يمكنهم أيضا تفويض الاعتمادات للأمرين بالصرف المساعدين المتواجدين بالمصالح الخارجية.
الاستعمال الفعلي للاعتمادات
بعد وضع الإعتمادات تحت تصرف الإدارات، تبدأ مرحلة الإنجاز الفعلي للنفقات العمومية الذي يمر عبر المراحل التالية :
1.     الالتزام : هو الرابطة القانونية التي تنشأ بين الدولة ودائنيها متى توافرت الاعتمادات اللازمة لصرف النفقة في ميزانية الدولة : كقرار تعيين موظف أو الاتفاق مع مقاول على القيام بمشروع معين.
- فهو العمل الذي تحدث أو تثبت بموجبه المنظمة العمومية سندا يترتب عنه تحمل، ولا يمكن التعهد به إلا من طرف الأمر بالصرف الذي يعمل وفقا لسلطاته، ويجب أن يبقى في حدود الترخيصات في الميزانية وأن يكون متوقفا على المقررات أو الإعلانات أو التأشيرات المنصوص عليها في القوانين أو الأنظمة.
- الالتزام من اختصاص الأمر بالصرف والأمر بالصرف المساعد.
2. التصفية : تهدف إلى التأكد من حقيقة الدين وحصر مبلغ النفقة وهي من اختصاص مصالح الأمر بالصرف أو الأمر بالصرف المساعد.
فهي التقدير الفعلي للمبلغ الواجب دفعه والتأكد من حلول استحقاقه، ومن أنه لم يسبق دفعه أو سقوط بالتقادم أو تسوية بواسطة المقاصة.
وقد يتطلب الأمر تقديم بعض الوثائق التي تثبت ترتب الدين في ذمة الدولة وتعتبر مرحلة ضرورية لتأكيد وجود الدين وضبط المبلغ الواجب تأديته.
 - 3الأمر بالصرف (الفصل 34 من مرسوم 1967) : هي آخر مراحل التنفيذ الإداري ويصدر الأمر بالدفع من لدن الموظف المختص إلى الخزينة العامة بصرف مبلغ الدين كما حددته مرحلة تصفية النفقة، وهو أمر خطي يوجهه الآمر بالصرف إلى المحاسب ليدفع مبلغا محددا من المال إلى شخص معين.
فهو العمل الإداري الذي يحتوي طبقا لنتائج التصفية على الأمر بأداء دين المنظمة العمومية
• يقوم بهذا العمل الأمر بالصرف .
 يترتب عن الأمر بالصرف إصدار سند للأمر بالصرف أو التحرير حوالة وسند للأداء .
4 - الأداء (الفصل 41 من مرسوم 1967) : هو العمل الذي تبرئ به المنظمة العمومية ذمتها من الدين، ولا يمكن أن يتم هذا الأداء قبل تنفيذ العمل أو حلول أجل الدين أو صدور المقرر الفردي بتخويل إعانة أو منحة وذلك مع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة.
الرقابة على تنفيذ الميزانية
يمكن تعريف المراقبة بأنها "مجموعة من العمليات تتضمن جمع البيانات، وتحليلها بهدف الوصول إلى نتائج تقوم بها أجهزة معينة للتأكد من تحقيق البرنامج المالي للدولة لأهدافه بكفاية مع إعطاء أجهزة المراقبة كامل السلطات لاتخاذ القرارات المناسبة "
 ويمكن تعريفها أيضا، التأكد من احترام الشرعية سواء تعلق الأمر بتحصيل المداخيل أو صرف النفقات، أي الالتزام بمطابقة التنفيذ الإداري والمحاسبي للميزانية للقوانين الجاري بها العمل.
السؤال المطروح : هل يمكن بعد إصدار الأمر بتنفيذ قانون المالية ونشره في الجريدة الرسمية، أن تصرف الاعتمادات، وتحصيل المداخيل الواردة في القانون المذكور بدون تدخل أي جهة معينة يوكل لها مهام مراقبة صرف المال العامة.
 تختلف صور مراقبة تنفيذ الميزانية حسب اختلاف معاييرها :
1. معيار توقيت إجراء المراقبة : يمكن التمييز بين المراقبة القبلية أو السابقة، والمراقبة المواكبة والمراقبة اللاحقة أو البعدية.
2. معيار العلاقة مع أجهزة المراقبة : يمكن التمييز بين المراقبة الداخلية والمراقبة الخارجية
3. معیار طبيعة المراقبة : يمكن التمييز بين المراقبة الإدارية والمراقبة القضائية والمراقبة السياسية.
الرقابة الإدارية على تنفيذ الميزانية :
هي رقابة ذاتية تمارسها الإدارة على نفسها بواسطة هيئات إدارية ومالية مختصة، وتجري على العمليات الإدارية والمحاسبية، و يمكن الإشارة إلى الرقابة التسلسلية التي يمارسها الرؤساء على مرؤوسيهم داخل نفس الوحدة الإدارية، أو التعهد بها إلى أجهزة رقابية مختصة توكل في أغلب الدول إلى وزارة المالية .
تكتسي المراقبة من طرف أجهزة إدارية تابعة لوزير المالية طابعا داخليا، ويمكن حصرها في ثلاث أنواع :
- مراقبة الالتزام بدفع نفقات الدولة
- مراقبة المحاسبين لأعمال الأمرين بالصرف
- مراقبة المفتشية العامة للمالية
مراقبة الالتزام بدفع نفقات الدولة :
تم تأسيس هذا الجهاز طبقا لأحكام المرسوم الصادر بتاريخ 30 دجنبر 1975 بشأن مراقبة الالتزام بنفقات الدولة ، ويمكن اعتبارها مراقبة سابقة، تمارس من طرف جهاز مالي مستقل وظيفيا، والذي يفحص ويبرر قرارات التدبير ذات تأثير مالي ويتعلق الأمر بالخصوص بالمراقبة الممارسة على مستوى الالتزام والأمر بالصرف وأداء النفقات العمومية بعد إدماج المراقبة العامة للالتزام بنفقات الدولة في الخزينة العامة للمملكة، وإسناد اختصاصات المراقب العام للالتزام بالنفقات إلى الخازن العام للمملكة، بمقتضی المرسوم الصادر في 13 فبراير 2006 ، فإن هذا الإدماج أدى إلى تجميع المتدخلين في مسلسل النفقات على مستوى وزارة المالية في قطب واحد هو " مراقبة تنفيذ نفقات الدولة " و بعد حوالي سنة من الإدماج، وذلك بمقتضى قرار لوزير المالية بتاريخ 14 فبراير 2007، أحدثت مصالح للخزينة لدى الوزارات، على رأسها خازن لكل وزارة أو لعدة وزارات، ونتيجة لذلك تم الجمع بين المراقبة والمحاسبة في هيكلة واحدة. ففي سياق تخفيف الرقابة القبلية، ووضع منظومة تتبع تمكن من التأكد من جودة وسلامة مساطر تنفيذ نفقات الدولة من طرف مصالح الأمر بالصرف، صدر مرسوم رقم 2 . 07 . 1235 صادر في 5 ذي القعدة 1429 (4 نوفمبر 2008 ) المتعلق بمراقبة نفقات الدولة، الجريدة الرسمية رقم 5682، الصادر في 13 نوفمبر 2008.
لقد أصبحت مراقبة الالتزام بنفقات الدولة الصادرة عن المصالح الأميرة بالصرف، تخضع لمراقبة مالية، ولمراقبة المشروعية، حيث يقوم المحاسب العمومي بمراقبة المشروعية، من خلال التأكد من أن مقترحات الالتزام بالنفقات مشروعة، بالنظر للأحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي.
كما يقوم المحاسب العمومي بالتأكد مما يلي :
- توفر الاعتمادات والمناصب المالية؛
- الإدراج المالي للنفقة؛
- صحة العمليات الحسابية لمبلغ الالتزام؛
- مجموع النفقة التي تلتزم الإدارة المعنية بها طيلة السنة التي أدرجت خلالها،
- الانعكاس الذي قد يكون للالتزام المقترح على استعمال مجموع اعتمادات السنة الجارية والسنوات اللاحقة.
فانطلاقا من فاتح يناير 2012 ، أصبح العمل بالمراقبة التراتبية للنفقة باعتبارها مراقبة مخففة تطبق على نفقات المصالح الأمرة بالصرف، وتقتضي أن تتوفر على نظام مراقبة داخلية تمكنها من التأكد من عمليات المراقبة المسندة إليها، وفق النصوص التشريعية الجاري بها العمل.
تنصب أعمال المراقبة على التأكد من صحة الانتساب المالي للنفقة والتحقق من توفر الاعتمادات التي ستدفع منها النفقة المقترح الالتزام بها والتثبت من صحة تقديرها ومدى مشروعيتها بالنسبة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
إن مراقبة الالتزام بدفع النفقات تكتسي طابعا وقائيا، حيث تتدخل قبل التزام الإدارة النهائي بصرف النفقات لتجنب الأخطاء والحيلولة دون مخالفة القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
مراقبة المحاسبين لأعمال الأمرين بالصرف :
- تكون مواكبة لتنفيذ الميزانية
- تنصب بالنسبة للمداخيل على مراقبة صحة الاستخلاص، عن طريق التحقق من صحة المداخيل والوثائق المثبتة لها.
- مسؤولية المحاسب في مجال المداخيل فهي مزدوجة، فمن جهة أولى يجب على المحاسب أن يقوم باستخلاص كل مداخيل الدولة، ومن جهة ثانية فهو مطالب باستخلاص إلا ما هو منصوص عليه في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
- وفيها يتعلق بالنفقات فإنها تنصب على التحقق من شرعية الأوامر بالدفع التي يتخذها الآمرون بالصرف عن طريق التأكد من صفة الأمر بالصرف وتوفر الاعتمادات وصحة النفقة.
مراقبة المفتشية العامة للمالية :
لقد أحدثت هذه المراقبة بمقتضى الظهير رقم 269_59_1 الصادر في 14 أبريل 1960، وتنصب بصفة أساسية على أعمال المحاسبين، حيث ينص الفصل 132 من قانون المحاسبة العمومية على أن " تجري على جميع محاسبي الدولة تحقيقات المفتشية العامة للمالية ..."، يراقب المفتشون حالة صناديق كل المحاسبين وصحة محاسبتهم، كما يتأكدون من صحة تصرف المحاسبين، أما فيما يخص الآمرون بالصرف، فالمفتشون يراقبون صحة العمليات المالية المسجلة في حسابات الأمرين بالصرف بما في ذلك عمليات المداخيل وعمليات النفقات.
تنصب مهامها طبقا للفصل 2 من الظهير المحدث لها، على إجراء تحقيقات بخصوص مصالح الصندوق والمحاسبة والنقود والمواد وكذا المحاسبين العموميين والتحقق من التسيير الذي يقوم به هؤلاء المحاسبون، والتأكد من صحة العمليات المدرجة في حسابات الأمرين بالصرف.
فيمكن لهيئة المفتشية العامة للمالية القيام بمهمة المراقبة والتحقق من التسيير الإداري والتقني والمحاسبي للمصالح التي تتدخل لمراقبتها.
تتميز المفتشية العامة للمالية بخصوصيتين تنفرد بهما عن باقي هيئات المراقبة :
- اختصاصاتها ذات الطابع العام : باعتبار أن المفتشية العامة للمالية تتدخل المراقبة والافتحاص تدبير جميع الأمرين بتسلم المداخيل ودفع النفقات وكذا جميع المحاسبين العموميين.
- اختصاصات ذات الطابع الأفقي : إن اختصاصات المفتشية العامة للمالية تشمل جميع القطاعات الوزارية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية ولاتقتصر رقابة المفتشية العامة للمالية في هذا الشأن على رقابة المشروعية فقط، بل تشمل أيضا بعض جوانب الملائمة من حيث تنظيم وتسيير المرافق العمومية تتميز مراقبة المفتشية العامة للمالية بأنها :
  مراقبة بعدية : أي أن المفتشية العامة للمالية تتدخل بعد انجاز العمليات المالية والمحاسبية :
 مراقبة انتقائية : إن المفتشية العامة للمالية لايمكن أن تمارس الرقابة على جميع المسؤولين والأعوان والأجهزة التي تجري عليهم المراقبة .

  مراقبة وقائية : تساهم في تحسين أساليب وطرق التدبير وذلك بالملاحظات والإثباتات التي تدون في تقارير التفتيش وكذا بالإقتراحات التي يدلي بها مفتشي المالية لتفادي الأخطاء المرتبطة بالتدبير.
 مراقبة زجرية : تحرص المفتشية العامة للمالية على إرسال كل التقارير المتضمنة لإحدى المخالفات في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية إلى الجهات المعنية بالأمر .
 مراقبة مفتوحة : ترسل التقارير المنجزة من طرف المفتشية العامة للمالية في صيغتها الأولية إلى المسؤولين و الأعوان الخاضعين للتفتيش قصد إعطاءهم الفرصة للإدلاء بملاحظاتهم.
الرقابة القضائية على تنفيذ الميزانية
تعتبر رقابة خارجية مستقلة عن السلطة التنفيذية.
المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات
لقد تم تأسيس هذا المجلس بمقتضى قانون 14 شتنبر 1979 على أنقاض اللجنة الوطنية للحسابات ، تم تعديله بقانون رقم 99_62 الصادر في 13 يونيو 2002 (ظهير رقم 124_02_1 صادر في فاتح ربيع الآخر 1423 (13 يونيو 2002) بتنفيذ القانون رقم 99_62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية ج.ر عدد 5030_ 6 جمادى الآخر 1423 (15 غشت 2002)، و حسب المادة الثانية من القانون المذكور وطبقا للمادتين 147 و 148 من دستور 2011، يتولى المجلس الأعلى للحسابات ممارسة الرقابة العليا على تنفيذ قوانين المالية.
ويتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصروفات الأجهزة الخاضعة لرقابته بمقتضى القانون، ويقيم كيفية تدبير شؤونها، ويعاقب عند الاقتضاء على كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة، ويقدم مساعدته للبرلمان وللحكومة في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته بمقتضى القانون، ويقدم مساعدته للهيئات القضائية ويرفع إلى جلالة الملك بيانا عن جميع الأعمال التي يقوم بها.
كما يختص المجلس في التحقيق والبت في الحسابات التي يقدمها المحاسبون العموميون مع مراعاة الاختصاصات المخولة بمقتضى هذا القانون للمجالس الجهوية للحسابات.
ويمارس كذلك مهمة قضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية وفق الشروط المحددة في المدونة المذكورة، ويتولى مراقبة تسيير الأجهزة المنصوص عليها في المادة 76 من مدونة المحاكم المالية ويبت في طلبات الاستئناف المرفوعة ضد الأحكام الصادرة عن المجالس الجهوية، ويقوم بصفة مستمرة بمهمة التنسيق والتفتيش إزاء المجالس الجهوية.
يتبين أن المجلس الأعلى للحسابات أصبح بمثابة مستشار للحكومة والبرلمان حول التدبير العمومي فضلا عن مساهمته في ترسيخ ونشر ثقافة المساءلة.
الرقابة السياسية على تنفيذ الميزانية
يقوم بها البرلمان، باعتباره هو الذي يرخص للحكومة بتحصيل المداخيل والقيام بصرف النفقات عند المصادقة سنويا على القانون المالي.
آليات الرقابة البرلمانية على تنفيذ الميزانية :
- قيام لجنة المالية بكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين بمناقشة النشاط المالي للحكومة.       - إمكانية إحداث لجنة لتقصي الحقائق حول أي حالة ارتأت أغلبية أعضاء أحد المجلسين أنها تنطوي على سوء إدارة الأموال العمومية .
- إمكانية توجيه الأسئلة الشفوية والكتابية إلى الوزراء.
- إمكانية التقدم بملتمس الرقابة : قد تكون دواعي تقديم ملتمس الرقابة مالية تتعلق باختلاف التوازنات المالية وتدهور أوضاع المالية العمومية .
- مناقشة البرلمان لمشروع قانون التصفية .
- تختص السلطة التشريعية بالقيام بهذه المراقبة على العمليات المالية العمومية :
 مراقبة سابقة على تنفيذ الميزانية : المراقبة على النشاط المالي للحكومة من خلال دراسة ومناقشة مشروع قانون المالية .
 مراقبة مزامنة لهذا التنفيذ : الأسئلة الكتابية والشفوية، التصويت على لقوانين المعدلة لقانون مالية السنة .
 إحداث لجان التقصي
مراقبة لاحقة له : التصويت على مشروع قانون التصفية .
المراقبة السياسية السابقة لتنفيذ الميزانية
إن السلطة التنفيذية ملزمة بالتقدم في كل سنة إلى البرلمان، لأجل إجازة صرف النفقات وجباية الإيرادات، وهو ما يعني إخضاع السلطة التنفيذية لرقابة دائمة ومنتظمة من قبل السلطة التشريعية
المراقبة السياسية المزامنة لتنفيذ الميزانية
 للحيلولة دون وقوع السلطات المكلفة بالتحصيل والإنفاق في الخطأ أثناء التنفيذ.
الأسئلة الشفوية والكتابية :
تعتبر من الوسائل المهمة لمتابعة السياسة العامة للحكومة خصوصا في المجال المالي .
توجيه الأسئلة إلى الوزراء المسؤولين عن تنفيذ الميزانية واستجوابهم في شأن مختلف الجوانب المتعلقة بها.
لجان المالية
تلعب دورا كبيرا في مراقبة المال العام، وذلك من خلال الوسائل والآليات التي تخولها النصوص التشريعية والتنظيمية.
الحصول على معلومات حول الالتزامات بالإنفاق ، ونقل الاعتمادات المتعلقة بتدبير المؤسسات العمومية وشبه العمومية والشركات ذات الاقتصاد المختلط .
إحداث لجن تقصي الحقائق
تلعب دورا كبيرا في تتبع السياسة المالية العامة للحكومة، حيث خول لها المشرع الإطلاع على جميع الوثائق والمستندات التي من شأنها تسهيل مهمتها.
المصادقة على القوانين المعدلة لقانون المالية
 لا يمكن للسلطة التنفيذية أن تعدل السياسة المالية التي صادق عليها البرلمان، إلا بموافقته .
المراقبة السياسية اللاحقة على تنفيذ الميزانية
المراقبة اللاحقة تتم عن طريق التصويت على مشروع قانون التصفية، لأن من شأنه أن يبين الفروق بين التوقعات والإنجازات المحصل عليها تتحقق المراقبة اللاحقة من خلال مناقشة مشروع الحساب الختامي الذي تتولى الحكومة إيداعه بمكتب أحد مجلسي البرلمان في نهاية السنة الثانية الموالية لسنة تنفيذ القانون المالي على أبعد تقدير مشفوعا بتقرير يعده المجلس الأعلى للحسابات حول تنفيذ قانون المالية والتصريح العام بمطابقة حسابات المحاسبين الفردية للحساب العام للمملكة حسب المادة  66 من القانون التنظيمي للمالية رقم 130 . 13 .
ويصادق البرلمان على الحساب الختامي بقانون يسمى " قانون التصفية ".



لا تنسونا  ووالدينا من صالح الدعاء

reaction:

تعليقات

4 تعليقات
إرسال تعليق
  1. غير معرف12:16

    شكر جزيلا اللهم بارك و ارحم والدايك

    ردحذف
  2. عمل مشكور،جزاكم الله خيرا.

    ردحذف
  3. غير معرف00:39

    شكر الله لك

    ردحذف
  4. غير معرف13:51

    جزاك الله بكل خير .

    ردحذف

إرسال تعليق