القائمة الرئيسية

الصفحات

ملخص قانون الاسرة PDF

ملخص قانون الاسرة PDF شامل لجميع المحاور

الخطبة والزواج, تعريف الزواج, الخطبة وأحكامها, عقد الزواج, أركان عقد الزواج, شروط عقد الزواج, أنواع عقد الزواج, الإجراءات الإدارية والشكلية لعقد الزواج , الطلاق و انحلال ميثاق الزوجية,تعريف الطلاق,شروط الطلاق,أنوع الطلاق,الطلاق باعتبار الجهة المصدرة له ,الطلاق غير القضائي ,الطلاق القضائي,التطليق بسببب الشقاق,التطليق لأسباب أخرى,التطلاق:الطلاق الاتفاقي و طلاق الخلع ,الطلاق باعتبار وقوعه ,الطلاق الرجعي ,الطلاق البائن ,آثار الطلاق,العدة,مسطرة الطلاق ,droit familial, family law , زواج , طلاق , الطلاق قانون الاسرة , حضانة الاطفال بعد الطلاق , حضانة  , عقد زواج شرعي pdf  , قانون الاحوال الشخصية , قانون الأحوال الشخصيه  , قانون الأسرة الطلاق , عقد الزواج  pdf , الاسرة , حقوق الاسرة , حضانة الطفل بعد زواج الام , حضانة الاطفال بعد الطلاق  , حضانة الاولاد بعد الطلاق , قانون الاسرة , محاضرات في قانون الاسرة  pdf , قانون الاسرة  pdf , قانون الطلاق الجديد , قانون الطلاق , قانون حضانة الطفل في حالة زواج الام , قانون حضانة الطفل , قانون الأسرة الحضانة , القانون , الطلاق ,الخلع , دعوى الرجوع الى بيت الزوجية , مدونة الاحوال الشخصية , الاحوال الشخصية الزواج والطلاق , محكمة الاسرة , قوانين محكمة الاسرة , قوانين محكمة الاسرة الجديدة , قانون محكمة الاسرة , حقوق المرأة المطلقة , نفقة المطلقة , حق الزوجة في السكن المستقل  , حقوق الزوجة بعد الطلاق , النفقة ,عقد الزواج , قانون الزواج الجديد , شرح مدونة الاسرة   pdf , مدونة الاسرة  pdf , الاسرة pdf , مدونة الأسرة pdf , قانون الاسرة pdf , قانون الاسرة  الجديد , قانون الرؤية والاستضافة , مدونة الاسرة , قانون الأسرة  الطلاق , الطلاق التعسفي في قانون  الاسرة , الطلاق بالتراضي في قانون الاسرة , مدونة الاسرة , مدونة الاسرة  النفقة , ملخص قانون الاسرة , ملخص قانون الأسرة المغربي pdf ,ملخص قانون الأسرة المغربي ,ملخص قانون الاسرة s3 شرح قانون مدونة الأسرة المغربية pdf تلخيص قانون الاسرة , ملخص قانون الاسرة الجزائري , ملخص قانون الاسرة الجزائري pdf ,ملخص محاضرات قانون الاسرة المغربي pdf


- نبذة عن تقنين مادة قانون الاسرة :

إن مجال الاسرة من المجالات التي كانت تسير سيرها الطبيعي نحو الانتظام في تقنين عصري، يستطيع مواكبة التطورات المستجدة دون مصادمة المقاصد الشرعية الكبرى، وذلك راجع إلى أن هذا الفقه هو المجال الذي تحكمه البيئة وطبيعة التنشئة الاجتماعية بامتياز. لكن رغم ذلك، وبخلاف قوانين أخرى - كظهير الالتزامات والعقود و قانون التحفيظ العقاري... ، فإن تقنين أحوال الاسرة قد تأخر في المملكة المغربية إلى ما بعد الاستقلال ؛

إذ صدر أول ظهير شريف بتاريخ 22 محرم 1377 هـ موافق 19 غشت 1957 يقضي بتكوين لجنة يوكل إليها وضع مدونة لأحكام الفقه الإسلامي في مجال الأسرة، فقدمت وزارة العدل لهذه اللجنة مشروع قانون يتكون من 265 مادة، وبعد مراجعته صارت 297 مادة تحت اسم " مدونة الأحوال الشخصية " ، ثم صدرت على مراحل خمسة ظهائر بتطبيقه ، كان أولها بتاريخ 28 ربيع الثاني 1377 موافق 21 نوفمبر 1957 وآخرها بتاريخ 13 رجب 1377 موافق    03/04 / 1958 ، وقد أخذ هذا القانون أساسا من مذهب مالك ، لكنه لم يلتزمه التزاما ضيقا ، بل تعداه إلى اقتباس أحكام قليلة من المذاهب الأخرى.






لمن يريد التحميل ما عليه الا الضغط على رابط التحميل في اعلى هذه الجملة مباشرة ولمن يود القراءة دون تحميل فالملخص بالكامل امام حضراتكم.


ولقد تسارعت ظروف مجتمعية و أخرى دولية اقتضت مراجعة هذه المدونة ، وهو ما أفصح عنه الخطاب الملكي ل 20 غشت 1992 المعلن عن ضرورة مراجعة بعض مقتضيات المدونة ، فعُينت على إثر ذلك لجنة عُهد إليها بالنظر الأوّلي لمراجعة المدونة ، وقد انتهى عملها بعد عدة جلسات بتعديل جملة من المواد ،  وهو التعديل الذي صدر بظهير شريف بمثابة قانون في 22 ربيع الأول 1414 موافق 10 شتنبر  1993.

غير أن هذا التعديل لم يشمل جميع الأحكام بل انصب على بعض المسائل الجوهرية، إلى أن صدر قانون 70-03 بمثابة مدونة الأسرة ودخوله حيز التنفيذ بتاريخ 5 فبراير  2004، بعد جدل لا نقول عنه أنه كان عقيما بل كان ولودا و مثمرا.

 وهو ما يظهر على مستوى الشكل في حسن الصياغة والترتيب المنطقي للكتب و الأبواب، وكذا من اللغة البسيطة السهلة المتجنبة للعبارات المستفزة ، كما يظهر أيضا على مستوى المضمون في الرغبة الجلية لتشمل أحكامها بالرعاية كل مكونات الاسرة.



- السياق العام المؤثر :

ما من شك أن صدور مدونة  الاسرة جاء استجابة لضرورة داخلية انعكست في أشكال متعددة من التعبير عن ضرورة التدخل لتعديل المدونة، لكنها بيقين ليست الدافع الوحيد، بل كانت هناك مؤثرات عامة، لابد من فهم سياقها.

 و المدخل السليم لذلك مرتبط بالاستفسار أوّلا عن أسباب تأخر تقنين مادة الأحوال الشخصية إلى ما بعد الاستقلال، وما الذي كان يمنع المستعمر من الإقدام على ذلك؟

 إن المستعمر الفرنسي بدخوله المغرب كان ما يزال متأثرا بفكرة " شخصية قواعد الأحوال الشخصية " التي نجمت عن الصلح الموقع سنة 1520 بين الكاثوليك و البروتستانت ، والذي بمقتضاه توافقوا على امتداد قواعد أحوال شخصية البعض منهم إلى المناطق التي يسيطر عليها البعض الآخر.

 لكن قبيل الحربين الكونيتين بدأت تقوى فكرة التخلص من نظرية شخصية القوانين بالبحث عن قانون طبيعي يكون محلَّ توافق و يكون قابلا للتغيير في ثوابته، غير أن استقلال الدول الضعيفة وتمسكها بفكرة النظام العام حال دون تحقيق ذلك المبتغى، ومن هنا اكتسب تخصص القانون الدولي الخاص بريقه بسبب مركزية نظرية تنازع القوانين فيه، خصوصا وأنه كانت تتوافر في قوانين الأحوال الشخصية جملة خصائص تجعلها المادة الخصبة لتنازع القوانين، مع ما كان يكتنف تطبيقها من صعوبات. ولعل هذا ما سيمنح لاحقا الاتفاقيات الدولية صلاحية الريادة للتعجيل بتحقيق هذا المطمح الذي تعترضه بعض القوانين المتشبثة بصفتها الدينية؛

فقد أصبح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان دستورا دوليا، وهو إعلان يكشف تاريخُ صدوره عن سبب الاستعاضة بالاتفاقيات عن نظرية تنازع القوانين،  لذلك فقد عجّلت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية إلى تثبيت فلسفة نظام دولي عام بمعايير من هذا الإعلان، لتكون الأصل المُلهِم لكل نظام عام داخلي، ولعل هذا المقصد قد جاء فيه واضحا بعبارة : " إن الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتبر هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بمثابة النموذج المنشود ، والذي ينبغي احتذاؤه ".

 وهذا المقصد ستفصح عنه بتفصيل أيضا المواد المخصصة من ذلك الإعلان لمسائل الأحوال الشخصية ؛ فقد قانون الأسرة سن الزواج و مبلغ الرشد دون اعتبار لإِمْكان أن يختلف هذا التحديد من بيئة إلى أخرى .

 كما شددت على شرط المساواة الحرفية بين الزوجين في عقد الزواج و في حله ، و كذلك على حق الأطفال في رعاية الأبوين بغض النظر عن شرعية العلاقة التي كانت تجمعهما ، إلى غيرها من المقتضيات التي جعلت من العناية بالمرأة زوجةً – دون الأم أو البنت - عيار الامتثال لمضامين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فصارت بذلك الأصل الذي لا يقبل التأويل و المخالفة .
و ستظهر هذه الحقيقة أسطع في بعض الاتفاقيات التفصيلية اللاحقة، كاتفاقية الحقوق السياسية للمرأة و الإعلان العالمي للتمييز ضد النساء و اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء .
 إلى غيرها من الاتفاقيات التي نفضت الغبار عن أسباب إسراع كثير من الأنظمة القانونية في البلاد المسلمة إلى تشكيل لجن تعيد النظر في قوانين الأحوال الشخصية.

 - مصادر قانون الأسرة :


 يقتضي سعي المدونة لموافقة روح التشريع الإسلامي في مجال الأسرة لمقتضيات التطورات المعاصرة ، أن نستفسر عن مصادرها التفصيلية. إن المدونة لم تصرح بهذا الصدد إلا على اعتبار الفقه المالكي مصدرا تكميليا ، بحكم أنه المذهب الرسمي للمملكة الذي يرجِع إليه القضاء في ملء الفراغ التشريعي ، دون أن يمنعها ذلك الالتزام من أن تستقي أيضا من الآراء المواكبة للعصر في المذاهب السنية الأخرى ، بحسب ما جاء في المادة  400 من .


لكن باستثناء هذا المصدر التكميلي ، فإنه يصعب الجزم بخصوص بقية المصادر لغياب أي تنصيص صريح ، ولتفاوت درجات الوضوح في الاعتماد. إذ نستطيع أن نستشف بعض الوضوح في الاعتماد على بعض المصادر، كما هو الحال بالنسبة للعرف الذي تظهر الإحالة عليه واضحة أحيانا من مقتضيات بعض المواد (كالمادة 5 من قانون الأسرة المغربي  التي تدخل في حكم الخطبة قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا) .

 أما ما اتصل بمجالات تشريعية مقننة؛ كقانون الالتزامات والعقود الذي يتضمن أحكاما وثيقة الصلة بالأحوال الشخصية (كالأهلية وتصرفات القاصر وحتى وسائل الإثبات المتبعة في إثبات الضرر في مساطر التطليق للشقاق و غيرها..) ، فإن الأمر ليس بذلك الوضوح الكافي حتى نقول إن المدونة تميل لاعتباره مصدرا تكميليا، لأننا نجد العمل القضائي أحيانا يستبعد بعض مقتضيات هذا القانون .
وما قيل بصدد ظ. ل.ع يصح في القانون التجاري لتضمنه هو الآخر أحكاما للأسرة لا تنص عليها المدونة .

 و أما ما يخص قوانين المسطرة فقد حاول المشرع - كما سنشير إلى ذلك في المستجدات المرافقة - أن يجعل بعض مقتضياتها توائم مقتضيات المدونة، ومع ذلك فإن القضاء يطبق عددا غير قليل من قواعد المسطرة المقررة في المذهب المالكي.

و فيما تعلق بالاتفاقيات الدولية ، فقد حسم دستور 13/09/1996 مادة الخلاف حين صرحت ديباجته بالتزام المملكة التام بمقتضيات الاتفاقيات الدولية ، فوضعت بذلك حدا لتضارب قرارات المجلس الأعلى في المجال ؛ لتصير كل اتفاقية دولية وقع عليها المغرب قانونا داخليا ، وبذلك تصير مصدرا من مصادر المجال التشريعي الذي تختص به.

 - المقتضيات المرافقة لصدور مدونة الأسرة :


 لا نقصد سرد المزايا العامة لقانون الأسرة ( كحسن الصياغة وتوسيع مفهوم الأسرة ليمتد إلى حقوق الأطفال والأقارب ، العناية بأحوال المغاربة المقيمين بالخارج .. ) أو حتى نواقصها ، لأن ذلك حكم مسبق لا ينبغي أن يُقدم عليه طالب الحقوق إلا بعد الدراسة الموضوعية. لذلك سنكتفي بالإشارة السريعة إلى التدابير التشريعية المواكبة لصدور المدونة ، خصوصا ما ارتبط بتعديل بعض القوانين التي لها صلة وطيدة بالعمل القضائي ، ما دامت نجاعة قانون مّا تستشف من التدابير القانونية والإدارية المصاحبة له.

- توسيع دور النيابة العامة :


 الميدان الأساس لعمل النيابة العامة هو الميدان الجنائي ، لكنها تضطلع أيضا بدور هام في الميدان المدني إذا ما تعلق الأمر بحماية النظام العام، وهذا التدخل في القضايا المدنية منظم بمقتضى الفصول (6-7-8-9-10 ) من ظهير 28-9-74 المتعلق بالمسطرة المدنية.

 وهذا التدخل – كما ينص على ذلك الفصل 6 من الظهير المذكور - قد تكون فيه النيابة العامة طرفا رئيسيا أو منضما بحسب خصائص كل تدخل .

 لكن الجديد في قانون الأسرة المغربي  أن المادة 3 جاءت صريحة في التنصيص على أن النيابة العامة " تعتبر طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذه المدونة ".

 وبهذا يظهر أن هدف المشرع أن يعطيها دورا أكثر فعالية في الدفاع عن مبادئ مدونة الأسرة ، برفع الحيف عن النساء و حماية حقوق الأطفال و صيانة كرامة الرجل .

 - تعديل بعض فصول قانون المسطرة المدنية :
واكب صدور المدونة تعديل في بعض فصول قانون المسطرة المدنية ، إما بالتغيير أو النسخ ، وذلك بمقتضى القانون رقم 72.03 .

 فقد نسخت أحكام 40 مادة من قانون المسطرة المدنية بين الفصل 179 والفصل 266 من قانون الأسرة المغربي ، و هي كلها فصول واردة في الباب الثالث المخصص للمساطر المتعلقة بالأحوال الشخصية.

 والملاحظ في سبب نسخ أحكامها عامة أنها كانت تتضمن مقتضيات صار منصوصا عليها في صلب المدونة ، كمقتضيات الفصل 179 – مثلا - التي كانت في فقرتها الخامسة وما يليها تبين الإجراءات التي ينبغي على القاضي أن يتبعها قبل الإذن بالطلاق ، فصار منصوصا عليها في القسمين الثالث والرابع من المدونة ( المواد من81 إلى 86 و من 94 إلى 97) .

 أما التغيير والتتمة فقد طال 14 فصلا وهي : 9-18-32-37-45-46-134-141-179-179مكرر- 184- 212-  249- 440، .

و الطابع الغالب على تعديل تلك الفصول هو دعم عمل المحكمة ، فمنها ما همّ ضرورة تبليغ كل قضايا الأسرة إلى النيابة العامة (الفصل 9 من ق م م) باعتبارها صارت طرفا أصليا ، ومنها ما هم تجنب البطء في الإجراءات كجعل أجل الطعن بالاستئناف محددا في 15 يوما (الفصل 134 من ق م م)، أو كتحديد أجل شهرٍ سقفًا للبث في النفقة المؤقتة (الفصل 179 ).. وعموما فإن المشرع لم يرد بهذه التعديلات فقط تدليل الإجراءات المسطرة في وجه التطبيق السليم للمدونة ، بل أراد منها أيضا أن تكون تلك الإجراءات نفسها عونا على تحقيق مقاصد المدونة وأهدافها.

 - إحداث أقسام للأسرة :


 من المستجدات المهمة التي حاول بها المشرع دعم تنزيل قانون الأسرة ، إحداث قسم قضائي خاص تخول له صلاحية البت في قضايا الأسرة ، وقد كان ذلك بمقتضى قانون 73.03 المتعلق بالتنظيم القضائي ، و الذي نص في مادته الثانية على إحداث أقسام لقضاء الأسرة لكن ضمن تأليف و تنظيم المحاكم الابتدائية و الاستئنافية إلى جانب بقية الغرف الموجودة أصلا، و لم يزد الظهير الشريف رقم 24.04.1 بتنفيذ القانون رقم 73.03 على أنه نص في مادته الفريدة بأن القضايا المتعلقة بأحوال الأسرة لا يمكن أن تبت فيها بقية الغرف .

 وقد كان الغرض أن يكون لهذا الإحداث أثرٌ في إعداد البنية الكفيلة باستيعاب المتغيرات الجديدة، وتبسيط الإجراءات. لكن الظاهر أن إبقائها مجرد أقسام من ضمن بنية المحاكم العادية، دون تمتيعها بصفة المحكمة المختصة على غرار المحاكم الإدارية و التجارية، قد أضر بظروف اشتغال القضاة و الموظفين، كما أساء إلى طريقة ولوج المتقاضين إلى تلك المرافق .

وعموما ، فإن كان المشرع قد أعقب صدور المدونة بالتدابير المذكورة ، فإنه كان أيضا قد مهد لصدورها بقوانين شديدة الصلة ، كظهير شريف رقم 1.02.239 صادر في 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002 ) بتنفيذ القانون رقم 99/37 المتعلق بالحالة المدنية، و مرسوم رقم 2.99.665 صادر في 2 شعبان 1423 (9 أكتوبر 2002) لتطبيق القانون رقم 37.99 المتعلق بالحالة المدنية ، و قانون 01*15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين ظهير شريف رقم 172.02.1 بتاريخ فاتح ربيع الثاني 1423 (13/6/2002)

 الخطبة والزواج


 تعريف الزواج :


 الزواج لغة الاقتران والمخالطة . ومنه قوله تعالى ﴿ و إذا النفوس زوجت﴾ .
 لكن الفقهاء استعملوا له لفظ النكاح و هو لغة الضم والجمع ، ومنه تناكحت الأشجار إذا تمايلت وانضم بعضها إلى بعض ، و تقول العرب نكح فلان امرأة : إذا تزوجها.



 " و لقد كان للفقهاء في هذا الاستعمال تفصيل ، فيما إذا كان النكاح حقيقة في العقد و مجازا في الوطء أم العكس؛ وهو تفصيل ثمرته أنهم أرادوا أن لا يقصر غرض الزواج على حل التمتع، بل قصدوا تمييزه عن غيره من عقود التمليك الأخرى. فعقد الزواج أسمى من أن يكون عقد تمليك لعين أو منفعة- كالبيع و الإجارة - بدليل أن القرآن الكريم أسماه الميثاق الغليظ في قوله تعالى ﴿ وأخذن منكم ميثاقا غليظا﴾ تمييزا له عن كل المواثيق، بمعنى أنه ميثاق توحد بين الزوجين حتى يصيرا كالشخص الواحد، كما هو بيِّنٌ أيضا من قوله تعالى: ﴿ و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون﴾ .

تعريف للزواج بمقتضى قانون الأسرة


 جاء هذا تعريف حريصا هو أيضا على بيان هذه المقاصد مع مراعاة التطورات المعاصرة، هو ما يستشف من دقة عبارة المادة 4 من قانون الأسرة المغربي ، فالزواج هو " ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة، برعاية الزوجين طبقا لأحكام هذه المدونة "

 ويلاحظ أن التعريف لم يعُد يشير من ضمن مقاصد الزواج إلى " تكثير سواد الأمة " كما كان منصوصا عليه في المدونة الملغاة ، فقد استعاض عن ذلك بتعميم غايات الزواج في مقصدي الإحصان و الإشراف على استقرار الأسرة ، كما أنه حرص على إظهار الطابع الرضائي لهذا الميثاق دون أن تزول عنه صفته الشرعية .

 ثم إن قانون الأسرة - بمقتضى التعريف أيضا - لم تعد تنيط بالزوج وحده مسؤولية الإشراف على الأسرة ، بل جعلت ذلك مشتركا بين الزوجين.

 - الخِطبة و أحكامها


 لقد أولى المشرع الخِطبةَ باهتمام خاص في قانون الأسرة ، وهو اهتمام جليّ في تخصيصها بخمسة مواد كاملة ، والسبب أن هذه الفترة الممهدة لتوثيق العقد صارت تنتج عنها أثار مؤثرة على إنشاء العقد واستقرار الأسرة نفسها ، بل تتعدى ذلك إلى ارتباط قضايا أسرية هامة بها ، من مثل إثبات النسب أو إثبات الزوجية كما سيأتي .





 الخِطبة في الإطار الفقهي : الخطبة في تعريف الفقهاء هي طلب يد المرأة للاقتران بها، أي هو بيان الرغبة في الزواج منها وتواعدهما على إبرام عقد الزواج الرسمي ؛ فهي بذلك مقدمة ممهدة للزواج .
 وقد رسم الإسلام الآداب التي يسير عليها الخاطبان لكن دون أن يجعل لها إجراءات معينة ، لأنها ليست عقدا بل وعد به ، فالإيجاب و القَبول اللذان تتم بهما لا يكوّنان اتفاقا منشئا .

 ولقد اتفق الفقهاء على أنه يسن لمن رغب في الاقتران بامرأة أن يراها قبل الإقدام على طلب الزواج بها ؛ .

فقد روى جابر أن الرسول صلى الله عليه و سلم قال : إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعو إلى نكاحها فليفعل .

 و ذهب أكثر الفقهاء إلى جواز النظر إلى الوجه و الكفين منها ، و قال بعضهم بجواز رؤية القدمين أيضا ، ومنهم من توسع فأجاز النظر إلى كل ما قد يظهر منها كالرقبة و الذراعين و الساقين ..
 و اتفق الفقهاء أيضا على حرمة خِطبة مخطوبة الغير إن هي وافقت واستجابت للخاطب الأول .

الخطبة في قانون الأسرة :


عرفت الخطبة في المادة الخامسة من قانون الأسرة على أنها " تواعد رجل وامرأة على الزواج . تتحقق الخطبة بتعبير طرفيها بأي وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج ،  ويدخل في حكمها قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا ".

 وهذا تعريف يشي بنظرة المشرع إلى طبيعة الخطبة ، فهي ليس عقدا بل مجرد وعد بالزواج ، وهو الظاهر أيضا من تساهله في وسائل إثباتها ، إذ حرص في التعريف نفسه على أن تبقي تلك الوسائل خاضعة للقواعد العامة ، حفظا لحقوق الطرف الضعيف.

 غير أن نظرة المشرع إلى الخطبة - حتى هذه الحدود - لم تأت بجديد.
 بل بقيت منسجمة و النظرة العامة للفقه .

 ليبقى أهم ما استجد في قانون الأسرة هو التوسع الطفيف الذي عرفته فيما يخص موضوع العدول عن الخطبة ، لذلك نخصه بفقرة مستقلة .

 التكييف القانوني للعدول عن الخِطبة


 يتناول الفقهاء في العدول عن الخطبة مسائل الاختلاف في لزوم رد الهدايا و ما يتعلق بها ، و قانون الأسرة المغربي  لم يغفل التطرق إلى هذا الشق من آثار العدول عن الخطبة ؛ إذ نص في المادة 8 على أنه يحق لكل من للخاطب و المخطوبة استرداد هداياه ما لم يكن العدول من جهته ، واستثنى من ذلك – في المادة 9 - ما قُدم من صداق على أنه مما يلزم المخطوبة رده للخاطب أو لورثته في حالة الوفاة ، ويفهم هذا الاستثناء في ضوء اعتبار الصداق من متعلقات عقد الزواج لا الخطبة ، فيبقى بذلك دينا عالقا بذمتها.


 أما ما تعلق بالتعويض عن الضرر المعنوي المترتب عن العدول عن الخطبة ، فإن الفقهاء لم يتعرضوا له لأنه لم يكن مما جرى به العرف ، بسبب قصر فترة الخطبة وانعدام اتصال الخاطب بالمخطوبة إلا ما ندر .

لكن الأمر مختلف في المجتمعات المعاصرة ، الذي غالبا ما تكون الفتاة ضحية ذلك العدول بسبب اشتهار الخطبة و طول مدتها ، لذلك فإن المشرعَ ملزمٌ بتقديم تكييف قانوني صحيح .

لم يغفل قانون الأسرة هذه الحيثية ؛ إذ نصت المادة 7 على ما يلي " مجرد العدول عن الخطبة لا يترتب عنه تعويض . غير أنه إذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا للآخر، يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض" . غير أننا هنا أمام مقتضيين مهمين :

 - أولهما إن العدول في حد ذاته ليس موجبا للتعويض انسجاما مع قصد المشرع في اعتبار الخطبة مجرد مرحلة ممهدة لعقد مهم وخطير، و بالتالي فإنها ليست بعقد .

- ثانيهما أن الضرر الذي يرافق ذلك العدول هو الذي يستوجب التعويض .

 و معنى هذا أن التكييف المعتاد للتعويض لا يستقيم . لكن كيف ذلك ؟ إن التعويض في المادة المدنية يتأسس في التشريع المغربي على مقتضيات الفصلين 77 و78  من ظهير الالتزامات والعقود ، مما يعني أن ثبوت المسؤولية التقصيرية هو أساس استحقاق التعويض. لكن تنصيص مدونة الأسرة على أن مجرد العدول لا يترتب عنه تعويض ، يجعل التكييف على مقتضى الفصلين غير سليم ، لأن العدول من الخاطب أو المخطوبة هو استعمال حق كامل وليس مجرد تصرف تنشأ عنه آثار المسؤولية . و بهذا فإن التكييف الوجيه هو الذي يستدعي نظرية التعسف في استعمال الحق - وهي نظرية فقهية أصيلة -؛ لأن الفعل في المسؤولية التقصيرية غير مشروع أصلا .

 بينما المسؤولية بمقتضى نظرية التعسف في استعمال الحق تنشأ من الفعل المشروع في الأصل، وهو التطبيق الموافق لمسألة الضرر المرتبط بالعدول عن الخطبة، و لعل هذا ما جعل المشرع المغربي يلح على التمييز بين مجرد العدول وبين الضرر المستقل عن صحة ذلك الفعل ، و فعلى ضوء هذا التمييز المهم –إذن - تفهم قضية التعويض عن الضرر في الخطبة و عليه تكيّف التكييف الصحيح.

 و لعل ما يشهد له ويعضده توجه المجلس الأعلى حين قرر عدم إمكانية تطبيق المقتضيات الفصلين 77 و 78 من قانون الالتزامات و العقود في مجال الأحوال الشخصية .

 عقد الزواج :


 الأركان والشروط ركن الشيء هو الأساس الذي يقوم عليه ؛ بحيث إذ اختل كان ذلك الشيء في حكم المعدوم. بينما الشرط هو الإلزام الخارجي الذي يرتبط بالشيء. و تمييز الركن من الشرط في عقد الزواج لم يكن من الأمور الواضحة دائما حتى عند الفقهاء ؛ فما يعتبره بعضهم شرطا يراه غيره ركنا ، بل إن الخلاف في ذلك يكون بين فقهاء المذهب الواحد كما في مذهبنا المالكي .

 و تبقى الأهمية الإجرائية للتمييز بين الأركان والشروط كامنة في كون تخلف الركن يبطل العقد كليةً ، بينما تخلف الشرط إنما يفسده ويجعله قابلا للتصحيح بحسب الأحوال ، لذلك فإن تمييز الأركان من الشروط وفق مدونة 03-70 من الموضوعات المهمة ، بحكم أهمية ما يترتب عنه من حسن فهمٍ لاختيارات المشرع وسط ذلك الخلاف المتشعب الذي أشرنا إليه.

 - I أركان عقد الزواج


 1 - أركان عقد الزواج في الإطار الفقهي :


 اختلف المالكية في تحديد أركان عقد الزواج، لكن الرأي المتأخر استقر على جعلها خمسة : الولي و الصداق والزوج والزوجة والصيغة . بينما ذهب الشافعية إلى أن هذا العقد له خمسة أركان هي الصيغة - الإيجاب و القبول - والزوج و الزوجة و الشاهدان والوالي . أما الحنفية فقد قصروها على ركنين فقط هما الإيجاب والقبول ، وهو مبادرة الطرف الأول - رجلا كان أم امرأة-، و القبول المفيد لرضى الطرف الثاني بما أوجبه الطرف الأول. و يظهر أن ما يتفق فيه قول كل الفقهاء هو وجوب الصيغتين - الإيجاب والقبول - ووضوحهما من غير إبهام في إفادة مقصد النكاح، و أن يفيدا معاني الدوام و الاستمرار. وإن كان لهم تفصيل في الألفاظ التي يتم بها الإيجاب والقبول، وكذا في بقية الشروط .


 2 - أركان عقد الزواج في قانون الأسرة :  

خُصصت المادة 10 من قانون الأسرة المغربي  لبيان أركان العقد ، بينما تولت المادة 11 ضبط شروط تحقق تلك الأركان .

وبهذا الحصر الوارد في المادة 10 فإن حصول إيجاب من أحد الزوجين وتحقق القَبول من الآخر هو الركن الأساس لعقد الزواج في اختيار المشرع المغربي ، وهو توجه محمود وبليغ المغزى ، يغني عن كثير من النقاشات الزائدة ؛ كتلك التي تفصل بين الزوجين وبين الصيغة ، لأن الاكتفاء بالصيغة يغني عن اشتراط الزوجين ، إذ لا يُتصور حصول صيغة إيجاب وقبول دون وجودهما.  

 1 - 2 - معنى الإيجاب و القَبول :

 الإيجاب هو ما صدر أولا من كلام أحد العاقدين ، معبرا به عن إرادته ومعلنا فيه عن رغبته في إيجاد الرابطة الزوجية .

 أما القَبول فهو ما صدر ثانيا من كلام العاقد الآخر دلالة على موافقته ورضاه بما أوجبه الطرف الأول .

 ومما تجدر الإشارة إليه بهذا الصدد أن قانون الأسرة حينما اختار عدم تعيين أي الزوجين أولى بإصدار الايجاب ، كما هو َبيِّن من عبارة " ينعقد الزواج بإيجاب من أحد المتعاقدين " ، فإنها تكون قد انسجمت مع فلسفتها في إحقاق التوازن بين الزوجين ، وتبديد الصورة النمطية الناجمة عن العادة المستحكمة التي يكون بمقتضاها الإيجاب دوما من الزوج والقبول من الزوجة ، دون أن يثير ذلك بعض القضايا الجانبية على أهميتها من مثل ضرورة التنصيص على أن يكون أحد طرفي عقد الزواج ذكرا و الآخر أنثى ، بدعوى احتمال أن لا يكون في التشريع المغربي ما يمنع من زواج المثليين .

 لكننا نرى أن تعريف الزواج في المادة الرابعة من قانون الأسرة قد كفت مؤونة تلك الاعتراضات كلها،إذ جعلت الزواج " ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام " .

  2 - 2    - صيغة الإيجاب و القبول :

المقصود بالصيغة تلك الألفاظ التي تفيد معنى الزواج باللغة التي يفهمها المتعاقدان ، متى كان التعبير الذي يصدر عن كل منهما دالا على إرادته دون أي لبس. و العناية بصيغ الإيجاب و القبول مما يظهر الطبيعة الخاصة لعقد الزواج ، فإذا كان الأصل في العقود أن تحصل بكل ما يفيد توافق إرادتي العاقديَن دون التقيد بألفاظ مخصوصة ، فإن الفقهاء المسلمين أولوا اهتماما زائدا للصيغ التي ينعقد بها الإيجاب والقبول ، غير أن مدونة عبرت عن ذلك بعبارة " ينعقد الزواج ...، بألفاظ تفيد معنى الزواج لغة أو عرفا " ، و هي عبارة تفي بمقاصد المبنى والمعنى ؛ فكما أنها تحررت من تفريعات الفقهاء المبالغ فيها ، فإنها قد حاولت أيضا حصر صيغ الإيجاب و القبول بجعلها محدودة في مقتضيات اللغة والعرف ، أو بالكتابة و الإشارة المفهمة في حالات العجز عن النطق. على أن العرف المقصود في عبارة المدونة هو ذلك المقترن باللغة نفسها ، مما يجعل المشافهة هي القناة الأساس للتعبير عن الإيجاب و القبول .

و هذا ما سيتضح أكثر بالتطرق للشروط المقترنة بالإيجاب و القبول.

 2-3 - الشروط المقترنة بالإيجاب والقبول :

 الشروط المقترنة بالإيجاب و القبول في المدونة على نوعين : شروط خاصة بهما في عقد الزواج ، و أخرى عامة تشترط في مجمل العقود.

 أ - الشروط الخاصة للإيجاب والقبول :

 فهي تلك الواردة حصرا في المادة 11 من قانون الأسرة المغربي ، و التي جاء فيها " يشترط في الإيجاب والقبول أن يكونا :
 1- شفويين عند الاستطاعة ، وإلا فبالكتابة أو الإشارة المفهومة ؛
 2- متطابقين وفي مجلس واحد ؛
 3- باتين غير مقيدين بأجل أو شرط واقف أو فاسخ. "

- شرط التعبير الشفاهي :

 هذا الشرط سبق الإيماء إليه في الفقرة السابقة ، كما أن قانون الأسرة نفسه قد نص عليه تصريحا في المادة  10، مما يجعل ذكره هنا من باب التأكيد لاختيار المشرع  ، كما أنه تأكيد أيضا لما قلناه من أن المشرع وُفق في التوسط في مسألة الألفاظ دون أن يجاري غلو متأخري الفقهاء .

- شرط التطابق في مجلس واحد :

 معنى التطابق توافق إرادة الطرفين على إمضاء العقد دون حصول خلاف بين كَلامَيْهما.
 ولهذا الشرط حضور في كثير من العقود - كما في عقد البيع في الفقه الإسلامي - لكن له طبيعة دقيقة في عقد الزواج ، بل إن عدم توافر هذا التطابق هو ما ينفي عنه صفة العقد كلية.

 ولقد تقدم أن مما تختلف فيه الخطبة عن الزواج و يجعلها وعدا دون أن تكون عقدا هو عدم اشتراط تطابق الإيجاب والقبول فيها . وأما معنى كونه في مجلس واحد فيقصد به اتصال الإيجاب والقبول في المكان وفي الزمن. و معناه في الزمن أن لا يتخلل الإيجاب والقبول ما يدل على الاعتراض على العقد ؛ كأن ينصرف الطرف الثاني بعد الإيجاب إلى كلام لا صلة له بالعقد ثم يصدر القبول بعده.
 على أن العرف هو الحاكم في تحديد ما إذا كان انصراف صاحب القبول بكلام أخر عن الإيجاب قاطعا أم لا. و أما معنى التطابق في المكان فهو أن يجمع المتعاقدين حيز مكاني واحد ، ومن ثمة فإن تطابق الإيجاب والقبول لا يحصل بالاتصال الهاتفي أو المراسلة الالكترونية أو البريدية .

 - شرط البت وعدم التقييد بأجل أو شرط :

 البت وعدم التقييد معنيان مختلفان، لكن مراد المشرع هو أن يكون أحدهما شارحا للآخر؛ فإذا كان معنى البت هو أن يكون الإيجاب والقبول نهائيين غير منتقضين بالرجوع، فإن معنى عدم التقييد أن لا يكون بصيغة العقد ما يعلق حصول انعقاد النكاح على حصول أمر في المستقبل ؛ سواء أكان ذلك الأمر محقق الوقوع – وهو الأجل- أو غير محقق - وهو الشرط-. و سواء كان تحقق ذلك الأمر واقفا – أي يتحقق الالتزام بوجوده - أم كان فاسخا- أي ينتفي الالتزام بوجوده - .

 على أنه ترتبط باشتراط الأجل قضية في غاية الأهمية وهي تحقق التأبيد في عقد الزواج، فبالرجوع إلى المادة الرابعة دائما ، فإننا نجد المشرع يشدد في التعريف على كون الزواج " ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام "، مما يغنينا عن الخوض في مسألة نكاح المتعة الذي يأخذ بها الفقه الجعفري ، مع أن الثابت هو إجماع المذاهب السنية على تحريمه، مستدلين في ذلك بما ورد من أحاديث تنسخ ما يتمسك به الشيعة الجعفرية، ولعل أقوى ما يُردّ به عليهم الحديث المروي عن سيدنا علي- نفسه – و الذي جاء فيه "أن رسول صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة و عن لحوم الحمر الأهلية في خيبر " والحديث وارد في الصحيحين وفي موطأ الإمام مالك

ب - الشروط العامة للإيجاب والقبول :

وهي تلك الشروط المألوفة في العقود ، والتي تؤطرها النظرية العامة للالتزام وفق عيوب الإرادة المعروفة في القانون المدني ، والمحددة بمقتضى المادة 39 من ظ ل ع ( الغلط والتدليس والإكراه) 
. و مع ذلك فقد عقد لها المشرع في قانون الأسرة مادة خاصة من ضمن شروط الإيجاب والقبول وهي المادة 12 ، وفيها أنه " تطبق على عقد الزواج المشوب بإكراه أو تدليس الأحكام المنصوص عليها في المادتين 63 و 66 بعده " .

ومقتضى المادتين اللتين أحال عليهما قانون الأسرة أنها ميزت بين التدليس و الإكراه الذي يكون بين طرفي العقد - وهو المشار إليه في المادة 63 - وبين التدليس الذي يمس النظام العام - وهو الذي تشير إليه المادة 66 -، على أن الفرق الجوهري بينهما هو أن الأول تسري عليه أحكام القانون المدني ، بينما طبق المشرع على الثاني مقتضيات القانون الجنائي .

 وإذا ما أولينا بعض الأهمية للتدليس المنصوص عليه في المادة 63 لارتباطه الوثيق بعيوب الإرادة وبشروط الإيجاب والقبول ، فإننا نجده قد مكّن المتضرر من الزوجين من طلب الفسخ ، على أن له ذلك داخل أجل لا يتعدى الشهرين من تاريخ زواله فيما يخص الإكراه ، و من تاريخ العلم فيما تعلق بالتدليس . وهي على العموم آجال غير صارمة مما يحفظ للمتضرر حقه في طلب التعويض ، لكن يبقى إثبات الإكراه أو التدليس من أهم العقبات أمام هذه الفسحة التشريعية .

 و تبقى الإشارة إلى أن الفقهاء قد تعرضوا لعيوب الإرادة التي قد تطرأ على الإيجاب و القبول ، ومن أدق ما طرقوه فيه تعرضهم لحالة الإكراه ؛ فرأى المالكية و الشافعية والحنابلة لزوم خلو العقد من الإكراه لقوله صلى الله عليه و سلم : ﴿ إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ و النسيان وما استكرهوا عليه ﴾.

 - II شروط عقد الزواج

لا بد من التنبيه بهذا الصدد أيضا إلى صعوبة التوفيق بين ما يعتبره الفقهاء شرطا شكليا وما يعده التقنين الحديث كذلك . علما أنه سبقت الإشارة إلى أن بعض ما يعده الفقهاء ركنا هو مجرد شرط في التقنين المعاصر والعكس كذلك يصح ، ولهذه الأسباب فإننا سنقسم الشروط بحسب ما تتيحه مقتضيات قانون الأسرة إلى شروط واجبة و أخرى إرادية.


 1- شروط عقد الزواج في قانون الأسرة :

 جاء في المادة 13 من قانون الأسرة أنه " يجب أن تتوافر في عقد الزواج الشروط الآتية :
 أهلية الزوج والزوجة ؛
عدم الاتفاق على إسقاط الصداق ؛
ولي الزواج عند الاقتضاء ؛
سماع العدلين التصريح بالإيجاب والقبول من الزوجين وتوثيقه ؛
 انتفـاء المـوانع الشرعية "
 فتكون شروط عقد الزواج الواجبة في المدونة ستة (06)، على أنه يمكننا تقسيمها إلى شروط موضوعية وأخرى شكلية ، إذا ما نحن اعتمدنا التقسيم الفقهي الذي درجت عليه كثير من المصنفات القانونية .

 1-1 الشروط الواجبة الموضوعية :

 وهي الأهلية والصداق و انتفاء الموانع الشرعية

 أ - الأهلية :


 امتازت المدونة الأسرة الجديدة بتجنب الخلط والتناقض الذي كان يعاب على مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، لذلك جاءت المادة 19 من مدونة الأسرة لتعلن توحيد سن الأهلية بين طرفي العقد ليعم مختلف فروع التقنين المغربي .

 بحيث جاء التنصيص واضحا على أنه " تكتمل أهلية الزواج بإتمام الفتى والفتاة المتمتعين بقواهما العقلية ثمان عشرة سنة شمسية ّ.

 و الظاهر أن تحديد الأهلية في السن المذكورة لم تحكمه فقط دواعي توحيد تلك المقتضيات في بقية فروع القانون المغربي ، بل هو مما يشهد بقوة تأثير الاتفاقيات الدولية ، خاصة منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية حقوق الطفل اللتين تمنعان زواج الصغار غير القادرين على تحمل أعباء الزواج المادية و المعنوية.

 لكن لا ننفي بإثبات ذلك التأثّر إبقاء المشرع في المدونة الجديدة للقاضي المكلف بالزواج على سلطة تقديرية واسعة في تزويج القاصرين ، بحسب ما تنص على ذلك مقتضيات المادة 20  من قانون الأسرة التي تشترط أن يقرن ذلك الإذن بموافقة النائب الشرعي للقاصر ، وذلك بتوقيعه على طلب الإذن وحضوره إبرام العقد كما جاء في المادة 21 من قانون الأسرة المغربي  .

 أما في الأهلية الناقصة بسبب الإعاقة الذهنية ، فإن المدونة قد أذنت لقاضي الأسرة بزواج المصاب بها بناء على تقرير خبرة طبية يبيّن حالة الإعاقة ، مع اشتراط إطلاع الطرف الثاني - الذي يجب أن يكون راشدا – على محتوى التقرير ، وأن يعبر صراحة عن رضاه في تعهد رسمي بعقد الزواج مع المصاب بالإعاقة ، وهو شرط يظهر منه حرص المشرع على تجنب التدليس و الإكراه المخلين بركني الزواج .

 ب - الصداق :


- تعريف الصداق وحكمته :

 الصداق عند الفقهاء هو المال الذي يقدمه الزوج لزوجته ويملّكه لها تمليكا تاما ، وله أسماء كثيرة فيسمى مهرا ونحلة و فريضة.
 و عرفه قانون الأسرة في المادة 26 بأنه " هو ما يقدمه الزوج لزوجته إشعارا بالرغبة في عقد الزواج وإنشاء أسرة مستقرة ، وتثبيت أسس المودة والعشرة بين الزوجين " .

 وبهذا يكون الصداق حقا خالصا للزوجة وليس بعوض كما يفهم من عبارة بعض الفقهاء ، لأن غايته إكرام المرأة لا إهانتها ، و فائدة هذا التنبيه عدم مجاراة بعض الأقيسة الفاسدة التي تحاول إسقاطه بدعوى أن المرأة المكتسِبة أو الغنية لا تستحقه أو أنها في غنى عنه ، لذلك نص المشرع على أن العبرة فيه بقيمته المعنوية لا المادية.

 - حد الصداق :

ليس له حدّ باتفاق الفقهاء لعدم ورود شيء من الشارع يدل على تحديده ، أما حده الأدنى فقد اختلف فيه الفقهاء على عدة أقوال .
 و لقد سبقت الإشارة إلى حرص المدونة على تأكيد المقاصد الشرعية منه ، خوفا من أن يكون هذا الشرط عقبة في طريق تيسير الزواج ، لذلك نبه المشرع المغربي في تتمة المادة 26 من قانون الأسرة  على أن " أساسه الشرعي هو قيمته المعنوية والرمزية ، وليس قيمته المادية ".

 - جنس الصداق :

 كل ما له قيمة مّا يصلح أن يكون مهرا لقول الله سبحانه و تعالى  :  ( و أحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم ) فلفظ الأموال ورد مطلقا، وهو بإطلاقه يشمل الكثير و القليل، و لأنه ورد في السنة ما يدل على ذلك، كقوله صلى الله عليه و سلم : التمس ولو خاتما من حديد .

و لم تخالف المادة 28 من قانون الأسرة المغربي  هذه المقاصد بل أحالت عليها صراحة حين عبرت بلفظ الالتزام الشرعي في توسيع جنس الصداق ، حيث قالت " كل ما صح التزامه شرعا ، صلح أن يكون صداقا ، والمطلوب شرعا تخفيف الصداق " .


- أنواع الصداق :

يقسم الصداق إلى نوعين :

 *الصداق باعتبار التعيين والتقدير : وهو الذي يقسم بدوره إلى صداق مسمى وصداق المثل 


والصداق المسمى

هو ما تراضى عليه الزوجان وسمّياه في العقد ، ويجب الصداق المسمى على الزوج مهما كان مقدراه ، مادام العقد صحيحا والتسمية صحيحة .

 أما صداق المثل


فهو الصداق الذي يبذل عادة لمثل الفتاة المعنية بالأمر ، وقد اختلف الفقهاء فيما يعتبر في صداق المثل بحسب نظرتهم للصفات التي ينبغي أن يقاس عليها ، هل هي حال أسرة المرأة (كما عند الحنفية) أم مقدار القرابة ( كما عند الشافعية الذي يقدرون صداق من لم يسمى صداقها بصداق أختها) أو بحسب صفات خاصة في الزوجة ( كما ذهب إلى ذلك المالكية من تقييده بالجمال والدين والمال والنسب).
و لقد ذكر الفقهاء حالات كثيرة يجب فيها صداق المثل نذكر منها :
 - حالة العقد الخالي من التسمية وهي الحالة التي يسمى فيها العقد عقد تفويض ،
- حال الاتفاق على إسقاط الصداق ،
- إذا سمي الصداق بمال غير مشروع ،
- إذا سمي بمال مجهول .
 أما قانون الأسرة المغربي   فإنه لم يرد فيه ما يفيد هذا التقسيم أصلا ، لكنه أشار رغم ذلك إلى حالة واحدة يجب فيها صداق المثل وهي الواردة في المادة 60 ، وهي المتعلقة بزواج فاسد قبل البناء لم يسمى فيه صداق ، بحيث يفسخ – بحسب مقتضى المادة المذكورة - و يصحح بعد البناء .

* الصداق باعتبار التعجيل و التأجيل :

 و الصداق المعجل هو الذي اتفق الزوجان على أدائه عند العقد أو الدخول  .
 أما الصداق المؤجل فهو الذي اتفق الطرفان على أدائه بعد الدخول ، وعلى هذا فإنه يصح تعجيل المهر كله ، كما يصح تأجيله كله إلى أجل قريب أو بعيد. و يصح أيضا تعجيل بعضه وتأجيل بعضه.
 لكن ينبغي التنبيه بهذا الصدد إلى أن الأصل هو تعجيل كامل الصداق ، إلا أن استحكام العرف اقتضى أن يتنوع الصداق بحسب هذا الاعتبار أيضا ، لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا ، وعلى هذا الأساس فإن قانون الأسرة المغربي  جعل ذلك واسعا كما هو واضح في المادة 30 " يجوز الاتفاق على تعجيل الصداق أو تأجيله إلى أجل مسمى كلا أو بعضا ".

- أحوال الصداق :

 لئن كان الصداق حقا كاملا للمرأة لا يسقط منه شيء إلا بالإبراء إلا أنه لا يجب لها في كل الأحوال ، فهي تارة تستحقه كل ه، وتارة تستحق نصفه ، وتارة لا تستحق منه شيئا. وهي حالات أشارت إليها باقتضاب المادة   32 من قانون الأسرة :

 - تستحق الزوجة كامل الصداق :

و ذلك في ثلاث حالات :
 1- حصول الدخول الحقيقي بغض النظر عن صحة العقد أو فساده .
 2- موت أحد الزوجين ، لأن المهر تبث بمجرد العقد، فلا يسقط أو ينقص إلا بوجود موجب، لكن حصول الموت يمنع هذا الموجب، لذلك وجب كامل الصداق.
 3- حصول الخلوة الصحيحة في العقد الصحيح ؛ والمقصود بالخلوة الصحيحة أن مجرد الخلوة لا يقوم سببا كافيا لوجوب الصداق ، بل لابد من رجحان وقوع المسيس.

- تستحق الزوجة نصف الصداق :


 وذلك في الحالة التي يطلق فيها الزوج امرأته قبل تحقق أحد الحالات الثلاث السابقة الموجبة لكامل الصداق ، بمعنى أنه إذا وقع الطلاق بعد تحقق تسمية المهر دون أن يحصل الدخول ، فإن للمرأة نصف الصداق بدليل قوله تعالى ﴿ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم، إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح﴾ ،
 وبناء على منطوق الآية فإن استحقاق ذلك النصف مشروط بثلاثة شروط :
1 - أن يكون الطلاق قبل الدخول.
2 - أن يكون الزوج قد سمى الصداق.
3 - أن لا تعفو الزوجة عن ذلك الحق

 - عدم استحقاق الزوجة للصداق :


 وذلك في ثلاث حالات أيضا :
 1- إذا طُلقت قبل الدخول ، وقبل أن يسمى لها صداق أي في نكاح التفويض.
 2– إذا طُلقت قبل الدخول أيضا لكن اضطرارا لا اختيارا ، أي أن الزوج اضطر إلى طلاقها بسبب عيب فيها أو بسبب عيب فيه اطلعت عليه الزوجة فاختارت رد الزواج، وفي هذه الحالة فإن الصداق يسقط و إن كان قد سمي.
 3- إذا فسخ العقد قبل الدخول ، والفسخ هو كل فُرقة يراد بها نقض العقد بسبب خلل قديم يمنع ابتدائه (كما لو تبين أنهما أخوان من الرضاع ) أو خلل طارئ يمنع بقاءه (كما لو اتفقا على إسقاط الصداق).

ج- موانع الزواج الشرعية :


من شروط صحة عقد الزواج أن تكون المرأة غير محرمة على من يريد الزواج بها ، ومعنى هذا أنه ليست كل امرأة صالحة للعقد عليها ، وهذه القاعدة كما تصح في المرأة فإنها أيضا تصح في الرجل .
 على أن السبب المانع في كليهما قد يكون لازما لا يفارقهما مطلقا وإما أن يكون طارئا يزول بزوال السبب.

 لذلك فإن هذه الموانع تقسم إلى موانع مؤبدة وموانع مؤقتة ، وقد حدد قانون الأسرة المغربي  هذه الموانع بقسميها في المادة  35، على أنه خص الموانع المؤبدة بثلاث مواد (من 36 إلى  38) و الموانع المؤقنة بمادة واحدة هي المادة  39، لكن المشرع ضم إليها مانع آخر جديد هو مانع التعدد فخصه بسبعة مواد كاملة ( من40 إلى46 ) كما سنرى.

- موانع الزواج المؤبدة :

 وهي ثلاثة في قانون الأسرة المغربي   : المحرمات بالقرابة( م 36) و المحرمات بالمصاهرة( م 37) و المحرمات بالرضاع (م 38) ، ولم تذكر من ضمنها : نكاح العاقد في العدة واللعان ، كما درج على ذلك فقهاء المالكية. 

- المحرمات بالقرابة:

 1- الأمهات.2 - البنات. 3   - الأخوات .  4- العمات. 5- الخالات. 6- بنات الأخ. -7 بنات الأخت.
 لقوله تعالى ﴿ حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت﴾ .
 وهن المقصودات أيضا في مادة 36 من قانون الأسرة المغربي  بعبارة " المحرمات بالقرابة أصول الرجل وفصوله وفصول أول أصوله وأول فصل من كل أصل وإن علا ".

- المحرمات بالمصاهرة أربعة وهن :


 وهن المذكورات في الآية ﴿ ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا ﴾ و الآية ﴿ وأمهات نسائكم و ربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم، وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ﴾ .
وعلى هذا فإنهن يتفرعن كالتالي :
 1- زوجة الأصل مهما علا ، أي زوجة أبيه وجده مهما علا.
 2 - أصول الزوجة ، أي أمها وجدتها وإن علت ، ومن أية جهة كانت ، ودخل بالبنت أو لم يدخل،على المسالة خلافية لكن قانون الأسرة المغربي  اختار رأي جمهور الفقهاء الذي تجمله عبارة : العقد على البنات يحرم الأمهات .

 3 - فروع الزوجة التي دخل بها فإن لم يدخل فلا تحرم البنت بدليل قوله تعالى ﴿ وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ﴾ .
 4- زوجة الفرع أي زوجة ابنه و ابن ابنه أو ابن بنته و إن سفل ..
 وعموما فإن هذه الموانع لخصت في المدونة في المادة 37 من قانون الأسرة المغربي   بعبارة " المحرمات بالمصاهرة ، أصول الزوجات بمجرد العقد، وفصولهن بشرط البناء بالأم، وزوجات الآباء وإن علوا، وزوجات الأولاد وإن سفلوا بمجرد العقد "

 - المحرمات بالرضاع :

 وهن ثمانية على التفصيل لكن ورودهم في قانون الأسرة جاء مجملا في المادة 38 بصيغة " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب والمصاهرة " ، و عبارة المدونة هذه مستقاة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المروي عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنه قال ﴿ يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ﴾ .
 لكن الأصل الذي يعتمد عليه في التحريم من القرآن هو قول الله سبحانه ﴿ وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم و أخواتكم من الرضاعة ﴾ .

 وينبني على هذا أنه يحرم على الرجل :

 1- أمه من الرضاع وإن علت ، كالأم الرضاعية و أمها . .و أم أبيه رضاعا و أم هذه الأم .
2- فروع الرجل من الرضاع ؛ فالمرأة التي ترضع طفلة تكون هذه الأخيرة بنتا لها ولزوجها ، بناء على قاعدة اللبن من الرجل كما هو من المرأة .
3- فروع أبويه الإناث من الرضاع ، وإن بعدت درجتهن ، أي أخواته رضاعا وبناتهن وإن نزلن ، سواء كانت الصلة من جهة الأب أو من جهة الأم .
4- الفروع المباشرة الإناث لأجداده رضاعا ، أي عماته وخالاته من الرضاع ،
 أما بنات هؤلاء فهن حلال له .
5- أصول الزوجة من الرضاع من قِبل أمها وأبيها وإن علون ، سواء دخل بزوجته أو لم يدخل بها. 
6- فروع الزوجة من الرضاع إن حصل الدخول بالزوجة ، مهما كانت درجة أولئك الفروع ،
 بمعنى أنه تحرم البنت من الرضاع و كذلك حفيدتها ، سواء كانت الحفيدة من البنت أم الابن .
7- زوجات أصول الرجل من الرضاع و إن علوا ، أي زوجات أبيه من الرضاع أو زوجات جده و هكذا..، وسواء حصل الدخول من الآباء الرضاعيين أو لم يحصل.
 8- زوجة الابن و ابن الابن وابن البنت الرضاعيون مهما سفلوا ، ويشمل مَن كُن زوجات لأبنائه أو لأبناء بناته من الرضاع ، تحقق دخول أولئك الأبناء بهن أو لم يتحقق .
 ولابد من الإشارة بعد ذكر المحرمات من الرضاع أن الفقهاء قد اختلفوا في مقدار اللبن الموجب للحرمة كما اختلفوا في مدة الرضاع الموجب للتحريم ، ولم تشر المدونة إلى الخلاف في مقدار اللبن مادامت آية الرضاع لم تحدد ذلك المقدار المحرم ،.
 أما بخصوص المدة الموجبة للتحريم فقد اختار قانون الأسرة قول جمهور الفقهاء الذي لا يعتد إلا بالتحريم الواقع داخل الحولين وقبل الفطام( وهي عبارة الفقرة الثالثة من المادة  38 من قانون الأسرة)


- موانع الزواج المؤقتة :


وهي ستة في قانون الأسرة بحسب المادة  39، على أنها لم تذكر من ضمنها مانع الإحرام بالحج أو العمرة:

- الجمع بين المحارم :


 فلا يجمع بين الأختين ﴿ وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف ﴾ و لا بين المرأة و عمتها و لا بين المرأة وخالتها ، بدليل الحديث الشريف ﴿ لا يجمع بين المرأة وعمتها و لا بين المرأة وخالتها﴾

- المرأة الخامسة :


 وهو المانع المؤقت المستفاد من قوله تعالى ﴿ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ﴾ فلا يجوز تبعا لذلك أن تكون تحت عصمة المسلم أكثر من أربع زوجات ، فإذا تزوج عليهن يكون العقد فاسدا ، ولا يصحح إلا إن طلق إحداهن طلاقا بائنا وانتظر انتهاء عدتها .

 - المطلقة ثلاثا :

 تحرم على زوجها تحريما مؤقتا من طلقت طلاقات ثلاث متباعدة أو تلك المطلقة ثلاث طلقات في مجلس واحد سواء بلفظ واحد أو بألفاظ متباينة ، لكن قانون الأسرة - كما سنرى في مبحث الطلاق - لا يعتد في ذلك إلا بالثلاث المتباعدة .

 - زواج المطلَّقة من آخر يهدم الثلاث السابقة :


 وذلك لإجماع الفقهاء أن للرجل أن يراجع زوجته المطلقة ثلاثا إذا نكحها غيره ثم طلقها ، و أنهت عدتها. و يثار بهذا الصدد الخلاف الفقهي في مسألة المُحلِّل أي ذلك الذي يتزوج المطلقة ثلاثا فقط لأجل تحليلها لمطلقها الأول ؛ و قانون الأسرة اختار رأي المانعين فاعتبرته مما يفسد العقد (انظر المادة 61 من قانون الأسرة)

- زواج المسلمة بغير المسلم، والمسلم بغير الكتابية :


 هو أيضا مانع مؤقت بصريح قوله تعالى  ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن ، فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفا ر، لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ﴾ . أما زواج المسلم بغير المسلمة ، فإن الشريعة لم تبح منه إلا الزواج بالكتابية لقوله تعالى ﴿ و المحصنات من الذين آتوا الكتاب ﴾ ، وتشير كثير من المصادر إلى أن الحكمة من هذه المخالفة الطفيفة بين حال المسلمة و حال المسلم أن ذلك راجع إلى الفرق بين أن تكون المسلمة تحت ولاية الكافر وبين أن تكون الكتابية تحت ولاية المسلم.

- الزواج بامرأة في عصمة الغير :

وهذا مانع واضح لحرمة زوجة الغير و معتدته ، سواء كانت معتدة من طلاق أو وفاة ، وذلك رعيا لحرمة ذلك الرباط و استبراء للرحم في عدة الطلاق البائن والوفاة ، أما المعتدة من طلاق رجعي فهي ما تزال في عصمة زوجها كما سنرى في أنواع الطلاق.

- مانع التعدد :

 سبقت الإشارة إلى أن قانون الأسرة قد خصص  لموانع الزواج المؤقتة ثمانية مواد ، استأثر منها المانع الجديد الذي هو التعدد بسبعة مواد . ولسنا نطيل في المسألة إلا بالنزر الذي يرفع بعض الغبش عن الموضوع ، لنؤكد أن الفقه لم يختلف في جواز التعدد ، وأنه محصور في أربع.

 لورود القرآن صريحا و السنة معضدة ؛ فقد ذكر الله سبحانه التعدد في آيتين من سورة النساء ؛ في الآية الثالثة ﴿ وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا أن تعولوا ﴾ ، وفي الآية التاسعة و العشرين بعد المائة ﴿ ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ، و إن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما ﴾.

 ومن السنة أن غيلان الثقفي رضي الله عنه أسلم وتحته عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعا و يفارق سائرهن .

 ومن هذه الأدلة يظهر أن الشريعة الإسلامية لم تشرع التعدد بل حددته ، بدليل حديث غيلان رضي الله عنه وأحاديث أخرى كحديث نوفل بن معاوية الذي أسلم وتحته خمس نسوة ، فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بما أمر به غيلان .

 وفي ذلك من الفرق البيّن لأن ما شرع ابتداء ليس كما أقر مع التحديد .
 ثم إن الشريعة الغراء قد قيدت التعدد بقيد العدل بين الزوجات في المعاملة بالحسنى و في المبيت و الإنفاق ، وأن العدل الذي لا يستطاع هو في درجة المحبة ، كما أن المرأة إذا اشترطت في العقد أن لا يتزوج عليها زوجها لزمه الوفاء بالشرط ، وأنه إن خالف كان من حقها الفسخ .

 ولقد حاول قانون الأسرة ترجمة مقاصد الشريعة المذكورة آنفا دون إثارة حفيظة الساهرين على الاتفاقيات الدولية ، وذلك بالتوسط بين اتجاهين تشريعين كبيري ن- أحدهما يجيز التعدد بدون قيد ، وآخر يمنعه كلية كما في القانون التونسي - ، فجاءت صيغة المادة 40 من قانون الأسرة كما يلي " يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات ، كما يمنع في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها ".
 وهي صيغة ملتبسة في الشرط المانع وغير محددة ، لكن يفهم من المواد الخمسة التي تلي تلك المادة أن التعدد لا يسمح به إلا في الحالات الاستثنائية النادرة جدا ، كما أن ضابط الاستثناء متروك لسلطة القاضي التقديرية .

وتجدر الإشارة بهذا الصدد أن هذه السلطة التقديرية مشروطة بإعلام الزوجة الأولى و المخطوبة الثانية ، حرصا من المشرع على تجنب التدليس ووقوع خلل في القبول ، ولا دليل على ما شاع بين عامة الناس من أن المدونة الجديدة اشترطت موافقة الزوجة الأولى .

 لأن مانع التعدد في قانون الأسرة ليس هو الزوجة الأولى نفسها بل هو مَنوط -بحسب المادة 41 - بثبوت المبرر الاستثنائي و بالقدرة المادية للزوج .

ثم إن رفضت الزوجة الأولى زواجه الثاني ولم تُجْدِ محاولة الصلح ، فليس لها سوى سلوك مسطرة الشقاق التي لا تفضي في الغالب إلا للتطليق كما سنرى .

 1-2 الشروط الواجبة الشكلية :


 وهي الإشهاد ، الولاية

 أ- الإشهاد :

لابد من التمييز بين الإشهاد على الزواج وبين توثيق ه، لأن الإشهاد عند الفقهاء مختلف عن التوجه الحديث في جعل التوثيق بالكتابة الوسيلة الوحيدة لإثبات عقد الزواج .
 لذلك تعمدنا جعل الإشهاد بمعناه الفقهي من ضمن الشروط الشكلية و إرجاء الحديث عن التوثيق إلى حين التعرض للشروط الإدارية .

 و التحقيق أن الإشهاد عند الفقهاء شرط موضوعي ، لأنهم أجمعوا على جعله شرطا واجبا من دونه يفسد العقد ، وإن اختلفوا في توقيته .

 وتظهر هذه الأهمية أكثر حين ميّزوا الإشهاد من نكاح السر الذي لا شك في فساد عقده ؛ فذهب الجمهور إلى أن شبهة السرية في عقد الزواج تنتفي متى حضره الشاهدان ، ولو طُلب منهما كتمانه ، مادامت العلانية قد حصلت بحضورهم ، بينما فصّل المالكية بالتمييز بين طلب الكتمان قبل العقد وبين طلبه بعده ، فقالوا إن نكاح السر متحقق في الأول دون الثاني .

ولقد اشترط الفقهاء في الشاهدين أن تتوفر فيهم خمسة شروط :

 1-الأهلية وهي تتحقق بالعقل وبالبلوغ.
 2- الإسلام.
3- العدد أي أن يكونا رجلين ( أو رجل و أمرتين أو متعدد نساء عند الحنفية).
4- سماع عبارة العاقديَن في آن واحد.
5- العدالة .
 ولقد حرص قانون الأسرة في المادة 13 على إجمال معظم هذه الشروط في شرط السماع بعبارة " سماع العدلين التصريح بالإيجاب والقبول من الزوجين وتوثيقه " .
لكن قانون الأسرة لم يشترط كل هذه الشروط بالنسبة للإشهاد على زواج المغاربة المقيمين بالخارج بل اكتف في المادة 14 بمجرد حضور مسلمين لعقد الزواج .

 ب - الولاية في الزواج :


 بخلاف ما كان عليه الأمر في المدونة الملغاة ، فإن المشرع في مدونة الأسرة لم يعد يفصل الولاية عن مباحث الأهلية التي رأينا سابقا (المواد 19-23) ، لذلك خصها بمادتين 23-24 لكن ضمن المواد المخصصة للولاية.

 وترد الولاية في اللغة بمعان كثيرة منها النصرة كما في قوله تعالى ﴿ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا،  فإن حزب الله هم الغالبون﴾ ، وبمعنى المحبة كما في قوله تعالى ﴿ المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض﴾ ومنها معنى القرب و الدنو.

 و تتنوع أيضا في اصطلاح الفقهاء بحسب مجال هذه الولاية ؛ فليست ولاية المال كولاية الزواج.
 و الولاية من شروط عقد الزواج عند الفقهاء ، وقد اتفقوا على أن الثيب لا ولاية عليها ، أما البكر فإن لهم فيها تفصيلا بين ولاية الإجبار ولاية الاختيار ، وأن ولاية الإجبار خاصة بزواج الصغيرة باتفاق جميع الفقهاء ، وأما الراشدة البكر فهي موضع التفصيل الذي يؤول اختصارا إلى رأيين كبيرين :
 رأي يعتبر الولاية شرطا لازما في النكاح ، فلا تعقد البكر زواجها صغيرة كانت أم كبيرة إلا بولي ، وإلا كان نكاحها فاسدا ، وهو رأي جمهور الفقهاء .

 ورأي لا يعتبرها شرطا في النكاح وأنه يجوز للمرأة أن تعقد زواجها بنفسها من غير حاجة إلى ولي ، إن كان كفؤا لها .

 لكن خلاف الفقهاء يؤول إلى وفاق ، لأنه اختلاف تكامل ، فمن اشترطوا الولي عند أول العقد – وهم الجمهور- احترزوا من وقوع الخلل في بنية الأسرة ؛ و من لم يشترطه أول العقد -وهم الحنفية - فقد شدد في شرط كفاءة الزوج للزوجة فجعلوا للولي حق التدخل عند حدوث الخلل .

 و إجمالا فإن الولاية كانت مسألة جزئية لم تكن تُشكل على متقدمي الفقهاء ، إلا أن اهتمام التشريع القانوني بها بتأثير من الرغبة الدولية في توحيد مصادر القانون ، جعل تناولها يُحوّر الإطار الذي نوقشت فيه قديما ؛ فإن كانت عند الفقهاء من معالم الدفاع عن المرأة و إفساح المجال لتدخل العقل لتعضيد العاطفة ، فإنها اليوم صارت تفُهم امتهانا و حطا من كرامتها.

 و هو فهم سببه القياس الضيق على عقد الشركة الذي يقيس البعض عليه عقد الزواج.

 والتحقيق أن عقد الزواج عقد لا يقاس عليه ؛ فَهِم الفقهاء هذا وذهل عنه بعض التشريع القانوني ، كما يبدو من التعميمات غير الصحيحة عن الطريقة التي نوقشت بها المسألة في الفقه الإسلامي ؛ حتى اعتُبر الاختيار الذكي الذي وفق فيه قانون الأسرة المغربية من خلال المادتين 24 و 25 وكأنه اختيار شجاع غير مسبوق ، مع أن المدونة لم تخرج فيه عن المشهور في الفقه الإسلامي ، بل إنها لم تخرج فيه عن المذهب المالكي نفسه ! .

لذلك فإن الأسرة النموذجية المتماسكة لن يسعها إلغاء الولاية ، فيكون التشريع القانوني بذلك أمام شرط يلتزمه الناس دون أن يقننه القانون ؛ لأن الولاية ستظل واجبة معتبرة واقعا وعرفا.
 و ليس ذلك من جانب الأولياء فحسب ، بل من جانب النساء أنفسهن ؛ لأن الغالب عليهن الإحساس بالمهانة و الاحتقار إن غاب أولياؤهن حين العقد.

 ثم إن من اختارت أن تعقد لنفسها من دون ولي فإنها تكون قد اختارت القاضي وليا في جميع الأحوال!

 2- شروط الزواج الإرادية :


هي الشروط التي ينشئها الزوجان و لا تتوقف عليها صحة عقد الزواج ، لكنها قد تخالف ما يقتضيه ذلك العقد أو لا تخالفه ، وعلى هذا فإن هذه الشروط تتنوع إلى ثلاثة أنواع :
 1- شرط يقتضيه العقد كالمرأة التي تشترط الإنفاق ، فهذا لا خلاف في لزومه اشتُرط أو لم يشترط.
 2- شرط لا يقتضيه العقد و لا ينافيه ، كشرط التمليك أو عدم التزوج على المرأة.
 3- شرط مناقض لمقتضى العقد كأن يتفقا على أن لا يتوارثا، فهذا الشرط يفسخ العقد قبل الدخول، أما بعد العقد فيبطل الشرط ويصح العقد. وهذا النوع الأخير هو المقصود في المادة  47 من قانون الأسرة بقولها " الشروط كلها ملزمة ، إلا ما خالف منها أحكام العقد ومقاصده وما خالف القواعد الآمرة للقانون فيعتبر باطلا والعقد صحيحا ".

 على أنه إن حدثت أسباب طارئة تمنع تحقق الشروط ، فإنه يمكن للمتضرر من الزوجين - بحسب المادة    48 من قانون الأسرة - طلب إعفائه من الالتزام أو تعديله ، وفقا لما هو معلوم في القواعد العامة للالتزام ، لكن دون أن يمس هذا الاستثناء شرط التعدد ، لذلك نص آخر المادة على وجوب مراعاة أحكام المادة 40 من قانون الأسرة .

و لم يفت قانون الأسرة أن يشير إلى الاستقلال المالي للزوجة المقرر أصلا في الشريعة الإسلامية ، لإقرار حقها في الاتجار لقوله تعالى ﴿ للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن فريضة من الله﴾ ، وهو ما يزكيه الفصل 17 من مدونة التجارة على أنه " يحق للمرأة المتزوجة أن تمارس التجارة بدون إذن زوجها ، وكل اتفاق مخالف لذلك يعد لاغيا ".

 غير أن الجديد بحسب مقتضى المادة 49  هو إثارة قانون الأسرة لإمكانية استثمار الزوجين لأموالهما و توزيعها مع تضمين هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج، مما يُظهر حرص المشرع أن لا يدخل في العقد ما ليس فيه ، مع أنه لا يوجد مانع شرعي أو قانوني يمنع من أن تتضمن وثيقة الزواج تلك الشروط .

 لكن أهم قضية تثور من هذه المقتضيات المذكورة ، هو كيفية حماية مال المرأة باعتبارها الطرف الضعيف في العقد غالبا ؟

يذهب أغلب الفقه بهذا الصدد إلى إعمال نظرية الكد والسعاية ، وهو نظام و إن كانت له أصول في العرف المعمول به في مناطق عديدة من المملكة ، إلا أننا نوافق بعض الباحثين الذين ظنوا أن في التشريع المغربي ما يقوم ضمانة احترازية تعزز مقاصد قانون الأسرة ، وذلك بإعمال الرهن الإجباري المخوَّل بمقتضى الفصل 163 من ظهير 32 يونيو 19151. "الرهن الإجباري هو المخول بحكم قضائي بدون رضى المدين ولا يخول إلا في الحالات الآتية :

 أولا:.............
ثانيا: للزوجة على أملاك زوجها ضمانة لما أتت به في مهرها ولحقوقها الناشئة عن النظام المالي للزوجية وللتعويض عن الالتزامات المطالب بها الزوج ولاستبدال ما فوته من أملاكها بأملاك أخرى...".

 فالرهن الإجباري في هذه الحالة يضمن حقوق الزوجة وديونها تجاه زوجها ضمانا للالتزامات التي التزم بها اتجاهها.

 وعلى كل حال فهذا موضع للإشارة فقط ، وإلا فإنه يمكن التوسع في استثمار هذا المقتضى بمزيد من البحث و التعمق في الدراسة .

 III - أنواع عقد الزواج


يتنوع عقد الزواج إلى نوعين: صحيح وغير صحيح ،  ولكل منهما آثار .

1 - الزواج الصحيح وآثاره :


 إن عقد الزواج الصحيح يختلف عن عموم العقود المدنية ، من حيث إنّ آثاره محددة قانونا.
 والمقصود بعقد الزواج الصحيح – بحسب منطوق المادة  50 من قانون الأسرة  - هو ذاك العقد الذي لم تختل فيه الأركان المشار إليها في المادة  10، أو الشروط الواجبة التي تنص عليها المادة 13 من قانون الأسرة.

 و أهمية هذه الصحة في العقد أنها منتجة لآثار تتكون من حقوق والتزامات متبادلة ؛ منهما ما يخص الزوجين كحق المساكنة الشرعية و حسن المعاشرة.. (م   51 من قانون الأسرة)، ومنها ما يهم حقوق الأطفال على الأبوين كحق النسب والتعليم والعناية الصحية و التوجيه الديني وحق الحضانة (م 52 قانون الأسرة )، ومنها أيضا ما يمتد إلى أقارب الزوجين كموانع المصاهرة (انظر المواد من 51 إلى 55)، غير أن قانون الأسرة خصت الحقوق المتبادلة بين الزوجية بتنبيه مهم وهو تمكين المتضرر من إخلال الطرف الثاني بآثار العقد الصحيح من طَرق باب القضاء لمطالبته بتنفيذ التزاماته أو سلوك مسطرة الشقاق عند الاقتضاء كما سنرى .

 2- الزواج غير الصحيح وآثاره :

 ينقسم الزواج غير الصحيح ، إلى باطل و فاسد .

 أ - عقد الزواج الباطل :


 لا يبطل عقد الزواج في قانون الأسرة  -المادة 57- إلا لاختلال متعلق بالإيجاب والقبول ( بانعدامهما أو بانعدام تطابقهما) أو بتحقق أحد موانع الزواج بنوعيها ( المؤقتة والمؤبدة) .
 و إذا كان الأصل في عموم العقود أن البطلان يعدمه كأن لم يكن ، إلا أنه في عقد الزواج لا يسقط الصداق إذا وقع البناء ، كما أنه يوجب استبراء الرحم ، بل يلزم منه أيضا لحوق النسب والمصاهرة ، إذا تبين أن سبب البطلان لم ينجم عن سوء نية من العاقدين ، كما لو لم يكونوا – مثلا - على علم بحرمة الزواج بينهم بسبب الرضاع .

 ب - عقد الزواج الفاسد :


 نصت المادة  59 من قانون الأسرة المغربي  على أن الزواج يكون فاسدا " إذا اختل فيه شرط من شروط صحته طبقا للمادتين 60 و  من قانون الأسرة61.

 ومنه ما يفسخ قبل البناء ويصحح بعده، ومنه ما يفسخ قبل البناء وبعده".

وتلك الشروط هي التي أسميناها سابقا بالشروط الواجبة.

 و فساد الزواج يكون إما للعقد وهو المنصوص عليه في المادة 61من قانون الأسرة و إما للصداق وهو المشار إليه في المادة  60 من قانون الأسرة المغربي .

- الزواج الفاسد لصداقه :


 هو الذي لم تتوفر في صداقه شروطه الشرعية ، وحكمه أنه يفسخ إذا اطُّلِع عليه قبل البناء دون أن يترتب عليه استحقاق صداق ، أما إذا اطلع عليه بعد البناء لم يفسخ ، ويكون للزوجة صداق المثل.

 - الزواج الفاسد لعقده :


 وهو الذي يقع في الحالات المحددة بمقتضى المادة من قانون الأسرة61 وهي :
 • إذا كان الزواج في المرض المخوف لأحد الزوجين، إلا أن يشفى المريض بعد الزواج .
 • إذا قصد الزوج بالزواج تحليل المبتوتة لمن طلقها ثلاثا .
• إذا كان الزواج بدون ولي في حالة وجوبه. يعتد بالطلاق أو التطليق الواقع في الحالات المذكورة أعلاه ، قبل صدور الحكم بالفسخ.

 و تختلف أحكام العقد الفاسد بحسب الأحوال التالية :

- من حيث الفسخ : إن الفاسد لعقده يفسخ في كل الأحوال سواء اطُلع عليه قبل البناء أو بعده ، بخلاف الفاسد لصداقه الذي رأينا أنه يفسخ فقط إن وقع قبل البناء .

- من حيث وجوب الصداق : أن كل فسخ قبل الدخول فإن الزوجة لا تستحق الصداق ، بينما تستحق الزوجة الصداق المسمى في كل زواج فسخ بعد البناء إذا ما تم الاتفاق على صداق معين وشرعي ، بينما تستحق صداق المثل في زواج التفويض أو إذا ما كان الصداق المتفق عليه غير حلال ..

 - من حيث ترتب العدة أو الاستبراء : إذا فسخ الزواج قبل الدخول فلا يجب على المرأة أن تعتد.
 أما إذا فسخ بعد الدخول، فإن العدة تجب إذا كان فساد العقد مختلفا فيه ،  أما إذا كان مجمعا على فساده فيكفي استبراء الرحم.

 IV - الإجراءات الإدارية والشكلية لعقد الزواج


 تتنوع هذه الإجراءات إلى إدارية وهي ما يختص بإعداد الوثائق المنصوصة ، وأخرى شكلية وهي المتعلقة بالشروط المطلوبة في عقد الزواج .

 I - الإجراءات الإدارية لعقد الزواج :


 أو الوثائق المنصوص عليها في اقانون الأسرة  ، وهي التي تنص عليها المادة 65 بضرورة توافر أربعة مقتضيات :

 1. إحداث ملف لعقد الزواج يحفظ بكتابة الضبط لدى قسم قضاء الأسرة لمحل إبرام العقد ويضم الوثائق الآتية؛ وهي :

 - مطبوع خاص بطلب الإذن بتوثيق الزواج يحدد شكله ومضمونه بقرار من وزير العدل.
 - نسخة من رسم الولادة يشير ضابط الحالة المدنية في هامش العقد بسجل الحالة المدنية، إلى تاريخ منح هذه النسخة ومن أجل الزواج.
 - شهادة إدارية لكل واحد من الخطيبين تحدد بياناتها بقرار مشترك لوزيري العدل و الداخلية.
 - شهادة طبية لكل واحد من الخطيبين يحدد مضمونها وطريقة إصدارها بقرار مشترك لوزيري العدل و الصحة.
 - الإذن بالزواج في الحالات الآتية،

 وهي  :
* الزواج دون سن الأهلية؛
* التعدد في حالة توافر شروطه المنصوص عليها في هذه المدونة ؛
* زواج الشخص المصاب بإعاقة ذهنية؛
* زواج معتنقي الإسلام والأجانب.
* شهادة الكفاءة بالنسبة للأجانب أو ما يقوم مقامها.

 2. ضرورة تأشير قاضي الأسرة المكلف بالزواج قبل الإذن على ملف عقد الزواج
او يحفظ برقمه الترتيبي في كتابة الضبط.

 3. يأذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج للعدلين بتوثيق عقد الزواج.
4. يضمن العدلان في عقد الزواج، تصريح كل واحد من الخطيبين

 هل سبق أن تزوج أم لا ؟ وفي حالة وجود زواج سابق ، يرفق التصريح بما يثبت الوضعية القانونية إزاء العقد المزمع إبرامه.

II- الإجراءات الشكلية  لعقد الزواج :


 ونقسمها إلى مقتضيات يجب توفرها في عقد الزواج ، وإجراءات تتعلق بتوثيق العقد باعتباره شرطا شكليا.

 - المقتضيات التي يجب أن يتضمنها عقد الزواج ؛


 وهي التي نصت عليه المادة   67 من قانون الأسرة، و هي :
1- الإشارة إلى إذن القاضي ورقمه وتاريخ صدوره ورقم ملف مستندات الزواج والمحكمة المودع بها . 
2- اسم الزوجين ونسبهما ، وموطن أو محل إقامة كل واحد منهما ، ومكان ميلاده وسنه ، ورقم بطاقته الوطنية أو ما يقوم مقامها ، وجنسيته.
3- اسم الولي عند الاقتضاء .
4- صدور الإيجاب والقبول من المتعاقدين وهما متمتعان بالأهلية والتمييز والاختيار.
5- في حالة التوكيل على العقد، اسم الوكيل ورقم بطاقته الوطنية، وتاريخ ومكان صدور الوكالة في الزواج.
6- الإشارة إلى الوضعية القانونية لمن سبق زواجه من الزوجين.
7- مقدار الصداق في حال تسميته مع بيان المعجل منه والمؤجل ، وهل قبض عيانا أو اعترافا.
8- الشروط المتفق عليها بين الطرفين.
9- توقيع الزوجين والولي عند الاقتضاء
10- اسم العدلين وتوقيع كل واحد منهما بعلامته وتاريخ الإشهاد على العقد .
 11- خطاب القاضي على رسم الزواج مع طابعه.

على أن لائحة هذه المستندات التي يتكون منها ملف عقد الزواج وكذا محتوياته يمكن أن تكون موضوع تغيير وتتميم بقرار لوزير العدل.

 ولقد أضافت المادة 68 من قانون الأسرة مقتضى آخر يتعلق بتسجيل نص العقد في السجل المعد لذلك لدى قسم قضاء الأسرة ، و يوجه ملخصه منه إلى ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين.
أما إذا لم يكن للزوجين أو لأحدهما محل ولادة بالمغرب ، فإن ذلك الملخص يوجه إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط.

 توثيق عقد الزواج :


 تختلف الإجراءات المرتبطة بتوثيق عقد الزواج بحسب ما إذا كان العاقدان مقيمين داخل الوطن أو خارجه ، لذلك خصص قانون الأسرة  المادة 14 و15 لزواج المغاربة المقيمين بالخارج ، بينما تعرضت المادة 16 للإجراءات العادية، أي تلك التي يجب أن ترافق توثيق عقد زواج داخل أرض الوطن ، وذلك وفق التفصيل التالي:

 - الزواج الذي يبرم فوق تراب المملكة

 فإن توثيقه صار ملزما ، بحيث نصت المادة 16 من قانون الأسرة على اعتبار " وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج "، لكن إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته ، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات و كذا الخبرة.
تأخذ المحكمة بعين الاعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية ، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين.

 ولقد حاول المشرع حصر مدة العمل بهذا المقتضى الاستثنائي في سماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات ، ابتداء من تاريخ دخول المدونة حيز التنفيذ " .

 و لا يخفى أن مقصد المشرع في ذلك وجيه هو قطع الطريق على الزواج العرفي وتجاوز عيوب ثبوت الزوجية في شكلها الممارس وفق المدونة الملغاة ، والتي كانت قد نصت في مادتها الخامسة على أن العمل بدعوى الزوجية ينبغي أن يكون بمقتضى موجب للعدول عن التوثيق ، لكن ذلك التنصيص لم يكن يمنع المحاكم المغربية من تجاهل مقتضيات الفصل المذكور ؛ إذ صارت تجيز إثبات الزواج بشهادة اللفيف دون أن تعلل قرارتها و لا أن تبين سبب العدول إليه .

ولقد حاول المجلس الأعلى تصحيح هذه الوضعية خصوصا بصدور قانون توحيد المحاكم سنة 1965 ، الذي استند إليه المجلس الأعلى في إصدار قرار تم التأكيد فيه على أن قانون المسطرة المدنية أصبح يعم جميع القضايا المدنية بما فيها القضايا الشرعية .

 لكن رغم ذلك التنبيه فإن المحاكم بقيت مستمرة في العلم بشهادة اللفيف من غير تعليل ، بل إن المجلس الأعلى نفسه وقع في الاضطراب بتوسعه في تفسير حالة الاستثناء ؛ إذ غالبا ما يقع منه التناقض ، فيعتبر واقعة مبررة للأخذ بحالة الاستثناء ، ثم يقرر في واقعة مشابهة عكس ما قرره في غيرها .
 فهذه باختصار الدواعي التي على ضوئها تفهم مقتضيات المادة 16 الجديدة.

لكن ذلك السياق لا يبرر اقتران هذه المادة الجديدة نفسها بجملة نواقص ، أهمها أن العبرة في الشريعة بإشهار عقد الزواج لا بتوثيقه ، بينما الوضع معكوس من الوجهة القانونية ،
بحيث تجعل التوثيق أولى من الإشهار.

 ثم إن تقرير المادة 16 أن " وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج " يحدث اضطرابا في منظومة الإثبات ، وهو ما يمكننا أن نلاحظه في مواضع كثيرة من المدونة ؛ فهي –مثلا- تضطر إلى التخلي عن إثبات النسب بالتوثيق الكتابي ؛ إذ رغم إفصاحها عن تطابق الإثبات في الزواج والنسب ، لثبوت الأول بما يثبت به الثاني ، إلا أنها عادت في فصول لاحقة إلى اختيار إثباته بشتى الوسائل .
 فكان أحرى أن تُبقي المدونة على التوثيقين الرسمي و العرفي استيعابا للحوادث المستجدة ، مع جعل الكتابة أصلا والشهادة العرفية استثناء توسعة على المكلفين، ليبقى باب الاستثناء مفتوحا للعواقب الممكن أن تنتج عنه ، تماما كما وُفِّقت في تيسير تدابير.

توثيق زواج المغاربة المقيمين بالخارج


- يمكن للمهاجرين المغاربة بمقتضى المادة   14 من قانون الأسرة ، أن يبرموا عقود زواجهم وفقا للإجراءات الإدارية المحلية لبلد إقامتهم ، إذا توفر الإيجاب والقبول والأهلية والولي عند الاقتضاء ، وانتفت الموانع ولم ينص على إسقاط الصداق ، وحضره شاهدان مسلمان ، شريطة مراعاة أحكام المادة 21 من قانون الأسرة التي تتعلق بشروط زواج القاصرين. غير أنه المادة  15 من قانون الأسرة توجب على هؤلاء المهاجرين الذين أبرموا عقد الزواج طبقا للقانون المحلي لبلد إقامتهم ، أن يودعوا نسخة منه داخل ثلاثة أشهر من تاريخ إبرامه بالمصالح القنصلية المغربية التابع لها محل إبرام العقد.
 و إذا لم توجد هذه المصالح ، ترسل النسخة داخل الأجل نفسه إلى الوزارة المكلفة بالشؤون الخارجية. بحيث تتولى هذه الأخيرة إرسال النسخة المذكورة إلى ضابط الحالة المدنية وإلى قسم قضاء الأسرة لمحل ولادة كل من الزوجين.

 وإذا لم يكن للزوجين أو لأحدهما محل ولادة بالمغرب ، فإن النسخة توجه إلى قسم قضاء الأسرة بالرباط وإلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط .

الطلاق و انحلال ميثاق الزوجية


 قد يتبادر إلى الذهن أن مصطلح الطلاق و مصطلح انحلال ميثاق الزوجية يعبران عن معنى واحد، و الحقيقة أن انحلال ميثاق الزوجية أعم و أوسع ، لأن الطلاق ليس إلا سببا من أسباب انحلال ميثاق الزوجية.

 لذلك خصص قانون الأسرة (المواد من 71 إلى 76) للأسباب الأخرى التي يمكن أن ينحل بهذا ذلك الميثاق، وهي : الوفاة والفسخ و التطليق و الخلع.

 ويقصد بالوفاة تحقق وفاة أحد الزوجين حقيقة أو حكما أي أن تكون نتيجة وفاة طبيعية أو نتيجة استصدار حكم بتمويت مفقود ميئوس من عودته وفق الشروط المنصوصة فقها وقانونا .
 كما أن هذا الميثاق ينحل بالفسخ لفساد العقد لسبب من الأسباب التي تقدمت في أنواع عقد الزواج.
 و لقد جعلت المدونة التطليق والخلع من الأسباب الأخرى لانحلال ميثاق الزوجية تمييزا لهما من الطلاق ، باعتبار أن التطليق هو الطلاق الذي تقضي به المحكمة ، وأن الخلع هو الطلاق الذي يتراضى فيه الزوجان.


 I - تعريف الطلاق .


 الطلاق في اللغة : هو حلّ القيد مطلقا سواء أكان حسيا أم معنويا ، غير أن العُرف قصر استعماله على حل القيد المعنوي.

 و في الاصطلاح هو " رفع قيد النكاح بلفظ الطلاق أو ما يقوم مقامه ".

 وأما حكمه فإن الطلاق و إن كان مشروعا إلا أنه لا ينبغي اللجوء إليه إلا عند الضرورة القصوى ، لقول الله تعالى ﴿ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ، إن الله كان عليا كبيرا ﴾ ، وقوله عز وجل ﴿ فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف و لا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه﴾ .

 ولما روى ابن عمر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبغض الحلال إلى الله عز و جل الطلاق . لذلك أجمع الفقهاء أن الطلاق مكروه بدلالة الحديث ، لكنهم رحمهم الله أجروه على الأحكام التكليفية الخمسة ، لذلك قالوا فيه أيضا أنه يكون حراما و جائزا و مندوبا و واجبا ، حسب الحالات الآتية :
 فهو حرام إذا كان بدعيا كالطلاق أثناء الحيض.

 و قد يكون جائزا عندما يكون أحد الزوجين راغبا عن الآخر.

 و يكون مندوبا فيما إذا كانت الزوجة غير عفيفة فيخشى الزوج أن تدنس شرفه ، أو أن تدخل في نسبه من ليس منه .

 كما يكون واجبا في اللعان.

 - تعريف الطلاق في قانون الأسرة :


 لقد استلهمت مدونة الأسرة تلك الكراهة العامة التي تشير إليها الأدلة الشرعية ، لذلك نبهت في المادة 70 إلى أن اللجوء إلى الطلاق لا ينبغي أن يكون إلا في حالات الضرورة القصوى ، حفاظا على استقرار الأسر و تجنبا لإضرار بالأطفال.

 ولعل هذه المقاصد هي التي أثرت في تعريف الطلاق في المدونة بأنه- بحسب المادة 78-:" حل ميثاق الزوجية، يمارسه الزوج والزوجة ، كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء وطبقا لأحكام هذه المدونة  ". 

II - شروط الطلاق :

تعرض الفقهاء في شروط الطلاق أساسا لأهلية من يقع منه الطلاق ، وهي مباحث مطابقة لشروط أهلية الزواج ، وأئمة المذاهب متفقون في اشتراط البلوغ والعقل و الإرادة من غير إكراه ، وإن توسعوا بالتطرق إلى مباحث مهمة في بيان تصورهم العام ، وهي مباحث مدارها على القصد و الإرادة في إيقاع الطلاق. أما هذه الشروط في المدونة فإنها تتنوع في إلى شروط يجب توافرها في الزوج ، وفي الزوجة ، وفي صيغة الطلاق .

أ - الشروط الواجبة في طلاق الزوج :


 لصحة طلاق الزوج لابد أن يكون أهلا لإيقاعه ، وعاقلا ، وإرادته سليمة من العيوب .
فلا يصح لذلك طلاق الصبي و لا طلاق المجنون بدلالة الحديث " كل طلاق جائز إلا طلاق الصبي والمجنون "، ويلحق بهذه الشروط العامة مسائل اختارت فيها المدونة الرأي المناسب لحاجات العصر ومقاصد الأسرة ، و هي :

 - طلاق الغضبان :


 نص قانون الأسرة  في المادة 90 على أنه لا يعتد بالطلاق في الغضب المطبق ، ومعنى الإطباق نهاية الغضب الذي يغلب عليه الهذيان لفقد الإدراك و الخروج عن الشعو ر ، ويستفاد من هذا الشرط أنه
 –بالمقابل - يقع الطلاق في الغضب الذي لا يخرج الإنسان عن وعيه .

- طلاق السفيه :


 وهو الذي يتصرف في ماله على خلاف مقتضى العقل السليم ، وقد اختلف الفقهاء في وقوع طلاقه بين مجيز ومانع . و اختارت المدونة أن تجعل تصرفاته - بحسب المادة 228 من قانون الأسرة - خاضعة لأحكام المادة 225 المتعلقة بتصرفات الصغير المميز ، لاشتراكهما في نقصان الأهلية ، وبناء على ذلك فإن تلك التصرفات - بما فيها الطلاق - تكون نافذة إذا كانت له نفعا محضا ، وتكون باطلة إذا كنت مضرة به ، أما إذا ترددت بين النفع والضرر توقف نفاذها على إذن نائبه الشرعي في حدود ما هو مخول له.

 - طلاق السكران :

 اختار قانون الأسرة في هذه المسالة رأي جمهور الفقهاء الذين ربطوا صحة التصرف بالقصد و الإرادة الصحيحة ، لذلك ميزت السكر العادي الذي لا يعطّل العقل ، من السكر الطافح الذي يفقد الوعي والتمييز ، و ذلك بمقتضى المادة 90 أيضا بقولها " لا يقبل طلب الإذن بطلاق السكران الطافح.. " ،
 على أن التمييز بين الحالتين موكول إلى السلطة التقديرية للقضاء .

 - طلاق المكره :

 الإكراه من عيوب الإرادة التي تؤثر في صحة التصرفات كما هو معلوم ، و الطلاق أحق التصرفات بأن يكون مُوقِعُه مختارا غير مرغم ، لذلك فإن قانون الأسرة قد أخذ برأي الجمهور و لم يلتفت إلى مخالفة بعض الفقهاء- خاصة الحنفية المعتبرون لشكلية العقد- فمنع طلاق المكره بمقتضى المادة 90 كذلك.

ب - الشروط الواجبة في الزوجة التي يقع عليها الطلاق :

 يشترط في الزوجة التي يقع عليها الطلاق :
- أن تكون زوجة للمطلق حقيقةً وفي نكاح صحيح : و ذلك حتى يصح أن يقع عليها الطلاق قبل الدخول وبعده.
 - أن تكون في طهر لم يمسها الزوج فيه ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنهما " فليطلقها طاهرة قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر الله بها "، ومن هذا الأصل ميّز الفقهاء بين الطلاق السني و الطلاق البدعي ؛ فجعلوا الطلاق السني ذاك الذي يقع مراعيا لهذا الشرط و الطلاق البدعي من خالف الشرط ولم يحترمه.

 ج - شروط واجبة في صيغة الطلاق :


 تعرضت قانون الأسرة لشروط الصيغة في المواد:73-91-92-93. فتطرقت في المادة 73 إلى ما يقع به الطلاق من لفظ أو ما يقوم مقامه ، بينما فصلت في المواد المتبقية في حكم ما يعتري ذلك التعبير من أحوال.

 - وسيلة التعبير عن الطلاق :


 بحسب المادة 73 من قانون الأسرة فإن الأصل في الطلاق أن يقع باللفظ الصريح المفهم الذي لا يحتمل التأويل أو الشك ، ومعنى هذا أنه لا يقع الطلاق بلفظ يحتمل الطلاق ويحتمل غيره ، كما لو قال رجل لزوجته أنت حرة ، أو الحقي بأهلك.

 لكن يمكن للمطلق الذي يعجز عن النطق أن يستعيض عنه بالكتابة أو بالإشارة ، شريطة أن يكونا دالّين معا على الطلاق بلا التباس وأن يكونا موجهَين إلى شخص الزوجة المعينة من غير تعميم ، ويتم ذلك بكتابة عنوان الزوجة و إرساله لها أو الإشارة إليها هي دون غيرها.

 ولا يعتد بطلاق الإشارة أو الكتابة إذا لم يكن هناك ما يقتضي العدول عن النطق.

– عوارض صيغة الطلاق :

 اختلف الفقه في درجة تأثير بعض الألفاظ التي تلحق صيغة الطلاق أو تقترن بها ، ولقد اختارت المدونة -كما هو متوقع منها - في كل مسألة من تلك العوارض رأيا يوافق مقاصدها في تجنب كل طلاق مشكوك في جديته ، وهذه المسائل هي :

 * الحلف باليمين : صرح قانون الأسرة في المادة 91 أن الحلف باليمين أو الحلف بالحرام لا يلزم منهما طلاق . و قد أراد المشرع محاربة تلك الأيمان التي عم استعمالها ، فكثيرا ما يكون الزوج مثلا في لعب الورق أو نقاش مع بعض جلسائه ثم يمتد غضبه إلى الحلف بطلاق زوجته ؛ " فبينما هي تنتظره في منزلها بكامل الإخلاص و الوفاء ، إذ برسوله يبلغها أنها قد وقعت في الحنث وأنها لم تعد زوجته " .

 * الطلاق المقترن بعدد : من شروط سنية الطلاق أن يقع طلقة واحدة ، تحقيقا لمقاصد الشريعة من الرجعة ، ومن ثمة فإن قَصَد الزوج بالطلاق طلقتين أو أكثر فإن جمهور الفقهاء يجعلونه نافذا وإن أجمعوا على أنه مخالف للسنة.

 لكن المدونة اختارت الرأي الذي ذهب إليه المـتأخرون من أن الطلاق بلفظ الثلاث أو الاثنين لا يقع إلا طلقة واحدة إن كان في مجلس واحد ولم يفصل بين ألفاظه زمن ، بمعنى أن من قال لزوجته تتابعا :
 أنت طالق ، طالق ، طالق .

 فإنه لا يعتبر بحسب المادة 92 من قانون الأسرة إلا طلقة واحدة رجعية  ، سواء أتتابع في ذلك لفظه أو كتابته أو إشارته.

 وهو رأي وفقت فيه المدونة لأنه الأنسب لأحوال العصر.

 * الطلاق المعلق : وهو كل طلاق جُعل جوابا لشرط القيام بالفعل أو الامتناع عنه ، مثاله من قال لزوجته إن زُرتِ أمك فأنت طالق . وهذا أيضا طلاق مختلف في وقوع بين الفقهاء ، لكن المدونة اختارت مرة أخرى رأي المانعين ، كما جاء في المادة 93 " الطلاق المعلق على فعل شيء أو تركه لا يقعّ ". والعلة الوجيهة التي يتعلل بها من يمنعه ، هو أن الطلاق المعلق يمين، و اليمين بغير الله تعالى لا تجوز، فلا يصح إذن به طلاق ولا يرتب آثاره .

  III - أنواع الطلاق


 يمكننا تقسيم أنواع الطلاق تقسمين منهجيين كبيرين :
 - تقسيم باعتبار الجهة المصدرة له : طلاق القضائي والطلاق غير القضائي.
 - تقسيم باعتبار وقوعه : طلاق رجعي و طلاق بائن

I - الطلاق باعتبار الجهة المصدرة له

الأصل أن يكون الطلاق بيد الزوج ، لورود الأدلة الصريحة في ذلك ، منها قوله تعالى ﴿ وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ﴾ .

 ومنها أيضا حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : سيدي زوجني أمته وهو يريد أن يفرق بيني و بينها.

 فصعد الرسول صلى الله عليه و سلم إلى المنبر و قال : ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما – إنما الطلاق لمن أخذ بالساق.

 إلى غير ذلك من النصوص الشرعية التي تدل دلالة صريحة على أن الطلاق بيد الزوج و أنه حقٌّ من حقوقه وحده ، لأن الشأن الغالب في الرجال التروي و التعقل و ضبط النفس ، وليس ذلك دأب النساء ، و أن الأحكام الشرعية تنبني على الكثير الغالب لا القليل النادر.

 غير أن جمهور الفقهاء أجاز أن تطلب المرأة التفريق من القاضي لعدم الإنفاق أو لضرر لحقها أو لغيبة. وبهذا يتضح أن الطلاق في الفقه الإسلامي يتنوع إلى طلاق قضائي و طلاق غير قضائي.
 ولقد حافظ قانون الأسرة في الظاهر على هذا التمييز بأن جعلت الطلاق يتنوع ، بحسب الأحكام العامة الواردة في المادة  71 من قانون الأسرة ، إلى ثلاثة أنواع : الطلاق و التطليق و التطالق ( الطلاق الاتفاقي وطلاق الخلع ) ، وهو ما تؤكده بتخصيص قسم مستقل لكل نوع من أنواعه.

 لكن الذي يستفاد من التعريف الوارد في المادة 78 أن الطلاق ، وإن كان في أغلب حالاته حق يمارسه الزوج أو الزوجة - في حالة التمليك -، إلا أن المشرع اشترط إشراف القضاء على جميع أنواعه ، بمعنى أن كل طلاق لم تأذن به المحكمة لا يعتد به بمقتضى أحكام المدونة.

 وهذا مشكل ، لأن هذا القيد يفرغ التمييز الذي تقيمه المدونة نفسها بين الطلاق والتطليق من أي معنى ، مادام كل ذلك بيد القضاء.

 وعلى كل حال، ومهما يكن من أمر هذه الملاحظة، فنحن سنراعي التقسيم الذي ارتضته المدونة، لكن يلزمنا قبل ذلك السؤال عن الأسباب التي دفعت المشرع إلى وضع الطلاق بيد القضاء. - دواعي وضع الطلاق تحت المراقبة الكاملة للقضاء : إن وضع الطلاق بيد القضاء جاء نتيجة ما لوحظ من تعسف الأزواج في توقيع الطلاق ، و بسبب ضعف الوازع الديني ؛ إذ كثرت الشكوى من التدليس في إشعار النساء بإجراءات الطلاق ، كما كثر الإكراه الممارس على الزوجات للقبول بطلاق الخلع بسبب خوف الأزواج من ثقل الالتزامات التي قد يقررها القاضي في الطلاق الرجعي. فهذه جملة دواعي جعلت المشرع يستجيب لدعوة منادية بإنصاف الزوجة ، على أساس أن عقد الزواج عقد رضائي بين طرفين ، لذلك لا ينبغي أن يكون إنهاؤه بيد أحدهما دون الآخر.

 ولئن كانت تشريعات بعض الدول المجاورة قد اختارت وضع الطلاق بيد القضاء مستندة إلى القياس القانوني المذكور، كمجلة الأحوال الشخصية التونسية بقولها " لا يقع الطلاق إلا لدى المحكمة " .
إلا أن المشرع المغربي قد حاول أن يعالج هذه الوضعية بالتوسط بين موقفين متناقضين ؛ موقف المانعين مطلقا لأن يكون للقضاء دخل في الطلاق ، و موقف المتأثرين بفلسفة الاتفاقيات الدولية التي تشجب كل أنواع الميز بين الزوجين.

 لذلك لم تأت صياغة المادة 78 متطرفة كتطرف الصياغة التونسية ، فقد حاولت أن تراعي أصول الشريعة ومقاصدها الحاثة على العدل دون أن تغفل مقاصد الاتفاقيات الدولية وما تشترطه من المساواة التامة بين الزوجين، ولقد استند المشرع المغربي في ذلك على انعدام دليل شرعي يمنع أن يكون الطلاق بيد القضاء، فرأى أن التوجه السليم في التسريح بالمعروف أن يقع الطلاق تحت نظر القضاء ومراقبته، دون التفريط في التقسيم المعهود من جعل الطلاق قضائيا و غيرَ قضائي.

 1- الطلاق غير القضائي :

 ينقسم الطلاق غير القضائي : إلى طلاق يوقعه الزوج أو الزوجة أو باتفاقهما . بدليل عبارة المادة  78 من قانون الأسرة " الطلاق حل ميثاق الزوجية ، يمارسه الزوج والزوجة ، كل بحسب شروطه.."

 أ- طلاق الزوج :

 هو الذي يوقعه بغير حاجة إلى إذن القاضي لأنه حق من حقوقه ، وأن الأصل فيه أن يكون رجعيا
– إلا في حالات قليلة كما سنرى في آثار الطلاق -؛

 أي أن الزوج يملك فيه أن يرجع زوجته خلال فترة العدة بدون صداق ، وتبقى للزوجة فيه كامل الحقوق من نفقة و سكنى و توارث ، مما يعني أن الزوج في الطلاق الرجعي إنما يصدر إنذارا بالطلاق.

وقصد الشريعة السمحاء بذلك أن تعطى للزوج فرصة مراجعة قراره ، لذلك لم تجعل هذا الإنذار خارجا عن الحدود الضيقة للزوجين ، أو أسرتيهما في أقصى الحالات. غير أن اشتراط المدونة أن يقع هذا الطلاق أيضا تحت مراقبة القضاء جعل احتمال الرجعة في مدة العدة قليل ونادر ، فغالبا ما ينشغل الزوجان بجلسات الصلح التي تتجاوز فترة العدة مما يصبح معها الطلاق بائنا شرعا ، كما أن حصول المواجهة بين الخصمين يجعل احتمال تلفظ الزوج بطلقات أخرى أمرا واردا قبل أن يأذن القاضي بالطلقة الأولى الرجعية، وحتى في حالة الإذن السريع من المحكمة فإن الزوج ينشغل بإعداد مبلغ المستلزمات المترتبة عن الطلاق بصندوق المحكمة، الشيء الذي يعني ضمنا أننا بصدد طلاق بائن لا رجعي، لأن الأصل في هذا الأخير أن لا يزيل رابط الزوجية ولا تترتب عليه أي مستلزمات بمجرد النطق.

ب- طلاق الزوجة أو التمليك :


 هو تفويض الزوجة أمر طلاقها لتوقع طلقة واحدة أو اثنتين أو ثلاثا ، و ليس للزوج أن يتراجع عن التمليك ، بل يبقى لازما له إلا أن يتفرقا في المجلس إن كان غير مقيد بزمن، كما يبقى قائما إذا كان معلقا على شرط كالتزوج عليها أو الإضرار بها.

 وقد نصت المدونة في المادة 89 من قانون الأسرة  على التمليك و الإجراءات التي تصاحبه فقالت " إذا ملك الزوج زوجته حق إيقاع الطلاق ، كان لها أن تستعمل هذا الحق عن طريق تقديم طلب إلى المحكمة طبقا لأحكام المادتين 79 و80.

 و تتأكد المحكمة من توفر شروط التمليك المتفق عليها بين الزوجين ، وتحاول الإصلاح بينهما طبقا لأحكام المادتين 81 و82 أعلاه.

 فإذا تعذر الإصلاح ، تأذن المحكمة للزوجة بالإشهاد على الطلاق ، وتبت في مستحقات الزوجة والأطفال عند الاقتضاء ، تطبيقا لأحكام المادتين 84 و85.

 و لا يمكن للزوج أن يعزل زوجته من ممارسة حقها في التمليك الذي ملكها إياه "

 ج - الطلاق باتفاق الطرفين :


هو أيضا نوع من أنواع الطلاق غير القضائي في الأصل ، لأنه طلاق بالمراضاة و اتفاق بين الزوجين على إنهاء العصمة الزوجية دون أي موجب بالتعويض على الزوجة ، فالأوفق فيه أن يكون خاليا من أي التزام مالي أو معنوي.

 ولقد نص قانون الأسرة على هذا النوع في المادة 114 لكنه جعله -هو وطلاق الخلع- في قسم خاص، لذلك نكتفي هنا بالإشارة إلى حين التطرق إليهما مستقلين بعد أنواع التطليق .

 2 - الطلاق القضائي : التطليق


الطلاق القضائي هو ذاك الذي يتدخل فيه القضاء لرفع ضرر عميق يلحق أحد الزوجين - والغالب الأعم أن يلحق الزوجة - ولا يملك دفعه بمفرده ، وذلك لا يكون إلا في الحالات التي يكون فيها إبقاء قيد الزوجية من الظلم و شدة الضرر الذي جاءت الشريعة لتحاربه ، بحيث لا يجوز تدخل القاضي إلا بعد العلم اليقيني بتحقق الضرر.

 ولعل هذا هو ما يجعل الأصل في هذا الطلاق أن يكون طلاقا باتا ، أي منتجا لآثاره حالا ، إلا ما استثني بنص – كالتطليق لعدم الإنفاق -.

 و أسباب التطليق التي يلزم منها تدخل القضاء منظمة بمقتضى المواد :97 -99-102-104-106-112-  113 من قانون الأسرة .
على أنها قسمت تلك الأسباب إلى قسمين كبيرين .
- تطليق بسبب الشقاق - تطليق لأسباب أخرى

 2-1 التطليق للشقاق :

 - التعريف التطليق للشقاق :


 الأصل الشرعي الذي يُستند إليه في تأصيل هذا المسطرة الجديدة هو قوله تعالى ﴿ و إن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا ﴾ .

 على أن المخاطب بقوله تعالى " وإن خفتم " الحكام و القضاة.

و من ثمة فإن مسطرة الشقاق بهذا الخطاب تجد موقعها التام بين أنواع التطليق القضائي ، لكن ذلك لا يمنع أن نسأل لماذا لم تجمعه المدونة مع بقية أسباب التطليق الأخرى. لم يرد في المدونة تعريف لمصطلح الشقاق يساعد على الإجابة ، لكن وزارة العدل تداركت ذلك في الدليل العملي لمدونة الأسرة ، بحيث عرفته بأنه " الخلاف العميق و المستمر بين الزوجين بدرجة يتعذر معها استمرار العلاقة الزوجية " .

 و بذلك يكون الشقاق نوعا من أنواع الصلح أكثر مما هو نوع من أنواع التطليق ، و لقد كانت الغاية التي يقصدها المشرع من إدراج الشقاق من ضمن الأسباب الموجبة للتطليق إيجاد إجراء وقائي يسمح بالتدخل لإنقاذ مؤسسة الأسرة أولا ، ثم تمكين الزوجة ثانيا من وسيلة تستطيع منها بسط مظلوميتها أمام القضاء ، خصوصا بعدما كثر تعسف الأزواج في إيقاع الطلاق وتعاظم إكراه المرأة على اختيار طلاق الخلع. غير أن هذا الإجراء الوقائي نفسه صار من أخصر الطرق للزوجين معا للحصول على التطليق، وذلك راجع أساسا إلى طبيعة المسطرة التي تغري بسلوكها، نظرا لتوافر صفتي اختصار الطريق و ضمان النتيجة.

حالات سلوك مسطرة الشقاق :
 أشار المشرع في مواضع متفرقة من قانون الأسرة إلى الحالات التي يمكن فيها سلوك مسطرة الشقاق ، و باستقصاء تلك الحالات نجدها خمسة ، و هي :

– حالة رغبة الزوج في التعدد رفض الزوجة لذلك مع عدم تقديمها لطلب التطليق ( في هذه الحالة تطبق المحكمة مسطرة الشقاق تلقائيا، تطبيقا مقتضيات المادة 45 من مدونة الأسرة).
 – حالة إخلال أحد الزوجين بالحقوق المتبادلة بين الطرفين ، وهي المنصوص عليها في المادة 51 من مدونة الأسرة.

 – حالة عجز الزوجة عن إثبات الضرر مع إصرارها على طلب التطليق وفقا لمقتضيات المادة 100 من مدونة الأسرة.

 – حالة حصول اتفاق مبدئي بين الزوجين على الخلع ، لكن وقع الاختلاف في البدل ، فأمكن بحسب المادة 120 من قانون الأسرة المغربي  سلوك مسطرة الشقاق لفض النزاع.
 – حالة مراجعة الزوج لزوجته في طلاق رجعي ورفضت الرجوع ، وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 124.

 - طبيعة مسطرة الشقاق :

طبقا لما نصت عليه المادة 94 من مدونة الأسرة فإنه لسلوك مسطرة الشقاق يكفي لكل من الزوجين تقديم مقال بسيط إلى المحكمة ، وإن كان خاليا من التنصيص على أي سبب وجيه ، ليفتح الباب مشرعا على التطليق . ثم إن المدعى عليه من الزوجين لا يستدعى إلا مرة واحد ، فمتى كان التبليغ مستوفيا لشروطه و لم يحضر ، فإن الملف يعتبر جاهزا للبت فيه.

 كما أن ما يزيد من إغراء هذه الوسيلة أن التطليق للشقاق ، و إن كان يشبه معظم أنواع الطلاق القضائي في وقوعه بائنا ، إلا أنه يتميز بكونه نتيجة حكم منشئ لوضعية التطليق ، فلا يحتاج بسبب ذلك للإشهاد عليه و لا لتوثيقه لدى عدلين .

 وهو أمر يحبذه الطرفان لما يجنبهم إياه من طول و تعقيدات المسطرة المعهودة في الطلاق ، دون أن نغفل الامتياز المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 97 من قانون الأسرة المغربي   التي أوجبت البت في ملف الشقاق داخل أجل ستة أشهر. ثم إنه صار بإمكان الزوجة أن تحصل على تعويض إذا كان الزوج هو المسؤول عن الشقاق إلى جانب حقها الشرعي في واجب المتعة،   كما أن المطلقة للشقاق تستحق أجرة الحضانة ابتداء من اليوم الموالي للتطليق، بخلاف المطلقة رجعيا التي لا حق لها في أجرة حضانة المحضون إلا بعد انتهاء عدتها. لكن رغم كل هذا فإن هذه المسطرة سيف ذو حدين؛ من ذلك مثلا أن المتسبب في وضعية الشقاق يلزمه تعويض الزوج الآخر جبرا للضرر اللاحق به، ثم إن ضمانة التبليغ الشخصي التي تتميز بها بقية أنواع الطلاق منعدمة في مسطرة الشقاق، إذ تنطبق عليه الأحكام العامة للتبليغ المنصوص عليها في الفصول 37 و 38 و 39 من قانون المسطرة المدنية ، مما يعني أنه يكفي لصحة التبليغ في دعوى الشقاق أن يُسلم الاستدعاء لأحد الأشخاص ذوي الصفة في التسلم، كما أن المحكمة في دعوى الشقاق لا تحدد أجرة الحضانة الخاصة بالأبناء و كذا صلة الرحم إلا إذا طُلب منها ذلك.

 2-2 التطليق لأسباب أخرى

هي الأسباب المنصوص عليها في المادة 98 من قانون الأسرة المغربي ، و فصلت في المواد (من 99 إلى 112).

 - التطليق بسبب إخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج :


 أُضيف هذا السبب في قانون الأسرة المغربي ، و به صارت تلك الأسباب ستة بعد أنة كانت في المدونة الملغاة خمسة أسباب واردة على سبيل الحصر. ولقد أوضح الدليل العملي أن المراد بهذا السبب هو توسيع مفهوم الضرر الذي ثبت من العمل القضائي أنه أصعب شيء يمكن للمرأة إثباته ، و الجديد في هذا الشرط أنه يفعّل مقتضيات المواد 47 -  48 - 49 من قانون الأسرة المغربي ، المتعلقة بالشروط الإرادية للزوجين ، وهو أمر إيجابي في تقدير الضرر على مقتضى إخلال محدد ، و إن كان مشكل الإثبات ما يزال قائما إذا لم تكن الالتزامات المتبادلة مضمنة في وثيقة مستقلة كما اشترطت المدونة.
 لكن المثير للاستفهام في هذا السبب الجديد أنه أشار فقط إلى إخلال الزوج دون الزوجة - بحسب المادة   99 من قانون الأسرة - ، مع أن الشروط و الاتفاقات تكون متبادلة بين الزوجين .

 فلا يصح أن يمنع الزوج من حق إثارة التطليق بسبب إخلال الزوجة بالتزاماتها ، حتى لا تتخذ الزوجة المُشاكسة من حرمانه هذا وسيلة لإجباره على طلاقها دون مقابل ، ثم تحمّله خسارة كبيرة بسبب المستحقات المترتبة عن الطلاق .

 - التطليق للضرر :

 لا تفصله المدونة باعتباره سببا مستقلا عن فرع الإخلال بالالتزامات المتبادلة ، و إن ذكرته نوعا مستقلا من بين الأسباب في المادة 98 من قانون الأسرة .

 و المراد بالضرر ما يلحقه الزوج بالزوجة من أنواع الأذى الذي لا يستقيم معه دوام العشرة الزوجية ، كالضرب و الإكراه على المحرمات .

وهو الأمر الذي يسمح للزوجة بطرق باب القضاء لإنصافها ، إعمالا لقوله تعالى ﴿ ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ﴾ .

 غير أن الإشكال الكبير الملازم للتطليق للضرر نابع من أن عبء الإثبات يقع على رافع الدعوى طبقا للقواعد العامة ؛ فباستثناء الضرب المبرح فإنه يصعب على المرأة أن تثبت بوسائل الإثبات المقررة أنواعا من الضرر غير محسوسة ، بحيث يعسر على الشهود الإطلاع عليها. ثم إن مما يزيد من صعوبة الإثبات ما دأب عليه الاجتهاد القضائي المغربي من التفريق بين الضرر الخفيف و الفاحش في إيقاع الطلاق من خلال التحقق من حيثية تكرار الضرر من عدمه . و مع ذلك فإن ما قررناه من الصعوبة لا ينفي وجاهة اختيار المجلس ؛ لأنه لا يعقل أن تطلق المرأة لمجرد أن أشاح الزوج وجهه عنها أو قاطع كلامها. وعموما فإن المقنن المغربي كان على وعي تام بالصعوبة لمّا قرر في الفقرة الثانية من المادة 100 من قانون الأسرة أنه متى أصرت الزوجة على طلب التطليق و لم تتمكن من إثبات الضرر ، أمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق.

و أما إذا ما استطاعت الإثبات فإن المحكمة تحكم بتطليقها مع حفظ حقها في المطالبة بالتعويض بمقتضى المادة  101 من قانون الأسرة.

- التطليق لعدم الإنفاق :

 الإمساك عن النفقة الواجبة للزوجة يخولها تقديم طلب للتطليق ، ولقد اختلف الفقهاء في جواز طلب التطليق لعدم الإنفاق ، فأجاز الجمهور ذلك و منع منه الحنفية. ولقد اختارت مدونة الأسرة رأي الجمهور ، لكنها فصلت ذلك بحسب الحالات المقررة في المادة  102 من قانون الأسرة ، مراعاة لأحوال الزوج من اليسار و الإعسار ، عملا بقوله تعالى  لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها سيجعل الله بعد عسرا يسرا  ، والحالات هي :

 - إذا كان للزوج مال ظاهر فإن المحكمة - بحسب نص المدونة - تتولى تلقائيا تحديد طريقة تنفيذ النفقة من غير حاجة إلى تقديم طلب ، لكنها بالمقابل ترد طلب الزوجة.

- إذا ثبت عسر الزوج أمهلته المحكمة مدة لا تتعدى 30 يوما للإنفاق من غير إضرار بالزوجة ، فإن لم يف ولم يحل ظرف قاهر أو استثنائي دون ذلك طلقت عليه المحكمة زوجته.

 - إذا كان الزوج موسرا لكنه أصر على عدم الإنفاق ، تطلق عليه زوجته في الحال دون إمهاله مادام قد أصر في مرحلة الصلح على الامتناع .

 ولقد طبق قانون الأسرة هذه الحالات نفسها على الزوج الغائب المعلوم العنوان ، أما إذا كان مجهول المحل ، فإنها تبث في طلب التطليق بناء على نتائج التحري و البحث.

والتطليق لعدم الإنفاق يقع رجعيا-  هو و التطليق للإيلاء - خلافا لبقية الأنواع ، وهذه فسحة شرعية مقصودة لتمكين الزوج من مراجعة زوجته في العدة بتقديم النفقة الواجبة ، مادام الخلاف محدودا في عامل مقدور عليه .

- التطليق للغيبة :


هو التطليق الذي تطلبه الزوجة إذا غاب عنها الزوج مدة تضررت فيها لبعده وخشيت على نفسها الانحراف و الوقوع في الإثم ، وذهب فقهاء المذهب المالكي إلى جواز التفريق للغيبة مُطْلَقا سواء كان الزوج معذورا في غيبته أو غير معذور ، و هذا الرأي هو الذي اعتمدت عليه المدونة وهي تنص في المادة 104 من قانون الأسرة على تحديد المدة في سنة واحدة ، شريطة أن يُكتب إلى الزوج في مكان غيبته ليحضر إلى زوجته أو ينقلها إليه ، ثم يمهل مدة مناسبة لعودته ، وإلا فرق بينهما. أما إن كان في مكان مجهول ، فإن مقتضى المادة 105 من قانون الأسرة توجب على المحكمة أن تتخذ بمساعدة النيابة العامة ما تراه من إجراءات تساعد على تبليغ دعوى الزوجة إليه ، بما في ذلك تعيين قيم عنه ، فإن لم يحضر طلقها عليه.

 و يتميز هذا السبب من أسباب التطليق أنه لا يَلزَم القاضي فيه إجراء صلح ، بسبب الغيبة نفسها.
 ثم إن الضرر ثابت فيه بمجرد إثبات المرأة غيبة الزوج عن بيت الزوجية لمدة تزيد من سنة ، ولا تُلزم المرأة بتحديد نوع الضرر ووقائعه.

 - هل يلحق المفقود والسجين بالغائب ؟ لم يشر قانون الأسرة صراحة إلى حكم المفقود الذي انقطع خبره دون معرفة حياته أو موته ، مما يفتح الباب واسعا لتكييفه على ضوء المواد المتعلقة بأحكام المفقود بخصوص نظام الإرث في المواد 325-326-327 من قانون الأسرة .

 أما السجين فقد جاءت المادة 106 من قانون الأسرة صريحة بصدده ؛ بحيث " إذا حكم على الزوج المسجون بأكثر من ثلاث سنوات سجنا أو حبسا ، جاز للزوجة أن تطلب التطليق بعد مرور سنة من اعتقاله ، وفي جميع الأحوال يمكنها أن تطلب التطليق بعد سنتين من اعتقاله ".

 بهذا تكون هذه المادة قد حسمت مادة الخلاف الذي طبع الاجتهاد القضائي قبل صدور المدونة في تقدير ضرر الزوجة ( هل تعتبر فيه غيبة الزوج الاختيارية أم القسرية ؟ ) ، وذلك بأن جعلت الغيبة نفسها أساسا لقبول دعوى التطليق بسبب سجن الزوج .

 لكن لابد من التنبيه إلى ضرورة أن تكون الأحكام نهائية وحائزة لقوة الشيء المقضي به ، تجنبا للأخطاء القضائية و للإضرار بالزوج الذي تحتمل براءته ، واحتراما أيضا لقرينة البراءة .

 - التطليق للعيب :

تعتبر – بحسب المادة 107 من قانون الأسرة  - عيوبا مؤثرة في استقرار الحياة الزوجية ومخولةً لطلب إنهائها :

- العيوب المانعة من المعاشرة الزوجية
 - الأمراض الخطيرة على حياة الزوج الآخر أو على صحته التي لا يرجى الشفاء منها داخل سنة.
 و بهذا تكون العيوب الموجبة للتطليق بين الزوجين هي تلك العيوب المستحكمة التي تلحق الضرر بأحدهما و تفقد مقصد الزواج من غايته الأصلية . لكن المدونة اشترطت في مادتها 108:
 - ألا يكون الطالب عالما بالعيب حين العقد.

 - ألا يصدر من طالب الفسخ ما يدل على الرضى بالعيب بعد العلم بتعذر الشفاء.

 وسواء في ذلك الرضى الصريح أو الضمني ؛ كأن يستمر في المعاشرة الزوجية بعد العلم بالعيب.

 على أنه يستعان - بمقتضى المادة 111 من قانون الأسرة - بأهل الخبرة في معرفة العيب وتقدير خطورته.

 وفيما يخص الآثار المترتبة عن هذا التطليق ، فإن المرأة لا تستحق الصداق في حالة التطليق للعيب عن طريق القضاء قبل البناء ، و يحق للزوج بعد البناء أن يرجع بقدر الصداق على من غرّر به أو كتم عنه العيب قصدا ( المادة 109) . أما إذا علم بالعيب قبل العقد ، وطلق قبل البناء ، لزمه نصف الصداق.

- التطليق بسبب الإيلاء والهجر :


 الإيلاء في اللغة هو الحلف ، أما في الاصطلاح فهو " الحلف على ترك قربان الزوجة أربعة أشهر فصاعدا بالله العظيم أو بصفة من صفاته " .

 كأن يقول لها ( والله لا أقربك مدة سنة ) فإن وطئها في الأشهر الأربعة حنث في يمينه و لزمته الكفارة ، وبذلك يسقط الإيلاء لأن اليمين يسقط بالحنث ، و إن لم يقربها بانت منه .
 ويشترط لتحقق الإيلاء:
- قيام الزوجية حقيقة أو حكما
- ألا تنقص مدة الإيلاء عن أربعة أشهر
 - أن يكون الزوج أهلا للطلاق

 3- التطالق : الطلاق الاتفاقي و طلاق الخلع .


تقدمت الإشارة في فقرة الطلاق غير القضائي إلى تضمنه للطلاق الذي يكون باتفاق الزوجين أو بالخلع ، لأن حقَّه أن يكون من الطلاق الذي لا يحتاج إلى تدخل المحكمة .
 وقد حاولت المدونة نفسها أن تميزه عن النوعين المتقدمين بأن خصته بقسم كامل وهو القسم الخامس من كتاب انحلال ميثاق الزوجية ( المواد من 114- إلى 120 ) ، لكن مقتضيات المادة 78 من قانون الأسرة التي تقرر بمقتضاها وضع كل طلاق بيد القضاء تجعل كل تلك التقسيمات منهجية أكثر مما هي واقعية أو إجرائية .

 الطلاق الاتفاقي :


 يستطيع الزوجان إنهاء العلاقة الزوجية عن طريق التراضي و الاتفاق – بحسب المادة 114 من قانون الأسرة   - دون شروط أو بشروط لا تتنافى مع أحكام المدونة ولا تضر بمصالح الأطفال..
 والغاية من هذا المقتضى الاستجابة لرغبة الزوجين اللذين يودان عدم إفشاء الخلاف باللجوء إلى القضاء ، حفاظا على المرونة التي ينبغي أن تسود في العلاقة بينهما اتجاه الأطفال .

 و يكفي لإيقاع هذا الطلاق أن يتقدم الطرفان بطلب الإذن بتوثيقه إلى المحكمة ، و يستحسن فيه أن يرفقاه باتفاق مصادق عليه منهما يشهدان فيه باتفاقهما على إيقاع الطلاق دون إكراه أو تدليس على أحد منهما ، فتحاول المحكمة الإصلاح بينهما ، فإذا تعذر ذلك أذنت بالإشهاد على الطلاق وتوثيقه .
 ليقع بذلك هذا الطلاق بائنا. والملاحظ أن المشرع لم يشدد في فرض مسطرة الصلح كأن يدعو إلى تكرارها ، كما أنه حدد أجل 15 يوما للإشهاد على الطلاق بعد الحصول على الإذن ، مما يؤكد المرونة التي تطبع هذا الطلاق. والتحقيق أن هذا الطلاق لا يحتاج أصلا إلى محاولة صلح لأنه الهدف الأساس منه هو تجنب إشهار الخلاف في المحكمة. و عموما ، فهذا النوع من أخصر طرق الطلاق وأسرعها ، لذلك غالبا ما يحاول الأزواج إقناع الزوجات بأن الأوفق لهن إيقاع طلاق اتفاقي حتى لا تتردد كثيرا على المحكمة و لا تتأذى من طول المسطرة.

 و يُخشى من هذا الاتجاه الذي صار يقوى أن يصبح هذا الطلاق على الصورة التي كان عليها طلاق الخلع من الاستغلال في الابتزاز والظلم للمرأة.

 - طلاق الخلع :

الخلع في اصطلاح الفقهاء "هو الافتداء إذا كرهت المرأة زوجها فخافت ألا توفيه حقه ، أو خافت أن يبغضها فلا يوفيها حقها ، فلها أن تفتدي منه ".

 و الأصل في مشروعية الخلع وأحكامه قول الله تعالى ﴿ ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود اله فإن خفتم ألا يقيما حدود فلا جناح عليهما فيما افتدت به وتلك حدود فلا تعتدوها ، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ﴾ ، و من السنة حديث ابن عباس رضي الله عنه  أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ما أعيب عليه في خلق و لا دين ، ولكن أكره الكفر في الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقبل الحديقة وطلقها تطليقة  .

 ومقصد الشريعة من الخلع أساسا هو جبر خاطر الزوج بسبب رغبة الزوجة عنه ، لذلك قال الفقهاء أن الخلع يصح إن أخذ الزوج بدلا أقل مما أعطى ، وهذا يظهر أن العبرة بجبر الضرر المعنوي أكثر من المادي .

 لكن هذا النوع من الطلاق تعرض لنقد شديد في العصر الحديث ، و وجه التهمة فيه - بحسب الدعاة إلى حذفه أو تقنينه - أن وجدوه وسيلة ضغط بيد الزوج الذي يرغب في الطلاق ، غير أن تهربه من أداء المستحقات المترتبة يدفعه إلى حبس المرأة و المبالغة في إيذائها حتى تضطر إلى طلب الطلاق متنازلة عن تلك المستحقات ، فيكون الخلع بذلك أنجع وسيلة في تحقيق هذه الغاية ، و أخصر وسائل الإثراء وتحقيق المآرب الضيقة. وتختلف طريقة معالجة هذه الظاهرة بحسب التشريعات القانونية ؛ فإذا كانت مجلة الأحوال الشخصية التونسية قد منعته ، فحرمت ما أحل الله ، فإن مدونة الأسرة اختارت أن تبقي على الصفة الرضائية لهذا الطلاق بحسب المادة 115 ، لكن شريطة أن يقع تحت نظر المحكمة .

 وقد حاولت المدونة تجاوز مساوئ المسطرة القديمة ، فاشترطت جملة شروط لصحة الخلع ، وهي :

 - تحقق تراضي الزوجين عليه ، فإذا وقع اتفاق مبدئي وحصل الاختلاف لاحقا بسبب المقابل ، وكانت الزوجة مصرة على الخلع أمكنها سلوك مسطرة الشقاق (م  120 من قانون الأسرة )

- أن تكون الزوجة أهلا للتصرف ، فإذا خالعت من لم تبلغ السن القانوني وقع الطلاق ، و لا تُلزم ببذل الخلع إلا بموافقة نائبها الشرعي(م  116 من قانون الأسرة)

 - أن لا يكون الخلع ناتجا عن إكراه ، فإن وقع إثبات ذلك جاز للزوجة استرجاع ما خالعت به والطلاق يقع في كل الأحوال(م من قانون الأسرة   117).

- ألا يتعلق الخلع بحقوق الأطفال إذا كانت المرأة معسرة ، لأن ذلك إكراهٌ بيِّنٌ .

 أما إذا كانت موسرة فلها ذلك (119 من قانون الأسرة ).

– أن يكون عوض الخلع مما يصح التزامه شرعا دون تعسف أو مغالاة (  118 من قانون الأسرة ).

وأما الآثار المترتبة على طلاق الخلع ، فإنها تختصر في الأحكام التالية :

 - وقوع الطلاق بائنا
- ترتب بذل الخلع في ذمة الزوجة.
 و هذا الطلاق كسابقه من جهة الإجراء ، بحيث تتفتح الدعوى بطلب و تجرى محاولة الصلح قبل الإذن بإيقاعه و بتوثيقه .
 ويلاحظ أن النقد الموجه لهذا الطلاق قد خمل بسبب المشاكل الأكبر الناجمة عن مسطرة الشقاق التي جاءت تعوضه.

 II- الطلاق باعتبار وقوعه :

 ينقسم الطلاق بحسب وقوعه إلى طلاق رجعي وطلاق بائن ، وهما الواردان في المادتين 122 و 123 من من قانون الأسرة
 - كل طلاق قضت به المحكمة فهو بائن ، إلا في حالتي التطليق للإيلاء وعدم الإنفاق(م 122 من قانون الأسرة)

- كل طلاق أوقعه الزوج فهو رجعي ، إلا المكمل للثلاث والطلاق قبل البناء والطلاق بالإنفاق والخلع والمملك. (م 123  من قانون الأسرة )

 و قد توحي المادتان المذكورتان وكأن التقسيم الأول للطلاق إلى قضائي وغير قضائي - مع اعتبار الاستثناءات - يغني عن هذا التقسيم الثاني ، لكن أهمية هذا الأخير تمكن أساسا في معرفة الآثار التي يرتبها كل طلاق.

1- الطلاق الرجعي :


 هو الطلاق الذي يستطيع فيه الزوج أن يرجع فيه زوجته إلى عصمته من غير حاجة إلى عقد جديد أو صداق مادامت في العدة ، سواء رضيت الزوجة أو لم ترض لأنها ما تزال زوجته ، وقد سبقت الإشارة إلى أن الزوج في هذا الطلاق إنما يصدر إنذارا بالطلاق .

 و على ذلك فإن الزوج لا يحق له استعمال الرجعة إلا إذا انصرف قصده إلى إصلاح الأخطاء التي تسببت في الطلاق بداية.

- شروط الرجعة :


 يشترط لصحة الرجعة ما يلي :
- أن يكون الطلاق رجعيا
–  أن تكون الرجعة في العدة
 - أن تكون منجزة ، أي أنها تكون في الحال و غير معلقة على أمر في المستقبل ، كما لو قال لمطلقته سأراجعك عندما أعود من السفر
 - الإشهاد على صحة الرجعة ، ورغم أن هذا الإشهاد محل خلاف بين الفقهاء ،
 إلا أن المدونة مالت إلى مخالفة المشهور من مذهب مالك و اشترطت الإشهاد على الرجعة بمقتضى المادة 124 .

- آثار الطلاق الرجعي :


 - نقص عدد الطلقات التي يملكها الزوج ، فإذا طلق بقي له طلقتان وهكذا..
- يملك المطلق مراجعة مطلقته مادامت في العدة ، فإذا انقضت العدة بانت و لم يملك مراجعتها إلا بإذنها.

 - انتهاء رابطة الزوجية بانتهاء العدة ، وحينئذ يحِل مؤخر الصداق .

 و الثابت من هذه الآثار أن الطلاق الرجعي لا يمحو آثار الزواج إلا بعد انقضاء العدة ، وقد أنزل القضاء الجنائي المغربي المعتدة منزلة الزوجة ، لذلك فإنه متى ضبطت المعتدة في حالة زنى ، فإن الفعل الجرمي يُكيّف على أنه خيانة زوجية و ليس بفساد ، بحيث تطبق عليه مقتضيات الفصل 491 وليس مقتضيات الفصل 490 من القانون الجنائي.

2 - الطلاق البائن :


 هو كل طلاق يقع قبل الدخول ، أو الطلاق الرجعي الذي مضت فيه العدة ولم يراجع الزوج زوجته ، أو كان مستوفيا للطلقات الثلاث ، أو ما كان بعوض ، أو كان واقعا بالتفريق القضائي.
 وهي الحالات التي بينها قانون الأسرة في المواد 122-123-125 .

 ويتفرع الطلاق البائن عند الفقهاء إلى نوعين :

- الطلاق البائن بينونة صغرى :

 وهو الذي لا يستطيع الزوج فيه أن يعيد مطلقته إلى عصمته إلا بعقد وصداق جديدين في الطلقتين الأولى والثانية ، لكن دون الحاجة إلى أن تتزوج برجل آخر ، و إلى هذا يرجع سبب تسمية هذه البينونة ب " الصغرى " .

 وهو ما عبرت عنه المدونة في المادة 126 من قانون الأسرة : " الطلاق البائن دون الثلاث يزيل الزوجية حالا ، ولا يمنع من تجديد عقد الزواج " .

* آثار الطلاق البائن بينونة صغرى


 فإنها كما يلي :
 - نقص عدد الطلقات كما في الطلاق الرجعي
- زوال الاستمتاع بين الزوجين في الحال دون أن يمنع جواز استئنافه بعقد جديد.
 - تعتد المرأة في منزل زوجها إلى أن تنقضي عدتها بنص المادة 131 من قانون الأسرة
- وجوب نفقة الزوجة في فترة العدة
 - يحل مؤخر الصداق بمجرد البينونة
- يمنع التوارث بين الزوجين إذا مات أحدهما خلال العدة ، لأن البائن ينهي الزوجية بمجرد صدوره.

 - الطلاق البائن بينونة كبرى :


 وهو الطلاق المكمل للثلاث لقوله تعالى ﴿فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ﴾ .
 بمعنى أن الزوج إذا طلق زوجته الطلقة الثالثة ، فإنها تكون محرمة عليه تحريما مؤبدا ، لا يزول إلا بزواجها من غيره باختيارها ومن غير تدخل من زوجها الأول .
 لذلك سمي هذا النوع طلاقا بائنا بينونة كبرى .

* آثار الطلاق البائن بينونة كبرى

 آثارا هذا الطلاق زائدة على تلك التي يشترك فيها مع الطلاق البائن بينونة صغرى، وهي :
 - يزيل كل الحقوق في الحال باستثناء العدة ونفقتها.
 - لا يستطيع الزوج أن يعيد زوجته إلا بعد أن تتزوج بغيره ، ثم ينحل مثياق هذه الزوجية الأخيرة فتنقضي مدة العدة فيه ؛ آنذاك أمكن للأول أن يتزوجها بعقد جديد.

 أثار الطلاق


 تترتب على الطلاق عدة آثار
 منها مثلا حلول كالِئ الصداق و وجوب نفقة الأطفال ، وظهور مقتضيات الحضانة ، بل إن تنوع الطلاق نفسه إلى رجعي و بائن هو أثر من آثار الطلاق .
لكن نكتفي هنا بذكر الآثار المتعلقة بمستحقات الزوجة وهما : العدة والمتعة بالاضافة  لنفقة و الحضانة.

أما الصداق فإن وضعيته قد بيناها بالإشارة إليها في آثار الطلاق البائن .

I - العدة :


1- تعريف العدة :

هي " المدة المعينة شرعا لمنع المطلقة المدخول بها والمتوفى عنها من الزواج ".

2- حكم العدة :

 العدة واجبة بنص القرآن لقوله تعالى ﴿ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن و أحصوا لعدة واتقوا الله ربكم ﴾ و قوله عز وجل ﴿ و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء﴾ .
 و الأسباب الموجبة للعدة هي :

 - الطلاق بكل أنواعه
- موت الزوج
- الفسخ أو المفارقة في الزواج الفاسد سواء لعقده أو لصداقه.
 وأما المحكمة من تشريعها ، فهو أصالة للدلالة على براءة الرحم واجبة مهما كان الزواج ، لكن تتحقق بها مصالح أخرى ، منها :
 - الحفاظ على الأنساب من الاختلاط .
 - إمكانية تراجع الزوجين على الطلاق.
 - عدم الإساءة لذكرى الزوج المتوفى أو أقاربه.

 3- وقت وجوب العدة :

 نصت المادة 129 من قانون الأسرة أن العدة تبتدئ من تاريخ الطلاق أو التطليق أو الفسخ أو الوفاة.

 4- أنواع العدة


تتنوع العدة من حالة لأخرى ، غير أنه تنوع مؤثر في مدة العدة .
 و الفقهاء عموما يقسمون العِدَد إلى ثلاثة أنواع :عدة الإقراء – عدة الأشهر – عدة وضع الحمل.
 وقد ارتأى قانون الأسرة بتنويعه منهجيا إلى فرعين فقط هما ؛ عدة الوفاة ( المادة 132 ) وعدة الحامل ( المواد 133-134-135) على أنه ألحق بهذا الفرع الأخير عدة غير الحامل بأنواعها ( المادة 136)

- عدة الوفاة :


 تعتد المرأة غير الحامل المتوفى عنها زوجها مدة أربعة أشهر قمرية و عشرة أيام كاملة من تاريخ الوفاة حقيقة أو من تاريخ الحكم بالوفاة حالة صدور حكم بذلك .

 - عدة الحامل :


تنتهي عدة الحامل بوضع حملها أو سقوطه ، وقد نصت المادة 135 من قانون الأسرة  أن أقصى أمد الحمل هو سنة كاملة من تاريخ الطلاق أو الوفاة،فلا يقبل ادعاء بقاء الحمل بعد السنة من الطلاق أو الوفاة ، ولكن إذا أثير نزاع بوجود حمل أو نفيه داخل السنة فإن الأمر يرفع إلى المحكمة لتبت فيه بالنفي أو الإثبات ولتحديد تاريخ نشوئه ، مستعينة في ذلك بذوي الاختصاص ، كما تقرر استمرار العدة أو انتهاءها.

- عدة غير الحامل :


 وهي 3 أنواع أيضا :
 - غير الحامل التي تحيض : عدتها ثلاثة أطهار ، وقد اختارت لمدونة رأي جمهور الفقهاء في تفسير القرء بالطهر في قوله تعالى ﴿ و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء  ﴾
- غير الحامل التي لا تحيض أصلا أو اليائسة من المحيض : عدة كل واحدة منهما ثلاثة أشهر .
- غير الحامل متأخرة الحيض أو التي يختلط عليها دم الحيض و دم المرض : عدتها الانتظار تسعة أشهر ، ثم تعتد بعدها بثلاثة أطهار.

 5- تداخل العدد :


 يقصد به تداخل عدة الوفاة وعدة الطلاق ، وهي الحالة التي يتوفى فيها زوج المطلقة من طلاق رجعي أثناء فترة العدة ، فهذه تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة .

 6 – مكان قضاء العدة :


أوجبت الشريعة للمعتدة أن تبقى في بيت الزوجية إلى تنقضي عدتها ﴿ لا تخرجوهن مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ ، لكن العرف حوّر هذا المقصد وصارت المرأة تخرج من بيت الزوجية بمجرد الطلاق ، لذلك أراد المشرع أن يعيد الأمور إلى مقاصدها ، بالتنصيص بمقتضى المادة 131 على قضاء العدة في بيت الزوجية ، وإذا تعذر ذلك أمكن تخصيص منزل آخر لقضاء فترة العدة .

 و أضافت المادة 84 من قانون الأسرة أنه " وإذا تعذر ذلك حددت المحكمة تكاليف السكن في مبلغ يودع كذلك ضمن المستحقات بكتابة ضبط المحكمة "

 II – المتعة :


المتعة " عبارة عن مبلغ من المال يبذله الزوج إلى مطلقته في أحوال معينة "، جبرا لخاطرها و تخفيفا من الضرر المعنوي الملازم عادة للطلاق .
 و سندها الشرعي قوله تعالى ﴿ و للمطلقات متاع بالمعروف ﴾ وقوله سبحانه ﴿ ومتعوهن على الموسع قدره و المقتر قدره متاعا بالمعروف ﴾ وكذلك قوله عز وجل ﴿ فمتعوهن و سرحوهن سراحا جميلا ﴾

- استحقاق المتعة :


 يستنبط من نصوص قانون الأسرة ، وخاصة المادة 84 ، أن المطلقة تستحق المتعة في جميع الحالات التي يقع فيها الطلاق بعد الدخول ، لكن لا دليل يمنع من بقاء الاستثناءات التي تفهم بدلالة المخالفة في الفصل 52 مكرر من المدونة الملغاة ، وهي أن المتعة لا تستحق في حالات :
 الطلاق قبل الدخول ، و الطلاق للشقاق ، و طلاق الخلع و الاتفاق ، و اللعان ، و التطليق للعيب، و حالة التمليك .

 - تقدير المتعة :


تقدير المتعة داخل في نطاق السلطة التقديرية للمحكمة ولا يخضع لرقابة المجلس الأعلى إلا من حيث التعليل ، ولقد رأت المدونة في المادة 84 من قانون الأسرة أن يدخل في اعتبار المتعة فترة الزواج والوضعية المادة للزوج ، وكذا أسباب الطلاق ، ومدى تعسف الزوج في توقيعه. وهذا يعني أن المشرع وضع القضاء أمام اعتبارين : أحدهما الوضعية المادية للزوج ، والثاني مقدار الإضرار بالزوجة ؛ بحيث أن هذا الاعتبار الثاني يعد مقتضى زجريا يرفع من مبلغ المتعة بحسب مدة الزوجية ومدى تعسف الزوج في إيقاع الطلاق .

III – الحضانة في قانون الأسرة 

الحضانة حفظ الولد مما قد يضره ، والقيام بتربيته ومصالحه على الحاضن ، وأن يقوم قدر المستطاع بكل الإجراءات اللازمة لحفظ المحضون وسلامته في جسمه ونفسه ، والقيام بمصالحه في حالة غيبة النائب الشرعي ، وفي حالة الضرورة إذا خيف ضياع مصالح المحضون.


- مستحقو الحضانة 

الحضانة من واجبات الأبوين مادامت علاقة الزوجية قائمة.

إذا لم يوجد بين مستحقي الحضانة من يقبلها ، أو وجد ولم تتوفر فيه الشروط ، رفع من يعنيه الأمر أو النيابة العامة الأمر إلى المحكمة ، لتقرر اختيار من تراه صالحا من أقارب المحضون أو غيرهم ، وإلا اختارت إحدى المؤسسات لذلك. 

تخول الحضانة للأم، فإن تعذر ذلك، فللمحكمة أن تقرر بناء على ما لديها من قرائن لصالح رعاية المحضو ن، إسناد الحضانة لأحد الأقارب أكثر أهلية ، مع جعل توفير سكن لائق للمحضون من واجبات النفقة. 

يتعين البت في القضايا المتعلقة بالنفقة في أجل أقصاه شهر واحد.

 

- مدة الحضانة 

تستمر الحضانة إلى بلوغ سن الرشد القانوني للذكر والأنثى على حد سواء « 18سنة ». 

يحق بعد انتهاء العلاقة الزوجية ، للمحضون الذي أتم الخامسة عشرة سنة ، أن يختار من يحضنه من أبيه أو أمه .

في حالة عدم وجودهما ، يمكنه اختيار أم و أن لا يتعارض ذلك مع مصلحته ، وأن يوافق نائبه الشرعي. 

وفي حالة عدم الموافقة ، يرفع الأمر إلى القاضي ليبت وفق مصلحة القاصر. 

تعود الحضانة لمستحقها إذا ارتفع عنه العذر الذي منعه منها.

يمكن للمحكمة أن تعيد النظر في الحضانة إذا كان ذلك في مصلحة المحضون. 


- أجرة الحضانة 

 

أجرة الحضانة ومصاريفها ، على المكلف بنفقة المحضون وهي غير أجرة الرضاعة والنفقة. 

لا تستحق الأم أجرة الحضانة في حالة قيام العلاقة الزوجية، أو في عدة من طلاق رجعي. 

تعتبر تكاليف سكنى المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرهما. 

يجب على الأب أن يهيئ لأولاده محلا لسكناهم، أو أن يؤدي المبلغ الذي تقدره المحكمة لكرائه.

لا يفرغ المحضون من بين الزوجية، إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بسكنى المحضون. 

على المحكمة أن تحدد في حكمها الإجراءات الكفيلة بضمان استمرار تنفيذ هذا الحكم من قبل الأب المحكوم عليه.

للمحكمة، الاستعانة بمساعدة اجتماعية في إنجاز تقرير عن سكن الحاضن، وما يوفره للمحضون من الحاجات الضرورية المادية والمعنوية.

- تأديب المحضون وتوجيهه 


على الأب أو النائب الشرعي والأم الحاضنة، واجب العناية بشؤون المحضون في التأديب والتوجيه الدراسي، ولكنه لا يبيت إلا عند حاضنته، إلا إذا رأى القاضي مصلحة المحضون في غير ذلك.

وعلى الحاضن غير الأم مراقبة المحضون في المتابعة اليومية لواجباته الدراسية. 

وفي حالة الخلاف بين النائب والحاضن، يرفع الأمر إلى المحكمة التي تعيد النظر في الحضانة إذا كان ذلك في مصلحة المحضون. 


- شروط استحقاق الحضانة 


شروط الحاضن :

الرشد القانوني لغير الأبوين ؛

الاستقامة والأمانة ؛

القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته دينا وصحة وخلقا وعلى مراقبة تمدرسه ؛

عدم زواج طالبة الحضانة إلا إذا كانت نائبا شرعيا للمحضون أو إذا كان زوجها محرما أو نائبا شرعيا للمحضون . 

أسباب سقوط الحضانة :


إذا وقع تغيير في وضعية الحاضن خيف منه إلحاق الضرر بالمحضون ، سقطت حضانته وانتقلت إلى من يليه. 

زواج الحاضنة غير الأم ، تسقط حضانتها إلا في الحالتين الآتيتين: 

-  إذا كان زوجها قريبا محرما أو نائبا شرعيا للمحضون؛

-  إذا كان نائبا شرعيا للمحضون.

زواج الحاضنة الأم، لا يسقط حضانتها في الأحوال الآتية :.

-  إذا كان المحضون صغيرا لم يتجاوز سبع سنوات، أو يلحقه ضرر من فراقها؛

- إذا كانت بالمحضونة علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم؛

- إذا كان زوجها قريبا محرما أو نائبا شرعيا للمحضون؛

- إذا كانت نائبا شرعيا للمحضون

زواج الأم الحاضنة يعفي الأب من تكاليف سكن المحضون وأجرة الحضانة، وتبقى نفقة المحضون واجبة على الأب.

سكوت من له الحق في الحضانة مدة سنة بعد علمه بالبناء يسقط حضانته إلا لأسباب قاهرة

يجب على الأب وأم المحضون، وغيرهما من الأقارب، إخطار النيابة العامة بكل الأضرار التي يتعرض لها المحضون لتقوم بواجبها للحفاظ على حقوقه، بما فيها المطالبة بإسقاط الحضانة.


 - سفر المحضون خارج المغرب 


يمكن للمحكمة بناء على طلب النيابة العامة أو النائب الشرعي للمحضون أن تضمن في قرار إسناد الحضانة، أو في قرار لاحق منع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب دون موافقة نائبه الشرعي.

تتولى النيابة العامة تبليغ الجهات المختصة مقرر المنع قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تنفيذ ذلك. 

في حالة رفض الموافقة على السفر بالمحضون خارج المغرب، يمكن اللجوء إلى قاضي المستعجلات لاستصدار إذن بذلك. 

لا يستجاب لهذا الطلب، إلا بعد التأكد من الصفة العرضية للسفر، ومن عودة المحضون إلى المغرب 


زيارة المحضون :

لغير الحاضن من الأبوين حق زيارة و استزارة المحضون. 

يمكن للأبوين تنظيم هذه الزيارة باتفاق بينهما، يبلغانه إلى المحكمة، التي تسجل مضمونه في مقرر إسناد الحضانة.

في حالة عدم اتفاق الأبوين ، تحدد المحكمة في قرار إسناد الحضانة، فترات الزيارة وتضبط الوقت والمكان بما يمنع قدر الإمكان التحايل في التنفيذ.

تراعي المحكمة في كل ذلك، ظروف الأطراف والملابسات الخاصة بكل قضية، ويكون قرارها قابلا للطعن. 

إذا استجدت ظروف أصبح معها تنظيم الزيارة المقررة باتفاق الأبوين أو بالمقرر القضائي ضار بأحد الطرفين أو بالمحضون ، أمكن طلب مراجعته وتعديله بما يلائم ما حدث من ظروف.

تتخذ المحكمة ما تراه مناسبا من إجراءات بما في ذلك تعديل نظام الزيارة، وإسقاط حق الحضانة في حالة الإخلال أو التحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة.

في حالة رفض الموافقة على السفر بالمحضون خارج المغرب، يمكن اللجوء إلى قاضي المستعجلات لاستصدار إذن بذلك.

لا يستجاب لهذا الطلب، إلا بعد التأكد من الصفة العرضية للسفر، ومن عودة المحضون إلى المغرب.

إذا توفي أحد والدي المحضون، يحل محله أبواه في حق الزيارة المنظمة بالأحكام السابقة.

تراعي المحكمة مصلحة المحضون في تطبيق الأحكام السابقة.

 

IV - النفقة :


نفقة كل إنسان في ماله ، إلا ما استثنى بمقتضى القانون لا تجب على الإنسان نفقة غيره إلا بعد أن يكون له مقدار نفقة نفسه، ويفترض الملاء إلى أن يثبت العكس.

- أسباب النفقة 

أسباب وجوب النفقة على الغير هي الزوجية والقرابة والالتزام.


 - مشمولات النفقة 

تشمل النفقة الغذاء والكسوة والعلاج، وما يعتبر من الضروريات والتعليم للأولاد.

تعتبر تكاليف سكنى المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرهما.

يجب على الأب أن يهيئ لأولاده محلا لسكناهم، أو أن يؤدي المبلغ الذي تقدره المحكمة لكرائه.

لا يفرغ المحضون من بيت الزوجية، إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بسكنى المحضون.

على المحكمة أن تحدد في حكمها الإجراءات الكفيلة بضمان استمرار تنفيذ هذا الحكم من قبل الأب المحكوم عليه.

 

- تقدير النفقة 

يراعى في تقدير النفقة التوسط ودخل الملزم بالنفقة ، وحال مستحقها، ومستوى الأسعار والأعراف والعادات السائدة في الوسط الذي تفرض فيه النفقة.

تعتمد المحكمة في تقدير النفقة على تصريحات الطرفين وللمحكمة أن تستعين بالخبراء في تقدير النفقة.


- وسائل تنفيذ الحكم بالنفقة

تحدد المحكمة وسائل تنفيذ الحكم بالنفقة، وتكاليف السكن على أموال المحكوم عليه، أو اقتطاع النفقة من منبع الريع أو الأجر الذي يتقاضاه، وتقرر عند الاقتضاء الضمانات الكفيلة باستمرار أداء النفقة.

الحكم الصادر بتقدير النفقة ، يبقى ساري المفعول إلى أن يصدر حكم آخر يحل محله، أو يسقط حق المحكوم له في النفقة.


- مراجعة النفقة

لا يقبل طلب الزيادة في النفقة المتفق عليها أو المقررة قضائيا أو التخفيض منها قبل مضي سنة، إلا في ظروف استثنائية.


- نفقة الزوجة

تجب نفقة الزوجة على زوجها بمجرد البناء وكذا إذا دعته للبناء بعد أن يكون قد عقد عليها عقدا صحيحا.

يحكم للزوجة بالنفقة من تاريخ إمساك الزوج عن الإنفاق الواجب عليه، ولا تسقط بمضي المدة إلا إذا حكم عليها بالرجوع لبيت الزوجية وامتنعت.

المطلقة رجعيا يسقط حقها في السكنى دون النفقة إذا انتقلت من بيت عدتها دون موافقة زوجها أو دون عذر مقبول.

المطلقة طلاقا بائنا إذا كانت حاملا، تستمر نفقتها إلى أن تضع حملها، وإذا لم تكن حاملا، يستمر حقها في السكنى فقط إلى أن تنتهي عدتها.


- النفقة على الأولاد 

 

تستمر نفقة الأب على أولاده إلى حين بلوغهم سن الرشد، أو إتمام الخامسة والعشرين بالنسبة لمن يتابع دراسته.

وفي كل الأحوال لا تسقط نفقة البنت إلا بتوفرها على الكسب أو بوجوب نفقتها على زوجها. 

ويستمر إنفاق الأب على أولاده المصابين بإعاقة والعاجزين عن الكسب.

إذا عجز الأب كليا أو جزئيا عن الإنفاق على أولاده، وكانت الأم موسرة، وجبت عليها النفقة بمقدار ما عجز عنه الأب.

يحكم بنفقة الأولاد من تاريخ التوقف عن الأداء. 

أجرة رضاع الولد على المكلف بنفقته.

كل توقف ممن تجب عليه نفقة الأولاد عن الأداء لمدة أقصاها شهر دون عذر مقبول، تطبق عليه أحكام إهمال الأسرة.


- الالتزام بالنفقة 


من التزم بنفقة الغير صغيرا كان أو كبيرا لمدة محدودة، لزمه ما التزم به، وإذا كانت لمدة غير محدودة، اعتمدت المحكمة على العرف في تحديدها.



 مسطرة الطلاق

 حرص المشرع على إدخال مقتضيات مسطرية جديدة في قانون المسطرة المدنية موازاة مع دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق ، ولئن كان المشرع قد تناول مسطرتي الطلاق والتطليق ضمن المساطر الخاصة بالأحوال الشخصية في المسطرة المدنية في الفصول من 197 إلى   214، إلا أن ا قانون الأسرة نفسه قد تضمن العديد من الإجراءات المسطرية المتعلقة بالطلاق والتطليق ، و لن نَفصِل بين مسطرة الطلاق و مسطرة التطليق مادامت كلها تحت مراقبة القضاء ، كما أن ما تختلفان فيه محدود ، وسنشير إليه في محله .

- مراحل  مسطرة الطلاق  


تمر مسطرة الطلاق  بمرحلتين :
مرحلة ما قبل الإذن بالإشهاد على الطلاق ؛ و مرحلة ما بعد صدور الإذن بالطلاق .

 1 مرحلة ما قبل الإذن بالإشهاد على الطلاق :


وتتضمن هذه المرحلة جملة إجراءات يلزم القيام بها ، وهي بالأساس :

 أ- تقديم الطلب :

يقدم طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق للمحكمة المختصة مكانيا بحسب الترتيب الوارد في المادة 79 من قانون الأسرة :
- المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها بيت الزوجية
- المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها موطن الزوجة أو محل إقامتها
- المحكمة التي أبرم العقد في دائرة نفوذها .
و بهذا الترتيب يكون المشرع المغربي قد استثنى بمقتضى نص خاص- المادة79- الإذن بالطلاق من القواعد العامة للاختصاص المحلي ، و التي تنص في الفصل 27 من ق م م على أن المحكمة المختصة مكانيا هي التي يوجد بدائرة نفوذها الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه.
 إضافة إلى هذا فإن الطلب يجب أن يتضمن :
 - الهوية الكاملة للزوجين ومهنتهما وعنوانهما
- عدد الأطفال إن وجدوا ، وسنهم ووضعهم الصحي والدراسي.
 كما يلزم أن يرفق الطلب بالوثائق التالية :
-مستند الزوجية
 -الحجج المثبتة لوضعية الزوج المادية والتزاماته المالية.

ب- استدعاء الزوجين بصفة رسمية :


 تستدعي المحكمة الزوجين طبقا للمادة 81 من قانون الأسرة  أساسا لإجراء محاولة الصلح ، وتتنوع آثار تبليغهما بحسب نوعية الطلاق .

 فبخصوص الطلاق الرجعي ؛ فإن الزوج إذا توصل شخصيا بالاستدعاء ولم يحضر اعتبر ذلك تراجعا منه عن الطلب.

أما إذا توصلت الزوجة شخصيا بالاستدعاء ولم تحضر ، ولم تقدم ملاحظات مكتوبة ، أخطرتها المحكمة عن طريق النيابة العامة بأنها إذا لم تحضر فسيتم البت في الملف.
 غير أن هذا التبليغ الشخصي ليس شرطا في مسطرة الشقاق بحيث يخضع للقواعد العامة للتبليغ طبقا للمادتين 38-39 من ق م م.

ج- إجراء محاولة الصلح :


 هو إجراء جوهري يجريه القاضي لمصلحة الطرفين معا قبل الإجراءات العادية ، فهي مرحلة لازمة و لا يمكن للقاضي التغاضي عنها لأنها من النظام العام ؛ بحيث إذا لم يفعل اعتُبر مخلا بالقانون وخارقا لحق من حقوق الدفاع .

 و يجري هذا الصلح عند حضور الطرفين بغرفة المشورة ، بما في ذلك الاستماع إلى الشهود ولمن ترى المحكمة فائدة في الاستماع إليه ، و للمحكمة أن تقوم بكل الإجراءات ، بما فيها انتداب حكمين أو مجلس العائلة ، أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين. و في حالة جود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما. إذا تم الإصلاح بين الزوجين حرر به محضر وتم الإشهاد به من طرف المحكمة ، و لا يقبل هذا الصلح أي طعن بمقتضى الفصل 180 من المسطرة المدنية.

 أما إذا تعذر الإصلاح بين الزوجين ، حددت المحكمة - طبقا للمادة 83 من قانون الأسرة - مبلغا يودعه الزوج بكتابة ضبط المحكمة داخل أجل أقصاه ثلاثون يوما لأداء مستحقات الزوجة و الأطفال.
 غير أن المحكمة في مسطرة الشقاق  - بحسب المادة  97 من قانون الأسرة  -  تثبت تعذر الصلح في محضر .

كما أن المشرع إن كان قد اقتصر في المادة 82 من قانون الأسرة  على ذكر المؤسسات المرصودة للصلح دون بيان كيفية قيامها بذلك ، فإن الأمر مختلف في مسطرة الشقاق .

 فقد بين في المادتين 95-96 أن على الحكمين ومجلس العائلة أو من أوكلت إليه المحكمة أمر الإصلاح أن يبذلوا الجهد من أجل استقصاء أسباب الخلاف بين الزوجين لإنهاء النزاع.

 د- التدابير المؤقتة :


 تنص المادة 121 من قانون الأسرة على المحكمة حين يعرض عليها نزاع بين الزوجين و تبيّن لها تعذر المساكنة بينهم لاستحكام الخلاف أن تتخذ كل التدابير المناسبة بالنسبة للزوجة والأطفال ، بما في ذلك أن تختار لهم سكنا مع أحد أقارب الزوجة أو الزوج بما لها من سلطة تقديرية ، وهو الأمر الذي تتولى النيابة العامة تنفيذه فورا بجميع الوسائل المتاحة .

2 مرحلة ما بعد صدور الإذن بالطلاق أو التطليق


 بتعذر الإصلاح وتحديد المحكمة للمبالغ المستحقة داخل الأجل المذكور ، يكون الزوج أمام حالتين (المواد من 83 إلى 86 من قانون الأسرة )؛ إما أنه يودع المبلغ المحدد داخل الأجل ، فحينها تأذن المحكمة له بتوثيق الطلاق لدى العدلين داخل دائرة نفوذ المحكمة نفسها .
وإما أنه لا يودعه فتعتبره المحكمة متراجعا عن رغبته في الطلاق ، ويتم الإشهاد على ذلك من المحكمة.

وتتنوع المسألة نسبيا في حالة دعاوي التطليق ، فإن الإصلاح إن تعذر تثبته المحكمة في محضر وتحكم بالتطليق و بالمستحقات طبقا المواد المذكورة أعلاه .

 أ- الإذن بتوثيق الطلاق و الإشهاد عليه :

 هذه مرحلة تخص أساسا الإذن بالطلاق لأن التطليق –  كما في الشقاق مثلا - لا يحتاج إلى الإشهاد عليه أو توثيقه .
وعليه فطبقا للمادة 87 من قانون الأسرة فإن المحكمة تأذن بتوثيق الطلاق بمجرد إدلاء الزوج بوصل إيداع المبلغ المحدد للمستحقات بصندوق المحكمة ، على أن ينص ذلك الإذن على لزوم الإشهاد لدى العدلين داخل أجل 15 يوما من تاريخ تسلم الإذن.
 و يجب أن يتضمن ذلك الرسم -بحسب المادة 138 من قانون الأسرة - :
تاريخ الإذن بالطلاق ورقمه ؛
 و هوية كل من المتفارقين ومحل سكناهما وبطاقتي تعريفهما؛
 مع الإشارة إلى تاريخ عقد الزواج وعده وصحيفته بالسجل المشار إليه في المادة 68 من قانون الأسرة ؛
وكذا نوع الطلقة والعدد الذي بلغت إليه ، وتاريخ الإشهاد بالطلاق.
 وبتوصل المحكمة بوثيقة الطلاق يخاطب عليها القاضي المكلف بالتوثيق بقسم قضاء الأسرة المختص ، ويقوم بتوجيه نسخة منها إلى المحكمة التي أذنت بتوثيق الطلاق.
 وتصدر هذه الأخيرة على ضوء ذلك مقررا معللا يتضمن ما يلي :
 -أسماء الزوجين وتاريخ ومكان ولادتهما وزواجهما وموطنهما أو محل إقامتهما .
-ملخص ادعاء الطرفين وطلباتهما ، وما قدماه من حجج ودفوع، والإجراءات المنجزة في الملف، ومستنتجات النيابة العامة .
-تاريخ الإشهاد بالطلاق .
 - ما إذا كانت الزوجة حاملا أم لا .
 - أسماء الأطفال وسنهم ومن أسندت إليه حضانتهم وتنظيم حق الزيارة ؛
- تحديد المستحقات المنصوص عليها في المادتين 84 و85 أعلاه وأجرة الحضانة بعد العدة.

 ب- تبليغ ملخص الطلاق إلى ضابط الحالة المدنية :

 تقضي أحكام المادة 141 من قانون الأسرة  بتبليغ ضابط الحالة المدنية بوضعية الزوجين المتفارقين داخل أجل 15 يوما من تاريخ الإشهاد به أو صدور الحكم بالتطليق أو البطلان أو الفسخ ، وذلك بواسطة ملخص لوثيقة الطلاق، وقد جاء في الدليل العملي أن الهدف من هذا الإجراء هو تجنب حصول البعض على وثائق إدارية لا تعبر عن وضعيتهم العائلية ، وهو ما جعل المشرع يتوخى التعجيل حتى يتسنى تبليغ تلك الملخصات إلى ضباط الحالة المدنية لتضمينها بهامش رسم الولادة.

 ج- حق الطعن


 يُثار سؤال مشروع بخصوص ما إذا كان قرار الإشهاد على الطلاق قابلا للطعن أم لا ، اعتمادا على أن حق الطعن هو الأصل في القرارات التي تصدرها الهيئة القضائية. و الجواب أن الأحكام والمقررات المتعلقة بمدونة الأسرة الصادرة عن المحاكم الابتدائية – في عمومها- لا تقبل الطعن في جانبها القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية طبقا لمادتين 45 و128 من قانون الأسرة ، لكنها تقبله في المستحقات المترتبة عنها.

 و قد حدد المشرع في القضايا المتعلقة ب قانون الاسرة أجل خمسة عشر(15) يوما ، يتعين على الطاعن بالاستئناف احترامه وتقديم طعنه قبل انصرامه.
reaction:

تعليقات

7 تعليقات
إرسال تعليق
  1. غير معرف14:41

    شكرا

    ردحذف
  2. كنت في زيارة سياحه لبلد عربي فتزوجت عرفيا مغربيه مرافقه لي هل هذا الزواج صحيح ؟

    ردحذف
  3. اريد تحميل هذا الملخص لكن عندما اقوم بتحميله لا اجده نفس الملخص المرجوا منك التواصل معي بهذا الخصوص و شكرا لكم

    ردحذف
  4. تم تحديث الملف الاخت سناء هما ملخصين مختلفين اي نعم لكن بنفس الجودة يمكنك التحميل الان ستجيدين الملخص الذي تريدين على نفس الرابط شكرا لك على تنبيهنا

    ردحذف
  5. غير معرف16:04

    السلام عليكم ورحمة الله هل هذه القوانين لا زالت نفسها رغم تغير مدونة الاسرة

    ردحذف

إرسال تعليق